الانحرافُ عن الهدى سببُ مأساةِ الأمة (عودةٌ ودعوة)
تأتي مناسبةُ المولدِ النبويِّ الشريفِ والأُمَّــةُ تعيشُ واقعاً مأساوياً من الفِتَنِ والانقساماتِ والحُرُوبِ وتسلُّطِ قِـوَىً طاغيةٍ متجبِّرةٍ ظَلُومةٍ متوحشةٍ لا أخلاقَ لها ولا قِيَــمَ ولا تُعطي أيَّ اعتبار ولا مكانةَ للبشرية ولا لحُقُوق البشرية فتستعبدُها قهراً وتستعبدُها إذلالاً وهَـوَاناً وظلماً.
إنَّ المَأساةَ العظيمةَ التي تعيشُها الأُمَّةُ الإسْلاميةُ، والتي تجلّت في ضعفها وهَوَانها وتسلط أعداء الدين على أبنائها في شتى بقاع العالم وعدم قدرتها على حمايتهم وإيقاف مآسيهم، هي بسبب انحرافِها عن الله عن الدين الإسلامي الذي جَلَب للأمة الكرامةَ والعِــزَّة والحُرّية وأراد للبشرية أن تكونَ حُـــرَّةً لا تُستعبَدُ ولا تُهَانُ.
العجزُ الذي حصل في الأمة والهـوانُ الطويلُ الذي جثـم عليها في عصرِنا الحديث كـان بانحرافها عن مشروع النبيِّ محمد صلواتُ ربي عليه وعلى آله الذي أخرَجَ الأُمَّــةَ من الظلمات إلى النور وإلى طريق الحق والسعادة.
إن قوى العالَمِ المستكبرة في طليعتها أمريكا وإسرائيل ومعها إسرائيل عملت وبشكل كبير على استبعادِ الأمةِ الاسلامية للتحكُّم في مصيرها ونهْبِ ثرواتها وفرْضِ ثقافتها وسياستها.
لقد استطاعت أمريكا وإسرائيلُ أن تعمَلَ في حَــرْفِ الأمة الاسلامية من داخلها، منها المملكة العربية السعودية ودول الخليج التي تعمَلُ بشكل كبير خدمةً للمشاريع الاستعمارية؛ بهدف تشويهِ الإسلامِ بفكرِها الوهابي التكفيري، الفكر الذي يستمرُّ في عملية التفريق والبعثرة، والفتن، وإثارة العداوة والبغضاء بين أوساط المسلمين، وفقاً لعناوينَ مختلفةٍ كـالطائفية والمذهبية، تجر من خلالها الآلاف من المسلمين إلى هذا المستنقع الأمريكي الصهيوني مستنقع الشيطان.
اليمنُ أحدُ النماذج التي تواجِهُ عدواناً عربياً أمريكياً صهيونياً بقيادة السعودية منذ عشرين شهراً دمرت وسفكت وارتكبت وترتكبُ أبشَعَ الجرائم بحق هذا الشعب المسلم في ظِلِّ صَمْــتٍ عالمي مخزٍ.
إن الذين يدمّرون اليمنَ اليوم هم ذاتُهم مَن هُرعوا لنجدةِ الكيانِ الصهيوني عندما شَبَّت الحرائقُ في غابات فلسطين المحتلة، وهم ذاتُهم الذين أطالوا عُمُرَ هذا الكيان وضيّعوا القضية الفلسطينية، ومحوا حقوقَ الشعب الفلسطيني، ويسعون الى القضاء على الشعوب الحرة المناهضة للمشروع الأمريكي الصهيوني.
إن تحالُفَ العُدْوَانِ العربي الذي شكّلته السعوديةُ لقتلِ الشعبِ اليمنيِّ هو نفسُه التحالُفُ الذي أرسل “150 ” طائرةً لإطفاءِ حرائقِ الكيان الصهيوني، بينما اليمنُ والعراق وسوريا وليبيا يحترِقُ بنيرانِ التحالف السعودي، وهذا هو الواقعُ المأساويُّ للأمة بانحرافها عن هذا الدين العظيم.
لقد جاء محمدٌ صلوتُ رَبّي عليه وعلى آله بدينٍ عظيمٍ أثمَرَ في الواقع، تجربة معطاءة عظيمة تلمَسُ عظمة هذا الإنْـسَـان وتغير واقعه المأساوي في المنطقة العربية وامتدت آثارُه إلَى كُلّ أرجاء المعمورة بفعل حركة النبي محمد صلواتُ اللهِ علَيه وعلـى آله بتلك القيم بتلك المبادئ بتلك الأخلاق والتعاليم الربانية العظيمة.
الانقساماتُ والحروبُ والوَضْعُ المأساوي لن يتوقّفَ إلا بالعَوْدَةِ إلَى مشروع الإسلام المحمدي الأصيل بقيمه ومبادئه، الإسْــلَامُ بوعيه بنوره بهَدْيه ببصيرته بعدله بقيمه بأَخلاقه بإنسانيته، للعيش في واقع عظيم، مختلف عن الوضع الأسود والمظلم الذي يعيشُه الكثيرُ ممَّن انحرفوا عَن حركةِ النبيِّ محمدٍ صلواتُ رَبّي عليه وعلى آلِهِ الطاهرين.
بقلم جمال الأشول