رصدت تقارير حقوقية تضاعف استخدام عقوبة الإعدام في السعودية منذ صعود ولي العهد محمد بن سلمان آل سعود إلى السلطة بعد تولي والده الملك سلمان العرش في 2015، إذ قالت التقارير إن عدد الإعدامات التي نفذت منذ ذلك الحين زادت بنسبة تزيد عن 80٪ بالرغم من محاولات النظام خداع الغرب بتصدير صورة عصرية عنه مخالفة لما يحدث على أرض الواقع.
جاء في التقرير، الذي أصدرته المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان (ESOHR) بالتعاون مع منظمة ريبريف، بعنوان “إراقة دماء وأكاذيب: مملكة محمد بن سلمان للإعدام”، أن متوسط عدد الإعدامات ارتفعت بنسبة 82٪ في ظل حكمهم.
ارتفع عدد عمليات الإعدام سنويًا من 71 حالة تقريبًا في المتوسط بين 2010-2014، إلى 129 حالة سنويًا منذ عام 2015، حين تولى الملك سلمان عرش، وعين نجله في مناصب قيادية، وعلى الرغم من المزاعم الرسمية بأن عقوبة الإعدام لا تنطبق على القاصرين، رصدت الجماعات الحقوقية إعدام ما لا يقل عن 15 طفلًا في المملكة منذ عام 2010، فيما ذكر التقرير المُشار إليه أعلاه أن السلطات أعدمت أكثر من 1000 شخص في المملكة العربية السعودية منذ عام 2015.
التقرير سلط الضوء كذلك على الاستخدام المتزايد لعمليات الإعدام الجماعية، أبرزها إعدام 81 شخصًا في يوم واحد في شهر مارس/آذار 2022 على خلفية اتهامهم بالإرهاب في محاكمات وُصفت بالجائرة، خاصة وأن تهمة الإرهاب “فضفاضة” حسبما قالت مجموعات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والتي أدانت عمليات الإعدام الجماعية، قائلة إن النظام استخدم “تعريفًا فضفاضًا للغاية” للإرهاب يتضمن أعمالًا غير عنيفة، وبالتالي أصبح كل شخص يعتبره النظام إرهابيًا وفقًا لمعايير “غير محددة” مهدد بالإعدام.
في تعليق على التقرير، قالت مايا فوا مديرة منظمة ريبريف التي شاركت في إعداد التقرير، قالت في بيان “التزايد الضخم في عدد الإعدامات في المملكة العربية السعودية في عهد محمد بن سلمان يمثل أزمة لا يمكن للمجتمع الدولي الاستمرار في تجاهلها.. كل حالة رصدها التقرير ليست مجرد رقم، بل هي حياة بشرية تُقتل … يحدث هذا في وقت يستمر فيه محمد بن سلمان في خداع العالم بأنه قد أدخل تعديلات على القانون من أجل تقليل عدد الأشخاص الذين سيعدمون.. عندما توافق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على هذه الأكاذيب، فإن ذلك يجعل احتمالية تنفيذ عملية إعدام جماعي قادمة أكبر”.
لطالما أعربت جماعات حقوق الإنسان عن استيائها تجاهل سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان من قبل المجتمع الدولي مقابل المصالح الجيوسياسية والاقتصادية، وهو أمر اعتبرته المجموعات الحقوقية ضوء أخضر للنظام السعودي من أجل ارتكاب المزيد من الانتهاكات والجرائم، وبالتالي تهديد حياة عدد أكبر من الأشخاص.
السلطات السعودية لم تستجب للضغوطات الحقوقية ولم تعر اهتمامًا لأي انتقاد، بل أرسلت السفارة السعودية في لندن بريدًا إليكترونيًا إلى شبكة BBC بعد تحقيق حديث عن تزايد استخدام عقوبة الإعدام في المملكة، قالت فيه “إن دولًا أخرى في جميع أنحاء العالم تستخدم عقوبة الإعدام وفقًا لتقديرها الخاص”، وتابعت “مع احترامنا لحقهم في تقرير قوانينهم وأعرافهم، نأمل أن يحترم الآخرون حقنا السيادي في اتباع خياراتنا القضائية والتشريعية”.
ووفقا لتحقيق BBC، فإن النظام القضائي الذي يدين المتهمين بجرائم عقوبتها الإعدام يكتنفه السرية، إذ لا تقوم الحكومة في كثير من الأحيان بإخطار عائلات المتهمين بوقت التنفيذ، بل تتعنت في تسليم جثثهم.
يقدم هذا التقرير لمحة عما تبدو عليه العدالة السعودية الآن بعد أن شجعت الحكومات الغربية محمد بن سلمان على ارتكاب المزيد من الانتهاكات في أعقاب إخفاقها في محاسبته على مقتل المعارض والصحفي السعودي جمال خاشقجي، فضلاً عن العديد من الجرائم والانتهاكات الأخرى بما في ذلك حرب اليمن.
قال عبد الله العودة، الذي يواجه والده حاليًا خطر عقوبة الإعدام، في بيان شاركه مع ABC News “ربما يواجه والدي عقوبة الإعدام في أي لحظة لمجرد أنه دعا إلى المصالحة مع قطر وقام بالتغريد من أجل الإصلاح”.