المحلل السياسي (المؤيد): التحالف في مأزق حقيقي وأوراق الضغط بيد صنعاء

86
المحلل السياسي (المؤيد): التحالف في مأزق حقيقي وأوراق الضغط بيد صنعاء

تزامناً مع مرور أكثر من شهر على إنتهاء الهدنة الأممية، في ظل إستمرار قوى التحالف السعودي الإماراتي بالتنصل عن تنفيذ شروط الإستحقاقات الإنسانية، فإن المشهد في اليمن يبدو ضبابياً إلى حد كبير فهل تذهب الأمور إلى هدنة جديدة أم إلى حرب مفتوحة؟!.

الكاتب والمحلل السياسي اليمني أحمد المؤيد، يقدم تحليلاً منطقياً دقيقاً لواقع الأحداث والتطورات الأخيرة في المشهد اليمني، وعلى رأسها معادلة تأميم الثروات النفطية والغازية التي فرضتها صنعاء عقب العملية التحذيرية في “ميناء الضبة”، بالإضافة إلى تسليط الضوء على إحتدام الصراع بين فرقاء التحالف في المحافظات الجنوبية، وملفات أخرى.

_ بعد مرور قرابة شهر على إنتهاء الهدنة الأممية مايزال الوضع في اليمن ضبابياً بخصوص تجديد الهدنة من عدمها في ظل تعنت التحالف بتنفيذ الإستحقاقات الإنسانية.. برأيكم إلى أين ممكن أن تذهب الأمور إلى حرب أم إلى هدنة جديدة؟

وما الذي تريده دول التحالف اليوم أو بالأحرى ماذا تريد الولايات المتحدة وبريطانيا و”إسرائيل” من اليمن؟ أعتقد أن التحالف الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي يعاني من أزمة حقيقية سببها عدم القدرة على فرض الأجندة في اليمن؛ فهذه الدول تسعى إلى كبح جماح أي دولة تشب عن طوق المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وتخشى أن تنتقل عدوى الصمود، والثورة والتمرد على الوصاية الأمريكية، إلى الشعوب الأخرى فتتشجع أن تشب عن الطوق أيضاً وتتمرد على الهيمنة الأمريكية.

الأمريكي والبريطاني والسعودي والإماراتي الآن في مأزق، خصوصاً أنهم لم يستطيعوا فرض واقع سياسي ولا حتى بحرب ثماني سنوات، وهم أيضاً في مرحلة صعبة فيما يخص المضي في خيارات الحزم العسكري لأن أي اندلاع للعمليات العسكرية قد تأتي بنتائج سلبية على مستوى قطاع الطاقة وخصوصاً في هذه الأيام؛ إذ لا يحتملون أن يكون هناك ارتفاع في الأسعار خصوصاً إذا تم توجيه ضربات إلى المنشآت النفطية في السعودية.

كما أن أوراق الضغط التي أرادوا أن يمارسوا بها ضغطهم على اليمن كالحصار ، إغلاق المطار ، الأسرى وقطع المرتبات، لم تأتي بنتيجة فضلاً عن أنها أصبحت أوراق قوة لصالح صنعاء، إذ أن تجديد الهدنة بات مرهوناً بتحقيق هذه المطالب والتي كانت أوراق ضغط، فسيكون هناك رأي عام بالطرف الذي فتح المطار والذي أتى بالرواتب وفك الحصار من ومن…إلخ، فستكون الإجابة أن صنعاء هي من حققت كل ذلك للشعب اليمني شمالاً وجنوباً في الوقت الذي كانت الماكينة الإعلامية للعدو تتهم صنعاء بأنها سبب لكل هذا.

لذلك هم اليوم في مأزق ويريدون تقديم الحلول ولكن على مضض لأن الخيارات منعدمة أمامهم بينما الخيارات أمام صنعاء لا زالت مفتوحة.

