مؤخراً، أفادت مصادر إخبارية فلسطينية أن مناورات للفصائل الفلسطينية في غزة بدأت بإطلاق الصواريخ، وبحسب تقارير إعلامية، فإن فصائل المقاومة الفلسطينية بدأت مناورتها الوطنية والمشتركة باسم “الركن الشديد 4” بإطلاق الصواريخ، وفي الاتجاه ذاته أطلقت قوات المقاومة الفلسطينية صباح يوم أمس عدة صواريخ باتجاه البحر ضمن هذه مناورة التي انتهت ظهر اليوم الفائت، لقياس سرعة رد المقاومة في أي طارئ واختبار جاهزية المقاتلين للعمليات والتصدي لعدوان العدو.
وتشارك وحدة غواصي فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة في المناورة التي أقيمت بشكل مشترك بين هذه الفصائل، وفي وقت سابق، قالت وسائل إعلام محلية في فلسطين، إن فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تخطط لإجراء مناورة عسكرية مشتركة تحت اسم “الركان الشديد 4”.
مناورة هامة للغاية
أجريت مناورة الثالث تحت نفس العنوان في ديسمبر الماضي بين الفصائل الفلسطينية من العام الماضي، ومكان انعقادها كان شمال قطاع غزة، وبحسب وكالة أنباء “القدس” الفلسطينية، فإن التدريبات العسكرية للفصائل الفلسطينية أجريت العام الماضي بهدف مقارنة سرعة رد فعل قوى المقاومة على أي حادث وأيضا اختبار مستوى جاهزية المقاتلين لمواجهة العدو الصهيوني، ومنذ حرب الـ11 يومًا على غزة عام 2021، بدأت المجموعات الفلسطينية بتشكيل غرفة عمليات مشتركة، وخلال المواجهات التي دارت بين هذه المجموعات مع الكيان الإسرائيلي، فرديًا وجماعيًا، تم تشغيل هذه الغرفة وإجراء اللازم وتمت الترتيبات للتعامل مع قادة المجموعات، وتوحيد كلمة المقاومة.
وقادة المقاومة في غزة ألقوا الضوء على مناورة ‘الركن الشديد”، وبينما انطلقت تكبيرات من قبل أعضاء المقاومة وشهدت السماء صباح الثلاثاء برقصة صواريخ تجريبية تمت مراسم انطلاق المناورة العسكرية “الركن الشديد”، وهذه المناورة الهامة نفذتها الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية للمرة الرابعة على التوالي، احتفاءً بالذكرى السنوية لانسحاب كيان الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة في عام 2005.
وفي هذا الخصوص، أفاد القائد في قسم العلاقات العسكرية بكتائب القسام، أيمن نوفل، بأن المناورة تعكس استعداد وتوحيد الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية لمواجهة أي تهديدات تواجهها من قبل الاحتلال، كما أشار إلى التزامها بالاستعداد والتحضير لمواجهة أي تحديات للدفاع عن المقدسات والأرض، والرد على العدوان الموجه ضد شعبنا في كل مكان.
وبخصوص توقيت المناورة، أوضح نوفل أن الغرفة المشتركة قامت بتنفيذ هذه المناورات في هذا التوقيت خصيصًا لإحياء ذكرى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من قطاع غزة قبل 18 عامًا، وأوضح أن هذه المناورة تعتبر رسالة تؤكد أن السبيل الوحيد لطرد الاحتلال وصده، والتصدي لكل مخططاته، هو من خلال المقاومة.
وهذه المناورات تتزامن مع الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتوقيع اتفاقية أوسلو، التي اتسمت بمحاولتها للتلاعب بحقوق الشعب الفلسطيني ومحاولتها التقليل من دور المقاومة وتفتيت وحدة الشعب، وإن هذه المناورات التي جرت اليوم على أرض تحريرها المقاومة بالقوة والسلاح تعبّر عن تماسك وقوة المقاومة، وعن وحدة الشعب الفلسطيني الذي اختار دعم المقاومة كخيار أساسي، وبهذا يؤكد أن المقاومة هي الخيار الأمثل، وأن اتفاقية أوسلو قد أصبحت تجاوزتها الزمن وتم رفضها من قبل الشعب الفلسطيني.
كذلك، الضفة الغربية تشارك بقوة وعزم في مناورات الركن الشديد، وهذا يعكس الروح المعنوية والجهود العملية المبذولة، وقادة المقاومة من خلال هذه المناورات إلى أنهم يراقبون عن كثب كل ما يحدث على أرضهم وبالأخص المقدسات، وأن أياديهم مستعدة على الدوام للتصدي لأي تحديات قد تظهر، ووفيما يتعلق بقطاع غزة، إن المقاومة القوية والمتحدة في غزة ستظل تشكل كابوسًا دائمًا يُحاول الاحتلال التغلب عليه، وفي بيان صادر عن الغرفة المشتركة يوم الأحد الماضي، تم الإعلان عن قيام قادة الغرفة المشتركة بجولة استطلاعية وتفقدية لمواقع المقاومة ونقاط الرصد في المناطق الحدودية، وتم الإعلان أيضًا عن بدء مناورات “الركن الشديد 4” في نفس الإعلان.
