المشهد اليمني الأول/
أكّد اللواء عبد الله الحاكم رئيس هيئة الاستِخبارات والاستِطلاع أمس أنّهم يمتلكون بنكًا من الأهداف الحيويّة في كُلٍّ من السعوديّة والإمارات وفِلسطين المحتلّة، ولمّح إلى أنّ ضرب هذه الأهداف احتمالٌ واردٌ جدًّا.
بعد هذا الإعلان بساعاتِ اعترف المتحدّث باسم تحالف العدوان السعودي أنّ منظوماته الدفاعيّة اعترضت أربعة صواريخ، وسِت طائرات مسيّرة دون أن يذكر مكان اعتِراض هذه الصواريخ، لكنّ متحدّث القوات اليمنية أكّد أنّها وصلت إلى أهدافها.
حديث اللواء عبد الله الحاكم عن ضربِ أهدافٍ في العُمق السعودي ليس جديدًا، ولكنّ الجديد هو الإشارة إلى أهدافٍ في الإمارات وتل أبيب، فهل نحنُ أمام استراتيجيّة جديدة بتوسيع دائرة الأهداف بحيثُ تصل إلى فِلسطين المحتلّة، وهل تملك الحركة الصّواريخ القادرة على الوصول إلى تل أبيب فِعلًا؟ أم أنّ هذهِ التّهديدات تأتِي في إطار الحرب النفسيّة؟
حركة أنصار الله تسير على نهجِ “حزب الله”في لبنان، وغالبًا تُنفّذ تهديداتها، فقد توعّدت بقصفِ الرياض وجدّة وخميس مشيط وبقيق، مركز عصب الصناعة النفطيّة السعوديّة، وترجمتها عمليًّا بهجماتٍ صاروخيّةٍ وبطائراتٍ مُسيّرةٍ أصابت أهدافها بدقّةٍ مُتناهيةٍ أذهلت الكثير مِن الخُصوم والخُبراء الأجانب معًا.
هُناك احتِمالان غير مُستبعدين بضربِ أنصار الله أهداف إسرائيليّة في الفترةِ المُقبلة:
الأوّل: أنّ تقصف الحركة بالصواريخ ميناء إيلات في أقصى شمال خليج العقبة، وهذا الاحتِمال مُمكنٌ لأنّ صواريخها وطائِراتها المُسيّرة وصلت إلى ميناء ينبع السعوديّ شمال غرب المملكة، وميناء إيلات لا يَبعُد عن ينبع إلا عشرات الكيلومترات فقط، أي أنّه في مرمى هذه الصّواريخ.
الثاني: استهداف سُفن إسرائيليّة في مدخل باب المندب أو في جنوب البحر الأحمر بالصّواريخ البحريّة، أو بزوارقٍ “استشهاديّة” سريعة على غِرار ما حدث مع سُفن إماراتيّة وسعوديّة.
وما يُرجّح هذين الاحتِمالين، أنّ محور المُقاومة الذي تتزعّمه إيران هدّد، ويُهدِّد، بالانتقام لأكثر مِن عُدوانٍ إسرائيليٍّ في العُمق الإيراني، خاصّةً تلك الضّربات التي استهدفت مُنشآة “نطنز”النوويّة، وربّما يأتي هذا الرّد الحوثي اليمني في إطار هجمات من أطرافٍ عدّةٍ في المحور في المرحلةِ المُقبلة.
أنصار الله ليس لديها الكثير الذي يُمكن أن تخسره في حال قصفها لأهدافٍ إسرائيليّةٍ، فاليمن يتعرّض لغارات تحالف العدوان الجويّة بطائرات “إف 16” و”إف 15″الأمريكيّة الصّنع مُنذ ما يَقرُب مِن سِت سنوات، ولم تَعُد هُناك أهداف باقية يُمكن للإسرائيليين قصفها في صنعاء أو صعدة بالنّوع نفسه مِن الطّائرات والصّواريخ.
ما نُريد استِنتاجه ممّا تقدّم أن أيّ هُجوم بالصّواريخ على الإمارات أو دولة الاحتِلال الإسرائيلي بطائراتٍ مُسيّرةٍ أو صواريخ باليستيّة حوثيّة في الأسابيع المُقبلة لن يكون مُستَبعدًا، وقد يكون أحدث، وأخطر، مُفاجآت الحرب اليمنيّة في سنتها السادسة.. واللُه أعلم.
_________
عبد الباري عطوان