مع مرورِ الوقتِ يزدادُ شَبَحُ “الحرب الإقليمية” حُضُورًا في مشهد معركة طوفان الأقصى التاريخية نظرًا لإصرار العدوّ الصهيوني على مواصلة جرائمه الوحشية بحق الفلسطينيين، واستمرار الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الغربي بدعمه لتنفيذ مخطّطاته فيما يتعلق بتهجير سكان قطاع غزة، الأمر الذي تؤكّـد قوى محور المقاومة وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية في إيران، أنها لن تسمح بحدوثه، كما أنها لن تسمح باستمرار الوضع الراهن.
استنفارٌ أمريكي غير مسبوق لدعم كيان العدو
مع دخول معركة “طوفان الأقصى” منتصف أسبوعها الثاني، تستمر وتيرة جرائم العدوّ الصهيوني بحق الفلسطينيين في قطاع غزة بالتصاعد، حَيثُ تواصل الطائرات الحربية الإسرائيلية إبادة أحياء كاملة بأسلحة أمريكية محرمة دوليًّا، وسط تأييد غربي فاضح.
هذه الجرائم وبالرغم أنها لم تؤثر على قدرة فصائل المقاومة الفلسطينية على مواصلة مهاجمة العدوّ، فَــإنَّها تهدد بتوسع رقعة الحرب؛ لأَنَّ العدوّ الصهيوني يحاول من خلال عمليات القصف دفع سكان القطاع نحو الرحيل، إضافة إلى قتل أكبر عدد منهم في نفس الوقت، مع التمهيد لدخول القطاع، في محاولة لفرض معادلة مضادة للمعادلة التي نجحت المقاومة في تثبيتها منذ اليوم الأول، ومكافئة لها من حَيثُ الأبعاد “المستقبلية” للصراع.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة “رويترز” الثلاثاء، عن متحدث باسم جيش العدوّ قوله بأن الكيان الصهيوني ينوي أن يجعل وضع قطاع غزة “قضية عالمية” تُطرَحُ للنقاش الدولي، بعد تنفيذ الهجوم عليه. ومع أن الكيان الصهيوني لا يزال مترددًا حول قضية تنفيذ الهجوم؛ نظرًا للتداعيات الإقليمية التي قد تترتب عليه، فَــإنَّ هذا التصريح، كغيره من تصريحات قادة العدوّ يشير بوضوح إلى اعتماد “إسرائيلي” كبير على الدعم الغربي، سواء فيما يتعلق بتنفيذ الهجوم، أَو فيما يتعلق بالتداعيات والنتائج.
ولم يعد خافيا أن الدعم الأمريكي على وجه الخصوص هو أكثر ما يعول عليه الكيان الصهيوني، وهو ما يؤكّـده سلوك الولايات المتحدة التي تتصرف بوضوح كمسؤول مباشر عن أمن ومستقبل وحاضر الكيان الصهيوني.
وفي هذا السياق، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، الثلاثاء، أنها وضعت نحو 2000 من أفراد الجيش الأمريكي في حالة استعداد قصوى؛ نظرًا “للبيئة الأمنية المتطورة في الشرق الأوسط” بسحب تعبيرها. وكشفت وكالة “رويترز” أن الجنرال مايكل إريك كوريلا، المشرف على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، توجّـه بالتزامن، إلى “إسرائيل” في زيارة لم يعلن عنها مسبقًا، تحت عنوان “ضمان حصول الجيش الإسرائيلي على ما يحتاجه”.
ويأتي ذلك بالتوازي مع توجّـه الرئيس الأمريكي جو بايدن أَيْـضاً إلى الكيان الصهيوني في زيارة، من المتوقع أن يلتقي خلالها، الأربعاء، بمسؤولين صهاينة على رأسهم نتنياهو، قبل أن يتوجّـه إلى الأردن للقاء الملك هناك.
هذا الاستنفار الأمريكي والذي سبقته تحَرّكات مكوكية لوزير الخارجية، أنتوني بلينكن، يؤكّـد جملة أمور، أهمها: أن الولايات المتحدة تحاول طمأنة الكيان الصهيوني وتقديم كامل المادي والسياسي الذي يحتاجه بشكل عام، لكن في التفاصيل، يبدو أن واشنطن لا زالت تحاول البحث عن ألاعيب معينة لتجنب التداعيات التي قد تطرأ مع استمرار المعركة، وعلى رأس تلك التداعيات تدخل قوى محور المقاومة.
