المشهد اليمني الأول/ الوقت
يسعى ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” من خلال خططه الطموحة إلى إقامة حكومة سعودية رابعة قائمة على الحداثة والانفتاح على الخارج، الا انه يواجه الكثير من التحديات والعراقيل في طريق تحقيقه ” الحلم” المنشود. ومن ابرز الخطط والرؤى التي وضعها لتمهيد الطريق لوصوله الى العرش رؤية السعودية لعام 2030، حيث يسعى من خلالها إلى إجراء إصلاحات اجتماعية واقتصادية في المملكة، الا ان بعض اجراءاتها اثارت الكثير من المعارضة له، مما جعل فرصه بالوصول الى كرسي العرش ضئيلة.
ومن ابرز المشاكلات التي تعیق طريق بن سلمان الى العرش هو العجز في الميزنية، وذلك بسبب المغامرة التي ارتكبها منذ سنتين بتخفيضه اسعار النفط اعتقاداً منه انها ستاثر على قدرة ايران وروسيا في المنطقة الا انها ارتدّت اخيراً الى الداخل السعودي، وهو يطمح الان الى رفع اسعار النفط مجدداً من اجل خروجه من ازمته الا ان ذلك صعب في الوقت الحالي. وكخطة بديلة لاسعار النفط اخذ بن سلمان يرفع اسعار البنزين ويفرض ضرائب جديدة على القيمة المضافة، الا ان الشارع السعودي لم يتقبل الامر، حيث ظهرت مُؤشّرات كثيرة مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي تُؤكّد أن الانفجار باتَ وَشيكًا.
تفاقم الاحتجاجات الشعبية في السعودية
تسبب ارتفاع أسعار البنزين في السعودية في الايام القليلة الماضية في اثارة حفيظة المواطنين السعوديين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متهمين الحكومة بنهب أموالهم، ودفعهم نحو الهاوية. وقال ناشطون إنهم لا يصدقون الأرقام التي تنشرها الحكومة لتبرير حاجتها إلى رفع أسعار البنزين. وأعرب مغردون عن تخوفهم من الحال الذي ستصل إليه الطبقة المتوسط، وما دون المتوسطة في السعودية بعد رفع الأسعار. ويعد التعبير عن الرأي في السعودية خط احمر لدى السلطة ويعتبر تخطي المواطن السعودي للخطوط الحمر والتهجم على العائلة الحاكمة امر جديد تواجهه السعودية ينذر بالخطر.
وفي هذا السياق قالت صحيفة الشرق القطرية، ان شكاوى المواطنين السعوديين والاجانب انطلقت منذ سنتين الى يومنا هذا اعتراضاً على رفع الاسعار والضرائب الجديدة وانخفاض الأجور والرواتب. واضافت الصحيفة انه بعد مرور 5 ايام من الغضب السعودي على وسائل التواصل الاجتماعي، أصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، أوامر ملكية، فجر السبت، أقرت تحسينات مالية للموظفين والعسكريين.
ونصت الأوامر الملكية الجديدة على إضافة “بدل غلاء معيشة للمخصص الشهري لمستفيدي الضمان الاجتماعي بمبلغ 500 ريال لمدة سنة”، على أن لا يجمع بين هذا البدل وبدل غلاء المعيشة للمعاش التقاعدي. وقضت القرارات الجديدة بصرف علاوة سنوية “للمواطنين من موظفي الدولة المدنيين والعسكريين” للسنة المالية الحالية، وصرف بدل غلاء معيشة شهري قدره ألف ريال سعودي “للمواطنين من الموظفين المدنيين والعسكريين لمدة سنة”، وصرف مكافأة قدرها 5 آلاف ريال سعودي “للعسكريين المشاركين في الصفوف الأمامية للأعمال العسكرية في الحدّ الجنوبي للمملكة”.
ونصت الأوامر الملكية أيضاً على “إضافة بدل غلاء معيشة للمعاش التقاعدي الذي يصرف من المؤسسة العامة للتقاعد، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للمستفيدين من المواطنين بمبلغ 500 ريال وذلك لمدة سنة”، وزيادة مكافأة “الطلاب والطالبات من المواطنين بنسبة 10% لمدة سنة”.
ويعتقد المراقبون السعوديون، ان الاوامر الملكية اتت بعد مخاوف انتابت بن سلمان وهي محاولة منه لتجنب موجة تذمّر واسعة في الشارع السعودي بعد الانتفاضة التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي اثر رفع أسعار الوقود وفرض الضريبة على القيمة المضافة بداية الشهر الجاري.
سجن 11 امير سعودي
إن تفاقم الاختلافات بين امراء آل سعود لم يقتصر فقط على ارتفاع أسعار الوقود وفرض الضرائب، بل يعود الى سبب رئيسي وهو سياسة بن سلمان التي ينتهجها ضد المعارضين له، حيث يرى بعض المحللين السعوديين ان سياسة “خلط الأوراق” التي ينتهجها بن سلمان في تعاطيه مع اولاد عمه قد تؤدي الى انقلاب عسكري عليه في القادم من الايام.
وفي الآونة الأخيرة، ألقي القبض على 11 امير سعودي، وبحسب الرواية السعودية قامت كتيبة عسكرية بالقاء القبض على 11 أميراً، تجمهروا في قصر الحُكم، حيث صدر أمر بالقبض عليهم عقب رفضهم مُغادرة القصر، وتم إيداعهم سجن الحائر، تمهيداً لمُحاكمتهم.
وقال البيان الصادر عن القصر الملكي، أن الأُمراء تجمهروا للمُطالبة بإلغاء الأمر الملكي الذي نص على إيقاف سداد الكهرباء والمياه عن الأُمراء، ومُطالبين بالتعويض المالي المُجزي عن حُكم القصاص الذي صدر بحق أبناء عُمومتهم، وقد تم بحسب الصحيفة المَذكورة، إبلاغهم بخطأ مُطالبتهم، لكنهم رفضوا، فتم القبض عليهم، ويتزعّمهم الأمير فيصل بن تركي. وقالت مصادر اخرى ان عدد الامراء الحقيقي هو 17. ورأت مصادر اخرى ايضاً ان بن سلمان اصدر اوامر باعتقال الامير ترکي بن محمد بن سعود الکبیر اضافة الى الامير بندر بن محمد بن سعود الکبیر، وعلى اثر هذه الاومر توجهت كتيبة عسكرية سعودية الى قصري الاميرين وتم اعتقالهما.
اذا ختاما، يمكن القول بأن محمد بن سلمان يحتاج إلى موارد مالية جديدة لتثبيت نفسه في الحكم كقوة غير قابلة للمس من اقرب المقربين له، اضافة من اجل تحقيق رؤاه الاقتصادية و مشاريعه الانمائية، ومن هذا المنطلق يمكن القول ان اعتقال بن سلمان للامراء والسيطرة على اموالهم قد يساعد في تنفيذ سياساته الاقتصادية الطموحة، اضافة الى تعبيد طريقه الى العرش. الا ان”حملة التطهير” تعد مغامرة كبيرة قد تشعل انتفاضة اميرية ضده قد تطيح باحلامه بالسيطرة على العرش وهذا ما حصل في الستينات حين تم اسقاط الملك سعود من قبل بعض الامراء و تم تعيين مكانه الملك فيصل بن عبد العزيز.