حملت العروض العسكرية التي أقامتها المناطق العسكرية المختلفة على مدار الأيام والأسابيع الماضية، عددا من الرسائل والدلالات الهامة على الصعيد الداخلي والخارجي، وتوجت باستعراض مهيب للمنطقة العسكرية الخامسة في الساحل الغربي بالحديدة تحت عنوان: “وعد الآخرة”، بما تضمنه من دلالات المكان والزمان.
من الواضح أن أبرز تلك الرسائل هو ما أشار اليه السيد عبدالملك الحوثي في خطابه أمام العرض العسكري بالحديدة، بأن “الهدف من كل تلك العروض هو طمأنة شعبنا وتقديم رسالة للأعداء الطامعين المعتدين” وان العروض في مختلف المناطق العسكرية “تقدم رسالة عن الاستمرار في العمل الجاد لبناء قدراتنا العسكرية”.
تطمين الشعب الذي لطالما حلم بجيش لحماية الوطن، والدفاع عن سيادته واستقلاله، والذود عن حياضه، وليس للدفاع عن العروش والأنظمة، التي انهارت مع أول صيحة، وكانت تستخدم الجيوش لمجرد الاستعراض، أو لقمع الشعوب.
هذه العروض العسكرية ليست لأفراد التحقوا بالمؤسسة العسكرية في وقت السلم، طمعا في الراتب أو كوسيلة للعيش، حين انضم عشرات الآلاف من الشباب الصادقين المؤمنين حاملين أكفانهم على أكفهم، بعقيدة صافية، مستمدة من روح الثقافة الإيمانية اليمانية، مستندة إلى الهوية الأصيلة للشعب اليمني المسلم، وقبلهم النخبة المؤمنة بالوطن وحقه عليها في الدفاع عنه والتضحية من اجل الشعب العزيز، نخبة لم تهتز عندما أحدقت بها خطوب العدوان.
وصبت كل نيرانها عليه منذ السادس والعشرين من مارس 2015م، إلا انها صمدت وبقيت في صف الدفاع، حين سقط الكثير من الضباط والقادة العسكريون في وحل العمالة والارتزاق إلى جانب قوى العدوان، بقيادة السعودية، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية.
يشير السيد عبدالملك الحوثي إلى واحدة من الدلالات المهمة لهذه العروض، بان “كل مساعي الأعداء في تدمير قدرات الجيش، وسعيهم إلى تجريد بلدنا من كل قوةٍ (..) قد باءت بالفشل”، حيث تعرضت المؤسسة العسكرية والقوات المسلحة اليمنية لأخطر أنواع الاستهداف، سواء في فترة العدوان أو خلال الفترات الزمنية التي سبقتها، وكان للولايات المتحدة برامج مخصصة لتدمير قدرات الجيش اليمني، وتمت ترجمة تلك البرامج عمليا بتدمير صواريخ دفاعية، وهيكلة الجيش، ومحاولات التغيير في عقيدته القتالية، وقطعت الولايات المتحدة شوطا كبيرا، الى ان جاءت “ثورة 21 سبتمبر” فأوقفت كل تلك المخططات، ليبدأ بعدها العدوان العسكري الشامل والمباشر.
اليوم يأتي هذا الاستعراض العسكري في وقت حساس ومكان حساس، ليعلن للشعب اليمني أنه بات يمتلك جيشا قادرا، ليس من الناحية النظرية فحسب، بل هو ما اثبتته سنوات ثمان من عمر هذا العدوان، اجترحت فيها المؤسسة العسكرية، بأبطالها ومجاهديها أفرادا وقيادات، أكبر المعجزات التي سيخلدها التاريخ الحديث، لتنضم إلى تجارب أخرى وتكون جزءا من مقررات المناهج في الكليات العسكرية والحربية، تتعلم منه الأجيال، إدارة وتنظيما وصمودا وتكتيكا وإرادة.
العروض العسكرية استعرضت مدى الجهوزية القتالية لدى أفرادها ووحداتها وكتائبها وألويتها، كما استعرضت أنواعا من الأسلحة التي أثبتت فعاليتها في مواجهة تحالف العدوان في ثماني سنوات، وحولت التحديات إلى فرص، وراكمت فيها القوة، وصنعت بها الانتصارات، وحققت من خلالها الإنجازات، مستعينة بالله سبحانه، ناصر المستضعفين، ومعين المؤمنين.
كان من أبرز الأسلحة المعروضة في الحديدة، الصواريخ البحرية، من طرازات محلية الصنع، كصاروخ “فالق1″، و”مندب1″، و”مندب2″، ولها ميزات تؤهلها لحماية السواحل اليمنية، والممرات المائية، أو استهداف السفن الحربية للعدو، في أي نقطة في البحر، كما اكد ذلك القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس مهدي المشاط في خطابه بالمناسبة.
فمنظومة “المندب2” – صاروخ جوال مضاد للسفن الحربية، ثنائي التوجيه، المقاوم للتشويش الإلكتروني بمدى يصل إلى ما بين ١٢٠-١٤٠ كم، في حين ان صاروخ “فالق1” هو صاروخ باليستي حديث مضاد للسفن مداه يصل إلى ٥٠٠ كم مزود بأنظمة ملاحة متطورة، ويصل مدى صواريخ “روبيج” إلى 260 كم ، ويمكنها الانطلاق نحو الأهداف البحرية بسرعة أكثر من 1000 كم/س، وبالإضافة لقدرتها على مقاومة عمليات التشويش فهي أيضا قادرة على رصد أهدافها بالرادار الإيجابي في نطاق 100 كم، وكذلك رصد الأهداف بالرادار السلبي في نطاق يصل إلى 450 كم.
هذه المعطيات والرسائل تعطي العرض العسكري أبعادا لها علاقة بالعدوان والهدنة السارية، ومسارات الالتزام بتنفيذها، لا سيما تلك المتعلقة بالحصار ومنع سفن الوقود من الوصول إلى ميناء الحديدة، أو تلك المتعلقة بنهب الثورات النفطية والغازية، من الموانئ اليمنية على البحر العربي، وهي تحذير لقوى العدوان ودفعها للالتزام الكامل بفتح ميناء الحديدة، وتحويل إيرادات النفط المنهوب لصرف رواتب الموظفين، والا فلكل حادث حديث.
ــــــــــــــــــــــــــــ
علي الدرواني