المشهد اليمني الأول/
في تتويج لعقود من العلاقات السرية والهرولة نحو التطبيع من قبل بعض الأنظمة الخليجية، تمت في العاصمة الأمريكية واشنطن أمس عملية التوقيع علي اتفاقيات العار التطبيعية بين كلاً من أبوظبي والمنامة من جانب وإسرائيل من جانب آخر، في خطوة أثارت استياءً وغضباً واسعاً في أوساط الشعوب العربية والإسلامية.
صفقات قادمة
وفي تطور لافت، كشف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن 5 أو 6 دول قد تنضم إلى صفقات مماثلة مع “إسرائيل” دون أن يحددها، بعد اتفاق البحرين والإمارات مع إسرائيل.
وقال ترامب، خلال افتتاحه فعاليات توقيع اتفاقيتي التطبيع : “أجريت مباحثات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ومع ولي العهد محمد بن سلمان، ولديهما عقل منفتح، وأعتقد أنهما سينضمان إلى السلام”.
وأضاف ترامب: “نرى كثيراً من الدول المهمة تلتحق، وسنرى السلام الحقيقي”، مضيفاً: “هذه الرؤية راودتني منذ فترة طويلة، وقد انتقدونا منذ سنوات؛ لاختيارنا هذا المسار للسلام”.
من جهتها سلطت الصحف الأميركية الضوء على حفل التوقيع على اتفاقيات تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي جرى أمس الثلاثاء في البيت الأبيض، متسائلة عمّا ستجنيه الدول المطبّعة، حيث أجمعت على أن الرابح من وراء ذلك هي إسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن ادعاء ترامب، أن الاتفاقات التي وُقِّعَت لتطبيع العلاقات مع إسرائيل تمثل “حقبة جديدة لشرق أوسط جديد” اعتبره خبراء أمراً مبالغاً فيه، مشيرة إلى أنها فشلت في التطرق إلى مستقبل الفلسطينيين.
وأوردت الصحيفة تصريحاً لمؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة “جي ستريت”، جيريمي بن عامي، قال فيه: “إنه ليس حلاً للصراع، وليس سلاماً – إنه صفقة عمل”. وأضاف قائلاً: “من الواضح جداً جداً أنّ هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل وهاته الدول، سواء عسكرياً أو أمنياً أو دبلوماسياً أو اقتصادياً، وهاته المصالح كانت قائمة منذ عقدين من الزمن”.
وفيما يخص تصريحات ترامب بشأن توقعه انضمام 5 دول عربية أخرى أو أكثر إلى قافلة التطبيع، أوضحت “نيويورك تايمز” أن المتابعين لمجريات الأحداث يرون أن السودان وسلطنة عمان من الدول المرشحة بقوة لدخول نادي المطبعين على المدى القصير.
إلا أن الصحيفة أوضحت أن البحرين لم تتصرف من تلقاء نفسها حينما هرولت نحو التطبيع مع إسرائيل، بل بمباركة سعودية، موضحة أن العائلة المالكة السعودية بصدد دراسة الخطوة التي يمكن أن تتخذها.
من جهتها، أوضحت صحيفة “واشنطن بوست” أن كلاً من الإمارات والبحرين لم تدخلا في أي حرب مع إسرائيل، وبالتالي فالوثائق التي وُقِّعَت ليست معاهدات سلام بالمعنى الحرفي للكلمة، مشيرة إلى أنّ البلدين الخليجيين كانا حتى وقت قريب يعتبران على المستوى الرسمي إسرائيل كياناً فاقداً للشرعية.
وأضاف مقال الصحيفة أن الدول العربية في منطقة الخليج بدأت تتقرب من إسرائيل خلال العقد الأخير، وبعضها بادر بإقامة علاقات واسعة، لكنها ظلت غير معلنة، وذلك في إطار رغبة مشتركة في تقليص النفوذ الإيراني بالمنطقة.
غياب للضم وF35
ورغم الادعاءات التي روجتها الإمارات لتبرير موقفها التطببعي، فقد غاب عن بنود الصفقة التي نشرتها بعض الصحف الإسرائيلية أية ذكر لما يخص مخطط الضم والذي زعمت الإمارات أن صفقتها التطبيعية جاءت لإيقافه، حيث نشرت صحف إسرائيلية، مثل “يديعوت أحرونوت” و”هآرتس” بعض التفاصيل والخطوط العريضة للاتفاقيتين.
وبحسب “يديعوت أحرونوت”، تمتدّ اتفاقية التطبيع مع الإمارات في 9 صفحات، وتهدف إلى إقامة علاقات بين الجانبين، وتبادل سفراء، وترد فيها إشارة إلى التطلع لحلّ الدولتين، لكنها لا تتطرق إلى مخطط الضم.
