حيّرت قرية كاليتشي، العلماء بسبب حالة النوم المفاجئ التي تحدث لسكانها، والذين ينامون أثناء العمل أو القيادة، أو التحدث مع الآخرين. وهي قرية تقع شمال كازاخستان، وتبعد 230 كيلومترا عن الحدود الروسية، و 300 كم عن غرب العاصمة الكازاخستانية أستانا.
ويسقط الناس نيام فجأة فى ثبات تام وتفشل معهم محاولات الإيقاظ! المذهل أنه يستمرون على هذا الوضع أياما قد تصل لأسبوع كامل، فيستيقظون دون تذكر أي شئ.
وتم تسجيل أكثر من 130 حالة نوم مفاجئ عام 2013، من أصل 680″هم إجمالي عدد سكان “كاليتشي”، لكن الحالة تطورت، فأصيب بعض السكان بسكتة دماغية أثناء النوم، كما شهد عام 2014 حادثا غريبا للغاية.
حيث نام مجموعة من الطلاب بشكل مفاجئ أثناء تلقيهم الدروس في الصف المدرسي، ولم يستفيقوا إلا بعد يوم كامل، ليحكى الأطفال أنهم شاهدوا هلاوس غريبة كدخول أفيال إلى الصف وسقوط ثلاجات من السقف، كما سجلت أيضاً حالات نوم مفاجئ لزوّار من خارج القرية، قد تعافوا منها بمجرد خروجهم، ولم تسلم الحيوانات من تلك اللعنة، فما السبب إذا؟
محاولات لتفسير الظاهرة
رجح الأطباء بأن قرية “كاليتشى” أو المعروفة بـ”القرية النائمة” مصابة بوباء النوم الغامض “Sleepy Hollow” ويرجع للتراكم المفرط للسوائل في الدماغ، لكن يرفض البروفيسور” Jim Horne” خبير النوم في مركز أبحاث النوم جامعة لوفبرا البريطانية، تشخيص تلك الحالة بمتلازمة التعب المزمن، وقال إن هذا غير مرجح على الإطلاق.
كما استبعد الطبيب “إيغور كوروفين” إصابة السكان بالفيروسات والالتهابات البكتيرية مثل التهاب السحايا، ولم يتمكن العلماء من العثور على أي مواد كيميائية في التربة أو الماء قد تسبب مرض النوم. واعتقدت وزارة الصحة في كازاخستان في بادئ الأمر، أن السبب قد يكون الأبخرة التي يتعرض لها السكان في موسم التدفئة، فتصبح المنازل سيئة التهوية، لكن مع تغيّر الفصول، واستمرار الوضع على ما هو عليه، استبعد هذا الاحتمال.
ومع استمرار محاولات الخبراء لمعرفة السبب وراء إصابة سكان القرية بداء النوم، صرح أحد علماء النفس لصحيفة ” كمسومولسكايا برافدا الروسية” عام 2014 أن القرية على الأرجح تعاني من حالة ذهان جماعي.
حل لغز كاليتشي
واعتقد السكان المحليون أن السبب قد يكون مناجم اليورانيوم السابقة التي كانت موجودة في الحقبة السوفيتية، رغم أن عمال المناجم لم يتأثروا، ويدعي آخرون أن هناك نفايات سامة قد دفنت بالمنطقة، لتفحص وزارة الصحة أكثر من 7 آلاف من المنازل المجاورة لهذه المناجم، لكنها لم تجد ارتفاعاً كبيراً بمستويات الإشعاع، لكن وجد العلماء في عدد من المنازل، آثاراً لعنصر الرادون، الناتج من تحلل اليورانيوم، ولم يكن هذا كافيا لتفسير تلك الظاهرة.
ومؤخرا تم اكتشاف حل اللغز، فوفقاً لما أشار إليه “سيرغي لوكاشينكو” مدير المركز النووي الوطني في معهد السلامة الإشعاعية وعلم البيئة، أن السبب يرجع لارتفاع مستويات أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات في هواء القرية، حيث وجد أن نسبة أول أكسيد الكربون في كازاخستان أكثر 10 أضعاف من النسبة المسموح تواجدها في الهواء، كما أن مستوياته تصل لأعلى مراحلها في قرية كاليتشي، وهو ما اعتبر تفسيرا للنوم المفاجئ الذي أصاب أهالي القرية.
لكن بعد اكتشاف السبب كانت القرية قد أصبحت مهجورة، فلم تعان البلدة فقط من الكسل ولكن عانت من قلة الموارد الاقتصادية نظرا لقلة الأيدي العاملة مع تزايد أعداد المصابين بنوبات النوم المفاجئ، وهو ما دفع أهلها إلى أن يهجروها هربا من النوم المفاجئ.