العدوان على اليمن.. أمريكا تتحدث عن السلام وتفرض استمرار العدوان

586
العدوان على اليمن.. أمريكا تتحدث عن السلام وتفرض استمرار العدوان
العدوان على اليمن.. أمريكا تتحدث عن السلام وتفرض استمرار العدوان

لم يكن قرار إعلان الحرب على اليمن، التي تقترب من عامها السابع قرارا سعوديا منفردا، بل تم بتخطيط مسبق، وبتنسيق كامل مع الولايات المتحدة، والتي تم من عاصمتها إعلان شن الحرب، وقدمت الإدارة الأمريكية كامل الدعم لتحالف العدوان حتى الآن، وهي وحدها القادرة على وقف هذه الحرب الغاشمة، اذا أرادت فعلا، إنهاء معاناة اليمنيين وإعادة السلام الى هذا البلد المنكوب باعتبارها شريك رئيسي في هذه الحرب.

فهل الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة بايدن عازمة فعلا، على وقف الحرب، في ظل القرارات والإجراءات التي أعلنها بايدن مؤخرا والتي تتضمن وقف دعم الولايات المتحدة للسعودية والإمارات بالسلاح، وتعيين مبعوث أمريكي خاص باليمن، في ظل التناقض الواضح في هذا الجانب من خلال تأكيد بايدن أيضا مواصلة دعم بلاده للسعودية في الدفاع عن أراضيها وأمنها ومواطنيها»، وفي التصدي للصواريخ التي تنطلق من اليمن ؟!

لم يكن قرار إعلان الحرب على اليمن، التي تقترب من عامها السابع قرارا سعوديا منفردا، بل تم بتخطيط مسبق، وبتنسيق كامل مع الولايات المتحدة، والتي تم من عاصمتها إعلان شن الحرب، وقدمت الإدارة الأمريكية كامل الدعم لتحالف العدوان حتى الآن، وهي وحدها القادرة على وقف هذه الحرب الغاشمة، اذا أرادت فعلا، إنهاء معاناة اليمنيين وإعادة السلام الى هذا البلد المنكوب باعتبارها شريك رئيسي في هذه الحرب.

فهل الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة بايدن عازمة فعلا ،على وقف الحرب، في ظل القرارات والإجراءات التي أعلنها بايدن مؤخرا والتي تتضمن وقف دعم الولايات المتحدة للسعودية والإمارات بالسلاح، وتعيين مبعوث أمريكي خاص باليمن، في ظل التناقض الواضح في هذا الجانب من خلال تأكيد بايدن أيضا مواصلة دعم بلاده للسعودية في الدفاع عن أراضيها وأمنها ومواطنيها”، وفي التصدي للصواريخ التي تنطلق من اليمن .؟!

ويرى مراقبون ان تصريحات بايدن تناقض نفسها .. اذ كيف يستقيم الأمر بإعلان وقف مبيعات الأسلحة للسعودية، وفي الوقت نفسه يؤكد استمرار دعم بلاده لها، لمواجهة أي هجمات من اليمن، أو من أي أراض أخرى مجاورة للسعودية !!. ويعتبرون إن توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة حول الملف اليمني، هي وجه جديد من التعامل المرن، والسياسة الناعمة التي تستخدمها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وخصوصا الديمقراطية، التي عادة ما تسعى لترميم الفجوات التي تخلفها الإدارات الجمهورية لكن سياسة واشنطن تظل ثابتة، تجاه الكثير من القضايا الخارجية التي يتحكم فيها اللوبي الصهيوني ومراكز المخابرات والأبحاث وصناع القرار.

فالجمهوريون لم يكونوا مرنين في التعامل مع الملف اليمني وكانوا واضحين في العداء، فجاء بايدن يريد أن يحسن وضع أمريكا وصورتها التي اهتزت كثيرا في عهد سلفه ترامب، كما هو في الشأن اليمني، من خلال الضغط على السعودية لإنهاء الحرب في اليمن، باستخدام أوراق ضغط جديدة، مثل وقف مبيعات الأسلحة، وملف خاشقجي وحقوق الإنسان / وملف ايران النووي، وغيرها من الملفات. وفي نفس الوقت تكوين لوبي سعودي جديد يدعم واشنطن من خلف الستار”.

