اثار التراشق الإعلامي بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي، مزيد من الجدل حول الدوافع، فهل كانت ضمن خلافات عميقة ام مجرد محاولات لإعادة السعودية إلى صدارة المشهد بعد خسارتها القيادة خلال اشهر الحرب؟
في ردها على تصريحات نتنياهو الأخيرة التي طالب فيها بإقامة دولة فلسطين على الأراضي السعودية “الكبيرة”، فتحت المملكة لأول مرة منذ بدء مفاوضات التطبيع النار على الاحتلال الإسرائيلي، وقد حركت أوراق تجاهلتها عمدا خلال الأشهر الأخيرة من الحرب وابرزها الإبادة في غزة والجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني منذ 75 عاما.
ومع أن ما تضنه بيان الخارجية السعودية كان قويا ويعكس غضب سعودي حقيقي من تداعيات تصريحات نتنياهو بشان إعادة توطين الفلسطينيين اجمع في السعودية، الا انه رغم حدتها ظلت محل شكوك الكثير من النخب حول الوطن العربي وقد رأى تيار واسع منهم انها مجرد حملة قادها ترامب بإعلان تهجير سكان غزة وتراجع عنها على واقع حملة سعودية تبشر بذلك وتحاول تصويرها كنجاح للسياسة الخارجية للرياض.
فالهدف من هذا التراشق، وفق هؤلاء، ليس التعمق بالخصومة في ظل رعاية ترامب لمفاوضات التطبيع بل محاولات لإعادة تصدير السعودية إلى المشهد لقيادة العالمين العربي والإسلامي، خصوصا وان ثقة شعوب المنطقة بقدرة السعودية على القيادة تضررت بشكل كلي مع موقفها المنحاز تارة للاحتلال والمحايد في أخرى.
وخلافا للموقف السعودي الذي يحاول ابرز صورة الوحش في وجه الاحتلال تبدو تصريحات نتنياهو الأقرب للواقع فهي تعد امتدادا لتسريبات سابقة إعلاميا واستخباراتيا بداها الموساد بالحديث عن امتلاك الاحتلال ورقة مهمة للضغط على السعودية لتوطين سكان غزة في نيوم ضمن مسار يتخذه الاحتلال للضغط دول عربية أخرى ابرزها مصر والأردن لقبول الفكرة ذاتها، وبالتوازي تداولت وسائل اعلام عبرية ومنصات رسمية تديرها الخارجية الصهيونية انفوجرافيك لخارطة الاحتلال الجديدة او ما يسميها بـ”إسرائيل الكبرى، وقد التهمت الأردن كاملة ومناطق من مصر ولبنان وسوريا والسعودية إلى جانب ما تبقى من أراضي فلسطينية.
قد يكون اقتراب نتنياهو من الأراضي السعودية اثار حفيظة النظام هناك مع انه تجسيد للواقع الذي يسعى له وبدعم امريكي باعتبارها اكبر شعوب المنطقة واكثر ثروة تثير لعاب الإدارة الامريكية وسط مخاوف من تحررها من الهيمنة مع تقاربها مع دول منافسة كالصين، لكن الموقف السعودي يبقى محل شكوك اكثر في حال لم يتم اتخاذ خطوات رادعة للاحتلال فحتى المناورة بورقة التطبيع لم تعيد مجيدة وقد قرر الاحتلال دخول السعودية من أوسع أبوابها.