المشهد اليمني الأول/
قال صهر ترامب جاريد كوشنر: “الفلسطينيون عالقون في الماضي”. إنه محق! لأن الحرمان الذي تعرضوا له في الماضي كان مروّعاً، ويستمر إنكار حقوق الإنسان حتى هذا اليوم.
العلاقة بين العرب والعدو الإسرائيلي ليست في الخفاء، فقد بدأت عملية التطبيع بشكل رسمي وعلني. وبعد الإمارات والبحرين، ستأتي دول أخرى وتطبّع، ويعمل كوشنير بأقصى طاقته لإنجاح هذا الاتفاق، ليكسب ترامب أصوات اللوبيات الصهيونية، مثل “أيباك”، وأصوات يهود أميركا.
الرئيس الأميركي وصهره جيرارد كوشنر، عراب عملية التطبيع التي انخرطت فيها البحرين والإمارات، استضافا حفل توقيع “اتفاق إبراهيم” الذي يؤسس علاقات دبلوماسية كاملة بين “إسرائيل” ودول في الخليج. وتتحدث مصادر إعلامية عن أن هناك احتمالاً كبيراً لقيام دول عربية أخرى، من مثل السودان وسلطنة عمان، بالانضمام إلى هذا الاتفاق، ما سيعيد ترتيب الشرق الأوسط.
تأتي هذه الاتفاقيّة كهدية كبيرة بالنسبة إلى ترامب في هذا الوقت تحديداً، فهي ستساعده في حملته الانتخابية. أما بالنسبة إلى الإمارات، فتتوقع الحصول على طائرات مقاتلة أميركية من طراز “أف-35″، وطائرات “ريبر” من دون طيار، وطائرات حربية متطورة من أنواع أخرى، وتتوقّع البحرين حصولها على أنظمة دفاع جوي.
“اتفاق إبراهيم” ليس اتفاقية سلام، ولكنّه اتفاق للانضمام إلى “إسرائيل” والإمارات والبحرين في قمع وسلب حقوق كل من الشعبين الفلسطيني والبحريني. تشرح المحامية الحقوقية نورا عريقات أنَّ الاتفاقية توفّر البنية التحتية العسكرية والمالية والدبلوماسية لقمع نضال الشعوب من أجل الديموقراطية والحرية في الشرق الأوسط.
أسرة آل خليفة في البحرين هي أسرة ملكية تحكم مواطنين لا صوت لهم. اندلعت الاحتجاجات المؤيدة للديموقراطية في أوائل العام 2011، قوبلت بقمع وحشي من قبل قوات الأمن.
أعلن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الأحكام العرفية، وأذن لـ1500 جندي من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بدخول البلاد لسحق المتظاهرين بوحشية. في أيار/مايو 2017، استجوبت السلطات البحرينية ابتسام الصايغ، ناشطة حقوقية بحرينية، لمدة سبع ساعات، وتعرّضت للضرب والاعتداء الجنسي.
البحرين جزء من التحالف في الحرب مع اليمن منذ العام 2015، إلى جانب الإمارات والسعودية، التي شنّت ما لا يقلّ عن 20 ألف غارة جوية، وقتلت 17500 مدني، في حملة عسكرية قصفت المستشفيات والحافلات المدرسية، وتركت أكثر من 10 ملايين يمني يواجهون في خطر المجاعة.
يبدو أنَّ الأسرتين الملكيتين اللتين تعيشان حياة الرفاهية الفخمة، لا تستطيعان تخيل شكل نمط الحياة الفلسطينية.
قال صهر ترامب جاريد كوشنر: “الفلسطينيون عالقون في الماضي”. إنه محق! لأن الحرمان الذي تعرضوا له في الماضي كان مروّعاً، ويستمر إنكار حقوق الإنسان حتى هذا اليوم، ويربط ماضيهم الجماعي بالحاضر في كابوس لا يتغير.
تخلَّصت ممالك الخليج العربي من ماضيها: الخيام والجمال، واستبدلت بها سيارات الفيراري والقصور الفخمة.
كانت “إسرائيل” وبعض القادة العرب في الخليج يطورون العلاقات بسرية منذ سنوات، لأنهم يشتركون في عداء مشترك مع إيران. ويشاركهم ترامب هذا العداء، وهو الذي وعد في حملته الانتخابية في العام 2016 بخرق الاتفاق النووي مع إيران، وذلك ما فعله.
كلَّف ترامب كوشنر بتطوير وبيع “صفقة القرن”، لكنَّه فشل. مع اقتراب محاولة ترامب لإعادة انتخابه، احتاجت حملته إلى دفعة، وأتت “اتفاقية أبراهام” في الوقت المناسب.
تنظر دول الخليج إلى “إسرائيل” كشريك تجاري مع اقتصاد عالي التقنية، وترى “إسرائيل” أنها وسيلة لإنهاء عزلتها مع ضخ استثمارات نقدية.
كل الأنظار تتجه نحو المملكة العربية السعودية، وحاكمها الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أشار إلى أنه منفتح على الاعتراف بـ”إسرائيل”. ورغم ذلك، حافظ والده الملك سلمان على موقفه من “مبادرة السلام العربية” السعودية المقترحة للعام 2002، والتي ستمنح اعترافاً كاملاً بـ”إسرائيل” من العالم العربي بأكمله بعد منح الفلسطينيين دولة.
اتفاق “إبراهيم” يمنح “إسرائيل” التطبيع مع الإمارات والبحرين. وقد اتخذت المملكة العربية السعودية بالفعل الخطوة الأولى بالسماح للرحلات التجارية الإسرائيلية باستخدام مجالها الجوي.
التقى كوشنر مؤخراً ولي العهد السعودي في منطقة نيوم في المملكة العربية السعودية، والتي تعدّ مركزاً ضخماً للتكنولوجيا الفائقة تقوم المملكة ببنائه، ويقال إنه موقع أول صفقة تجارية مفتوحة بين المملكة العربية السعودية و”إسرائيل”. وقد ناقشا القضايا الفلسطينية وسبل دعم الشراكة الأميركية السعودية. وقال كوشنر الشهر الماضي إن التطبيع مع السعودية “حتمي”.
كانت أول زيارة رئاسية لترامب إلى العاصمة السّعودية الرياض. وقد تفاخر بالتفاوض على بيع أسلحة بمليارات الدولارات للمملكة، بينما كان يدافع عن ولي العهد في وجه أدلَّة تشير إلى أنه أمر بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع أوصاله بوحشية. وإذا اعترفت المملكة العربية السعودية بـ”إسرائيل”، فسيكون ذلك بمثابة جائزة هائلة لترامب.
كما رحَّب السلطان العماني هيثم بن طارق بقرار البحرين تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، معرباً عن أمله في أن يسهم هذا القرار في السلام الإسرائيلي الفلسطيني. ويُعتقد أنَّ عمان والسودان والمغرب ستكون الدول التالية في الطابور لتوقيع الاتفاقية.