استمراريةُ السعوديّة في انتهاج سياسة التعاطي مع تنفيذ استحقاقات المِلف الإنساني في اليمن، بأُسلُـوب المراوغة والتمطيط مع التقدم خطوةً للأمام والتراجع للخلف خطوات، على نفس المربع الذي لم تستطِع تجاوزه منذ إطلاق العملية التفاوضية مع صنعاء، وإلى الآن؛ وهو ما يؤكّـد استمرارية الانصياع السعوديّ للرغبة والتوجيهات الأمريكية، التي باتت اليوم أكثر رضوخًا وقباحة في سياستها العدوانية تجاه الشعب اليمني، وتجاه عملية السلام في اليمن، وسعيها الدؤوب في عرقلة كُـلّ الجهود والتفاهمات التي توصل إليها الطرفان وكانت على قدر من الإيجابية والجدية في معالجة هذا الملف.
فالسعوديّة حينما سخرت كُـلّ إمْكَانياتها المالية والسياسية والإعلامية والعسكرية؛ مِن أجل تزعمها لتحالف العدوان والحصار على الشعب اليمني وارتكبت مع هذا التحالف أبشع الجرائم الإنسانية وأشنعها على الإطلاق، من خلال العمليات العسكرية التي شنتها مع التحالف خلال أعوام العدوان، فهل حقّقت السعوديّة من خلال تورطها في هذا العدوان، أية مكاسب؟ وهل كان اندفاعها الجنوني وَغير المسؤول نحو تدمير اليمن أرضًا وإنسانًا قد منحها أو مكّنها من أي عامل من عوامل القوة في المنطقة؟ وهل أعطاها تموضعًا قياديًّا أَو أخلاقيًّا عند شعوب العالم الإسلامي؟ وهل استطاعت حماية مصالحها الاستراتيجية وثرواتها النفطية والحيوية على امتداد عمقها الجغرافي؟!
قطعًا الإجَابَة على هذه التساؤلات قد أجابت عليها وأفرزت محصلاتِها وخسائرَها، الأيّامُ والسنون من عمر المعركة التي خاضتها مع الشعبِ اليمني وقيادته وقواته المسلحة، وفي جميع الجبهات المختلفة، التي فتحتها مع قوى العدوان على الشعب اليمني على مدى الأكثر من 8 سنوات.
إذًا فالواقعُ اليومَ وكما يبدو في شكله السياسي وعبر المفاوضات المتأرجحة، أن السعوديّة وعبر نظامها قد أدركت متأخرة أن معطيات المتغيرات ونتائج الحسابات وفرض المعادلات الجديدة والمتجددة عسكريًّا لهذه المعركة، قد نسفت آمال العدوان وأحلامه وأهدافه بالأمس وستضع حَدًّا لمغامراته وحماقاته اليوم وفي الغد، إن استمرّ في فرض استنساخ سياساته وتوجّـهاته العدوانية تجاه الشعب اليمني، وهذا الواقع يستدعي من السعوديّ اليوم مع قوى العدوان التعاطي الإيجابي والجاد معه من منطلق الحرص على مصالحه ومصيره، والتي لن يستطيع الأمريكي حمايتها عسكريًّا أَو فرض فيتو سياسي على صنعاء لمنعها وإيقافها من اتِّخاذ خيار الحل العسكري إن استمر الحال كما هو عليه في هذه المرحلة.
فعملية المماطلة والتملص السعوديّ المتناغم مع الأمريكي في دفع المفاوضات إلى ميدان ماراثوني منهك لا يفضي إلى نتائج مثمرة وحل شامل لهذا الملف الإنساني، سيشكل قطعًا مأزٍقًا كبيرًا للسعوديّة يضاف على كاهلها فوق مأزقها السابقة، وتحمل تبعات هذا المسار والذي سيكوم مكلفًا جِـدًّا بكل ما تعنيه كُـلُّ كلمة قالها قائد الثورة في نصحه وتحذيراته لقوى العدوان، وللنظام السعوديّ على وجه الخصوص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد يحيى السياني