قال رئيس وزراء قطر الأسبق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إنّ إعادة التموضع الأميركي سيجعل المنطقة العربية أكثر انكشافاً وعرضة لهواجس الخطر وهو توصيف مبطن لخوف كامن على العائلات التي تحكم الخليج بغطاء أمريكي.
ويبدو أن مخطط غزو قطر من قبل السعودية والإمارات ما زال حاضراً في ذهن ابن جاسم كما أن خوفه من انتقام سوريا لما فعله بها النظام القطري من دعم للجماعات الإرهابية تسبب له بعقدة جعلته يعارض إعادة التموضع الأمريكي خوفا على مؤخرته التي يحميها الوجود الأمريكي في المنطقة.
وقال حمد بن جاسم في تغريدات على حسابه الرسمي بتويتر رصدها : كما أشرت في تغريدة سابقة فإن الاهتمام العالمي سيتركز في السنوات القادمة على المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في المجالات الاقتصادية والسياسية، وما يستلزمه ذلك من وجوه القوة العسكرية المطلوبة لحماية تلك الامتيازات.
واضاف حمد بن جاسم: تبعاً لذلك فإننا سنلاحظ أن الولايات المتحدة ستحشد المزيد من قواتها البحرية في منطقة المحيط الهادي على حساب كثافة وجودها البحري في منطقتنا، وهو ما بدأت به واشنطن بالفعل قبل فترة قصيرة.
لافتاً إلى أن النتيجة المباشرة لإعادة التموضع الأميركي هي أن منطقتنا ستكون أكثر انكشافاً وعرضة لهواجس الخطر، ما لم تسارع دولنا إلى تحقيق تفاهمات واضحة، وتتخذ إجراءات عملية، وتتصرف وفقاً لما تمليه مصالحنا المشتركة وليس مصالح الغير.
وكان حمد بن جاسم قد وجه في شهر فبراير الماضي رسالة إلى دول الخليج العربية بشأن الاتحاد بينهم. داعياً إلى وضع تشريعات قانونية وقضائية مستقلة وإجراءات تقاض وقوانين نزيهة تحمي حقوق كل الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بعد الحصار السعودي الإماراتي لقطر ولأكثر من 3 سنوات والذي كاد ان يتوّج بغزو قطر كما كان مخططاً.
وقال حمد بن جاسم، في سلسلة تغريدات على حسابه بتويتر رصدها حينها “كنا في السابق نتحدث عن اتحاد خليجي تتوفر له الأركان الأساسية لقيام واستمرار اتحاد قوي مثل العملة الواحدة”.
وأشار إلى أن هذا الاتحاد تتوفر فيه القوة العسكرية الموحدة والسياسة الخارجية الموحدة. إضافة إلى توحيد الأنظمة الصحية وسياسات ومناهج التعليم.
ومن بين ذلك أيضاً، وفق حمد بن جاسم، إقامة صناعات استراتيجية أساسية مثل صناعة الأدوية والتصنيع الحربي وصناعات الأمن الغذائي.
وتابع: “لو توفرت لأي اتحاد هذه المقومات فسيكون اتحاداً حقيقياً راسخاً على قواعد متينة. وبذلك فإنه سيوفر الحماية للصغير من أعضائه والكبير على حد سواء”.
وأكمل بالقول: “كان النقاش فيما بيننا يدور في مجمله حول السبل والاجراءات الكفيلة بحفظ حقوق كل عضو في الاتحاد عبر قرارات جماعية وليس انفرادية”.
واستكمل بالقول: “لا بد لبلوغ هذا الهدف الكبير من وضع تشريعات قانونية وقضائية مستقلة وإجراءات تقاض وقوانين نزيهة. تحمي حقوق كل الأعضاء، ويلتزم بها الجميع بقوة القانون”.
واستطرد: “أتمنى أن يحدث ذلك يوماً ما، ولكن الأمر يحتاج قبل الأمنيات إلى قدر كبير من الثقة والوضوح في الرؤى. بالإضافة لتقنين ذلك كله في أطر ملزمة كما قلنا سابقاً”.
ليست مصادفة ان تأتي تغريدات ابن جاسم حينها في الوقت الذي نشر فيه معهد دول الخليج في واشنطن مقالاً تحليلياً للكاتب مايكل ستيفنز، تطرق فيه إلى سبب بقاء مجلس التعاون الخليجي على قيد الحياة. على الرغم من الازمات التي عصفت بدول الخليج مؤخراً.
وقال الكاتب إن قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في يناير الماضي، في مدينة العلا السعودية، كانت بمثابة نهاية لخلاف عميق بين قطر وجيرانها. مع إن الانقسام بدا في بعض الأحيان حادًا لدرجة عصية على المصالحة، ومع ذلك، تم تجاوز الخلاف بنفس السرعة التي بدأ بها. دون أن يتم التعامل بجدية مع أي من المشاكل الرئيسية بين الطرفين.
