في بوادر الانفراج عن الأزمة اليمنية، أعلنت أمريكا موافقتها عن خارطة الطريق الأممية في اليمن، فيما أعترف الانتقالي تعجيل سعودي لتوقيع الاتفاق مع الحوثيين وبرعاية عمانية.
ووافقت الولايات المتحدة، اليوم السبت، على خارطة الطريق الأممية في اليمن لأول مرة منذ اعتراضها في أكتوبر الماضي.
وأفادت مصادر دبلوماسية غربية بان وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن ابلغ نظيره العماني بموافقة بلاده على السير بالخارطة الأممية في اليمن. وكان بلينكن اجرى في وقت متأخر من مساء الجمعة اتصالا بنظيره العماني بدر البوسعيدي. وأفادت وسائل اعلام عمانية بأن اللقاء كرس لمناقشة التطورات الإقليمية في المنطقة وتحديدا ملف اليمن.
بينما قالت الخارجية الأمريكية ان الاتصال ناقش ايضا اطلاق سراح من وصفهم باليمنيين في اشارة إلى موظفي السفارة الأمريكية المعتقلين على ذمة ارتباطهم بالاستخبارات في اشارة إلى شرطها للسير بالاتفاق.
وهذه المرة التي يجرى فيها الوزير الأمريكي اتصالا بشان اليمن.. وجاء الاتصال قبيل جولة مرتقبة للمبعوث الأمريكي إلى المنطقة تشمل سلطنة عمان حيث يقيم وفد صنعاء المفاوض. ويشير اتصال بلينكن إلى تطور في ملف اليمن.
وكانت الولايات المتحدة أوقفت المفاوضات بين صنعاء والرياض في أكتوبر من العام الماضي واشترطت وقف العمليات اليمنية ضد الاحتلال الإسرائيلي. وجاء القبول الأمريكي بالخارطة الأممية للسلام عقب تطورات عسكرية هامة اخرها اعلان القوات اليمنية استهداف بوارج أمريكية على راسها حاملة الطائرات الثانية “ابراهام لينكولن”.
وتسعى أمريكا لعقد اتفاق مع صنعاء لاسيما مع فشل احتواء العمليات اليمنية المساندة لغزة عسكريا. ويأتي الاتصال الأمريكي رفيع المستوى بشان اليمن بالتوازي مع حراك لوقف العدوان على غزة ولبنان وهما شرطان تضعهما اليمن لوقف عملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي. كما تدفع المخاوف الامريكية من تعاون روسي – يمني لتسريع وتيرة الاتفاق السياسي وانهاء الازمة المستمرة منذ سنوات.
الانتقالي يعترف بتعجيل السعودية توقيع الاتفاق مع “الحوثيين”
بدوره، كشف المجلس الانتقالي، سلطة الامر الواقع جنوب اليمن، كواليس حراك سعودي لتعجيل اتفاق مع صنعاء قبل صعود ترامب.
وافاد الإعلامي بالمجلس، صلاح بن لغبر، بأن رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي المقيم حاليا في الرياض، يتعرض لضغوط كبيرة للقبول بالخارطة الأممية، مشيرا إلى أن السعودية دفعت خلال الايام الماضية بسفراء دول غربية للضغط عليه للقبول بالخارطة. واشار بن لغبر في مقال مطول على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الزبيدي كان يطالب بضمانات واضحة لمسار القضية الجنوبية وشعب الجنوب.
واكد تقديم ضمانات للزبيدي لكنه وصفها بالمتناقضة والهادفة فقط لإرضاء كافة الأطراف اليمنية دون السماح لأي طرف بالحسم نهائيا، موضحا بان السعودية تلقي بكل ثقلها حاليا لتوقيع اتفاق مع صنعاء قبل صعود ترامب للسلطة.
كما اعتبر أن الاتفاق الذي يدفع يمنح من وصفهم بـ”الحوثيين” شرعية للسيطرة على بقية المحافظات. والذي يعتبر من أبرز ينود الاتفاق.
وكانت خارطة الطريق الأممية الأخيرة تتمحور حول (ملفات صرف المرتبات لكافة موظفي الدولة في اليمن واستئناف تصدير النفط اليمني، إضافة إلى ملفات توحيد العملة والبنك المركزي).
وكانت السعودية كثفت خلال الايام الماضية حراكها في ملف اليمن بدء بعقد اتفاق مع ايران برعاية صينية يتضمن دعم الحل السياسي في اليمن بدون مرجعيات.. إضافة إلى استدعاء الزبيدي وقيادات أخرى بالرئاسي إلى الرياض وعقد مصالحة.
وتزامن الحراك السعودي مع كشف وسائل اعلام سعودية بدء فريق ترامب اتصالات مكثفة لتحديد أولوية العمل في اليمن. ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” مخاوف سعودية من عودة ترامب لملف الابتزاز للرياض بملف اليمن. وظلت السعودية خلال سنوات الحرب الأولى في عهد ترامب محل ابتزاز أمريكي وصل حد الاستهانة بها.
