كشف قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الخميس عن تفاصيل عملية استهداف السفينة (سونيون) التي انتهكت الشركةُ المالكةُ لها قرارَ الحظر، مؤكّـداً اقتحامَها من قبل مجاهدي البحرية اليمنية على مرحلتين وعمليتين، تم خلالهما تفخيخها وتفجيرها، واصفًا العملية بأنها “جريئة وشجاعة” وهو ما عرضه الإعلامُ الحربي في مشاهدَ مثلت صفعةً مدويةً جديدةً للعدو الصهيوني وداعميه الذين انكشف عجزهم أمام الجبهة اليمنية المساندة لغزة مرة أُخرى بالصوت والصور وباعترافات جديدة أكّـدت خلوَّ البحر الأحمر من أيةِ سفن حربية أمريكية وبريطانية، على أن الأمر لا يقف عند هذا الحد؛ إذ توعَّد القائدُ بمفاجآت جديدة قادمة لا يتوقعها العدوّ على الإطلاق.
ومثَّلت المشاهد دليلًا واضحًا على أن القوات البحرية اليمنية أصبحت تمتلكُ سيطرةً فعلية وليست نارية فقط على البحر الأحمر؛ بما يتيح لها تنفيذَ عمليات اقتحام ومطاردة مباشرة للسفن المخالفة لقرار الحظر، وهو إنجاز نوعي استراتيجي غير مسبوق بالنظر إلى عدم امتلاك القوات المسلحة اليمنية سفنا حربية تقليدية، فضلًا عن شحة الإمْكَانات المتاحة نتيجة العدوان والحصار؛ فالعملية نُفِّذت على مسافة 77 ميلًا بحريًّا من الحديدة (أكثر من 140 كيلو مترًا) بحسب البحرية البريطانية، وهي مسافةٌ طويلة لتنفيذ اقتحام ومطاردة مباشرة بدون سفن حربية كبيرة، ومع ذلك فقد أظهرت مشاهد الإعلام الحربي أن مجاهدي البحرية كانوا على جاهزية مسبقة عالية وأظهرت تحَرّكاتُهم استعدادًا غير عادي، كما لو أنهم يفعلون ذلك باستمرار.
هذا أَيْـضاً ما أكّـده اعترافٌ أمريكي جديد نشره موقع “أكسيوس” وأكّـد فيه خلوَّ البحر الأحمر من أية سفن حربية أمريكية، وأشَارَت إليه صحيفةُ “تلغراف” البريطانية بعدم تواجد سفن حربية بريطانية في المنطقة؛ الأمر الذي يعني بكل وضوح أن اليمن هزم التحالفَ الأمريكي البريطاني في البحر، وبعد أن حشد الأمريكي 12 سفينة حربية في البحر الأحمر لردع اليمن أصبح غير قادر على مُجَـرّد الاقتراب من منطقة العمليات اليمنية.
ويعني ذلك نجاحَ القوات المسلحة في الاحتفاظ بزمام المبادرة وفرض وتثبيت المعادلات على طول مسار المواجهة، وهو فشلٌ مدوٍّ وتأريخي للولايات المتحدة وشركائها الغربيين الذين عجزوا تماماً عن التأثير على مسار العمليات برغم كُـلّ إمْكَاناتهم.
ويمثل هذا النجاح في فرض السيطرة الفعلية على مسرح العمليات بالبحر الأحمر أرضيةً صُلبةً وثابتة لنجاحات لا يزال أفقها مفتوحًا على عدة مسارات، منها مسار الرد القادم على استهداف الحديدة، والذي أكّـد قائد الثورة في خطابه الأخير أن التحضير له لا زال قائمًا وأن توقيته سيكون مفاجئًا للعدو، كما أكّـد أن الأمر لن يقتصر على ذلك؛ إذ تتطلع الجبهة اليمنية المساندة لغزة إلى مسارات تصعيد أوسع وأداء عملياتي أكبر تأثيرًا، مشدّدًا على أنه لا يوجد هناك أي سقف سياسي ولا أية اعتبارات يمكن أن تحد من عمليات الإسناد أَو تؤثر عليها.
وقد برهنت القواتُ المسلحة اليمنية أن قدرتَها على صناعة المفاجآت تشملُ جوانبَ متعددة، حَيثُ لا تقتصر على إدخَال أسلحة جديدة في المواجهة، بل تتضمَّنُ إلى جانب ذلك ابتكارَ أساليب وتكتيكات لا يتوقعها الأعداء؛ وهو ما يجعلُ مهمةَ توقُّع هذه المفاجآت أَو الاستعداد لها صعبةً للغاية برغم توفر الإمْكَانات لدى الأعداء.
وقد أقرَّ القائدُ السابقُ لمجموعة حاملة الطائرات الأمريكية (آيزنهاور) مارك ميجيز، قبل أَيَّـام قليلة بأن البحرية الأمريكية لم تكن تتوقَّعُ ما واجهته في البحر الأحمر، مقراً بهروبِ حاملة الطائرات الأمريكية (ايزنهاور) من الضربات اليمنية التي حاولت الولايات المتحدة إنكارها في وقت سابق، وقال إنه “اضطرَّ لتحريك الحاملة عدة مرات لحمايتها”. مبررا بأن العددَ الهائلَ من “اشتباكات الطائرات بدون طيار التي خضناها، كان شيئاً لم نتدربْ عليه بشكل شامل”.
هذه التصريحاتُ التي تضافُ إلى قائمة طويلة من الاعترافات بالفشل والعجز والتراجع، تجعل إعلان قائد الثورة عن مفاجآت قادمة أشدَّ وَقْعًا على العدوّ؛ لأَنَّه أصبح يدرك جيِّدًا جدية القيادة اليمنية في الدفع بمسار الاشتباك معه إلى أقصى حَــدٍّ ممكنٍ تتيحُه الإمْكَانات والتكتيكات، كما يدركُ قُدرةَ هذه القيادة على ابتكار المزيد من الخيارات دائماً لرفع فعالية وشدة العمليات وفرض معادلات جديدة تضاعف حجم فشله وعجزه وتجعله مكشوفًا ومعرَّضًا للأضرار بشكل أكبر مع مرور الوقت.