أدلى مارتن لوثر كينغ في 28 أغسطس عام 1963 بخطابه الشهير “لدي حلم” والذي عده مجمع الخطابة الأمريكية الأفضل في القرن العشرين. الحلم بدأ يتحقق لكن “كينغ” لم يعش طويلا بعد ذلك.
الفصل العنصري كان واسع الانتشار وخاصة في الولايات الأمريكية الجنوبية منذ وقت مبكر من عام 1877، لمواجهة ذلك الوضع المزري اجتهد قادة الحقوق المدنية بمن فيهم مارتن لوثر كينغ في مسيرة طويلة من النضال “السلمي” لجعل الفصل العنصري غير قانوني، الأمر الذي تحقق على المستوى الرسمي في عام 1964.
في الطريق إلى ذلك الحدث الأبرز، اتفق الزعيمان الرئيسيان لحركة الحقوق المدنية اللاعنفية، مارتن لوثر كينع وآسا فيليب راندولف على تنظم مسيرة في واشنطن في 28 أغسطس 1963 “من أجل الوظائف والحرية”.
التقى كينغ وراندولف في 22 يونيو 1963 بالرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، جون كينيدي ووزير العدل روبرت كينيدي للتنسيق كي تمر المسيرة بهدوء، ومع ذلك كان مكتب التحقيقات الفيدرالي ورئيسه جون إدغار هوفر، يعارضون تلك المسيرة.
الزعيمان اختارا لتلك المسيرة السلمية يوم 28 أغسطس، وذلك لإحياء ذكرى صبي من أصول إفريقية لم يتجاوز من العمر 14 ربيعا يدعى إيميت تيل، كانت اتهمته امرأة بيضاء بالتحرش الجنسي، وقتله إثر ذلك شابان أبيضان في 28 أغسطس عام 1855، فيما اتضح لاحقا أن الاتهام كان كاذبا.
أمام نصب لنكولن التذكاري بواشنطن وعلى أسماع مسيرة حاشدة شارك فيها أكثر 250000 شخص، 80 بالمئة منهم من الأمريكيين من أصول إفريقية، القى مارتن لوثر كينغ خطابه الشهير ضد قوانين وممارسات الفصل العنصري.
كان من المقرر أن يستغرق خطاب كينع 4 دقائق لكنه تضاعف أربع مرات، وقال زعيم حركة الحقوق المدنية فيه : “أحلم أن تستقيم في يوم من الأيام هذه الأمة وأن تعيش وفقا للمعنى الحقيقي لمبدئها.. نحن نعتبر أنه من البديهي أن جميع الناس خلقوا متساوين.. أحلم أن يتمكن في يوم من الأيام في التلال الحمراء في جورجيا، أبناء العبيد السابقين وأبناء مالكي العبيد السابقين من الجلوس معا على طاولة أخوية..
أحلم في يوم من الأيام حتى ولاية ميسيسيبي، شديدة الحرارة أن تستفيق من صهيد الظلم والقمع، ستتحول إلى واحة من الحرية والعدالة.. أحلم أن يأتي اليوم الذي سيعيش فيه أطفالي الأربعة في بلد لا يجري الحكم عليهم فيه من خلال لون بشرتهم، ولكن وفقا لصفاتهم الشخصية.. أنا أحلم اليوم… في يوم من الأيام، في ألاباما، سيتعاون الأولاد والبنات السود الصغار مثل الأخوات والإخوة مع الأولاد والبنات البيض الصغار”.
خطاب كينغ “لدي حلم” بقوته التعبيرية والإنسانية، عده مجمع الخطابة الأمريكية أفضل خطاب في القرن العشرين.
قوانين الفصل العنصري حينها كانت تتداعى بفضل مقاومة السود وخاصة جهود اتحاداتهم العمالية من خلال المقاطعة والمسيرات السلمية، توج ل ذلك في 3 يوليو 1964، بتوقيع الرئيس الأمريكي بحضور مارتن لوثر كينغ، “قانون الحقوق المدنية”، الذي نص على اعتبار التمييز على أساس العرق واللون والدين والجنس والأصل القومي، غير قانوني.
في نفس العام، حصل مارتن لوثر كينغ على جائزة نوبل للسلام، وبعد أربع سنوات قتل ببندقية قناص أثناء وقوفه على شرفة في فندق لورين بمدينة ممفيس بولاية تينيسي. القاتل يدعى جيمس إرل راي، وهو صاحب سوابق سرقة وسط مسلح ومتطرف مهوس بشخصية هتلر.
لم تنته مسيرة السود مع تواصل معاناتهم من الكثير من المظالم وخاصة تعامل الشرطة العنيف معهم والذي تجسد ولا يزال في حوادث وصلت إلى حد القتل، ناهيك عن الممارسات الأخرى، والفارق الواسع والمزمن في مستوى المعيشة بين السود والبيض.
كل ذلك دفع فيلما لويس جونز، وهي واحدة من سكان ولاية تينيسي، وكانت شاركت في مسيرة عام 1963، إلى التصريح في عام 2013 على هامش تظاهرة تذكارية لذلك الحدث التاريخي بعد مرور نصف قرن قائلة: “هناك الكثير من الكراهية في بلدنا لدرجة أنه لن يتم القضاء عليها تماما”.