المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    كسر القواعد العسكرية التقليدية: اليمن يعيد تعريف الحرب البحرية باستخدام الصواريخ الباليستية والمسيّرات

    "خاص" في العلوم العسكرية الحديثة، يُعتبر استخدام الصواريخ الباليستية لضرب...

    تعاطي المخدرات في “إسرائيل”.. انعكاس لأزمة الكيان المتفاقمة

    لم يعد تفشي المخدرات في الكيان الصهيوني مجرد ظاهرة جانبية، بل أصبح مرآة تعكس مدى الانهيار الداخلي الذي يعيشه الكيان، من تل أبيب إلى الجولان، تتزايد معدلات تعاطي المخدرات، ليس فقط بين الشباب ورواد الملاهي الليلية، ولكن حتى بين جنود الاحتلال الذين يعانون من اضطرابات نفسية حادة بعد حربهم على غزة.

    ورغم محاولات السلطات الإسرائيلية تبرير الأزمة بتحميل أطراف خارجية المسؤولية، فإن الحقيقة تكمن في الفشل المتراكم لحكومتها، والتي لم تتمكن من إدارة الأزمات المتلاحقة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، الإحباط، العنف المتصاعد، التفسخ الأخلاقي، وانعدام الأمل، كلها عوامل دفعت الإسرائيليين إلى البحث عن مهرب، ليجدوا في المخدرات ملاذًا مؤقتًا من واقع يتهاوى تحت وطأة الاحتلال، والانقسامات الداخلية، وفقدان الثقة بالمؤسسات.

    الانجذاب الإسرائيلي المتزايد للمخدرات

    يشهد المجتمع الإسرائيلي تصاعدًا حادًا في استهلاك المخدرات، ولا سيما مخدر الكبتاغون، وهو أمر يمكن تفسيره من خلال عدة عوامل تتعلق بالضغوط النفسية، والانهيار الاجتماعي، والأزمات الاقتصادية والسياسية المتراكمة، هذه الظاهرة تعكس هشاشة الكيان الإسرائيلي، حيث أصبح جزء كبير من الشباب والجنود الإسرائيليين يلجؤون إلى المخدرات كوسيلة للهروب من واقع قاسٍ يفرضه الفشل السياسي، والانقسامات الداخلية، والتراجع في الأوضاع الاقتصادية والأمنية.

    “إسرائيل” ليست مجرد “دولة متقدمة” كما تحاول أن تسوّق لنفسها، بل هي كيان قائم على الاحتلال العسكري، والصراعات المستمرة، ما أدى إلى خلق بيئة مشحونة بالتوتر والقلق، دفعت المواطنين، وخاصة الشباب، إلى البحث عن مهرب نفسي من خلال تعاطي المواد المخدرة.

    عدم كفاءة الحكومة الإسرائيلية: عامل أساسي في تفشي الظاهرة

    مع تزايد المشاكل الداخلية، تبدو الحكومة الإسرائيلية غير قادرة على إدارة الأزمات التي تواجهها، سواء كانت أمنية أو اجتماعية، فبدلًا من معالجة الأسباب العميقة التي تدفع الشباب إلى الإدمان، تحاول السلطات الترويج لنظرية “المؤامرة الخارجية”، زاعمةً أن جهات معادية مثل حزب الله وسوريا هي من تدفع بهذه المخدرات إلى داخل “إسرائيل” بهدف إضعافها من الداخل.

    لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير، فالإحصاءات والتقارير تكشف أن “إسرائيل” كانت تعاني من مشكلة الإدمان منذ سنوات، إلا أن الحرب على غزة وما تبعها من اضطرابات نفسية حادة بين السكان، زادت من تفشي الظاهرة إلى مستويات غير مسبوقة.