_ في ظل عدم تجديد الهدنة الأممية .. هل تعتقدون أن دول التحالف السعودي الإماراتي أضاعت آخر فرصة للخروج من المستنقع اليمني ؟ كيف ذلك؟ وما التكلفة المتوقعة التي ستدفعها قوى التحالف بعد إجهاظها لجهود السلام؟

حقيقةً أن الفرصة لازالت قائمة حتى الآن، ولكنها ستكون الفرصة الأخيرة فيما لو أضاعتها دول العدوان ولم تلتزم لما طرحته القيادة الثورية والسياسية في اليمن، من تحقيق مطالب الشعب اليمني المحقة والتي ليست منة من أحد ولا تحتاج إلى مساومات.

عندما يكون الحديث عن الأمور العسكرية أو السياسية فلا يجب أن تستخدم الجوانب الإنسانية أو حقوق الشعوب كعوامل مساومة لذلك صنعاء لن يطول بها الصبر كثيراً وخصوصاً أن هذه الأمور لا تنتظر كثيراً، فالشعب يريد رواتبه وقد صبر فترةً طويلة، فضلاً على أن الحصار وإغلاق المطار هي أمور جائرة وتعسفية والصبر عليها يكون إلى مدة ليست طويلة.

فبالتالي يبدو أن صنعاء ليست مستعجلة في اقتناص الفرصة لأن الظروف الدولية الآن جيدة جداً ولكنها بعد شهرٍ أو شهرين قد تكون ممتازة فأعتقد أن صنعاء ستقتنص الفرصة المناسبة لتهديد العدو لكي يتوقف عن عدوانه وعن إجراءاته التعسفية وإلا فسيكون الخيار العسكري هو الحل الوحيد الذي تستطيع صنعاء به تغيير المعادلات بشكل كامل، بينما الطرف الآخر لم يعد هذا الخيار متاحاً لديه وليس عاملاً فاعلاً في تغيير أي معادلات فضلاً على أن يحقق نصراً لأن النظام السعودي ومن خلفه الأمريكان قد ألقوا بكل كروتهم وقد استخدموا القوة بإفراط شديد ولم يستطيعوا تحقيق شيء.

لكن صنعاء مازال لديها عناصر مفاجئة عسكرية كفيلة بأن تقلب الموازين وتعالج التعنت الذي يمارسه النظام السعودي ومن خلفه الأمريكان وتجعلهم يحترمون اليمن لأن المشكلة أنهم لا يحترمون اليمن نتيجة للصورة السيئة التي قدمتها الأنظمة السابقة عن الشعب اليمني ولذلك وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.

_ بعد استهداف ميناء الضبة النفطي.. أي رسالة تحذيرية تفرضها القوات اليمنية للشركات الأجنبية الناهبة للنفط والغاز اليمني ؟ وما انعاكسات ربط صنعاء مسألة تمديد الهدنة بتحرير الثروات الوطنية؟ وهل تعتقدون أن هذه الضربة ستمهد لانفراجه في مسألة المفاوضات بخصوص المرتبات؟

بعد استهداف ميناء الضبة أعتقد أن صنعاء انتقلت إلى معادلة جديدة وحددت قواعد إشتباك جديدة، إذ أن العدو عندما تهاون في تنفيذ شروط الهدنة، وهي عادته طبعاً في عدم إحترام حقوق الشعب اليمني؛ قد ورط نفسه بأن جعل صنعاء توسع دائرة المطالب وتنتقل من الحديث عن المرتبات إلى الحديث عن الثروات السيادية للجمهورية اليمنية وعدم المساس بها، وعندها توقع العدو أن الأمر سيكون مجرد كلام أو مجرد تهديدات لكن هذه التهديدات شفعت بأفعال رادعة جعلت سفن المشتقات النفطية التي أرادت أن تنهب ثروات الشعب من ميناء الضبة جعلتها تعود أدراجها، وكان هناك سفينة أخرى تلقت تحذيراً وعادت أدراجها دون اللجوء إلى القوة.