استراتيجيّة وحدة الساحات
بوضوح، أشار قائد المناورة الذي يعرف باسم “أبو بلال” إلى أن هذه المناورة تمثل “رسالة حية” تؤكد على استراتيجية وحدة الساحات، وهي رسائل تُرسل بواسطة النار إلى الاحتلال في ضوء التهديدات الأخيرة التي قدمها، كما أن هذه المناورات شملت مهام تعريضية تمثل تجسيدًا للمهام المستقبلية التي تم وضع خطط لتنفيذها وتدريب مقاتلينا عليها، وتم أيضًا العمل على تعزيز دور جميع الأسلحة والتخصصات من خلال غرفة قيادة وسيطرة تدير سير العمليات القتالية على الأرض، وهذا من أجل دعم المناورة البرية والبحرية، ورسم ملامح المعركة المقبلة في جميع الساحات والجبهات.
المناورة تضمنت هجومًا على ثلاثة مواقع عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية، وذلك عن طريق استهداف موقع شاكيد الواقع تحت سيطرة كتيبة حرمش المناطقية الإسرائيلية غرب مدينة جنين، وموقع حورش يارون الواقع تحت سيطرة كتيبة تلمونيم غرب رام الله، بالإضافة إلى موقع ترقوميا الواقع في لواء يهودا غرب الخليل، وهذه المواقع تقع ضمن نطاق صلاحيات فرقة الضفة 877 في المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي، كما أن وحدة مشاة بحرية خاصة تابعة للمقاومة نفّذت عملية اقتحام على قاعدة “عتليت” البحرية الإسرائيلية باستخدام وسائل سطحية وقدرات تحت الماء، بالإضافة إلى دعم مكثف من الأسلحة المدفعية والصاروخية.
من ناحيته، أكد ممثل سرايا القدس، التنظيم العسكري التابع لحركة الجهاد الإسلامي، في الغرفة المشتركة والمعروف باسم أبو عبد الله، أن مناورة “الركن الشديد 4” تأتي كجزء من استمرارية المناورات السابقة، ويهدف هذا التدريب إلى تطوير مهارات المقاتلين وتحسين قدرتهم القتالية، بالإضافة إلى مواصلة محاكاة المواجهات وتجسيد سيناريوهات متقدمة.
وتهدف المناورة أيضًا إلى تعزيز التنسيق والتعاون العسكري، بهدف تعزيز القدرة على مواجهة العدو بفعالية، حيث أنّ مشروع المقاومة قد حقق تقدمًا وإنجازات ملموسة على الأرض، وغزة اليوم تتمتع بالحرية بفضل جهود المقاومة، وما زالت المقاومة تحقق تقدمًا في جميع المجالات وتحقق إنجازات مستمرة، وفي الوقت نفسه، إنّ اتفاقيات الاستسلام مثل اتفاقية أوسلو لم تؤدي إلى الاستقرار أو السلام، بل على العكس ساهمت في زيادة العدوان والتنازلات لصالح المشروع الصهيوني.
“اتفاقية أوسلو لم تكن سوى اتفاقية ميتة منذ البداية، ولم تكن لديها أي مكانة في رؤيتنا كمقاومة”، ولقد أعرب المقاومون عن رفضهم لها منذ ثلاثين عامًا، ولم تقتصر على الكلمات بل قاموا بترجمة هذا الرفض بالدم والبارود من خلال سلسلة من العمليات في جميع أنحاء فلسطين، ومن بين هذه العمليات كانت هناك مجموعة من العمليات الاستثنائية في غزة، قادت إلى انكسار الاحتلال تحت ضربات المقاومة، وفيما يتعلق بالوضع “الملتهب” في الضفة الغربية، أشار أبو عبد الله إلى أن الضفة الغربية لا تزال تمثل ميدانًا هامًا ومؤثرًا ضمن ساحات الصراع والمواجهة.
وبالفعل إنّ تصاعد العمليات المقاومة في الضفة هو رد واضح على العدو الذي يسيء استغلال أرض فلسطين ومقدسات شعبها، ويمارس إعدامات ميدانية بشكل يومي، من ناحيته، أشار “أبو المجد” الذي يعتبر عضوًا في المجلس العسكري لكتائب المقاومة الوطنية، وهي الذراع العسكرية للجبهة الديمقراطية، إلى أن هذه المناورة تأتي في ظروف أمنية حساسة، وأكد أن قيادة الغرفة المشتركة أصرت على إجراء هذه المناورة كرسالة واضحة إلى العدو..
في الختام، هذه الرسائل تأتي في سياق تصاعد العمل المقاوم في الضفة الغربية، والمقاومة لن تتهاون مع هذه التهديدات مهما كان الثمن، ما يعني أن رسالة الفلسطينيين واضحة وهي المقاومة، وحتى قبل عام 2005، نجحت في دفع الاحتلال خارج قطاع غزة باستخدام وسائلها القتالية البسيطة.
واليوم، المقاومة قد أحدثت تحسينات كبيرة في قوتها وقدراتها، وهي مستعدة للقتال في أي مكان وزمان، وبفعاليتها، فإنها تردع العدو وتفرض المعادلات بقوة، وإنّ جميع الخيارات الأخرى، بما في ذلك اتفاقية أوسلو والالتزامات التي تضمنها، وكذلك خيار العقبة-شرم الشيخ والتفاهمات المتعلقة بها، قد أثبتت فشلها الكامل كما يوقل الشعب الفلسطينيّ وقياداته، والخيار الوحيد الذي يثير حيرة العدو ويهز أركانه هو الاعتماد على المقاومة كخيار وحيد.