وبحسب الكثير من المراقبين والمتابعين فإن إدارة بايدن اذا لم تتخذ خطوات جادة وعملية لوقف الحرب على اليمن في القريب العاجل فان كل التصريحات التي أدلى بها بايدن حول اليمن سوف تتغير في المستقبل، بالنظر لمصالحها ومصالح إسرائيل، فإذا ما حصلت واشنطن من السعودية على ما تريده من أموال من تحت الستار، سيظل الملف اليمني معلقا، ولن يكون هناك أي توجهات جدية عاجلة لانهاء الحرب، وهو ما يخشاه الشارع اليمني، الذي لا يزال ينتظر إجراءات أمريكية جدية على الأرض، تترجم هذه القرارات، قبل أن تفتح السعودية باب خزانتها بشكل كلي وربما مضاعف عن ذي قبل، لإغراء الإدارة الأمريكية، وجعلها تغض الطرف عن النظام السعودي الذي يتهاوى يوما بعد آخر.

ويرى المراقبون أن “تعيين مبعوث أمريكي لليمن هو دغدغة لمشاعر اليمنيين ورسالة للخارج بان الولايات المتحدة حريصة على السلام في اليمن، ولكن ذلك سيظل مجرد شكليات، لا نفع منها، مالم يكن هناك جدية حقيقية وسريعة في وقف الحرب ورفع الحصار وفتح المطارات، عندها يمكن القول بأن هناك جدية لوقف الحرب، والذهاب الى مفاوضات لإحلال السلام العادل والشامل.

وهو ما شدد عليه عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي الذي وصف تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدين، بشأن وقف العدوان بأنها “مجرد تصريحات” شكلية، فيما المنتظر “وقف العدوان ورفع الحصار على اليمن بشكل عملي”. وقال” ‏يعلم العالم أجمع أن ‏أمريكا هي من تقود العدوان على اليمن، وأي خطوة نحو التعقّل ‏واعترافها بالخطأ الذي قامت به كشريك رئيسي في العدوان ‏والإرهاب ضد شعبنا وضد ‏وطننا نرحب به، ونحن مع السلام العادل الذي يصون وحدة وطننا وكرامة وعزة شعبنا ”

ومن جانبه قال رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام : إن كانت أمريكا جادة في وقف الحرب فعليها أن تبرهن بخطوات ملموسة برفع الغطاء السياسي عن هذه الحرب العبثية”. فما نشهده على الواقع هو نقيض السلام الحقيقي الذي نحرص عليه لرفع معاناة شعبنا اليمني”.

وأضاف: “نحن أهل للتعاطي الجدي مع أي خطوات عملية، وليس الدعوات الشكلية لافتا إلى أن “حلفاء أمريكا مستمرون في عمليات التحشيد مما ينبئ عن مرحلة تصعيد عسكري في الساحل الغربي وباقي الجبهات”، مؤكدا “جاهزية شعبنا والجيش واللجان الشعبية لمواجهة أي تصعيد”. وجدد التأكيد على أن البرهان الحقيقي لإحلال السلام في اليمن هو وقف “العدوان ورفع الحصار”. لافتا إلى أن “صواريخ اليمن لن تتوقف إلا بتوقف العدوان والحصار بشكل كامل”.

وفي هذا الصدد يعتبر المراقبون أن التصريح الجديد لوزير الخارجية الأمريكية أمس والذي تضمن مطالبة أنصار الله بوقف الهجمات على الأراضي السعودية، وكذلك وقف أي تقدمات أو هجمات عسكرية داخل اليمن، يؤشر إلى عدم وجود توجهات جدية من قبل واشنطن لوقف الحرب على اليمن . ويتساءلون كان الأحرى بوزير الخارجية الأمريكية أن يوجه كلامه هذا لدول تحالف العدوان ويطالبها بوقف حربها وعدوانها على اليمن بشكل عاجل بحكم أنها دول معتدية وبلاده هي الدعم المباشر لها، وليس مطالبة اليمن بوقف هجماتها، فهي بلد معتدى عليه، وتدافع عن نفسها.

وتنسجم تصريحات وزير الخارجية الأمريكية الأخيرة مع خبراء أمريكيين قدموا سيناريو لوقف الحرب في اليمن، لا يتطلب قطع الدعم الأمريكي للتحالف، بل يستوجب التهديد بمضاعفة ذلك الدعم ما لم يحترم انصار الله، ما أسموه بالتزاماتهم تجاه الأمم المتحدة ويظهروا استعدادهم لتسليم الأسلحة والمدن التي استولوا عليها. وشدد مايكل نايتس وكينيث إم بولاك وباربرا إف وولتر في مقال تحليلي مشترك، نشرته مجلة “فورين افيرز” الأمريكية، على أن وقف القتال في اليمن يتضمن الاستمرار في دعم السعودية، في إشاره واضحة تدلل على عدم وجود جدية حقيقة لواشنطن في وقف الحرب.