إذاً نحن أمام وضع جديد رسمت فيه معادلات جديدة استطاعت صنعاء أن تقتنص الفرصة وأن تثبت هذا الخط المتقدم من خطوط المطالبات، وسينعكس هذا الأمر عند الحديث مع العدو وحول أي تفاهمات للحلول ولن يكون الحديث مقتصراً على المرتبات فقط، بل اليوم سيكون الحديث عن عدم المساس بالثروات السيادية وسيكون لصنعاء الكلمة العليا في مجريات التصرف في هذه الثروات لأننا كلنا نعلم أن العدو مع مرتزقته كانوا يسيطرون على واردات هذه الثروات ويستخدمونها في تمويل عملياتهم العسكرية والإضرار بالشعب اليمني .

اليوم هذا الأمر توقف وكان لصنعاء الفضل الأكبر فيه وبالتالي العدو سيسارع في أن يجد وساطةً ما أو طرقاً لإخراج نفسه من المستنقع الذي وقع فيه والذي لم يعد يستفيد منه شيئاً بل هو عرضةً في أي وقت من الأوقات للإستهداف لذلك أعتقد أن تلك الضربة ستؤسس لواقع سياسي جديد وتعامل من نمط جديد.

_ عقب الكشف عن أسلحة نوعية بحرية جديدة.. هل نحن أمام مواجهة بحرية قادمة؟ وأي معادلة ستفرضها قوات صنعاء إذا ما دشنت معركة البحر؟

الأسلحة البحرية الجديدة التي كشف عنها في العرض العسكري هي بلا شك مفاتيح لمعادلات جديدة ولواقع سياسي جديد، لأنه كما نعلم القوى العسكرية تخلق واقعاً سياسياً يتلاءم مع قوتها فالأسلحة التي كشفت هي ذات تأثير مزدوج يتمثل في نوعيتها وقوتها، وأيضاً في المساحة العملياتية التي ستستخدم فيها إذ أنها ستستخدم في منطقة من أهم مناطق الملاحة في العالم كالبحر الأحمر وباب المندب، هذه المناطق مناطق مهمة لا تحتمل أي مواجهات عسكرية وخصوصاً في هذا التوقيت، لأنها ستؤثر على الحركة الإقتصادية سواء في قطاع التجارة العامة أو في قطاع النفط والغاز بشكل خاص.

صنعاء تخرج من دائرة الضعف التي كانت مرتهنة فيها والتي كان العدو يتمادى في عدوانه وهيمنته وفي فرض قرارات تعسفية نتيجة لإدراكه أن اليمن دولة ضعيفة لا تستطيع الدفاع حتى عن نفسها، ولكن بإمتلاك القوة البحرية هذه الأسلحة الجديدة فإنها لن تجعل السعودي فقط من يعيد حساباته وإنما من خلفه أيضاً ونحن نعلم أن الأمريكان والإسرائيليين هم خلف النظام السعودي في هذا العدوان.

أتوقع أنه خلال الفترة القريبة سيكون هناك تحرك من قبل دول العدوان للبحث عن حلول تجنبهم ماهو أسوأ لأن المعركة البحرية إذا وقعت سيكون لها تأثير عالمي وليس إقليمي فقط، هذا التأثير سيكون على مستوى الإقتصاد الذي بات لا يتحمل أي هزة أو إرباك سواءً في الأسعار أو في دوران عجلة الإقتصاد، لأن كل دول العالم اليوم، تعاني جراء الحرب الروسية الأوكرانية فبالتالي الفرصة مناسبة جداً للبعض وسيئة جداً للبعض الآخر.

