في ظل استمرار التدخلات الأجنبية في الشأن اليمني، تصاعدت حدة الرفض الشعبي لتواجد القوى الإقليمية والدولية التي تسعى إلى تعزيز نفوذها على الأرض اليمنية.
وبرزت مظاهر هذا الرفض من خلال احتجاجات شعبية غاضبة في محافظتي سقطرى وتعز، حيث عبر اليمنيون عن استيائهم من السياسات الاستعمارية الجديدة التي تستهدف السيطرة على الموارد الوطنية والتلاعب بمقدرات الشعب.
رفض شعبي للهيمنة الإماراتية
في أرخبيل سقطرى، الذي يشهد منذ سنوات تدخلًا إماراتيًا متصاعدًا، تصاعد الغضب الشعبي ضد العبث الإماراتي بالجزيرة ومقدراتها. فقد كشفت تحركات أبوظبي الأخيرة عن نيتها تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في الأرخبيل، مما أثار حالة من التوتر بين السكان المحليين والسلطات الإماراتية.
حيث أحد أبرز مظاهر هذا التوتر كان قرار تسليم إدارة مطار سقطرى الدولي لشركة “المثلث الشرقي” الإماراتية، وهو ما اعتبره السكان المحليون انتهاكًا صارخًا لسيادة الجزيرة وقانون الطيران المدني اليمني. منذ 20 فبراير الماضي، بدأ العاملون في المطار اعتصامًا مفتوحًا احتجاجًا على هذه الخطوة، مشيرين إلى أن الشركة الإماراتية تعتزم استبدال الموظفين الحاليين بآخرين تابعين لها، مما يهدد حقوق العمال ويضعف السيطرة المحلية على المرافق الحيوية.
ويأتي هذا التصعيد في ظل صمت مطبق من قبل السلطات المحلية التابعة للتحالف، بينما تستمر الشركات الإماراتية في احتكار الأسعار وفرض سياساتها الاقتصادية التي تزيد من معاناة السكان. وتؤكد هذه التحركات أن أبوظبي تسعى إلى تحقيق أطماعها في التحكم بالممرات البحرية والاستحواذ على المناطق الاستراتيجية حول البحر الأحمر.
غضب شعبي ضد الاحتجاز الأمريكي
وفي مدينة ذوباب بمحافظة تعز، اندلعت احتجاجات شعبية غاضبة تنديدًا باحتجاز القوات الأمريكية لأربعة مجندين من أبناء المديرية المنتسبين إلى خفر السواحل. واستخدم المحتجون الإطارات المشتعلة لقطع الطريق الساحلي الرابط بين المخا وعدن، في خطوة تعبّر عن غضبهم من الموقف المتخاذل لقيادة خفر السواحل التابعة لحكومة العليمي، التي تتهم بالتواطؤ مع القوات الأمريكية.
ووفقًا للمحتجين، فإن القوات الأمريكية تحتجز المجندين منذ أكثر من سبعة أشهر في قاعدة عسكرية بجيبوتي، دون أي مبرر قانوني أو إنساني. وأكد المتظاهرون أنهم سيتخذون خطوات تصعيدية إذا استمر تجاهل مطالبهم بالإفراج عن أبنائهم، محملين المسؤولية الكاملة لقيادات خفر السواحل وحكومة العليمي.
هذه الحادثة تعكس تصاعد التوتر الشعبي ضد التواجد الأمريكي في المنطقة، وسط مخاوف من توسع دائرة الاحتجاجات في الأيام القادمة. كما تشير إلى أن السياسات الأمريكية في اليمن تواجه رفضًا متزايدًا من قبل السكان المحليين الذين يعتبرونها انتهاكًا لسيادة البلاد.
الأحداث الجارية في سقطرى وتعز تسلط الضوء على الواقع المعقد الذي تعيشه اليمن نتيجة التدخلات الأجنبية. فالإمارات، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي والعسكري، تواجه مقاومة شعبية متزايدة بسبب سياساتها الاستعمارية التي تستهدف السيطرة على الموارد الوطنية.
وفي الوقت نفسه، يعكس الغضب الشعبي ضد القوات الأمريكية في تعز رفضًا واضحًا للتواجد العسكري الأجنبي الذي يُنظر إليه كجزء من سياسات الهيمنة الدولية.
وفي ظل غياب أي دور فاعل لسلطات المرتزقة في الدفاع عن حقوق المواطنين، يبدو أن الشعب اليمني هو الوحيد الذي يرفع صوته ضد هذه التدخلات. ومن المتوقع أن يستمر تصاعد الاحتجاجات الشعبية ما لم يتم وضع حد لهذه السياسات التي تنتهك السيادة الوطنية وتزيد من معاناة الشعب اليمني.