المشهد اليمني الأول| متابعات
لم يعد لمملكة الرمال تلك الحصانة التي كانت تتمتع بها عبر عقود من الزمن مع الولايات المتحدة، والقانون السائد لدى واشنطن في العلاقات الدولية ينبع من مصالحها التي بدأت تتغير مع السعودية وجميع دول الخليج العربي باتجاه مناطق أخرى لكنها تستمر في الابتزاز حفاظاً على مصالحها وهذا ما كان واضحاً من خلال إقرار الكونغرس لقانون “مقاضاة السعودية” المعروف باسم “جاستا” وإعطائه الضوء الأخضر لضحايا أحداث الحادي عشر من أيلول لرفع دعاوى ضد بني سعود، وبالتالي وفقاً للخزانة الأمريكية فإن السعودية لا يمكنها التصرف بأموالها.
إن هذا القانون صُمم للاستيلاء على أموال وأملاك السعودية في الولايات المتحدة كتعويض لأحداث أيلول وتحميلها كدولة مسؤولية جرائم جنائية بصورة مباشرة مثلما جرى مع ليبيا سابقاً في قضية لوكربي، وهذا ما شكل ضربة للعلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية إلا أن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر توقع أن يعقد الكونغرس جلسة لتعديل القانون بعد الانتخابات الأمريكية في الثامن من تشرين الثاني المقبل في حين أن الضجة التي أثيرت حوله هي البداية لتصدع هذه العلاقة مع توقعات لصندوق النقد الدولي بانهيار السعودية خلال السنتين المقبلتين، وهذا ما شعر به أمراء بني سعود الذين تحركوا سريعاً لإنقاذ مملكتهم عبر المحاولة لبيع أصولهم في الولايات المتحدة مقابل نصف قيمتها وفق العرض الذي قدمه الأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي لتركيا ورفضه رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بحجة أن بلاده لا يمكنها الوقوف في وجه الولايات المتحدة في ظل ظروف إقليمية ودولية في غاية التعقيد ما أصاب نظام بني سعود بخيبة أمل كبيرة بعد تخلي أقرب حلفائه عنه.
بالطبع فإن أردوغان يعلم جيداً بما تجهزه الولايات المتحدة للسعودية، وأن أي قوة في العالم لا تستطيع إيقاف النوايا الأمريكية تجاه نظام بني سعود، وهذا ما يشير إلى أن السعودية تقف أمام حرب شرسة أعلنتها عليها واشنطن وقد يتطلب الأمر لاحقاً فتح كل خزائن مخابراتها، ووزارة داخليتها أمام المحامين والمحققين في هذه القضايا لتقديم وثائق متعلقة بالإرهاب وهجمات أيلول والمتورطين فيها، فهذا القانون يلاحق الممول والمنفذ، والمشارك في التمويل أو التحريض، أو من ساعد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وقدم خدمات للمنفذين.
إذا ما دققنا جيداً في الخطوات الأمريكية تجاه السعودية نلاحظ أنها مدروسة منذ أن وافق الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية في العام 1983 على مشروع برنارد لويس الأمريكي من أصل بريطاني لتقسيم المنطقة على أسس مذهبية بينها السعودية ، ولهذا فإن مشروع “جاستا” يؤكد أن المملكة ستتصدع قريباً، وبذور هذا التصدع سيكون من الداخل بالدرجة الأولى ومن جهتين: الأولى من خلال الخلافات بين أمراء بني سعود والصراع على السلطة، والثانية من خلال المؤسسة الدينية التي يسيطر عليها الفكر الوهابي التكفيري الداعم الأساسي لجميع إرهابيي العام من «القاعدة وداعش وجبهة النصرة» وجميع التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم التي تعتنق هذا الفكر وبالتالي سيحّمل مشروع “جاستا” السعودية مسؤولية الإرهاب العالمي واعتبارها دولة راعية للإرهاب.
إن بني سعود غرقوا في شر أعمالهم بسبب تمويلهم للإرهاب وللحروب وصفقات الأسلحة والتورط في سورية واليمن والعراق وغيرها إضافة إلى علاقاتهم التي أصبحت علنية مع إسرائيل ، وهذا ما سيؤدي إلى تفكك هذه المملكة، وبالتالي فإن توقعات صندوق النقد الدولي بانهيارها خلال السنتين المقبلتين دقيقة لينتهي بذلك عهد هذه المملكة التي كانت الأداة الطيعة بيد واشنطن في انتشار الإرهاب في المنطقة والعالم.
*قراءة للكاتب العربي نضال بركات