تدابير ما قبل التسوية في اليمن
على هذا السياق، شهد الملف اليمني، تطورات إيجابية على طريق السلام، فهل اقتربت خطواته ام ان لواشنطن راي اخر؟ ففي السعودية، اعادت الرياض لم شمل القوى الموالية لها جنوب وغرب اليمن باجتماعات مكثفة اخذت في طابعها المصالحة بعد سنوات من القطيعة والمواجهة أحيانا.
وكان اخر تلك اللقاءات بين قيادات حزب الإصلاح، جناح الاخوان المسلمين، وعيدروس الزبيدي ، رئيس المجلس الانتقالي وابرز خصوم الحزب ومن خاض اعنف المعارك ضد الجماعة في عدن وشارك بوتيرة الاغتيالات التي طالت قياداتها بدعم اماراتي ومرتزقة أمريكيين، وقبله اللقاء الذي جمع الزبيدي ذاته بقادة ما يعرف بالبرلمان وعلى راسهم البركاني وسط تقارير عن ترتيبات لعقد جلسة لهم في عدن، المعقل الأبرز للانتقالي.
هذه اللقاءات جاءت بعد حراك دبلوماسي مكثف شهدته الرياض ودار جميعه حول عيدروس الزبيدي ، رئيس الانتقالي، الذي أصبحت غرفته في الفندق محل زيارات يومية لسفراء عرب وأجانب وجميعها، وفق اعلام الانتقالي، حملت ضغوط للقبول بخارطة الأمم المتحدة للسلام في اليمن والتي لا يعرف لا الزبيدي ولا الرئاسي ذاته تفاصيلها وهي مقصورة على صنعاء والرياض اللذان كانا على وشك توقيعها في أكتوبر من العام الماضي واعترضت أمريكا طريقهم.
الأن، ومع عودة عيدروس الزبيدي مساء الجمعة للمشاركة باجتماعات المجلس الرئاسي بعد أيام من القطيعة تبدو العملية اكتملت والجميع قبل بالمسار السعودي، وفق ما يراه مدير إذاعة ابين السابق صالح الحنشي ، والذي يؤكد بان الاجماع على الخارطة الأممية باتت مؤكدا بالنسبة للقوى اليمنية الموالية للتحالف والتي لا تعرف تفاصيلها أصلا ، فالشرط الوحيد للزبيدي، وفق الإعلامي بالانتقالي صلاح بن لغبر، كان ضمانات لمسار القضية الجنوبية ، وهي قد لا تتعدى المطالبة بمناصفة في السلطة والثروة والتي سبق للانتقالي وان حصل عليها مسبقا.
فعليا، لا تملك القوى اليمنية الموالية للتحالف سبيل للاعتراض رغم منحها مساحة صغيرة للمناورة ، لكن كل ما يدور حاليا هو تصفير عداد الخلافات بين تلك القوى تمهيدا لمرحلة جديدة تم تثبيتها على ارض الواقع خلال السنوات التي شهدت تهدئة مع السعودية التي تخشى الأن ان يعيدها ترامب إلى عهده السابق الذي لطالما وصفها فيه بـ”البقرة الحلوب” وباعتبار الحل في اليمن المخرج فغن الرياض لا تمانع السير بالاتفاق الان وقد تجلت امامها معضلات ثقال اذا عادت للتصعيد عسكريا خصوصا مع استهداف حاملة الطائرات الامريكية وفشل الأخيرة بجبروتها وقوة اساطيلها من وقف العمليات اليمنية، لكن يبقى السؤال حول الدور الأمريكي؟
رغم ان مسار المفاوضات بين اليمن والسعودية يتم بوساطة إقليمية وبعيدا عن الوصاية الامريكية وهو ما كان سببا بتحقيق تقدم فيه، الا ان لدى واشنطن العديد من الأوراق للعب بها ليس في وجه اليمن بل السعودية التي لا تزال تضع حسابات لغضب واشنطن، فهي التي استطاعت في أكتوبر الماضي، كما اكد محمد عبدالسلام، رئيس الوفد، إيقاف الاتفاق في لحظاته الأخيرة في أكتوبر الماضي بذريعة وقف العمليات اليمنية، ولا تزال تناور بأوراق جديدة خصوصا اذا ما تم قراءة مضمون الاتصال الأخير بين وزير الخارجية الأمريكي ونظيره العماني الذي تقود بلاده الوساطة ومنها شروط اطلاق خلايا التجسس.
مع أن ورقة وقف العمليات سقطت حتى لدى الأمريكيين انفسهم الذين اخذوا حتى الان عاما كامل من المواجهة العسكرية والضغوط الدبلوماسية دون جدوى، وبإمكان السعوديين العزف على هذا الجانب لتجنب اي ضغوط أمريكية، الا ان بإمكان الأمريكيين انفسهم المناورة بأوراق أخرى لان الهدف حماية الاحتلال قبل كل شيء.