مع اقتراب المواجهات بين قوات صنعاء، والقوات الفار هادي، من البوابة الغربية لمدينة مأرب، واشتدادها في أكثر من محور في محيط المدينة، صعّد تحالف العدوان السعودي -الإماراتي جواً وبرّاً، محاوِلاً إنقاذ معقل «المرتزقة» التي يستخدمها منذ ستّ سنوات كغطاء لتمرير أجندته.
وإلى جانب إرسال الرياض شحنة أسلحة جديدة إلى قوات هادي في مأرب، ودعم سلطات المدينة بمئات الملايين من العملة السعودية لشراء المزيد من المقاتلين والولاءات في أوساط قبائل محيط مأرب وعبيدة، عمدت إلى إشعال جبهتَي ريف تعز الغربي وحيران- عبس- الواقعة على الحدود اليمنية-السعودية، في محاولة منها لإرباك الجيش و«اللجان الشعبية».
وتزامناً مع التصعيد العسكري، رمت الرياض بكلّ ثقلها الدبلوماسي لوقف تقدُّم قوات صنعاء. وعلى رغم أن جبهة صرواح مشتعلة منذ العام الأول للعدوان، إلا أن السعودية تعمد إلى التهويل في شأن خطورة سقوط مأرب كونها المعقل الأخير لوصايتها في المحافظات الشمالية، وخطّ الدفاع الأول عن مصالحها ومصالح رعاتها الغربيين في السواحل الغربية والشرقية والمحافظات النفطية جنوب البلاد.
وهذه المعركة، التي حرّكت الركود السياسي والعسكري خلال الأسابيع الماضية، لا تزال على أشدّها في عدد من محاور القتال.
فخلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، دارت مواجهات عنيفة في عدد من المرتفعات والمناطق الواقعة ضمن النطاق الإداري للمدينة، وانتهت إلى تقدُّم الجيش و»اللجان» شرق منطقة العكد في جبهة نخلا غربي المدينة، وذلك بعد تقدُّمهما أول من أمس في اتجاه منطقة القاعد في محيط العكد،
وهو ما يقرّبهما من قاعدة «صحن الجن» العسكرية من جانب، ويفتح مساراً آخر للمواجهات الجارية في محيط الطلعة الحمراء التي صارت تحيط بها قوات صنعاء من أكثر من اتجاه بعد تقدُّمها نحو الطلعة من وادي البراء.
وتقول مصادر قبلية إن قوات هادي بنت خطوطاً دفاعية جديدة شمال «صحن الجن»، وفي منطقة الميل التي اقتربت المواجهات منها، وتُعدّ من المناطق المحيطة بالقاعدة العسكرية التي تحتوي مقرّ وزارة الدفاع التابعة لهادي.
وفي الوقت الذي نَفّذ فيه الجيش و»اللجان»، خلال الساعات الماضية، عملية بحرية في سدّ مأرب أدّت إلى تفجير زورق عسكري لقوات هادي، دارت مواجهات عنيفة بين الطرفين في سلسلة جبل البلق القِبْلي شارك فيها طيران العدوان بسلسلة غارات محاوِلاً وقف تقدُّم الجيش و»اللجان» في ما تَبقّى من السلسلة الجبلية الاستراتيجية.
ومقابل هدوء حذر شهدته جبهات العلم شمال مأرب، اشتدّت المواجهات جنوب المدينة خلال اليومين الماضيين، وخاصة في مديرية جيل مراد، وذلك على مسارين منذ مساء الأربعاء حتى فجر الجمعة، وحَقّقت فيها قوات صنعاء تقدُّماً كبيراً في الأوشال وآل الأحمد.
تصاعد الضغوط الدولية إلى أعلى مستوياتها على حكومة صنعاء
بالتوازي، وجّهت السعودية قيادة «المنطقة العسكرية الخامسة» على الحدود، ومقرّها في جيزان، بالتصعيد في جبهات حرض وعبس الواقعة على بعد أكثر من 130 كلم شمالي الحديدة.
وبعد محاولة تقدُّم لتلك القوات في أطراف مديرية حيران بمحافظة حجة، نَفّذ الجيش و«اللجان» عملية التفاف داخل الأراضي السعودية بعد صدّهما الهجوم في أطراف حيران، حيث تَمكّنا من إفشال هجوم لقوات هادي انطلق من منطقة أحد المسابحة داخل الحدود. كما تَقدّما في مناطق أخرى، وغنما أسلحة سعودية ثقيلة ومتوسّطة.
وبالتزامن، تابعت ميليشيات «الإصلاح» تصعيداً مماثلاً غرب تعز بدعوى تخفيف الضغط عن جبهات مأرب، لكن مجريات المعركة في ريف تعز تشير إلى أن «الإصلاح» يصبّ تركيزه على تحجيم سيطرة الميليشيات الموالية للإمارات في الساحل الغربي، والسيطرة على ميناء المخا الواقع تحت السيطرة الإماراتية منذ 2017، كونه المَنفذ البحري الوحيد لما يسمى مشروع «إقليم الجند».
في هذا الوقت، تصاعدت الضغوط الدولية إلى أعلى مستوياتها على حكومة صنعاء، في محاولة لوقف التقدُّم تجاه مأرب وتحريرها.
وعلى خلفية معلومات استخبارية تفيد بأن المدينة قاب قوسين أو أدنى من السقوط، ضاعفت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضغوطها، مُصدِرةً، بالإضافة إلى إيطاليا، بياناً دانت فيه العمليات الهجومية التي استهدفت غرف العمليات الحربية في «صحن الجن» وقيادة المنطقة العسكرية الثالثة في المنطقة نفسها،
فضلاً عن استهداف اجتماع لقيادات عسكرية تابعة لهادي مع قيادات سعودية، بينهم متحدّث العدوان المالكي، مساء الثلاثاء الماضي في مأرب، أوقع العشرات بين قتيل وجريح.
وتفيد مصادر بتعرُّض المالكي، أيضاً، لإصابة طفيفة، ومقتل عدد من الجنود السعوديين المرافقين لقيادات عسكرية موجودة في المدينة منذ أسبوع.
وسبق أن هاجم قائد «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، الدول التي أصدرت البيان في خطاب ألقاه الأربعاء الماضي بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد القائد، واتّهمه مَن يطالب بوقف معركة تحرير مأرب بـ«مشاركة دول العدوان في قتل الشعب اليمني الذي تعرّض لمجازر جماعية بالقنابل والطائرات الأمريكية والبريطانية، والسلاح الأوروبي»، مؤكداً أن الجيش واللجان سيواصلان تقدُّمهما نحو المدينة.
الأخبار اللبنانية