تجار كارثة المرفأ.. لعاب السماسرة يسيل على البيوت المدمرة في بيروت: البيع بثمن بخس والدفع بالدولار

980
تجار كارثة المرفأ.. لعاب السماسرة يسيل على البيوت المدمرة في بيروت: البيع بثمن بخس والدفع بالدولار
تجار كارثة المرفأ.. لعاب السماسرة يسيل على البيوت المدمرة في بيروت: البيع بثمن بخس والدفع بالدولار
المشهد اليمني الأول/

وكأنه لم يكن كافياً ما أصاب اللبنانيين من مصائب، تلك التي قال عنها أجدادنا إنها “لا تأتي فرادى”، فبعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أفضت إلى انهيار الليرة اللبنانية، جاء انفجار مرفأ بيروت، ليشكل ضربة قاضية لأحلام سكان “وطن الأرز” في تأمين أدنى مستويات العيش الآدمي في هذه البلاد.

ثلاثون في المئة من المشاريع والمؤسسات اللبنانية أقفلت فعلاً، فيما يدفع 20% منها نصف راتب للعاملين فيها، فضلاً عن ذلك، ارتفعت نسبة البطالة الى 50% ونسبة الفقر وصلت إلى 55 %بحسب وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله.

ومع أزمة الدولار التي تسببت بانخفاض القدرة الشرائية للمواطن اللبناني، أطلق انفجار بيروت رصاصات الموت الأخيرة، فأودى بحياة أكثر من 200 شهيد وأصاب أكثر من 5000 جريح فيما لا تزال جثث البعض عالقة تحت الركام.

وإلى جانب الأضرار البشرية تأتي الاضرار المادية حيث دمّرت نحو 80 ألف منزل بحسب ما أفادت به منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ووصلت الخسائر المالية الناجمة عن الانفجار الى ال 15 مليار دولار وفق تصريح وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال راوول نعمة.

خسر اللبنانيون وظائفهم، مصالحهم، أملاكهم، واحبّائهم، فلم يبقى لهم شيئا، ولا حتى سقف منزل يأويهم ويحميهم من البرد خصوصا وأننا على أبواب فصل الشتاء الذي لا تفرق عواصفه بين فقير وغني وبين ضعيف وقوي.

وفي الوقت الذي توالت وعود السياسيين ونواب بيروت بمساعدة “ناخبيهم” بقيت هذه الوعود كلام على ورق لم يترجم حتى الساعة ولو بعد مرور أسبوعين على الانفجار.

وأمام هذا المشهد المؤلم وهذا الوضع الخانق وجد سكّان بيروت ولا سيما سكان مناطق الأشرفية ومار مخايل أنفسهم مجبرين على بيع بيوتهم في ظل عجزهم على ترميمها خصوصا مع ارتفاع سعر مواد البناء من باطون وخشب وزجاج.

وبما أنّ مصائب قوم عند قوم فوائد، وجدت بعض المجموعات وعلى رأسها السماسرة في مآسي أهالي بيروت فرصة لشراء بيوتهم ومنازلهم بأسعار مغرية و”بالدولار”! في مشهد يعود بنا بالذاكرة إلى من “عمّر بيروت” بعد أن اشترى أراضيها بأرخص الاثمان فجعل منها شركة عائلية ورّثها لأبنائه بعد اغتياله.

وسبق أن تحركت جهّات سياسية في هذا المجال رافضة أن يبيع “مسيحيو” الأشرفية أراضيهم.

فأصدر وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني تعميماً يتعلق بمنع بيع العقارات ذات الطابع التراثي والتاريخي أو ترتيب أي حق عيني عليها إلا بعد أخذ موافقة وزارة الثقافة وذلك منعاً لاستغلال الحالة الراهنة للمناطق المنكوبة إثر تفجير مرفأ بيروت وضواحيها طوال فترة المسح وإعادة الاعمار.

ونشر النائب ​نقولا صحناوي​، تغريدة على حسابه عبر “تويتر”، اقترح فيها “تجميد عمليات البيع والشراء في المناطق المنكوبة الى حين تبيان وتوضيح آلية إعادة بناء الاحياء، وذلك لحماية هويتها التراثية ونسيجها الاجتماعي. وقد ارسلت كتابين الى محافظ ​بيروت​ والى امين سر الدوائر العقارية لأطلب منهما اتخاذ الاجراءات اللازمة لوقف هذه العمليات​”. ​​​​​​

ومن جهة ثانية أجرى رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ اتصالا بوزيري المالية والثقافة في ​حكومة​ تصريف الاعمال ​غازي وزني​ و​عباس مرتضى​ طالبا اتخاذ القرارات والاجراءات والتدابير اللازمة لمنع اي عملية رهن او بيع او وضع اشارة في ​السجل العقاري​ لأي عقار او مبنى من المباني و​العقارات​ المصنفة تراثية او ثقافية او تاريخية طوال فتره المسح القائم واثناء عملية اعادة الاعمار وذلك منعا لاستغلال الفرصة والتسلل تحت جنح العصف والدمار الحاصل في المنطقة المنكوبة في العاصمة ​بيروت​.

وهنا يطرح السؤال التالي البشر قبل الحجر أم العكس؟

فما بال هذا المسيحي إن كان هناك مخطط تغيير ديموغرافي يلوّح في الأفق في الوقت الذي عجز وفساد واستهتار دولته هو الذي هجّره من أرضه واخرجه من منزله بالقوة؟

ما بال هذا المسيحي بالجهة التي ستشتري منه منزله الذي دمّر طالما أنّها ستسمح له بشراء منزل آخر يأويه وعائلته من برد الشتاء القارص؟

ما همّ هذا المسيحي بالقضية المسيحية وبقاء المسيحيين في هذا الشرق طالما أنّ حقوقه كمواطن بالدرجة الأولى قبل أي انتماء ديني أو حزبي غير محفوظة وطالما أنه وأولاده معرّضين للموت في أي لحظة؟!

نعم ربما هناك من يحاول ان يستثمر في هذه الازمة بسوليدير 2 أو أن يوسع حدود سوليدير1، ونعم ربما هناك محاولة تغيير ديمغرافي يخطط لها ويتم تطبيقها ولكن من يتحمّل المسؤولية اليوم؟ من يساعد هؤلاء الناس ويحميهم من مطامع تجار الأزمات؟ من يعوّض على أبناء بيروت خسارتهم؟

فالمسؤولين وللأسف في غيبوبة، في واد أو عالم آخر، لا يسمعون صرخات الناس او لا يريدون سماعها. هم منشغلون بشد العصب الطائفي ولعب دور الضحية، هم منشغلون بافتعال معارك وهمية ومصارعة طواحين الهواء، هم منشغلين بالتستر على فسادهم وفضائحهم التي “طلعت ريحتها” العفنة.

والعترة تبقى على هذا الشعب المسكين الذي يحب جلاده ويقدّس زعيمه ويؤلهه!

______
باولا عطية