الحكومة الإسرائيلية الجديدة ليس لديها الكثير من الوقت لإنهاء التحديات المقبلة. لهذا السبب، وحسب المراقبين، من المرجح أن يضع بنيامين نتنياهو الملفات الأمنية في أولويات خططه.
في ظل الوضع الحالي، ازداد الصراع بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينيين، وأدى تصاعد التوترات إلى تركيز المنظمات الحقوقية أكثر من أي وقت مضى على الأيام الدموية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والتأكيد على ضرورة إنهاء التطرف في الأراضي المحتلة.
بطبيعة الحال، ستشتد حدة العنف مع تنصيب الحكومة التي يشار إليها باسم “حكومة الرعب”، بسبب احتمال وجود شخصية متطرفة في مناصب رئيسية. ولهذا السبب، من المحتمل أن تتخذ الحكومة الجديدة قرارات سياسية بسرعة، من أجل البقاء والتعامل مع السيناريوهات المحتملة ومنع تصاعد العنف.
تحديات نتنياهو في مجتمع متعدد الأقطاب
كما يقول المحللون، فإن الأولوية الرئيسية لحكومة نتنياهو الجديدة، قد تكون صياغة سياسة حول كيفية التعامل مع التطرف في الضفة الغربية. وهو التطرف الذي يغذيه المستوطنون والشخصيات المقربة من الجماعات اليمينية المتطرفة، التي انضمت إلی الحكومة مؤخراً.
وفي هذا الإطار، يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تضع حداً للتوترات بين الفلسطينيين والمتطرفين الإسرائيليين في الخطوة الأولى، من خلال إزالة السيطرة على الأسلحة النارية في المجتمع الحاكم المستقطب.
من وجهة نظر أخرى، قد يضطر نتنياهو إلى إعادة تحديد نهج حكومته فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية؛ وهي هيكل يفقد سيطرته المنهجية وسيادته على الأراضي المحتلة الواقعة تحت سلطته.
في الوضع الراهن، تدخل الأراضي المحتلة في فراغ سلطة بسبب مناورة الجماعات المتطرفة والمستوطنين المتطرفين. وهي الجماعات التي اتحدت، بغض النظر عن الانتماءات التنظيمية المحتملة، ضد السكان الفلسطينيين على أساس الموقع الجغرافي. ونتيجة هذا الانسجام هي المشاهد المريرة التي رأيناها في جنين ونابلس، ويمكن أن تتکرر في الخليل أيضًا.
الاتفاق مع الرياض في ظل سياسة المستوطنين
اليوم، أعلنت الولايات المتحدة للحكومة الإسرائيلية الجديدة عزمها المشاركة بشكل أكبر في الضفة الغربية، وهي منطقة تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية وتعاني من أزمة اقتصادية متفاقمة. وبطبيعة الحال، فإن الوجود النشط لأمريكا في الضفة الغربية، سيمهد الطريق للمشاركة الأوروبية أيضًا.
سيكون هذا الأمر بطبيعة الحال مهمًا للحكومة الإسرائيلية الجديدة. لأن اليوم، أكثر من أي وقت مضى، ستراقب الدول العربية المجاورة، مثل الأردن ومصر، التطورات المتعلقة بالسلطة الفلسطينية عن كثب، لتقييم علاقاتها مع تل أبيب.
ويعتقد المراقبون أن التطورات في الضفة الغربية وأجزاء أخرى من الأراضي المحتلة مثل جنين ونابلس، يمكن أن تؤثر سلبًا على العلاقات الدبلوماسية بين الکيان الإسرائيلي ومجموعة من الدول العربية، والتي تم الکشف عنها مؤخراً.
حدد بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود ورئيس الوزراء الإسرائيلي المستقبلي، اليوم إقامة علاقات دبلوماسية مع السعودية كأولوية في خطط سياسته الخارجية، ويسعى للتوصل إلى اتفاق مع الرياض لإقامة علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة العربية في عامه الأول لرئاسته، لإظهار قوته بعد عدة سنوات من العزلة.