_ في ظل تشديد الحصار على البلد.. ما خيارات حكومة صنعاء لمعالجة الأزمات الإقتصادية المركبة التي يصنعها تحالف العدوان لإستهداف حياة اليمنيين إذا ما استمرت الحرب؟ وهل خيار إغلاق باب المندب في وجه السفن الحربية لدول التحالف مطروحاً ؟

خيارات حكومة صنعاء في المعالجات الإقتصادية هي خيارات متعددة تبدأ بأمور داخلية وأمور خارجية؛ الأمور الداخلية تتمثل في تعزيز الأمن الغذائي ويمتلك عدة أوجه منها : الزراعة والثروة الحيوانية، وكلما زادت المساحات الزراعية والأراضي المستصلحة واعتماد زراعة الأغذية الأكثر أهمية والتي تستورد من الخارج فنكون هنا قد حققنا أمن غذائي مستدام إضافةً إلى الثروة الحيوانية، كلما اتسعت رقعة هذا النشاط فسيكون هناك تأمين لإحتياجات غذائية أساسية للشعب وهذه الأمور تحرك العجلة الإقتصادية عن طريق تشغيل اليد العاملة والإستغناء عن الإستيراد من الخارج وبقاء العملة الصعبة في البلد، وتعلم الأسر على نمط الإنتاج المحلي، فتتوفر الأموال لديهم فضلاً عن القدرة على ما يسمى بالمشاريع الصغيرة.

أضف إلى ذلك، الخيارات الأخرى الخارجية وتتمثل في : الضربات العسكرية التي من الممكن أن توجه لدول العدوان في حالة انسداد الأفق السياسي، هذه الضربات هي التي ستجعل العدو ينكفئ على نفسه ويتخلص من فكرة الهيمنة على الآبار النفطية أو على الحصار أو على إغلاق المطارات، ونحن نعلم أن هذه الأوجه الثلاث هي أوجه اقتصادية بالدرجة الأولى إذ أن استمرار العمليات وتصدير النفط والغاز يعود على الجمهورية اليمنية بعائد مادي تستطيع به بناء البلد ودفع الرواتب وتغطية المصروفات الضرورية.

أيضاً العملية التجارية ستتسهل بشكلٍ أكبر إذا ما فتح مطار صنعاء وتخففت قيود الحصار وكنتيجة طبيعية سيكون هناك مشاريع صغيرة تنشأ عن مثل زيادة الحركة التجارية وحركة النقل وحركة البيع والشراء. دائماً عندما تتحرك العجلة الإقتصادية الكبيرة فبالضرورة سيكون هناك نشاط لأعمال متوسطة وصغيرة.

هذه الخيارات لازالت متاحة بيد صنعاء ولكنها تعرف بالضبط ماهو التوقيت المناسب الذي تستطيع فيه استخدام القوة، ونحن هنا يجب أن نركز أنه ليس كل من امتلك سلاحاً فإن عليه أن يستخدمه في اليوم التالي بل عليه أن يرسم قواعد الإشتباك وفقاً لقوته وتخطيطه، وأيضاً وفقاً للزمان المناسب والفرص المتاحة حتى لا يكون هناك أي أضرار جانبية.

_ التغييرات الجذرية الأخيرة التي يشهدها هيكل النظام السعودي وعلى رأسها تنصيب بن سلمان نفسه رئيسا للوزراء .. هل لها علاقة بالإخفاقات السعودية في اليمن ؟ كيف ذلك ؟ وأي تداعيات متوقعة قد ترتد مستقبلاً على الأسرة الحاكمة جراء فشل حربها على اليمن؟

بالنسبة للنظام السعودي، فهو يعاني من أزمةٍ داخلية لم يكن يتوقعها ولم يحسب لها حساباً، إذ أنها أتت خلاف كل التوقعات التي كان يتوقعها. نظرته لليمن تغيرت ونظرة العالم للنظام السعودي أيضاً تغيرت. هي دولة تغوص اليوم في مستنقع من الهزيمة العسكرية والسياسية وتعاني نزيفاً أخلاقياً ومالياً أيضاً نتيجةً لدعمها عملائها في اليمن، مترافقاً مع ذلك فشلاً ذريعاً على كل المستويات وخصوصاً الإنسانية ولذلك هذا هو جانب من الجوانب التي تُعاب على السعودية بشدة.

