اقتحم مئات المستوطنين ساحات المسجد الأقصى المبارك -صباح اليوم الأربعاء- بحماية قوات العدو الصهيوني التي انتشرت بكثافة على بوابات المسجد والبلدة القديمة من القدس المحتلة. وذكرت مصادر مقدسية أن أكثر من 700 مستوطن موزعين على 14 مجموعة اقتحموا الأقصى منذ صباح اليوم في ما يسمى “يوم القدس”، وللمشاركة بمسيرة الأعلام الإسرائيلية الاستفزازية.
وأكدت المصادر أن المستوطنين رفعوا أعلام الكيان عند باب القطانين في باحات المسجد الأقصى المبارك. وأدى المستوطنون طقوساً تلمودية ورقصات خلال اقتحامهم للأقصى، في وقت منعت قوات العدو الشبان الفلسطينيين من دخول المسجد وسمحت فقط لكبار السن.
وحشدت قوات العدو نحو ثلاثة آلاف من عناصرها لتأمين المستوطنين خلال مسيرة الأعلام، وقالت إنها ستغلق المنطقة من باب العامود إلى باب الساهرة لتأمين مسيرات المستوطنين التي ستنطلق من باب الخليل وفندق الملك جورج وستمر بباب العامود وصولاً غلى حائط البراق.
وانطلقت دعوات فلسطينية إلى شد الرحال للقدس والمسجد الأقصى للدفاع عنه من اعتداءات المستوطنين. وشددت الدعوات على ضرورة أن تصل رسالة لكل المستوطنين وداعميهم بأن القدس والمسجد الأقصى أرض عربية إسلامية سيحميها الفلسطينيون بأرواحهم ودمائهم.
شرطة الاحتلال تسمح بتنظيم “المسيرة” في القدس
أفادت بأن شرطة الاحتلال الإسرائيلي سمحت للمتطرفين والمستوطنين بتنظيم مسيرتهم السنوية التي يرفعون فيها الأعلام الإسرائيلية أمس، بالقدس المحتلة. وأضافت المصادر أن الشرطة الإسرائيلية حشدت 3 آلاف من عناصرها لحمايتهم إلى جانب تعزيز قوات الجيش في المنطقة.
وقالت شرطة الاحتلال في بيان “من المتوقع أن تُقام مسيرة الأعلام كما في كل عام ومنذ عقود على نفس مسار العام الماضي، من وسط القدس حتى حائط المبكى (البراق)، عبر أبواب البلدة القديمة وأزقتها، ولن يمر مسارها عبر الحرم القدسي (المسجد الأقصى) أو بواباته”. وشددت على أنها ستعمل على “منع حوادث الاحتكاك والعنف من أي نوع كان”.
مسيرة الأعلام
ونظمت مسيرة الأعلام في القدس أول مرة عام 1968، على يد الحاخام يهودا حزاني من المدرسة الدينية المعروفة باسم ميركاز هراف-مركز الحاخام، وتحولت إلى تقليد سنوي. وتنظم المسيرة في ما يعرف بـ”يوم القدس” الذي تحيي فيه إسرائيل -بحسب التقويم العبري- ذكرى احتلال الشطر الشرقي من القدس عام 1967 والذي تسميه يوم توحيد القدس وإحلال السيادة الاسرائيلية واليهودية على المدينة والأماكن الدينية اليهودية فيها.
وازداد عدد المشاركين في المسيرة من عام إلى عام، ويقدر عددهم حاليا بعشرات الآلاف، معظمهم ممن يطلقون على أنفسهم الوطنيين المتدينين من القدس ومستوطنات الضفة الغربية المحتلة وكافة أنحاء إسرائيل. وتجبر قوات الاحتلال الفلسطينيين على إغلاق محالهم التجارية بالتزامن مع مرور المسيرة من البلدة القديمة حيث يعتدي المشاركون فيها بشكل استفزازي على بيوت ومحال الفلسطينيين ويطلقون شعارات “الموت للعرب” ويرقصون حاملين الأعلام الإسرائيلية.
يمول المسيرة جمعية “عام كالبيا” الدينية الاستيطانية وبلدية القدس ووزارة التربية والتعليم الإسرائيلية وشركة تطوير وإعادة تأهيل الحي اليهودي، ووصل حجم التمويل عام 2018 إلى نحو 300 ألف دولار.
وبين الأعوام 2010 و2016 منعت شرطة الاحتلال الإسرائيلي المشاركين في المسيرة من الدخول إلى البلدة القديمة عبر باب الأسباط.
وفي عام 2011 حولت شرطة الاحتلال الإسرائيلي مسار المسيرة ليمر من حي الشيخ جراح مرورا بشارع رقم 1 الذي يفصل شطري القدس الغربي والشرقي، وسمحت للمشاركين فيها بدخول البلدة القديمة من أبواب عدة.
وعام 2017 في الذكرى الـ50 لاحتلال القدس، سمح للمشاركين في المسيرة بالطواف حول أسوار البلدة القديمة والدخول إليها أيضا من باب المغاربة.
وبين عامي 2015 و2016 رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماسات قدمتها جمعيات يسارية وحقوقية إسرائيلية لمنع مرور المسيرة من الحي الاسلامي.
وفي عام 2021 وتحت تهديد المقاومة الفلسطينية، منعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو مرور المسيرة عبر باب العامود وحولتها إلى باب الخليل، لكن المقاومة الفلسطينية أطلقت دفعة من الصواريخ صوب القدس، وهو ما أجبر أجهزة الأمن الإسرائيلية على تفريق المسيرة على الفور، واندلعت على إثر ذلك عملية سيف القدس حسب التسمية الفلسطينية، “حارس الأسوار” حسب التسمية الإسرائيلية.
وعقب انتهاء الحرب على غزة أعيد تنظيم مسيرة الأعلام في 15 يونيو/حزيران 2021 ضمن المسار التقليدي، واعتبر ذلك أول قرار مهم للحكومة الجديدة في إسرائيل برئاسة نفتالي بينت؛ حيث مرت من باب العامود وسط حالة توتر وترقب شديدين.
وفي 2022 و2023 أقرت قيادة شرطة الاحتلال تنظيم المسيرة ضمن مسارها التقليدي، حيث قدر عدد المشاركين فيها بنحو 70 ألفا وقد مر السواد الأعظم منهم من باب العامود وصولا إلى حائط البراق.
وتحشد شرطة الاحتلال الإسرائيلي نحو 3 آلاف عنصر لتأمين مسار المسيرة، وفي سنوات سابقة كما في 2022، استدعت 3 كتائب تابعة لحرس الحدود من صفوف الاحتياط فضلا عن نشر آلاف من أفراد الشرطة في كافة أنحاء إسرائيل مخافة حدوث أي تدهور أمني، وأعلن عن انتقال الشرطة إلى حالة التأهب القصوى.
ووسع الجيش الإسرائيلي عام 2022 من دائرة انتشار منظومة القبة الحديدية حول القدس وفي مناطق عدة وسط وجنوب إسرائيل تحسبا من إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ في توقيت تنظيم المسيرة.