لكن يتأثر هذا الهدف بأهداف حلفاء نتنياهو اليمينيين، الذين يريدون تغيير وضع الضفة الغربية لمصلحة الراديكاليين. کما أنهم يريدون إجبار الفلسطينيين على التخلي عن أراضيهم ومنازلهم، ومن خلال التأکيد علی شرط الخروج، يمهدون الطريق لتوسيع المستوطنات التي تواجه انتقادات دولية جادة.
كيف يمكن لنتنياهو أن يوقف التطرف؟
المتطرفون يريدون أن تصبح الأراضي الفلسطينية جزءًا من “إسرائيل”، وإزالة المنظمات المدنية الفلسطينية، ووقف البؤر الاستيطانية غير القانونية، وتغيير القوانين التي تحكم السكان اليهود الذين يعيشون في المنطقة “ج” في الضفة الغربية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، أنه بالنظر إلى النهج الحاد لشخصيات محددة في الحكومة الإسرائيلية، كيف يمكن لنتنياهو أن يمنع أي مواجهة محتملة بين غزة، تحت قيادة حماس، ووقف التطرف في الداخل؟
خلال فترة رئاسة يائير لبيد، رئيس الوزراء المستقيل، وفي حکومتي نتنياهو السابقتين، سعی الکيان الإسرائيلي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتقديم الدعم الإنساني والاقتصادي للقطاع المحتل.
والآن، باتت الظروف حيث إنه يمكن لـ 17 ألف فلسطيني دخول الأراضي المحتلة من قطاع غزة كل يوم، للحصول على فرص عمل. ومثل هذا التفاعل، مع الأخذ في الاعتبار النهج المتطرف الذي ينتهجه المتشددون في الحكومة الإسرائيلية المقبلة، سيعزز احتمالية المواجهة بين تل أبيب وحماس أكثر من أي وقت مضى، ويشكل تهديداً خطيراً للسلام.
العبور من حکومة الرعب!
بالاستناد إلى الوثائق القديمة التي بحوزته من رئاسته، يدعم نتنياهو حاليًا سياسات الکيان الإسرائيلي الحالية فيما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة.
لذلك، كما كتبت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، لا يوجد دليل يمكن الاعتماد عليه للاعتقاد بأن نتنياهو اختار نهجًا مختلفًا عما أوصت به ونفذته المؤسسات الدفاعية في العامين الماضيين.
إذا كان نتنياهو زعيم حكومة متوازنة وسطية، من خلال النظر في قضايا مثل محاربة التطرف في الضفة الغربية، ومحاولة منع تفكك السلطة الفلسطينية والحفاظ على الوضع الراهن في غزة، کان يمكنه أن يحافظ على الوضع الراهن لمدة ستة أشهر على الأقل.
تشير الدلائل إلى أنه حتى لو أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي الخضوع لمثل هذه السياسات، فسوف يتعرض للاستهجان والتحدي من قبل بعض الشخصيات المتطرفة في حكومته.
في الوقت الذي يمر فيه العالم بأزمة طاقة بسبب الحرب في أوكرانيا وتصاعد التوترات بين القوى العظمى، فإن التهديدات المتعلقة بوجود الکيان الإسرائيلي وحريته في المناورة، ستكون جزءًا من التحديات التي سيواجهها نتنياهو.
اليوم، الخلافات بين الديمقراطيين ونتنياهو موثقة جيداً، وهي تحديات تعود إلى رئاسة باراك أوباما. وبينما يبدو أن بين نتنياهو وجو بايدن علاقات جيدة، فإن الديناميكيات الداخلية للحزب الديمقراطي لبايدن، تتطلب من الکيان الإسرائيلي تحديد توازن معين بشأن القضية الفلسطينية.
من جانبه، ومن أجل حماية التحالف الاستراتيجي والتعاون مع واشنطن للتعامل مع التحديات الأمنية المقبلة، يجب على الکيان الإسرائيلي أن يأخذ في الاعتبار مطالب حليفته.
ربما يمنح هذا الوضع نتنياهو الفرصة لتبرير مناورة الشخصيات المتطرفة في حكومته على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل، يمكن أن يؤثر النهج الراديكالي لحكومة نتنياهو سلبًا على المصالح الاستراتيجية للکيان الإسرائيلي، ويعزل تل أبيب.