وهو ما ذهب اليه سياسيون ومراقبون، اعتبروا قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وقف دعم حملة التحالف العربي في اليمن سببه سعي من الولايات المتحدة لفرض وجود عسكري مباشر هناك”. وقالوا أن الإدارة الجديدة للبيت الأبيض لها سياسة مختلفة عن سابقاتها وهي فرض الحضور السياسي والعسكري المباشرة في اليمن، كما حدث في كل من العراق وسوريا، والذي اخذ يظهر بشكل جلي في الجنوب المحتل، حيث بدأت واشنطن بوضع قواعد عسكرية لها سواء في عدن أو شبوة أو المهرة أو …

ورغم التغير الشكلي في السياسة الأمريكية بشأن اليمن إلا ان مراقبين ومحللين سياسيين يرون ان الموقف الأمريكي بشأن استمرار العدوان على اليمن لن يتغير كثيرا، فواشنطن من خلال مشاركتها في الدعم والتخطيط والتنفيذ للعدوان السعودي الإماراتي هي من تدير هذه الحرب وتتحكم فيها بل ان في استمرارها مصلحة أمريكية بحتة تضمن المزيد من استحلاب أموال السعودية والإمارات، ولكن بطرقية ربما غير معلنه بخلاف النهج الترامبي، وبأوراق أخرى كما اشرنا اليها مقابل حماية نظاميهما العميلين ولدى الولايات المتحدة وفق خبراء ومقربين من صانعي القرار في واشنطن مشروع في اليمن على غرار مشروع “الشرق الأوسط الكبير”، وهو مشروع “اليمن الكبير”

والذي تستهدف من خلاله

– تعميق الانقسام السياسي العربي وتأمين ظهور معارك دموية جديدة بينهم. تفتيت اليمن وترسيخ الانقسام الراهن في العالم الإسلامي. توجيه السعودية، التي تميل للخروج من السيطرة، بما يتناسب مع ما هو مقترح في مشروع الشرق الأوسط الكبير وخلق مساحات فوضى جديدة في المنطقة. الانتشار في المنطقة بشكل أقوى من قبل، والسيطرة على منطقة ذات استراتيجية/جيوسياسية هامة لدى “الشرق الأوسط الأمريكي”. السيطرة على الممرات المائية وخصوصا باب المندب وتعزيز قبضتها فيما يخص أمن الطاقة ومشروع الحزام والطريق.

وتتجلى المشاركة الأمريكية في الحرب على اليمن من خلال:

إدارة العمليات العسكرية مع قيادات التحالف وتزويد طيران العدوان بكافة المعلومات عن المواقع العسكرية ومواقع السلاح والأجهزة الحكومية الحساسة وغيرها من المعلومات الاستخباراتية، على اعتبار أنها كانت الحاكم النافذ والمؤثر في اليمن قبل الحرب عبر سفراءها الذين كانوا يديرون شؤون البلاد من الخلف.

تزويد السعودية والإمارات بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة بما فيها القنابل العنقودية والموجهة، وكذا تزويد طيران التحالف بالوقود وقطع الغيار، مقابل الحصول على أموال طائلة لها من الرياض وأبو ظبي. المشاركة بطائرات دون طيار لاستهداف قيادات الحوثيين وتمركز قواتهم إضافة إلى المسح الأرضي للاستطلاع. إضافة الى تزويد تحالف العدوان بصور فضائية عبر الأقمار الصناعية لمسح الألغام وتقدم القوات ومعرفة أماكن تواجد الجيش واللجان الشعبية وخنادقهم.

لقد شكلت الولايات المتحدة وفق المراقبين غطاءً سياسياً للجرائم التي ارتكبها التحالف بقيادة السعودية؛ في اليمن على مدى أكثر من ست سنوات، حيث وقفت أمام المشروع المقدم من روسيا لحل الأزمة، وتبنت المشروع الخليجي المقدم من السعودية، كما وقفت أمام المشروع الهولندي، الذي طالب بتشكيل لجنة تحقيق محايدة تجاه الجرائم التي يرتكبها التحالف بقيادة السعودية كي لا يتم مساءلة السعودية، أو تحملها مسؤولية جرائم الحرب.

خبراء ومحللون أمريكيون يكشفون الحقائق

في تحليل نشره في مجلة (كونسوتيوم نيوز) تحت عنوان “حرب السعودية على اليمن تشبه الحرب على فيتنام أو أفغانستان” ..قال المستشار السابق في مجلس السياسة الخارجية الأمريكي والمختص بشؤون الشرق الأوسط (وليام بولك) أن واشنطن حين شنت الحرب على فيتنام لم تكن تتصور أنها ستدوم ١١ عاماً وستستقطب قوى كثيرة داخلية وخارجية ضد الولايات المتحدة.