“محمد بن سلمان” أصبح لديه عقدة اسمها اليمن ، فهي عنوان لفشله الذي يحاول أن يعوضه بأمور كثيرة؛ إما بالحديث عن مشاريع اقتصادية عملاقة ومعضمها وهمية، إذ نسمع أن الأكثرية من الخبراء يشككون في إمكانية أن ترى هذه المشاريع النور فما رأى النور ونجح هو فقط مشاريع الترفيه، الغناء ، الرقص والإنحلال .. إلخ ، أما على المستوى الإستراتيجي فلا يوجد في السعودية شيء يمكن أن يُعوّل عليه ليشكل بصمة نجاح لـ”محمد بن سلمان”.

لذلك نراه يتقلّد ستة وثلاثون منصباً.. أما الآن وبعد أن أصبح رئيساً للوزراء فأصبح هذا المنصب السابع والثلاثين، وهو يحاول أن يركز كل السلطات في يده لأنه يعلم أنه ليس مقبولاً لدى أسرته التي ينتمي إليها، أما في العالم فسمعته مهترئه بسبب الطيش والإخفاقات السياسية والجرائم التي يرتكبها علناً وارتباطه الوثيق بالشخصيات التي تثير جدلاً على مستوى العالم كالرئيس الأمريكي “ترامب” .

لذلك هناك تداعيات متوقعة وخصوصاً عند وفاة الملك “سلمان”، برأيي لا أعتقد أن الأمور ستسير بسلاسة مع “بن سلمان” بل سيكون هناك اضطرابات وسيكون هناك محاولة للتمرد من قبل الأسرة السعودية الحاكمة. وأرى أن هذا الأمر تزداد إحتماليته مع توتر العلاقة مع الأمريكيين، إذ أن ” بن سلمان” يحاول أن يتمرد على “بايدن” تحديداً فهو ليس لديه مشكلة مع النظام الأمريكي وإنما مشكلته مع “بايدن” شخصياً، لأنه كان كثير الحديث عن “جمال خاشقجي” فيبدو أن الأمريكان قد يضحوا بـ”محمد بن سلمان” ولكنهم لن يضحوا بالنظام السعودي لأن السمة الأبرز التي اتسم بها ” بن سلمان” كانت الطيش وهذا الأمر ليس مناسباً للمصالح الأمريكية على المدى البعيد.

_ تزامناً مع تغذية التحالف للخلافات داخل أروقة المجلس الرئاسي المشكل من قبل التحالف واستمرار الإقتتال الدائر بين فصائله.. هل تعتقدون أن التحالف يتجه للتضحية بجميع أدواته في اليمن؟ وأي تطورات متوقعة قد يشهدها ملعب التحالف الهش في المستقبل القريب نظراً المستجدات العسكرية والسياسية التي تشهدها الساحة اليمنية؟

السعودية في مأزق حقيقي مع المجلس الرئاسي الثماني الذي كونته مع الإمارات، إذ أن هذا المجلس يعاني انقساماً حاداً بين أعضائه تغذيها الخصومات السابقة والإرث الذي يحمله كل من أعضاء هذا المجلس، فضلاً عن التنافسات والأحقاد التي كانت بينهم إبان فترة “علي عبدالله صالح”.

تلك الخلافات بدأت تظهر على السطح اليوم مشروعةً بالتنافس على تمديد النفوذ على الأرض أو النفوذ الإقتصادي الذي يتمثل في سرقة النفط اليمني وتقديم الولاء والطاعة للتحالف والحصول مقابل ذلك على عائدات مالية، فضلاً عن أن كل أعضاء هذا المجلس يعرفون أنه لا قرار لهم إلا بمشغليهم، لذلك هنا تنشأ حالة من التنافس على رضا المشغل حتى يثبت كلٌ منهم وضعه على حساب الآخر.

هذا الواقع انعكس على الأدوات العسكرية لمكونات هذا المجلس والتي اشتبكت فيما بينها أكثر من مرة أو ساد التوتر بينها وبين بعضها في فترات كثيرة ومازالت حتى الآن. تقريباً كل المكونات العسكرية لأمراء الحرب في هذا المجلس في حالة تنافر وتربص ببعضهم، ولذلك هذا الأمر يفيد صنعاء على المدى البعيد من عدة نواحي؛ الناحية الأولى هي الجاهزية العسكرية فصنعاء تتمتع بواحدية القرار بينما الطرف الآخر يعاني إشكالية كبيرة في اتخاذ القرار وفي انسجام الموقف وفي وحدة الهدف.