حَيثُ يبدو بوضوح أن واشنطن تحاول الاستفادة من خدمات الأنظمة العربية العميلة في ممارسة ضغوط على المقاومة للإفراج عن الأسرى والدخول في مفاوضات شكلية، مع ضمان بقاء المعركة في حدود قطاع غزة؛ ليستطيع العدوّ الصهيوني تنفيذ مخطّطاته.
محورُ المقاومة يحذِّرُ من انفجارٍ وشيك
أيًّا كانت أهدافُ التحَرّكات الأمريكية فَــإنَّ تحقيقها ليس سهلًا؛ لأَنَّ قوى محور المقاومة وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية في إيران، تواصل التحذير من أن استمرار جرائم العدوّ في قطاع غزة، فضلًا عن اجتياحه، سيخرج الأمور عن السيطرة، وأن التحَرّكات الدبلوماسية لن تستطيع أن تفعل شيئًا حيال ذلك. وقد وصلت تحذيرات المحور إلى حَــدّ تلويح وزير الخارجية الإيراني، مساء الاثنين، بتنفيذ عمليات استباقية وقائية “خلال الساعات القادمة” وهو ما وجّه رسالة واضحة بأن موقفَ المحور لن يخضع للاعتبارات التي يعتمد عليها العدوّ.
هذا ما أكّـده أَيْـضاً قائد الثورة الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، والذي أكّـد في خطاب، الثلاثاء، أنه “إذا استمرت جرائمُ العدوّ الإسرائيلي في غزة، فلن يتمكنَ أحدٌ من إيقاف المسلمين حول العالم وقوى المقاومة”. وبالتزامن مع ذلك، صرّح نائب قائد الحرس الثوري في إيران قوله بأن “إسرائيل ستواجه صدمةً أُخرى من محور المقاومة إذَا لم تضع حَدًّا للفظائع التي ترتكبها في غزة”.
هذه التحذيراتُ المُستمرّة تؤكّـد بوضوح أن عنوان “الحرب الإقليمية” يزدادُ حضورًا في المشهد بشكل متزايد، وأن العامل المحرك لهذا الحضور هو استمرار العدوّ الصهيوني بجرائمه في قطاع غزة، فضلًا عن نواياه لاقتحامه وتهجير سكانه، وهو الأمر الذي يعني أن حسابات العدوّ ورعاته قد تنقلب رأسًا على عقب في أية لحظة؛ فالرهانُ على الوقت مع استمرار الجرائم، ليست استراتيجيةً ناجحة بالنسبة للكيان.
هذا أَيْـضاً ما يبدو أن الكيانَ نفسَه يدركُه، فبرغم كُـلّ التصريحات و”العنتريات” بخصوص الهجوم على غزة، تؤكّـد وسائل الإعلام الصهيونية بصورة مُستمرّة أن ما يحدث في جبهة جنوب لبنان، يمثل رعبًا مُستمرًّا، بل أن خبراء يؤكّـدون أن الضربات التي ينفذها حزب الله، على الرغم من محدوديتها، هي السببُ الأبرزُ لتردد العدوّ في اتخاذ قرار الهجوم البري على غزة؛ لأَنَّ التصعيد من جهة جنوب لبنان، سيجعل جيش الاحتلال –الذي يعاني بالفعل من عجز كبير- يتشتت أكثر، وبالتالي قد يتعرض لضربة قاضية لن يستطيع التعافي منها.
هذه الضربة لن تكون موجَّهةً من جهة جنوب لبنان فقط، أَو من جانب حزب الله فقط؛ فالعدوّ الإسرائيلي لا يعلم بالضبط من سيتدخل في المعركة الأوسع في حال قام بإشعال فتيلها، وما يعلمُه يكفي لدفعه لمراجعة حساباته، ففي غزة لن تكون الطريق معبَّدةً أمام جيش الاحتلال وجنوده “الاحتياط” (الذين لم يتدرَّبوا على الاجتياح البري)؛ لأَنَّ المقاومة قد أكّـدت أنها جاهزةٌ لسيناريو الهجوم بصورة تفاجئ العدوّ، كما أنها كانت قد أعلنت سابقًا أنها أعدت لهجوم واسع من خارج فلسطين، يشبه ما حدث في اليوم الأول لمعركة “طوفان الأقصى”، وبإضافة ذلك إلى تدخل “حزب الله” بقوته الصاروخية والبشرية، فَــإنَّ الكيان الصهيوني سيكونُ بالفعل أمام معركة “نهائية” قد تحسمُ الصراعَ بأكمله، ناهيك عن احتمالات تدخُّل أطراف أُخرى كاليمن وإيران.
