المشهد اليمني الأول| متابعات
دبلوماسيون أميركيون سابقون في اليمن والسعودية يتحدثون عن الحرب الدائرة هناك منذ أكثر من عام. وفق هؤلاء فإن هذه الحرب ليست في مصلحة الأمن القومي الأميركي وأن الرياض ركزت على قتال الحوثيين ولم تتعاط مع تهديد القاعدة كأولوية.
مئتا جندي أميركي وصلوا في الأيام الماضية إلى المكلا عاصمة محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن. تبع ذلك وصول حاملة الطائرات الأميركية “ثيودور روزفلت” مع ست فرقاطات إلى خليج عدن. “الوجود العسكري المحدود” المستجد يأتي تحت عنوان المساعدة في قتال القاعدة بيد “أن الولايات المتحدة دعمت منذ البداية الحرب التي تقودها الرياض من خلال تقديم المعلومات الاستخبارية وبيع ذخائر بمليارات الدولارات إلى المملكة التي تستخدم الطائرات المصنعة أميركياً والصواريخ الموجهة والقنابل العنقودية المحرمة دولياً في قصف المدارس والأسواق ومنشآت الطاقى والمستشفيات”، وفق موقع “ذي انترسبت”. الموقع أجرى سلسلة من المقابلات مع دبلوماسيين أميركيين سابقين بعضهم خدموا في اليمن والسعودية حول الحرب المستمرة منذ عام، وبدل أن يدافع هؤلاء عن التدخل الأميركي بدا أن هناك إجماعاً في ما بينهم حول ضرر هذه الحرب على المصالح الأميركية.
يقول شاس فريمان السفير السابق لدى الرياض بين عامي 1989 و1992 “لا يمكنك إنقاذ حكومة من الجو خصوصاً إذا كانت غير شرعية. ولا أعتقد أن استخدام القوة في هذه المسألة تؤدي إلى أي غرض باستثناء خلق عداوة طويلة الأمد” مضيفاً أن “عدم شعبية الرئيس عبد ربه منصور هادي كانت في جزء منها نتيجة ارتباطاته العميقة بالسعودية والولايات المتحدة”.
باربرا بودين السفير السابقة في اليمن بين 1997 و2001 واستاذة العلاقات الدبلوماسية في جامعة جورج تاون تحدثت عن بدورها عن “أضرار الحرب الجسدية وتلك التي طالت البنى التحتية ودمرتها بشكل كامل”.
بيل روف وصف الوضع الإنساني في اليمن حيث كان سفيراً لبلاده بين 1984 و1987 بأنه “سيء كما في سوريا”، لافتاً إلى أن الإعلام الأميركي لم يعره الاهتمام الكافي. وقال “إن الوضع كارثي خصوصاً نتيجة القصف ونقص المساعدات الإنسانية الخارجية بفعل القتال. إنها مأساة بالنسبة للشعب اليمني”. بحسب روف “البلد لطالما كان فقيراً لكن قصف المستشفيات والمدارس والمدنيين وقتلهم واصابتهم على نطاق واسع زاد من المأساة”.
بخلاف تصريحات الإدارة الأميركية بأن الحرب السعودية تخدم الحرب ضد الإرهاب، يجمع الدبلوماسيون السابقون على أن الحرب قوضت مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة على اعتبار أن “الحرب على الحوثيين سمحت لأحد أعداء واشنطن أي القاعدة في الجزيرة العربية بالسيطرة على المزيد من الأراضي”.
غاري غرابو نائب سابق لرئيس البعثة الدبلوماسية الأميركية الى الرياض من اصحاب هذا الرأي. يقول “إن القاعدة نمت في القوة والعديد والموارد وهذا مرتبط بشكل مباشر بتحول الاهتمام إلى حالة عدم الاستقرار الداخلي والحرب في اليمن”.
من جهته يعبر ستيفن سيش عن اعتقاده بأن “السعوديين لم يعتبروا تهديد القاعدة أولوية كما نفعل نحن”. السفير الأميركي السابق في اليمن بين 2007 و2010 قال “يعتقد السعوديون أنه حين يحين الوقت يمكنهم التعامل مع خطر القاعدة. يبقى أن نرى ما اذا كانوا قادرين على ذلك أم لا. سواء يمكنهم أو لا يمكنهم ذلك”.
نبيل خوري شغل منصب نائب رئيس البعثة الدبلوماسية في اليمن بين 2004 و2007 قال “إن السعوديين كانوا مهووسين بتدمير الحوثيين وغير محفزين لقتال القاعدة”.
وفق مؤيدي الحرب على اليمن فإن الحوثيين هم وكلاء إيران وبالتالي فإن السعوديين يدافعون عن بلد مجاور لهم ضد النفوذ الإيراني. لكن للدبلوماسيين الذين استصرحهم موقع “انترسبت” رأي آخر. وفق فريمان “الحوثيون لم يكونوا في المحور الإيراني حتى جفعوا إليه بفعل الضرورة”، لافتاً إلى أنهم “حين تعرضوا للهجوم من قبل السعوديين كانوا يحتاجون إلى الدعم من مكان ما وحصلوا عليه من طهران. وبالتالي فإن الجهود السعودية لمعاقبة الإيرانيين على الاتفاق النووي من خلال معاقبة الحوثيين للمفارقة ساهمت في تعزيز العلاقة بين إيران والحوثيين التي لولا هذا لما كانت موجودة ربما”.
من جهته يرى روف أن الحرب كانت لصالح إيران مضيفاً إن “انتفاضة الحوثيين قامت بها عناصر محلية لا إيرانية. الإيرانيون يستفيدون من ذلك لجهة أنه لا مانع لديهم من خلق هلع لدى السعوديين مما يجري في اليمن”. من جهة ثانية يقول “إن التدخل السعودي في اليمن حول الاهتمام السعودي من سوريا وهذا يصب في مصلحة إيران”.
الدبلوماسيون الأميركيون شددوا على ضرورة إنهاء الإدارة الأميركية دورها كشريك صامت في هذه الحرب. يقول فريمان “إن الصديق يجب أن ينصح السعوديين بأن هذا ليس في مصلحتهم وأنه لا يوجد فارسي خلف كل شجرة في اليمن. وأن الحوثيين كانوا تاريخياً حلفاء للمملكة أكثر من كونهم معارضين. لقد قلت للسعوديين إنه من الخطأ تحديد الخصوم على أسس طائفية.