وهذا يعتبر عامل من عوامل القوة لدى صنعاء، الأمر الآخر هو النموذج الذي يفترض أن يقدمه كل طرف سواءً صنعاء أو الطرف الآخر على الأرض، واليوم الطرف الآخر لا يستطيع تقديم نموذج مشرف يرضي الشعب بينما صنعاء تقدم اليوم نماذج ممتازة رغم أنها تحت أصعب ظروف البقاء، لذلك هذا الأمر أيضاً يحسب لصالح صنعاء وخصوصاً إذا ما رأينا الحملة الإعلامية التي مورست على أبناء الشعب في الجنوب وشوه موقف صنعاء أمامهم ورسمت أمامهم مشاريع وهمية.

اليوم هم يرون أن غسيل الدماغ الإعلامي لم يعد له أساس على الأرض وأن النموذج المشرف للدولة موجود في صنعاء، وهذا يقوض أي فرص للمجلس الثماني في البقاء أو في أن يكون محطاً للآمال إلا عند الخونة والمرتزقة والطائفيين الذين رهنوا بقاءهم برضا الأجنبي.

_ زيارة السفير الفرنسي إلى حضرموت وقبلها زيارة السفير الأمريكي إلى المكلا، وزيارة المبعوث الأمريكي إلى شبوة.. ما الغاية الأمريكية الغربية من تلك الزيارات والتحركات الأخيرة في المحافظات الجنوبية وتحديداً في الهضبة النفطية الشرقية؟وماذا عن تصاعد النشاط العسكري الأجنبي في الجزر والسواحل اليمنية.. وهل سيكون عرضة للإستهداف من قبل صنعاء؟

زيارة السفير الفرنسي إلى حضرموت وقبلها السفير الأمريكي يعكس اهتمام كبير من قبل الدول الغربية لهذه المناطق وخصوصاً أنها منابع للنفط وموانيء لتصدير النفط. العالم في الشتاء الذي لم يبدأ بالمناسبة، على وشك الدخول في أزمة طاقة غير مسبوقة يحاول فيها تأمين مصادر الطاقة من أي مكان، واليمن يعتبر مصدراً سهلاً لتوفير الطاقة كما يعتقدون.

ولذلك نرى أن هناك تواجد للسفير الأمريكي والفرنسي الذين يمتلكون أكبر شركات نفطية فهم يريدون الإطمئنان على أنهم سيجدون منابع مجانية أو رخيصة للنفط والغاز هكذا يعتقدون، لكن صنعاء لديها رأيٌ آخر في هذا الجانب وأعتقد أنه سيكون سبب في اندلاع عمليات عسكرية قوية إذا لم يكن هناك توقف لنهب ثروات الشعب اليمني ولم يكن هناك توقف لعملية التسويف والمماطلة التي يحاول فيها العدو كسب الوقت بحيث لا يحقق لصنعاء ما تريد ويبقى هو ممسكاً بخيوط اللعبة.

لن تسمح صنعاء بأن يبقى هذا الوضع كثيراً، هي تنتظر الفرصة الأكثر ملاءمة لفرض إرادتها بالقوة العسكرية لأن الطرف الآخر لا يمكن أن يرضخ لشيء إلا للقوة فهو يرى في حالة الضعف فرصة مناسبة للإستثمار والبقاء على أراضي الجمهورية اليمنية والإستيلاء على الثروات.

صنعاء لديها رأيٌ آخر في هذا الأمر يظهر على لسان مسؤوليها السياسيين والعسكريين، ويبدو أن المسألة مسألة وقت لكي يكون هناك تغيير جذري لهذا الوضع.

