روت صحيفة هارتس الإسرائيلية بعض الحوادث التي كشفت فيها عن انتحار 10 ضبّاط وجنود منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتكشف الأحاديث مع أقارب الجنود والضباط المنتحرين أن ما رأوه في مستوطنات غلاف غزة أدى لتحطيم نفسياتهم، فيما يعجز الجيش حتى الآن عن التعاطي مع هذه الظاهرة، وذلك رغم مرور 8 أشهر على السابع من أكتوبر. وأكدت “هآرتس” أن بعض حالات الانتحار التي سُجّلت في صفوف الجيش وقعت في الساعات الأولى من السابع من أكتوبر أو في الأيام التي تلته مباشرة، وأخرى وقعت بالتوازي مع الحرب على غزة.
الصحيفة نقلت عن خبراء قولهم إن معظم حالات الانتحار في الجيش هي في صفوف جنود شبان، لكن هناك تأثيرات غير مألوفة لـ7 أكتوبر، “وفجأة تعين على الجيش التعامل مع ميول للانتحار في أوساط جنود وضباط في الخدمة العسكرية الدائمة وفي الاحتياط في الثلاثينات والأربعينات من أعمارهم”.
وقال يوسي ليفي بلوز رئيس مركز أبحاث الانتحار والألم النفسي في المركز الأكاديمي روبين: “هذه الحوادث كانت مفاجئة جدًا، فحالات الانتحار لم تقع بشكل عام خلال الأعمال الحربية، وإنما بمجرد انتهاء المعارك، وخاصة في صفوف من يعانون من آثار ما بعد الصدمة، لكن هذه الحالات تشير إلى مدى وعمق تأثيرها عليهم.
وقالت الصحيفة: إنه سواء انتحر الجنود أثناء الخدمة العسكرية وهم يرتدون زيهم العسكري، أو بعد تسريحهم فإن الجيش الإسرائيلي يُقر بإخفاقه في تقديم الدعم النفسي لجنوده وضباطه، على الرغم من أن منظومة الدعم النفسي قد شهدت تغييرات كثيرة أثناء الحرب الحالية.
وفيما تشير معطيات الجيش الإسرائيلي إلى انتحار عشرة جنود وضباط، منذ بداية الحرب وحتى الـ11 من أيار/مايو الجاري، “لكن الجيش يرفض ذكر أي أسماء نُشرت، بما في ذلك تفاصيلهم، وأي أسماء محفوظة حتى الآن في سجلات الجيش فقط، وذلك بسبب سياسة الجيش المتذبذبة”.
كما لفتت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي برَّر سياسته في البداية بوجود “ضرورات ميدانية لا تسمح بالتحقيق في كل حالة تبين فيها أن الجندي انتحر”.
إلى ذلك، قال مصدر عسكري: “اعتقدنا أن الإعلان عن ذلك من شأنه المس بمعنويات الجمهور”، فنشر أسماء الجنود القتلى “يسبب ألماً كبيراً لدى الجمهور، واعتقدنا أنه لا حاجة إلى إثارة أمر كهذا بسبب حالات لم يمت فيها جنود في معركة أو بسبب حادثة عملياتية”.
وبينت هآرتس أن الجيش الإسرائيلي يتكتم على جزء من حالات الانتحار، بالقول إنه وحتى يوم أمس السبت، وصل عدد الجنود الإسرائيليين القتلى منذ بداية الحرب الذين أعلن الجيش الإسرائيلي رسميًا عن مقتلهم 620 جنديًا، لكن هذا ليس العدد الموجود في قوائم الجيش الإسرائيلي، والذي يصل إلى 637 لكن ضمن القائمة جنود تمت الإشارة إلى أن سبب الوفاة هو حوادث طرق.
ولفتت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي أخفى في الماضي معطيات حول انتحار جنود، “ورفض الجيش طوال السنين الماضية الكشف عن معطيات حول عدد الجنود الذين انتحروا، واستمر في التعتيم على هذا الموضوع”. وسبق أن أفادت إذاعة “كان” الإسرائيلية، بخضوع أكثر من 3 آلاف جندي تقريباً، لمعاينات طبية لدى ضباط الصحة النفسية في “الجيش” الإسرائيلي منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023.”
جنون وأمراض نفسية
أفادت صحيفة تايمز أوف إسرائيل بأنه منذ الـ 7 أكتوبر/تشرين الأول، تلقى الخط الساخن للصحة النفسية 172 ألف طلب للحصول على دعم نفسي، سواء عبر الهاتف أو عن طريق الإنترنت، وبلغ متوسط هذا العدد 33 ألف مكالمة شهرياً، مع عدد أعلى من المتوسط أي 44 ألفا في الشهر الأول من الحرب، وبلغ متوسط المكالمات اليومية منذ بداية الحرب 920 مكالمة.
وفي الـ 7 أكتوبر/تشرين الأول وحده، تعاملت هيئة الصحة النفسية مع أكثر من 3500 مكالمة واردة، وهذا بالمقارنة مع 500 مكالمة خلال يوم السبت الروتيني. وكانت هناك زيادة بنسبة 10 في المئة عن العدد المعتاد للمكالمات من الرجال، وهم نادرا ما يتصلون بالخط الساخن، وكثيرا ما يتصلون بشكل غير منتظم.
وجاءت العديد من المكالمات من جنود (رجال ونساء) في الخدمة النظامية والاحتياطية، وهو ما ينعكس في أن 41 في المئة من المكالمات التي يستقبلها الخط الساخن كانت من أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً.
الأطفال والمراهقون، الذين تقل أعمارهم عن 17 عامًا اتصلوا بمعدل 125 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي، وكانت هذه الزيادة واضحة بشكل خاص خلال الأسابيع الأولى من الحرب.
أكد الخط الساخن للصحة النفسية زيادة بنسبة 950 في المئة في المكالمات المتعلقة بالقلق والصدمات والخسارة بالمقارنة مع نفس الأشهر الستة في 2022-2023، ومع استمرار الحرب، كانت هناك أيضًا زيادة في المكالمات حول الاكتئاب والوحدة والاضطراب العاطفي العام.
ومن بين 38.240 شابًا حتى سن 24 عامًا اتصلوا بالخط الساخن، كان 60 في المئة منهم من النساء و40 في المئة من الرجال، وكان ثلث هذه المكالمات يتعلق بالقلق والصدمات، وتناولت مكالمة واحدة من كل خمس مكالمات معاناة نفسية عميقة.