المشهد اليمني الأول| تقارير
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً مطولاً بتاريخ الثاني والعشرين من أيار/ مايو الجاري، سلطت فيه الضوء على المساجد التي تم بناؤها في كوسوفو بتمويل سعودي، وذلك على مدار سبعة عشر عاماً بعد الحرب مع صربيا.
وأشار التقرير الى أن “المال والنفوذ السعوديين قد حوّلا المجتمع الاسلامي في كوسوفو الى ينبوع للتطرف الاسلامي وخط انبوب “للجهاديين””، موضحاً أن “كوسوفو تجد نفسها الآن في معرض التصدي للتهديد المتمثل بالراديكالية الاسلامية. وخلال العامين الماضيين، تعرفت الشرطة إلى 314 مواطناً من كوسوفو – من بينهم انتحاريان اثنان وكذلك 44 امرأة و28 طفلاً – قد سافروا من اجل الالتحاق بـ”داعش””.
التقرير نقل عن المحققين بكوسوفو تأكيدهم أنه “تم تجنيد هؤلاء من قبل مجموعة من رجال الدين المتطرفين والجمعيات السرية الممولة من قبل السعودية وكذلك دول خليجية أخرى”، ونقل ايضاً عن “مدير قسم مكافحة الارهاب في شرطة كوسوفو “Fatos Makolli” أن هؤلاء (دول الخليج) روجوا للاسلام السياسي، وأنهم أنفقوا الكثير من الاموال من أجل الترويج له عبر برامج مختلفة، وهذه الجهود تركزت بشكل أساس على فئة الشباب”. كما نقل عن الاخير قوله إن “دول الخليج “قرّبت” هؤلاء من الاسلام السياسي الراديكالي، ما أدى بهم ليصبحوا متطرفين”.
وتابع التقرير “بعد عامين من التحقيقات، وجهت الشرطة تهماً الى 67 شخصاً، كما اعتقلت 14 شخصاً من رجال الدين وأغلقت 19 منظمة “اسلامية” بسبب التصرف بما يتناقض ودستور البلاد، والتحريض على الكراهية وتجنيد الشباب في خدمة الارهاب”، موضحاً أن “الأحكام الأخيرة بهذا الاطار صدرت يوم الجمعة الماضي”.
التقرير اعتبر أن “ما حصل هو تحول مذهل حيث كانت تعتبر كوسوفو بانها من أكثر المجتمعات الاسلامية “المؤيدة لامركيا” (على حد قول التقرير)”، لافتاً في الوقت نفسه الى ان “السعوديين وجدوا في كوسوفو أرضاً جديدة لنشر الوهابية”.
وتحدث التقرير عن وجود “ما يزيد عن 800 مسجدٍ في كوسوفو”، مشيراً الى أن “من بين تلك المساجد 240 مسجداً تم بناؤها بعد الحرب مع الصرب والتي يعتقد أنها ساعدت على “تلقين” جيل جديد من الوهابية”. كما قال ان “بعض رجال الدين المعتدلين اضافة الى المسؤولين المحليين يعتبرون ان المساجد هذه هي جزء من استراتيجية مقصودة طويلة الامد تتبعها السعودية من اجل اعادة رسم الاسلام لينسجم ورؤيتها، ليس بكوسوفو فحسب بل في جميع انحاء العالم”.
وأشار التقرير الى “حالات تجريف للمباني التاريخية مثل المكاتب والمساجد التي عمرها 400 عام، اضافة الى المقابر، حيث يعتبر كل ذلك محّرماً وفقاً للتعاليم الوهابية”، لافتاً الى أن “الجمعيات الخيرية التي ترعاها السعودية عادة ما تعطي الرواتب وتمول الدروس الدينية، اضافة الى حصص تعليم اللغة الانكليزية والكمبيوتر، وذلك نقلاً عن عدد من رجال الدين والمحققين”. وأكد أن “هذه المساعدة كانت مشروطة بحضور الخطب الدينية وغيرها من الامور”.
ونقل التقرير عن مصادر سياسية قولها إن “الكثيرين قد انضموا الى هذه البرامج بسبب الحاجة المادية”، مشيراً الى أن “نفوذ رجال الدين الراديكاليين وصل الى القمة مع الحرب في سوريا، حيث استفاد هؤلاء من الخطب والبرامج الاذاعية والتلفزيونية من أجل حث الناس على الذهاب الى سوريا”، لافتاً في هذا السياق الى أن “أحد رجال الدين الراديكاليين قال في تسجيل له ان “دماء الكفار هو افضل مشروب للمسلمين””.
وأضاف التقرير إن “عدداً من مواطني كوسوفو قام بعمليات انتحارية بكل من العراق وتركيا، وإن السلطات باشرت عقب ذلك بفتح تحقيق توصل الى أن جمعية خيرية سعودية اسمها “الوقف الاسلامي” كانت تدعم الجمعيات التي أسسها رجال دين متطرفون في الكثير من المناطق بكوسوفو”.
كما لفت التقرير الى انه “تم انشاء الوقف الاسلامي في البلقان عام 1989 وان أغلب تمويله يأتي من السعودية، قطر، الكويت، والبحرين، وذلك استناداً على مقابلات أجريت مع المحققين. وقال ايضاً إن “شرطة كوسوفو قامت باغلاق “الوقف الاسلامي” اضافة الى 12 “مؤسسة خيرية اخرى”، وانها اعتقلت 40 شخصاً آخرين”.
الى ذلك، أشار التقرير الى أن “مسألة عدم تحرك سلطات كوسوفو والاميركيين والامم المتحدة بوقت أسرع من أجل احباط انتشار التطرف هو موضع نقاش كبير”، و هنا لفت الى أنه وفي عام 2004، حاول رئيس الوزراء آنذاك “Bajram Rexhepi” تعريف قانون يحظر “الطوائف المتطرفة”، لكنه قال في مقابلة اجريت معه مؤخراً بان المسؤولين الاوروبيين اخبروه بان ذلك يشكل انتهاكاً لحرية الدين”. كما نقل عن الاخير بان “هكذا خطوة لم تكن من مصلحة الاوروبيين، انهم لم يريدوا اغضاب بعض الدول الاسلامية”.
كما قال التقرير انه “خلال اجتماع عقد عام 2003، حذر “Richard Holbrooke” الذي شغل منصب الموفد الاميركي الخاص الى البلقان في وقت سابق، قادة كوسوفو من عدم التعامل مع “لجنة الاغاثة السعودية المشتركة لكوسوفو”، والتي هي عبارة عن منظمة تتألف من مؤسسات خيرية سعودية”. وتابع “بعد مرور عام على ذلك تم اغلاق المؤسسة الى جانب عدد من المؤسسات السعودية في كوسوفو التي كان يشتبه بانها تعمل كغطاء لتنظيم “القاعدة””. وأشارت الى ان “من بين المؤسسات السعودية الاخرى التي تم اغلاقها مؤسسة “الحرمين” التي قالت وزارة الخزانة الاميركية عام 2004 بان لها روابط بالارهاب”.
كما نقل التقرير عن وزير داخلية كوسوفو “Skender Hyseni” انه قام مؤخراً بتوبيخ بعض المسؤولين الدينيين الكبار، اذ كشف الاخير خلال مقابلة انه اخبر رجال الدين بان كوسوفو بحسب التعريف والدستور مجتمع علماني وانه طالما كان هناك تسامح بين الالبانيين في كوسوفو، وانه يجب ابقاء الامور كذلك.