نشرت مجلة “جون أفريك” الفرنسية الجزء الأول من تقرير خطير أعدته بعنوان “هل استغل جان إيف لودريان شبكة علاقته لصالح نجله؟”، كشفت فيه عن شكوك بشأن استغلال وزير الخارجية الفرنسي الحالي (ووزير الدفاع سابقا) جان إيف لودريان، نفوذه وعلاقاته لصالح صفقات خاصة بنجله توماس لودريان في كل من فرنسا وأفريقيا والشرق الأوسط.
معدا التحقيق ماتيو أوليفييه وفانسون دوهيم؟، قالوا إن أول ظهور علني لتوماس لودريان (31 عاما) كان في فبراير 2015 خلال معرض الدفاع الدولي (آيدكس) بأبو ظبي حيث ظهر بجوار والده الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الدفاع في حكومة فرانسوا هولاند.
ما علاقة محمد بن زايد؟
وكشف أيضا النقاب عن صورة على هامش المعرض تظهر ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان وهو يصافح شابا ذا ابتسامة عريضة لم يكن سوى توماس لودريان.
وكان والده يتوسّطهما حيث “بدا جليا فخره بتقديم وريثه لعائلة آل نهيان” التي تحكم أبو ظبي أغنى إمارة في البلاد.
وقالت المجلة إن لودريان الذي ظهر خلال المعرض كما لو كان “مندوب مبيعات”، رغم أنها كانت تلك المرة التاسعة التي يتوجه فيها إلى أبو ظبي كوزير.
حيث ظهر بابتسامة عريضة وبكثير من التلقائية كما لو كان في منزله، وكان خلفه ابنه الذي لا يشغل رسميا أي منصب.
توماس لودريان يمتنع عن التعليق
وعما إذا كان الوزير الفرنسي قد انتهز فرصة زيارته للإمارات لمشاركة شبكة علاقاته مع ابنه، أو أن لقاء محمد بن زايد، الذي قدم بنفسه هو أيضا عائلته لنظيره الفرنسي في الإصدار السابق من المعرض عام 2014، كان بسبب اهتمامه “المفاجئ” بسياسة الإدارة العامة لصندوق الودائع والأمانات في مجال الإسكان الاجتماعي، أو أنها كانت مجرد مصافحة مجاملة لا غير، امتنع توماس لودريان عن أي تعليق، بحسب المجلة.
وتناولت المجلة مسار توماس لودريان، حيث قالت إنه تخرج من المعهد العالي للتجارة في باريس عام 2008، وشغل منصب مراقب إداري في شركة نقل بحري فرنسية كبيرة لمدة عام.
ثم واصل بعدها مسيرته المهنية مستشارا في شركة الاستشارات “كيه بي إم جي” (KPMG Advisory) من يناير/كانون الثاني 2008 إلى ديسمبر/كانون الأول 2012، قبل أن يصبح مستشارا لجان بيير جوييه، المحامي والمسؤول الكبير المقرب من والده ومن الرئيس الأسبق فرانسوا هولاند في الإدارة العامة لصندوق الودائع والأمانات (CDC).
وخلال عمله بالإدارة العامة لصندوق الودائع والأمانات، انتقل توماس إلى مجال العقارات من خلال عمله بالشركة الوطنية العقارية (SNI) التابعة لها، وخلال مشاركته بمعرض آيدكس الدولي بأبو ظبي كان آنذاك مدير مكتب رئيس هذه الأخيرة.
خلال إحدى الزيارات بدأ يتحدث مع والده عن الأعمال داخل السيارة، فقاطعه وأخبره بأن يكون حذرا وأنه لا ينبغي الوثوق في أي أحد لا السائق ولا العاملين في الفندق
وتنقل المجلة عن أحد المشاركين الفرنسيين في معرض أبوظبي قوله “علمنا أن توماس كان يشغل منصبا رسميا في مجال العقارات، لكن كان له أيضا دور غير رسمي في تسيير الأعمال حيث يستند بالأساس في هذا الإطار على دفتر عناوين والده”.
وأكدت المجلة أنها أرسلت أسئلة لتوماس بشأن سبب وجوده في المعرض لكنها لم تتلق أي رد، فيما أكد والده -خلال مقابلة أجريت معه في إطار التحقيق- أن وجود ابنه في أبو ظبي كان “لاعتبارات شخصية”.
وأنه لم يكن جزءا من الوفد الرسمي ولم يشارك في أي رحلة خارجية أخرى إلا تلك خلال السنوات التسع التي قضاها على رأس وزارتَي الدفاع والخارجية.
وتنقل المجلة عن أحد المستثمرين الصناعيين الذين حضروا في دورة 2015 قوله إن توماس كان متكتما جدا على كل تحركاته، “وخلال إحدى الزيارات بدأ يتحدث مع والده عن الأعمال داخل السيارة.
فقاطعه وأخبره بأن يكون حذرا وأنه لا ينبغي الوثوق في أي أحد لا السائق ولا العاملين في الفندق”.
لكن المجلة شددت على أن تحركات ابن الوزير خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا لم تكن لتستمر مدة طويلة دون أن يلاحظها أحد، حيث أفادت مصادر عدة بأن توماس بدأ تدريجيا ينخرط في أنشطة ويقدم استشارات مرتبطة بمنطقتي الخليج وأفريقيا.
وتنقل عن أحد رجال الأعمال المطلعين على شبكات الأعمال الفرنسية في أفريقيا، قوله إن “الجميع يتصور أن جان لودريان دائما ما يكون وراءه.. ينظرون له كمن يقول باستمرار: قال لي أبي”.
ابن الوزير
“ابن الوزير” دخل في صفقات في الخليج وأفريقيا بفضل علاقات والده.. ويُنظر له كمن يقول باستمرار: قال لي أبي.
وذكرت المجلة أن “ابن الوزير” دخل في شراكات مع رجال أعمال ومستشارين أمنيين آخرين بفضل علاقات والده، من بينهم مدير المخابرات الداخلية الفرنسية السابق، باسكال سكوارسيني، الذي تحول إلى الأعمال وخاصة في إفريقيا بعد تقاعده.
ومثلما تؤكد المجلة “تبقى معرفة نطاق أعماله أمرا صعبا، في ظل بيئة يطغى فيها التكتم على كل شيء، خاصة أن جان إيف لودريان سياسي معروف بحيطته، وهو الأمر الذي مكّنه مرات من عدم السقوط في فخ الهزات الإعلامية”.
وأشارت المجلة إلى أن لودريان يحظى بـ”ميزة مهمة” حيث استطاع في غضون 3 سنوات فقط على رأس وزارة الدفاع أن يرفع مبيعات فرنسا من الأسلحة من 4.8 إلى 16 مليار يورو.
وهو ما بات يعرف بـ”ظاهرة لودريان”، مما منحه صورة “بطل وطني” يتجرأ القليل فقط من الناس على خدشها أو المس بها.
لكن بعيدا عن هذه الصورة التي تنقلها المجلة، كانت هناك انتقادات في فرنسا للودريان شخصيا ورئيسه ماكرون والسلطة الفرنسية بالصمت على الديكتاتوريين وانتهاكات حقوق الإنسان مقابل مصالح باريس سواء تعلق ببيع الأسلحة أو مطامع جيوسياسية مثلما هو الشأن مع نظام السيسي في مصر أو ميلشيات حفتر في ليبيا.