وتتحدث الاتفاقية عن “أجندة استراتيجية للشرق الأوسط”، مع التطرق إلى أهمية الأمن والتزام التعاون لتحقيق الاستقرار، فيما لا يتطرق نص الاتفاق إلى طائرات “أف-35”.
وأكد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، في تعقيبه على الاتفاق، مع الإذاعة الإسرائيلية، أنه لا يرى إمكانية لقيام دولة فلسطينية، والحلّ من وجهة نظره هو استيطان إسرائيلي في أنحاء “أرض إسرائيل” كافة مع حكم ذاتي موسع الصلاحيات للفلسطينيين.
أما رئيس الكنيست ياريف ليفين، فأكد من طرفه أنّ مخطط الضم لم يُلغَ وأنه أُجِّل فقط نزولاً عند طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خصوصاً أن الحكومة كانت قد أعلنت أنها لن تنفذ المخطط من دون موافقة الولايات المتحدة.
من جهتها، قالت الإذاعة الإسرائيلية العامة والإذاعة العسكرية “غالي تساهل”، إنه يتضح من الوثائق التي نشرها البيت الأبيض في الساعات الأخيرة لاتفاقيتي التطبيع، عدم وجود أي ذكر للدولة الفلسطينية أو موضوع فرض السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. في المقابل، تتحدث الاتفاقيتان فقط عن تطلعات شرعية للشعبين من دون توضيح للمقصود من هذا التعبير.
وفي تقييم لما ستربحه أبوظبي والمنامة من وراء التطبيع، أورد موقع “سي أن أن” أن الإمارات أوضحت أنها ترغب في الحصول على مقاتلات “أف- 35” من الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن الخطوة تلاقي معارضة في الأوساط الإسرائيلية.
في المقابل، أشار مقال “سي أن أن” إلى أنّ من غير الواضح ما هي الأهداف المحددة التي تنوي البحرين تحقيقها من وراء التطبيع، لكنه أضاف أن الاتفاقات تفتح الآفاق لإمكانية اقتناء المعدات التكنولوجية المصنعة في إسرائيل، بما فيها المعدات العسكرية، وكذا التعاون في المجالات الاقتصادية والصحية وفي السياحة وغيرها.
تصعيد للمقاومة
وفيما يبدو أنه رد عملي علي اتفاقيات التطبيع، قصفت المقاومة الفلسطينية، مدينتي عسقلان وأسدود المحتلة، بالتزامن مع توقيع اتفاقيتي السلام بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، كما خرجت مظاهرات في عدة مدن فلسطينية تنديداً بالاتفاق.
وأطلقت المقاومة صباح الأربعاء رشقات من الصواريخ تجاه مستوطنات ما يعرف بـ”غلاف غزة”، بينما كان الطيران الحربي والمروحي الإسرائيلي يستهدف مواقعها.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية “مكان” بأن أحد المجمعات التجارية في أسدود تضرر بسبب إطلاق الصواريخ، في حين قالت القناة 20 العبرية، إن هنالك إصابة متوسطة وعدة إصابات أخرى طفيفة بسبب الصواريخ.
من جهتها، جددت “كتائب القسام”، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس“، اليوم الأربعاء، التأكيد على أنّ الاحتلال الإسرائيلي سيدفع ثمن أي عدوان على الشعب الفلسطيني ومواقع المقاومة العسكرية، وجاء تأكيد القسام هذا في بيان مقتضب، بعد ساعات قليلة من القصف الإسرائيلي الذي استهدف مواقع للمقاومة شمالي ووسط قطاع غزة، والذي ردت خلاله المقاومة على هذا العدوان بتثبيت قاعدة أنّ “القصف الإسرائيلي سيقابله رد من المقاومة”.
وقالت الكتائب: “قد كان وسيظل الرد مباشراً، فالقصف بالقصف، وسنزيد ونوسع من ردنا بقدر ما يتمادى الاحتلال في عدوانه”.
وكانت طائرات حربية ومروحية إسرائيلية قصفت فجر وصباح اليوم الأربعاء، عدداً من مواقع المقاومة الفلسطينية في شمالي ووسط قطاع غزة. واستهدفت غارة إسرائيلية صباحاً موقعاً عسكرياً لحماس شرقي جباليا شمال القطاع، وفق ما أعلنت مصادر أمنية.
وفجراً استهدفت الطائرات المروحية موقع عسقلان التدريبي شمال القطاع بعدد من الصواريخ، ثم قام الطيران الحربي بقصف المكان بعدد من الصواريخ.
وقال متحدث باسم جيش الاحتلال إنه تم قصف 10 أهداف في غزة بينها مصنع لإنتاج وسائل قتالية ومتفجرات بالإضافة الى مجمع عسكري تابع لحماس يستخدم لتدريب وتجارب صاروخية. ولم يسجل وقوع إصابات في الجانب الفلسطيني خلال العدوان الإسرائيلي.