ظاهرياً أصبح مجلس التعاون موحداً ولكن!
وأصبح مجلس التعاون الخليجي ظاهرياً “موحداً” مرة أخرى، وسط دعم وإشادة وسائل الإعلام الخليجية بمواقف “الدول الشقيقة”. لكن الحقيقة أن مجلس التعاون الخليجي أبعد ما يكون عن الوحدة، ومن الصعب معرفة المستقبل الذي ينتظر المنظمة.
وربما يكون من السابق لأوانه طرح مثل هذه الأسئلة؛ حيث قد تحتاج حرارة الخلافات الأخيرة إلى مزيد من الوقت لتهدأ قبل أن تبدأ المناقشات. حول مجلس التعاون الخليجي ودوره في العالم. لكن المشكلة الأكبر لم تتم معالجتها بعد؛ فقد كافح المجلس منذ إنشائه لتحديد دور لنفسه في الشؤون الإقليمية أو العالمية.
ماذا يعني مجلس التعاون الخليجي؟
والحقيقة- كما يقول الكاتب- فأن مجلس التعاون يكافح لتحديد ماهيّته أصلًا، فهل هو تحالف أمني لدول متشابهة التفكير مثل الناتو؟. أم أنه قوة اقتصادية وثقافية مثل منظمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)؟ أم أنه تكتل سياسي واقتصادي مثل الاتحاد الأوروبي؟. وأفضل إجابة على كل هذه الأسئلة هي “لا، ليس بالضبط”، ولكن يمكن أن يكون كذلك، إذا أرادت الدول الأعضاء ذلك.
ويعتبر مجلس التعاون الخليجي تكتلا فضفاضا يركز على مجموعة من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية التي تهم 6 دول تشترك. في الروابط الثقافية والاجتماعية والجغرافية، وتتعاون هذه الدول في بعض الأوقات وتتنافس في أوقات أخرى.
وفي أوقات التعاون، يكون المجلس فعالا نسبيا حيث يمكن حشد موارد مالية ضخمة لمواجهة التحديات المشتركة. ولكن عندما تكون دول الخليج في نزاع أو منافسة، يتم اختزال مجلس التعاون الخليجي إلى ساحة نقاش دون أفعال، ويكون أضعف من مجموع أجزائه.
أنشأته أميركا لمواجهة تهديد إيران
وبالنظر إلى أن مجلس التعاون الخليجي قد صممته أميركا في المقام الأول لمواجهة إيران بالوكالة، بدعم من قوتها العسكرية والسياسية. فقد كان هناك دائماً عنصراً خارجياً قوياً يرتكز عليه المجلس، وربما كان هذا هو السبب الرئيسي للهوية المشوشة. فقد عرفت الدول الأعضاء وظيفتها وما يجب أن يعارضوه، لكن لا أحد يعرف حقًا ما الذي يجب أن يفعلوه.
صدمة الربيع العربي
لم يُصمم مجلس التعاون الخليجي أبدًا للتعامل مع معارضة داخلية جماهيرية في العالم العربي من النوع الذي نشأ في عام 2011. بسبب الإخفاقات الجماعية للأنظمة التي استمرت لعقود من الزمن والتي أصابها الركود السياسي والاقتصادي.
وفي أعقاب انتفاضات الربيع العربي، اشتكت دول الخليج (خاصة السعودية والإمارات) إلى الولايات المتحدة لعدم قيامها بما يكفي للحفاظ على النظام الإقليمي القديم. وأدى تراجع التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة إلى تسريع تصدع مجلس التعاون الخليجي. حيث سعت قطر والسعودية والإمارات لملء الفراغ الذي تركته واشنطن مع بدء النظام الإقليمي في التحول بشكل كبير.
وفسرت الدول الثلاث الاستقرار بطرق مختلفة تمامًا، بشكل يفتقر إلى أي رؤية مشتركة للشكل الذي يجب أن تكون عليه. المنطقة ونظامها السياسي ونتيجة لذلك، دعمت بعض هذه الدول الميليشيات والثورات المضادة وعارضوا مصالح. بعضهم البعض في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفق ترجمة “الخليج الجديد”.
وبدون رؤية أو هوية أو مهمة أمنية موحدة (بخلاف ما يأتي بتأثير من الخارج) اختارت دول مجلس التعاون الخليجي. جميعًا مسارات مختلفة للتعامل مع الاضطرابات الاجتماعية والسياسية العنيفة التي انتشرت في جميع أنحاء المنطقة. على مدى السنوات العشر الماضية، وتمحور الانقسام الرئيسي المتعلق بالخلاف بين قطر وجيرانها حول هذه النقطة.