صنعاء تعلن جاهزيتَها القصوى لخوض المرحلة المقبلة
يوماً تلو الآخر تَفرض المعادلات، وتخطو بثباتٍ وقوةِ إرادَةٍ لتعانق النصر وتعتلي قمةَ المجد؛ فبعد العرض العسكري الأضخم في تاريخ القوات المسلحة اليمنية الذي عرضته صنعاءُ بمناسبة العيد التاسع لثورة الواحد وعشرين من سبتمبر، والذي أظهر للعالم، ولدول تحالف العدوان، المستوى الكبيرَ الذي وصلت إليه القواتُ المسلحة اليمنية من التقدم النوعي للأسلحة الاستراتيجية الفتاكة والتنظيم الرفيع والمنظم للقوى البشرية من ضباط وجنود القوات المسلحة التي عرضت بميدان السبعين.
الجيش اليمني، من خلال هذا العرض المهيب، استعرض مختلف الأسلحة المتنوعة للقوات البرية والبحرية والجوية، كشفت صنعاء من خلال ذلك عن أسلحة استراتيجية رادعة وحديثة، وتُعرض لأول مرة منها أجيالٌ نوعية على الطيران المسيَّر وأجيال نوعية فتاكة وذكية امتلكتها القواتُ الصاروخية والقوات البحرية، إضافة إلى منظومات الدفاع الجوي التي باتت سلاحاً رادعاً لحماية أجواء البلد من عربدة طيران العدوّ.
مفاجآتٌ مُستمرّة والعدوُّ يتوجَّس
هذا التطوُّرُ النوعي المذهل والملفت في التصنيع العسكري للقوات المسلحة اليمنية، فاجأ العالم وكان محط أنظار ومتابعة وسائل الإعلام المختلفة التي تناولت هذا الحدث على أوسع نطاق، وشكّل هذا الحدث ضربةً موجعةً لدول تحالف العدوان الأمريكي البريطاني السعوديّ الإماراتي وإعاقةً من الإقدام على أية نوايا خبيثة أَو التفكير في خوض تصعيدٍ قادمٍ؛ استجابة للرغبة الأمريكية البريطانية.
صنعاء -في ظل استمرار المسار السياسي التفاوضي مع العدوّ السعوديّ- تمضي بقوة لوضع خطوط عريضة في سياج الملف التفاوضي؛ لكي تمنع العدوّ من تجاوزها والقفز عليها بأي شكل من الأشكال المخادعة للعدو؛ لكي يتم الوصول والخروج باتّفاق موقَّعٍ مع السعوديّة كطرف رئيسٍ ومعنيٍّ بالدرجة الأولى بمعالجة المِلف الإنساني كخطوةٍ جادةٍ؛ لاستكمال بقية الملفات التي توصل جميع الأطراف إلى سلام شامل وعادل.
في المقابل تواكِبُ صنعاءُ المسارَ التفاوضي مع حِراكٍ داخلي كبيرٍ كانت له رسائل كبيرة ومهمة أكّـدت للعدو بأنها اليوم تمتلك من الأوراق المؤثرة، والقوة الحقيقية، ما يمكّنها من الضغط على دول تحالف العدوان، بأن ترضخ لمطالب الشعب اليمني المحقة والعادلة، فالعرض العسكري الكبير للقوات المسلحة اليمنية، لم يكن فقط رسالةً موجَّهةً للعدو، بل تجاوز ذلك وعزَّزَ بقوة المسارَ التفاوضي للوفد الوطني تجاه العدوّ السعوديّ المماطل، فضلاً عن أنه أوصل رسالةً لرعاة العدوّ.
أيضاً رسائلُ هذا العرض لم تكن بعيدةً من تحسُّسِ وخوف العدوّ الصهيوني الغاصب والذي أبدى انزعَـاجَه وقلقه الكبير من التطور التصاعدي للجيش اليمني، وقد ظهر ذلك جليًّا على العديد من الوسائل الإعلامية للعدو الصهيوني وعلى تصريحات مسؤوليه الذين عبّروا عن مخاوفهم وقلقهم حول هذه القوة الصاعدة من اليمن ومحذرين من أن الجيشَ اليمني بات قوة لا يمكن تجاهلها أَو التقليل من خطورتها على أمن الكيان الصهيوني.