    لا تقتصر الأزمة الإسرائيلية على الجانب الأمني فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد الذي يعاني من تبعات الحرب، والإنفاق العسكري الضخم، والانقسامات السياسية التي أثرت على ثقة المستثمرين، فارتفاع معدلات البطالة، وتزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، والاضطرابات السياسية في الداخل، كلها عوامل جعلت الإسرائيليين أكثر عرضة للجوء إلى المخدرات كوسيلة للتعامل مع مشاعر الإحباط واليأس.

    كما أن تصاعد العنف داخل المدارس والمجتمع، والذي يصل أحيانًا إلى حد القتل، يعكس حالة التفسخ الاجتماعي التي يعيشها الكيان، حيث أصبح العنف والمخدرات ظاهرتين متلازمتين في ظل غياب حلول جذرية من الحكومة.

    أحد أكثر النتائج الكارثية للحرب على غزة هي الارتفاع الكبير في عدد الجنود المصابين باضطرابات نفسية حادة، وهو ما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في استهلاك الأدوية المهدئة والمخدرات.

    تقرير المركز الإسرائيلي للإدمان والصحة النفسية يكشف أن 36% من الجنود الذين أُصيبوا في الحرب يعانون من اضطرابات نفسية، فيما تم تسريح الآلاف من الجيش لأسباب عقلية، ما يشير إلى أزمة نفسية عميقة تهدد استقرار الجيش الإسرائيلي نفسه.

    جنود الاحتلال، الذين يجبرون على المشاركة في عمليات عسكرية دامية ضد المدنيين، يجدون أنفسهم في مواجهة صدمة نفسية غير قابلة للاحتواء، ما يدفعهم إلى تعاطي المخدرات كمحاولة يائسة لتخدير عقولهم ونسيان الجرائم التي ارتكبوها أو التي شهدوها، هذه الظاهرة تُظهر الوجه الحقيقي للحرب، حيث لم تؤثر فقط على الفلسطينيين الذين يتعرضون للإبادة، بل كشفت أيضًا عن هشاشة الجيش الإسرائيلي نفسه، والذي بات يعاني من أزمة نفسية جماعية تهدد بانهياره.

    ازدواجية المعايير الدولية: لماذا لا يُدان الاحتلال على تفشي الإدمان؟

    رغم أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تحاول تحميل أطراف خارجية مسؤولية انتشار المخدرات، إلا أن المنظومة الحاكمة هي المسؤولة الحقيقية عن تفشي الظاهرة، ورغم ذلك، لا نرى إدانات دولية أو محاولات لفضح هذا الفشل، بل تتم التغطية عليه ضمن حملة الترويج لـ”إسرائيل” كدولة ديمقراطية مستقرة.

    في المقابل، عندما تحدث مشاكل مشابهة في المجتمعات العربية أو الإسلامية، يتم تضخيمها وتصويرها كدليل على التخلف وعدم الاستقرار، هذا التحيز الإعلامي يعكس ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب مع القضايا الاجتماعية داخل “إسرائيل” مقارنة ببقية دول العالم.

    ما يحدث اليوم في الكيان الصهيوني ليس مجرد ارتفاع في معدلات تعاطي المخدرات، بل هو مؤشر على فشل منظومة بأكملها، الاحتلال والقمع العسكري لم يوفرا لـ”إسرائيل” “الأمن” الذي كانت تطمح إليه، بل أدخلاها في دوامة من الصراعات الداخلية والاضطرابات النفسية والاقتصادية التي تهدد وجودها على المدى البعيد.

    مع كل أزمة جديدة، تتفاقم المشاكل الاجتماعية في الكيان الصهيوني، حيث يهرب المواطنون إلى المخدرات، والعنف، والمقامرة، كمحاولة بائسة للتعامل مع فشل حكومتهم وانعدام الأفق السياسي والاجتماعي، ومع استمرار الحرب، فإن التوقعات تشير إلى أن هذه الظواهر ستزداد سوءًا، ما قد يؤدي إلى انفجار داخلي يُعجّل بنهاية المشروع الصهيوني كما نعرفه اليوم.

    spot_imgspot_img