الحرب الضروس والصراع الشامل والمعركة الأعنف والأطول والعجائب والغرائب والأساطير والمستحيلات والمعجزات، وكل ما له علاقة بالذهول والدهشة والانبهار والأشياء الخارقة للعادة عن صمود الشعب اليمني، بل أكثر من ذلك مالا يمكن التعبير عنه أو وصفه والحديث عنه بسهولة أو بالشكل الذي يمكن شرحه بالتفصيل،
كل هذا وأكثر كان حاضراً وبقوة وما يزال في المعركة التي يخوضها الشعب اليمني الصامد في مواجهة دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي منذ ست سنوات، لأن المعركة مختلفة عن غيرها من المعارك على مر التاريخ، في كل الجوانب وفي مختلف المجالات وعلى كل المستويات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها،
ومن يتابع مجريات المعارك منذ مارس 2015م إلى 2021م، وكيف كانت المعركة في البداية وكيف صارت اليوم وما الذي كان المفترض أن يحصل وما الذي غيّر موازين المعركة؟ من حيث المقارنة بين الإمكانيات والمتغيرات والمستجدات والمواقف والتحولات في شتى الميادين والأصعدة، من يتأمل هذا سيجد أن الشعب اليمني الصامد يحظى برعاية إلهية خاصة ويتمتع بقوة غيبية، لهذا صمد وجاهد وما يزال وسيبقى في مواجهة المعتدين وأدواتهم وعملائهم.
الصمود في ميادين الصراع المتنوعة يتمثل في الثبات والصبر والقوة النفسية والمعنوية والمواجهة بعزيمة قوية وإرادة صلبة والتغلب على التحديات ومواكبة الأحداث والمتغيرات والعمل المستمر والحركة والنشاط والإعداد والاستعداد الدائم إيمانياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وفي كل المجالات،
وخوض غمار المعركة مع العدو بكل قوة وعزة وشموخ مهما كان حجم الصعوبات والمخاطر ومهما كانت التضحيات جسيمة وكبيرة، وإضافة إلى هذا كله عدم الاكتراث لقوة العدو وإمكانياته العسكرية والمادية والبشرية أو الخوف والخشية منها بل العمل على تحويل ما يملكه العدو من قوة إلى وبال عليه،
بحيث تتحول أمواله وإمكانياته وجيوشه ومرتزقته إلى فرائس وغنائم ومقابر وخسائر، فتكون سبباً في هزيمته النفسية والعسكرية والميدانية، وهذا ما جسده الشعب اليمني الصامد في معركته التي يخوضها منذ ست سنوات مع دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي، بفضل ثقته بالله وبفضل قيادته الحكيمة وبفضل الهوية الإيمانية التي يتمتع بها ويحافظ عليها ويعمل بها.
صمود شعب الإيمان والصمود يشمل كل المجالات، صمود في مواجهة الهجمة العسكرية العدوانية الأمريكية السعودية البريطانية الإماراتية، وصمود في مواجهة الأسلحة المحرمة والقنابل العنقودية، وصمود في مواجهة الحصار الاقتصادي واحتجاز العدو لسفن المشتقات النفطية، وصمود في مواجهة الحرب الإعلامية والنفسية،
وصمود في مواجهة الحرب الناعمة، وصمود في مواجهة الحرب السياسية والدبلوماسية، وصمود في مواجهة الأوبئة والأمراض وانعدام الأدوية والمستلزمات الطبية نتيجة إغلاق العدو للمطارات والقرصنة على السفن اليمنية، وصمود في مواجهة الحرب التي تستهدف الجبهة الداخلية، وصمود في مواجهة كل أنواع الحروب والصراعات وعلى مدى ست سنوات، ليس هذا فحسب بل ترافق مع الصمود بناء مؤسسات وتصنيع أسلحة ومنظومات متطورة، وقدرات عسكرية حديثة وتوجه عملي نحو اكتفاء ذاتي في المجال الزراعي والاقتصادي وفي مختلف المجالات.
ولأن الأهداف عظيمة وسامية والمشروع مقدس والقيادة حكيمة والمنهجية قرآنية والعمل هو الجهاد في سبيل الله والقضية محقة والتوكل على الله فقط والرهان عليه، فقد استطاع الشعب اليمني الصامد أن يسطر أروع وأقوى أنواع الصمود في مواجهة دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي ولم يكترث لحجم الهجمة ولا حجم إمكانيات العدو ولا طول أمد المعركة،
بل إنه منذ الأيام الأولى للمعركة أطلق عليها اسم “معركة النفس الطويل” وهي كذلك قولاً وعملاً فهي معركة طويلة الأمد من حيث الزمان وقوية التأثير من حيث المعطيات الميدانية العسكرية، وشاملة لأنها شملت كل جوانب الصراع، ويمكن القول إن الشعب اليمني خلال الست السنوات الماضية جسد معنى الثبات والصمود في معركته ضد الطواغيت والمستكبرين وما يزال بنفس العنفوان، بل هو اليوم بمعية الله والتوكل عليه أقوى من أي وقت مضى، وقد ثبت ذلك للجميع من خلال مستجدات المعركة التي جاءت عكس ما كان يحلم به المعتدون.
لقد استطاع الشعب اليمني الصامد – خلال هذه السنوات – أن يثبت للجميع أن القوة الحقيقية تكمن في الثقة بالله والتوكل عليه وفي القضية المحقة والثقافة القرآنية والقيادة الحكيمة والواعية والشجاعة، واستطاع أن يؤكد للعالم أن الأخذ بالأسباب والتحرك بجد والعمل بنشاط ومسؤولية وإعداد القوة والصبر العملي والصمود الدائم المستمر بعيد المدى – الذي ليس له حدود زمنية ولا تقهره الظروف والمتغيرات – هو الصمود المثمر والمؤثر الذي تكون نتائجه إيجابية وعواقبه سليمة وعظيمة وهو الصمود الذي يصنع النصر والتمكين للمؤمنين الصادقين المجاهدين في سبيل الله.
______
زيد البعوه