السيد القائد في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وبعد العرضِ العسكري الضخم للقوات المسلحة تحدث واصفاً حالة الجيش اليمني قبل ثورة 21 سبتمبر وبعد الثورة وقال: “الجيش كان قبل ثورة 21 سبتمبر قد تحوّلت مهامُّه آنذاك إلى القتال الداخلي مع تدمير قدراته العسكرية، في حفلات تدميرية تتم بإشراف أمريكي مباشر، أما اليوم فَــإنَّ الفرق أصبح واضحًا، وقد شاهد العالم وشهد العدوّ بذلك وتجرع طويلاً علي أيادي مجاهدي هذا الجيش الويلات والانتكاسات المتكرّرة عبر ثمان سنوات من المعارك التي خاضها معه”.
السيد القائد أكّـد كذلك في خطابه أن الجيش اليمني بات اليوم -بعد إعادةِ بنائه وبناء قدراته ورفع مستوى أدائه القتالي، وترسيخ العقيدة القتالية له المنبثقة من انتمائه الإيمَـاني- قويًّا ومقتدرًا، وقال: “لقد امتلك بلدنا بتوفيق الله ومعونته التقنية الصاروخية وباتت القوة الصاروخية اليوم في تطور تصاعدي وقد صنعت أنواع الصواريخ بالمديات المتنوعة وبدقة تامة، كما تم صناعة الطيران المسير بأنواع مختلفة وبمدياتٍ ومسافات متنوعة وكذلك صنعت القوات البحرية أنواعاً مختلفة ونوعية من سلاح البحرية والخلاصة أنه باتت القوات المسلحة اليمنية تصنع من المسدس إلى الصاروخ”.
وفي سياق الحراك الداخلي لصنعاء كان للحشود المليونية من الشعب لليمني في جميع المحافظات “الحرة” بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، والفعاليات الكثيرة التي سبقت يوم المناسبة التي تعد الأكبر على مستوى العالم الإسلامي.. هذه الفعاليات عكست وجسّدت ذلك المستوى التصاعدي لليمنيين بما يحمل من إيمَـان وحكمة وارتباط وثيق برسول الله وبالدين والرسالة وبقضايا الأُمَّــة وهمومها وتطلعاتها.
إضافة إلى أن هذه الحشودَ المليونية التي خرجت لإحياء هذه المناسبة العظيمة، قد نسفت كُلَّ مخطّطات ومؤامرات العدوّ التي تهدف لزعزعة الأمن الداخلي وشق الصف الوطني الموحَّد الذي لا يزال يقف خلف قيادته ولا يزال متمسكاً بمبادئه وقيمه الإيمَـانية ولا يزال متَّقداً ومتوهجاً وثابتاً في خطواته على المسار الجهادي، لمواجهة العدوان وفك الحصار والمضي بقوة نحو انتزاع كامل حريته واستقلال بلده وبإصرار وعزيمة كبيرة تتصاعد عاماً تلو عام.
وهذا ما عكسته وأثبتته الحشودُ المليونية في ذكرى المولد النبوي الشريف، وهي أَيْـضاً حالة شكلت مصدراً لخوف وانزعَـاج وقلق العدوّ، الذي تكسرت كُـلّ مجاديفه ومحاولاته المُستمرّة في إخماد وإضعاف هذا الزخم الشعبي المتعاظم تفاعلاً وتحَرّكاً إيمَـاني صادق عجزت معه كُـلّ الوسائل والسبل المختلفة التي استخدمها العدوّ ضده طوال هذه الأعوام من العدوان والحصار وكلها فشلت وتلاشت وتبخرت بفضل الله ومعونته لهذا الشعب الاستثنائي المؤمن.
صنعاء -خلال هذه المناسبات الوطنية والدينية التي تزامنت مع المسار السياسي للمفاوضات القائمة مع العدوّ السعوديّ- لم تكن غافلة أَو متباطئة في القيام بدورها ومسؤوليتها الوطنية في هذا المسار، في ظل تطوراته ومتغيراته، وقد أطلقت القيادة السياسية لصنعاء العديدَ من الرسائل والتحذيرات للعدو في حال تعثر وفشل المفاوضات.
فالرئيس المشاط أكّـد ذلك في خطاب له عشية الذكرى 61 لثورة 26 سبتمبر قائلاً: “أبرأُ إلى الله من أية انتكاسة في الحوارات وما يترتب على التسويف والمماطلة” وهو بذلك يضع حداً فاصلاً بين ما تتحمله صنعاء من صبر، لم تتبقَّ منه أية مساحة للعدو؛ لكي يمارس تسويفَه ومماطلته، ويقطع الطريق أَيْـضاً على الأمريكيين في فرض تصوراته وإملاءاته العدائية التي تعيق كُـلّ الجهود في هذا المسار للوصول للحل.