_ مؤخراً، تم الإتفاق على إنشاء خزان بديل لخزان صافر العائم في البحر الأحمر .. برأيكم هل ممكن أن تنفذ الأمم المتحدة التزاماتها في هذا الملف؟ وما المعالجات التي يمكن أن تتخذها صنعاء لحسم ملف الخزان في ظل إستمرار المنظمة الدولية بالمتاجرة به على غرار جميع الملفات الإنسانية في اليمن ؟

ملف الخزان “صافر” مع الأسف من الملفات التي استخدمت فقط إما للإبتزاز أو للإثراء وللحصول على أموال من داعمين مختلفين دون أن ينفذ شيء على الأرض. الأمم المتحدة اعتمدت على مصادر كبيرة للتمويل ولم تكن تملك آليات ضغط للبدء بتنفيذ المشروع، هناك آراء مختلفة في التحالف؛ هناك من لديه رغبة في ألا يصلح هذا الخزان أو أن يتسرب النفط لكي يغلق سواحل الجمهورية اليمنية وموانئها.

ويُستخدم ذريعة لتقدم قوات أجنبية لأنه لا يوجد إلا دولتين في العالم هما كندا وبريطانيا اللتين تمتلكان تكنولوجيا سحب البقع النفطية من المياة وهذه تحتاج إلى سيطرة تامة على المناطق المراد تنظيفها وسيكون هناك تواجد إجباري لقطاعات عسكرية بحرية وأخرى مواكبة من قطاع تنظيف بقع الزيت، ولن يكون لصنعاء في وقتها قدرة على فرض أي واقع يحصن سيادة اليمن.

لذلك كان هذا التوجه هو توجه البعض من دول التحالف، أما البعض الآخر من دول التحالف كان يخشى أن تتوسع رقعة النفط المتسرب فلا يتبقى عند سواحل اليمن فقط بل قد ينتقل إلى سواحل السعودية والسودان ومصر وخصوصاً أن تيار المياة هو تيار ذاهب من “باب المندب” بإتجاه “خليج العقبة”، وبالتالي نشاط الرياح أيضاً هو نشاط متجه نحو “خليج العقبة” بالتالي سيكون هناك انتشار سريع لرقعة الزيت إلى تلك الموانئ وسيتسبب في تعطيلها، لذلك كان هذا الملف ملف تجاذبات أدى إلى ضياع الوقت من عام 2017م إلى الآن.

ولكن بسبب أن صنعاء كانت واضحة ومتمسكة جداً برأيها في أن يتم استبدال هذا الخزان بواحدٍ آخر حتى لا تفقد البنية التحتية النفطية للجمهورية اليمنية مرفقاً مهماً من المرافق النفطية التي بدونها لا يمكن استئناف عمليات التصدير، فكان هناك حُسن إدارة لهذا الملف، واليوم أعتقد أن هناك توجه من قبل الأمم المتحدة لتبديل هذا الخزان لأنهم يخشون أن التأثير الذي أرادوا أن يلحق باليمن سيكون تأثيره عليهم مضاعفاً.

وأيضاً هم يعتقدون أنه فرصة للإستيلاء على كمية النفط التي بداخله فهو يحوي ما يقارب المليون برميل من النفط، فأيضاً هذه لها قيمة سوقية عالية فقد يأخذون منها كميات ويبقون كمياتٍ أخرى بمعنى أنها مالٌ سيسهل الإستيلاء عليه، وأعتقد أن صنعاء ستدقق في هذا الأمر كثيراً لأن ما يهمها هو سلامة المياة الإقليمية اليمنية من النفط الذي لو تسرب فإنه سيدمر البنية البحرية سواءً للصيادين أو كبيئة حيوية للأسماك، للشعب المرجانية وللحياة البحرية.

كما سيؤدي إلى إغلاق الموانئ وسيكون ضرره كبيراً على الجمهورية اليمنية، لذلك هذا الملف أعتقد أنه سيتم إغلاقه ليس حرصاً على اليمن ومعاناته إنما خوفاً أن ينتقل الضرر مضاعفاً إلى دول العدوان.

مصدرعرب جورنال

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا