قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الإثنين، إنّ الغرب “يستخدم أوكرانيا أداة لمواجهة روسيا”، إذ أنفق 150 مليار دولار على المساعدة العسكرية لكييف، فيما “حجم تدفق الأموال لا يتراجع”.
وأشار إلى أنّ “تيار الحرب مستمر في الغرب الذي يسعى الآن لمحو نتائج الحروب التي شنتها الولايات المتحدة، لكنه لن يتمكن من ذلك”. وتابع: “الغرب نقل الأسلحة الثقيلة وأسلحة الدفاع الجوي للنظام في أوكرانيا منذ ما قبل العملية العسكرية الخاصة”.
ووجّه بوتين خطابه السنوي اليوم الثلاثاء أمام الجمعية الفيدرالية الروسية. وجاء خطابه تزامناً مع مرور نحو عام على بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
بوتين الذي رأى أنّ الغرب حضّر أوكرانيا لحرب كبرى، أكّد أن روسيا كانت منفتحة على الحوار البناء معه، وعرضت العمل على نظام أمني مشترك لسنوات عدة، مشيراً إلى أن وعود القادة الغربيين وكلماتهم كانت مجرد ذرائع لكسب الوقت لإعداد أوكرانيا للمواجهة.
وفي إشارة إلى اتفاقيات مينسك، قال الرئيس الروسي: “حينما كانت روسيا صادقة بشأن اتفاقيات مينسك، كان الغرب يقوم مسرحية دبلوماسية”، وأضاف: “كنا منفتحين ومستعدين للحوار، وكنا دائماً نسعى للضمانات الأمنية للجميع بمساواة وعدل”.
وأشار بوتين إلى وجود “مئات القواعد العسكرية للناتو في العالم”، وقال: “يكفي النظر إلى الخريطة لنرى ذلك”، موضحاً أنّ “الغرب كان يلعب بأوراق مخلوطة ويحتفل بخيانته، وهو معتاد على البصق على العالم كله”.
وتابع: “كنا نعرف أن الخطوة التالية بعد دونباس هي الهجوم على القرم. نحن ندافع عن وطننا. الغرب أضاع نحو 150 مليار دولار لتسليح أوكرانيا. لقد منح الغرب خلال عام 2020 الدول الفقيرة 60 مليار دولار. قارنوا الأرقام”.
وقال الرئيس الروسي إنّ بلاده “لا تحارب الشعب الأوكراني الذي أصبح أسيراً للغرب على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري”، مضيفاً أنّ “الغرب يستخدم أوكرانيا ساحة للحرب، وكلما زاد مدى الأسلحة التي يزود بها الغرب أوكرانيا، فإننا سنقوم بدفع العدو بعيداً من أراضينا”.
وأكّد بوتين استحالة هزيمة روسيا في ساحة المعركة، وتوعّد التعامل بالشكل المناسب مع تحويل الصراع إلى مواجهة عالمية، مؤكداً أنّ مستوى تجهيز قوات الردع النووي الروسي وصل إلى أكثر من 91%.
الانسحاب من معاهدة “ستارت”
وفي حال عودة الولايات المتحدة الى إجراء التجارب النووية، أكّد بوتين أن بلاده لن تبقى مكتوفة الايدي، واصفاً مطالبة الناتو بالعودة إلى تفتيش المنشآت النووية الروسية بـ”المسرحية العبثية”.
وأشار بوتين إلى أن حلف “الناتو” يريد إلحاق “هزيمة إستراتيجية” بروسيا. وبعد ذلك، يريد أن يشرف على منشآتها النووية. وأعلن أن روسيا تعلّق مشاركتها في معاهدة الأسلحة الإستراتيجية الهجومية “ستارت” الجديدة.
يذكر أنّ معاهدة “ستارت – 3” بين روسيا والولايات المتحدة دخلت حيّز التنفيذ في 5 شباط/فبراير 2011، وهي تنص على أن يخفض كل جانب ترساناته النووية.
بحيث لا يتجاوز العدد الإجمالي للأسلحة خلال 7 سنوات، وفي المستقبل، 700 صاروخ بالستي عابر للقارات وصواريخ بالستية على الغواصات وقاذفات القنابل الثقيلة، إضافة إلى 1550 رأساً حربياً و800 منصة إطلاق منتشرة وغير منتشرة.
يشار إلى أن روسيا بحثت مطلع الشهر الحالي معاهدة “ستارت” الجديدة مع السفيرة الأميركية، وأعربت غير مرة عن استغرابها من ازدواجية التعاطي الأميركي مع معاهدة “ستارت”.
التضخم في روسيا أفضل من بعض الدول الأوروبية
وبشأن الاقتصاد الروسي، قال بوتين إنّه تراجع بنسبة 2.1% في 2022، فيما كانت التوقعات تتحدث عن انهياره، مشيراً إلى أنّ حصة الروبل الروسي في التسويات الدولية تضاعفت مقارنة بشهر كانون الأول/ديسمبر 2021 وبلغت الثلث.
وأضاف أنّ التضخم في روسيا وصل إلى النسبة المستهدفة، أي نحو 4%، وهو أفضل من بعض الدول الأوروبية، موضحاً أنّ روسيا تمكنت من حماية المواطنين ودعم النظام المالي.
وأشار إلى امتلاك موسكو صورة متكاملة بشأن ما يتطلبه النموذج الاقتصادي الجديد المستقل الذي تراه من تطوير للتكنولوجيا والكوادر، وقال إنّ روسيا تدخل في دورة جديدة من التنمية الاقتصادية، معتبراً أنّ هناك فرصاً لتحقيق قفزات في العديد من المجالات.
وخلص إلى أنّ الاقتصاد الروسي أقوى بكثير مما كان يظنه الغرب عند فرضه العقوبات، مؤكّداً أن موسكو لن تحتاج إلى أي قروض، فلدى البنوك الروسية “مبالغ ضخمة وأرصدتها تزايدت خلال العام الماضي”.
الرئيس الروسي حثّ الشركات الروسية على الاستفادة من تسهيلات وتخفيضات ضريبية في مجال الذكاء الاصطناعي، مشدداً على منع تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج.
ووجه حديثه إلى قطاع الأعمال قائلاً: “لا بد من النظر إلى الأمام، لا بد من الاستثمار في الوطن، في التعليم والجامعات والصناعة، وسوف تدعمكم الحكومة والمجتمع”.
وعن الانتخابات الإقليمية، أكّد بوتين أنها ستجري في أيلول/سبتمبر المقبل، وأنّ انتخابات الرئاسة ستجري عام 2024 وفقاً للجداول المحددة والمعلنة.
يشار إلى أنّ خطاب بوتين يأتي وسط تطورات لافتة، أبرزها الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن أمس لأوكرانيا للمرة الأولى منذ استلامه السلطة، ومؤتمر ميونخ للأمن الدولي الذي عقد قبل يومين بحضور عدد من زعماء العالم.