تحذيراتٌ متوالية.. الحجّـة اكتملت
قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه بمناسبة المولد النبوي الشريف وجّه نصحَه وتحذيراته لتحالف العدوان (ويبدو أنه النصحُ والتحذيرُ الأخير للعدو، كما يراه الكثير من المتابعين للشأن اليمني)، حَيثُ قال: “ننصح تحالف العدوان بإنهاء احتلاله لبلدنا وإنهاء عدوانه ومعالجة ملفات الحرب؛ فالإصرار على مواصلة العدوان والاحتلال عواقبه وخيمة عليهم والمصلحة الحقيقية لدول تحالف العدوان هو الاستجابة لمساعي السلام”.
هذا المسار وضع للمرحلة مشهداً متقدماً على كُـلّ المستويات وله بالطبع انعكاسات مؤثرة ستلقي بظلالها وتأثيراتها على المشهد برمته إيجاباً في حال تعاطي العدوّ مع هذه الرسائل والمتغيرات التي تتصاعد باستمرار بنظرة إيجابية وتوجّـه صادق نحو احلال السلام بدءاً بمعالجة المِلف الإنساني والذي هو حجر الزاوية، للبناء عليه في معالجة بقية ملفات الحرب، وهو أَيْـضاً المعيار لاستشعار المصلحة الحقيقية للعدو أولاً بما يمكن أن يرفع عنه أي تصعيد قادم لصنعاء في حال أية انتكاسة للمفاوضات القائمة.
وعلى هذه الحقائق والمعطيات الحالية يمكن القول اليوم إن نتائجَ المفاوضات مع السعوديّة -سواءٌ أإيجابيةً كانت أَو سلبية- لن يكون الفارقُ في تبعاتها بالنسبة لصنعاء كبيرًا بقدر ما ستكون كلفته وعواقبه وخيمة على السعوديّ بالأَسَاس وعلى بقية دول التحالف تباعاً، وقد يؤثِّرُ على العالم أخيراً.
أيضاً وفي سياق ملامح المرحلة ومشاهدها المتقدمة، فَــإنَّ الوضعَ الداخلي لصنعاء قد أخذ مساحةً ملفتة ونقلة نوعية في مسار تصحيح الاختلالات ومعالجة أوضاع البلد من خلال التغييرات الجذرية التي أطلقها وأعلن عنها قائد الثورة مؤخّراً في خطابِ ذكرى المولد النبوي الشريف؛ بما يحقّق لهذا الشعب العظيم مطالبه وتطلعاته وتحسين مستواه المعيشي ومستوياته المختلفة التي ترتقي به إلى مصاف الشعوب المتقدمة.
قائد الثورة أعلن للشعب اليمني عن المرحلة الأولى من التغييرات الجذرية والتي تضمنت إعادةَ تشكيل الحكومة الحالية والتي تمت إقالتها لاحقاً، واستبدالها بحكومة كفاءات سيتم تشكيلُها والإعلان عنها قريباً، كما تضمن التغيير الجذري الذي أعلن عنه قائد الثورة، تصحيح أوضاع القضاء ومعالجة اختلالاته ورفده بالكوادر المؤهَّلة من علماء الشرع الإسلامي والجامعيين المتخصِّصين.
السيدُ القائد مع القيادة السياسية لصنعاء وضَعَ لمسار التغييرات الجذرية اعتمادًا أصيلًا لليمن وشعبه، وهو الهُــوِيَّة الإيمَـانية له، وأن القرآن الكريم هو الأَسَاس الذي سيتم الاعتمادُ عليه في مسار التغييرات الجذرية، هذا التغييرُ -الذي أتى مواكباً لهذه المرحلة والذي استدعته الضرورةُ- سيكون على مراحلَ، وسيجسد الشراكة الوطنية، وسيتم من خلاله وعبر مراحله تصحيح الكثير من الاختلالات في القوانين والأنظمة السابقة ومعالجتها؛ وبذلك ستسقط هذه العملية التصحيحية للتغييرات الجذرية، أهم أهداف العدوّ الذي عمل عليها طويلاً في استهداف اليمن وشعبه؛ لكي لا يتم الوصولُ إلى تغييرات جادة تهدف إلى تصحيح ومعالجة أوضاع البلد، وهو ما أشار إليه قائدُ الثورة وأكّـد عليه في سياق خطابه التاريخي.