في تطور خطير يهدد بتفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية في قطاع غزة، أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار دون التوصل إلى توافق حول المرحلة الثانية.
القرار، الذي يأتي في ظل تصاعد التوتر بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، يعكس تعنتًا إسرائيليًا مدعومًا بموقف أمريكي مشبوه، وسط رفض فلسطيني واسع للضغوط الإسرائيلية.
حيث أعلن مكتب نتنياهو، الأحد، أن “إسرائيل لن تسمح بوقف إطلاق النار من دون الإفراج عن المختطفين”، معتبرًا أن استمرار حركة حماس في رفض الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين سيؤدي إلى “عواقب أخرى”.
وأكدت القناة 12 العبرية أن القرار جاء بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق رسميًا يوم السبت، ورفض حماس تمديد هذه المرحلة دون الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تتضمن وقفًا شاملًا لإطلاق النار وإعادة الإعمار.
وفي خطوة تصعيدية، أفادت مصادر عبرية بأن نتنياهو وافق ليل السبت على منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو قرار اتخذ بالتنسيق مع الولايات المتحدة. هذا القرار يُعدّ ابتزازًا واضحًا يستهدف الضغط على المقاومة الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، وفق مراقبين.
حماس: انقلاب على الاتفاق وجرائم الحرب
على الفور، ردت حركة حماس على قرار نتنياهو برفض قاطع، واصفةً إياه بـ”الابتزاز الرخيص وجريمة حرب مكتملة الأركان”. وفي بيان رسمي، أكدت الحركة أن القرار يمثل “انقلابًا سافرًا على اتفاق وقف إطلاق النار”، داعية الوسطاء والمجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف هذه الإجراءات العقابية التي تستهدف أكثر من مليوني فلسطيني في غزة.
وشددت حماس على أن “مزاعم الاحتلال بشأن انتهاك الحركة للاتفاق هي مجرد أكاذيب مفضوحة تهدف إلى التغطية على خروقاته المتواصلة”، مؤكدة أن الاحتلال لم يلتزم بالبنود الأساسية للمرحلة الأولى، بما في ذلك إدخال المساعدات الإنسانية ووسائل الإيواء والإغاثة. وأشارت إلى أن نتنياهو يحاول الالتفاف على الاتفاق خدمةً لحساباته السياسية الداخلية، دون أي اعتبار لأرواح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
فشل المقترح الأمريكي: تمديد المرحلة الأولى مقابل الإفراج عن الأسرى
ويبدو أن فشل المقترح الأمريكي بتمديد المرحلة الأولى تسبب في قرار الاحتلال بايقاف المساعدت، حيث كشف وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر عن مقترح أمريكي جديد يدعو إلى تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق خلال النصف الأول من شهر رمضان المبارك، شريطة الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين. ومع ذلك، أكد ساعر رفض حماس لهذا المقترح، معتبرًا أنه لا يتوافق مع البنود الأصلية للاتفاق.
ويرى مراقبون أن المقترح الأمريكي يعكس انحيازًا صارخًا للاحتلال، حيث يسعى نتنياهو إلى تحقيق مكاسب سياسية دون تقديم أي مقابل حقيقي. ويأتي هذا المقترح في ظل تصعيد عسكري جديد من قبل الاحتلال، تمثل في وقف المساعدات وإعادة تنفيذ الغارات الجوية بعد فشل محاولاته المستميتة لفرض شروطه على المقاومة.
الأبعاد السياسية والدولية
يرفض الاحتلال الإسرائيلي الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تتضمن وقفًا شاملًا لإطلاق النار وإعادة الإعمار، مبررًا ذلك بأسباب سياسية داخلية. ووسط مخاوف من انهيار حكومته، يسعى نتنياهو إلى استغلال قضية الأسرى لتحقيق مكاسب سياسية، حتى لو كان ذلك على حساب المعاناة الإنسانية في غزة.
من جانبها، دعت حماس الإدارة الأمريكية إلى “الكف عن الانحياز الأعمى للاحتلال”، مؤكدة أن أي مشاريع تتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وتقرير مصيره مصيرها الفشل. وجددت الحركة التزامها الكامل بتنفيذ الاتفاق بجميع مراحله، مطالبة الوسطاء بممارسة ضغط جاد على الاحتلال لتنفيذ التزاماته.
مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار دون أي تقدم نحو المرحلة الثانية، يبدو أن الأوضاع في غزة تتجه نحو تصعيد جديد. فالتعنت الإسرائيلي المدعوم بموقف أمريكي غير متوازن يزيد من تعقيد المشهد السياسي والإنساني، بينما تستمر المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وفي ظل غياب دور فاعل للمجتمع الدولي في الضغط على الاحتلال لتنفيذ التزاماته، يتزايد الخطر على السكان المدنيين في غزة، الذين يواجهون أزمة إنسانية غير مسبوقة. ومن المرجح أن يؤدي هذا التعنت إلى تصعيد جديد قد يعيد المنطقة إلى دائرة العنف والدمار، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي عادل يراعي حقوق الشعب الفلسطيني.
ختامًا، فإن التصعيد الحالي في غزة يعكس مرة أخرى تعنت الاحتلال الإسرائيلي واستغلاله للقضايا الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية. وبينما تستمر المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن حقوق شعبها، يبقى الرهان على الضغط الدولي لتحقيق العدالة وإنقاذ غزة من الكارثة الإنسانية المستمرة.