ويعترف (بولك) بأنه قال لكينيدي حين كان يعمل مستشاراً في التخطيط السياسي الأمريكي أن فتح الحرب سهل لكن الصعوبة في كيفية إنهائها، وهذا ما حدث للسياسة الأمريكية في فيتنام. ويبدو أن عوامل التشابه بين الحرب الأمريكية على فيتنام وبين الحرب السعودية لا تتعلق هنا بتشابه بين قوة عظمى تقود كتلة دولية مثل الولايات المتحدة وبين السعودية الدولة التي تستند في كل شؤونها ومستقبلها على الولايات المتحدة، لكن عوامل التشابه هنا كانت من صنع الولايات المتحدة التي دفعت الرياض لشن هذه الحرب بدلاً منها.

وقال إن واشنطن هي التي زينت للرياض وجود نفوذ إيراني في اليمن وأخطار امتداده في شبه الجزيرة العربية، ووصفته لها بالخطر الذي يهدد المملكة لكي تدفعها إلى المبادرة بالهجوم بهدف ترتيب اليمن على طريقة سعودية، وهو نفس ما زعمته واشنطن عن نفوذ الشيوعية في فيتنام وضرورة منع وجوده وامتداده من فيتنام وتحالفت واشنطن مع كمبوديا ولاوس ودول في جنوب شرق آسيا في العدوان على فيتنام. في المقابل، دعت السعودية إلى تحالف ضم دول الخليج ومصر والسودان والمغرب والأردن ضد اليمن.

من جانبه كشف (دانا سوستير) المحلل المختص بالأمن الدولي في تحليل نشره في مجلة (فورين بوليسي) أن المؤسسة العسكرية الأمريكية تشترك بأشكال متنوعة في حرب السعودية على اليمن بدعم من البيت الأبيض ومن الكونغرس، ويعترف المشاركون الأمريكيون في الأعمال الحربية بأن السلطة السعودية الحاكمة أساءت التقديرات في هذه الحرب وصمتت الإدارة الأمريكية على سوء تقديرها لأن العاهل السعودي كان يتصور أن الحرب على اليمن ستنتهي بأسابيع قليلة أو بأشهر، وها هي تزداد تعقيداً أو تطول أكثر فأكثر دون أن تعرف السعودية وحلفاؤها كيف يمكن إنهاؤها.

وبحسب (كينت بولاك) البروفيسور في (مركز بروكينغز) للأبحاث الاستراتيجية الذي طالب (بكبح جماح السعودية وحلفائها من أجل مصلحتهم). فان لولايات المتحدة تراقب انتكاسات الحرب السعودية وتلاحق مضاعفاتها على مصالحها وليس على مصالح المنخرطين في الحرب على اليمن، وأصبح من الواضح أن هزيمة السعودية في حربها ضد اليمن لن تلحق الأضرار إلا بمصالح السعودية وليس المصالح الأمريكية. ويتساءل (بولاك): هل ستقبل واشنطن أن تتحول حرب السعودية على اليمن إلى جزء من مسار الحرب الباردة التي أطلت برأسها؟

ويبدو أن المصلحة الأمريكية تفترض تسخير كل حروب المنطقة باتجاه يخدم دورها في أي حرب باردة مقبلة على غرار ما فعلته في أوروبا حين استحضرت وبعثت عوامل حرب بين موسكو وكييف، وبين اليابان وكوريا الجنوبية والصين. وحين تصبح السعودية جزءاً في قلب شبكة أمريكية في أي حرب باردة مقبلة فسوف تخسر كثيراً. أما اليمن فسوف يجد نفسه أكثر استقلالاً في قراره ورسم مستقبله من السعودية على غرار ما جرى في فيتنام التي انتصرت وتوحدت وأصبحت طليعة الدول المستقلة في جنوب شرق آسيا.

وعموما لا زلنا في البدايات الأولى للتوجه الأمريكي الجديد، وستكشف الأيام القليلة القادمة حقيقة النهج والتوجه الجديد للبيت الأبيض بشأن اليمن، فإما أن تجد تصريحات بايدن وقراراته طريقها للتنفيذ على الأرض ويتم وقف الحرب ورفع الحصار عن اليمنيين، أو تظل مجرد إجراءات شكلية وورقة ضغط تستخدمها واشنطن كلما دعت الحاجة لتحقيق المزيد من الأجندات والمصالح الأمريكية، واستحلاب ما تبقى من أموال من البقرة الحلوب، مع استمرارها في اتباع سياسة الدبلوماسية المرنة، وإصلاح ما أفسدته الإدارة السابقة في سياستها الخارجية.

الثورة / عبدالملك الشرعبي