مركز واشنطن للأبحاث والاستراتيجيات.. هل بدأ صبر “ترامب” ينفد تجاه السعودية ؟

888
المشهد اليمني الأول/

كتب مركز واشنطن للأبحاث والاستراتيجيات في مذكّرة قصيرة، أعدّها “سيمون أندرسون”، العضو ومدير برنامج الخليج الفارسي وبرنامج سياسة الطاقة: “لقد قام الرئيس ترامب بالاتصال بالأمير ابن سلمان وقال له: “إما أن تخفّض عمليات إنتاج النفط أو نقوم بخفض دعمنا العسكري للمملكة”.

الجدير بالذكر أن هذه التهديدات الأمريكية جاءت في الوقت الذي كشفت فيه العديد من التقارير أن أمريكا قامت خلال الفترة الماضية بسحب أربعة أنظمة من صواريخ “باتريوت” من السعودية، وإعادة مقاتلات من طراز “إف 15” كانت تقوم بمهام عسكرية لحماية الأراضي السعودية، إلى أمريكا.

وعلى صعيد متصل، كتب “أندرسون”: “إذن، هل سيفي ترامب بتهديده ويقوم بسحب بعض القوات الأمريكية من الأراضي السعودية للضغط على محمد بن سلمان؟ أو ربما يمكن اعتبار هذا التهديد بمثابة تذكير بمن هو الرئيس وصاحب الكلمة الاولى والاخيرة في العلاقات الثنائية بين البلدين؟”.

يذكر أنّ الحرب النفطية التي شّنها الأمير السعودي، “محمد بن سلمان”، في أوائل شهر مارس الماضي، أدّت إلى زيادة العرض في الاسواق العالمية وتزامنت مع الانكماش الاقتصادي بعد الحجر الصحي العالمي لمكافحة فيروس “كورونا”. وفي الجهة الأخرى من هذه الحرب النفطية كانت روسيا، بقيادة بوتين، بالمرصاد لـ”محمد بن سلمان”، ولهذا فلقد زاد قلق الرئيس “ترامب” من التضحية بإنتاج النفط الصخري في أمريكا في مثل هذه الاوضاع وفي هذه الفترة الزمنية.

ولهذا فلقد قال “ترامب”، قبل عدّة أيام: “لقد اتخذنا الكثير من الإجراءات في الشرق الأوسط وأماكن أخرى … لقد تمّ استغلالنا عسكريا في جميع أنحاء العالم … وهذه الإجراءات ليس لها علاقة بالسعودية”، ربما كانت تهدف إلى إنهاء دائرة التوترات في تلك المناطق”.

وحول هذا السياق، ذكر مصدر أمريكي رفيع، أن الرئيس “ترامب” وجه رسالته لولي العهد السعودي قبل عشرة أيام من الإعلان عن تخفيضات الإنتاج. وقال ذلك المصدر الأمريكي الذي أطلعه مسؤولون كبار في الإدارة على ما دار من حوار، إن ولي العهد بوغت بالتهديد حتى أنه أمر مساعديه بالخروج من الغرفة لكي يتمكّن من مواصلة الحوار سرّاً، وأبرزت هذه الخطوة رغبة ترامب القوية في حماية صناعة النفط الأمريكية من انهيار تاريخي للأسعار في وقت أوقفت فيه الحكومات النشاط الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم لمحاربة فيروس “كورونا”.

كما عكست تراجعاً مهمّاً من جانب “ترامب” عن انتقاداته المتواصلة منذ فترة طويلة للتكتل النفطي الذي كان الرئيس الأمريكي السابق يهاجمه، لأنه رفع تكاليف الطاقة على الأمريكيين بتخفيضات الإنتاج التي عادة ما كانت ترفع أسعار البنزين والآن فقد أصبح “ترامب” نفسه يطلب من أوبك خفض الإنتاج.

وقال هذا المصدر الأمريكي الرفيع، إن “الإدارة أبلغت القادة السعوديين إنه إذا لم يتم خفض الإنتاج “فلن يكون هناك سبيل لمنع الكونغرس الأمريكي من فرض قيود قد تؤدي إلى سحب القوات الأمريكية”.

يذكر أنه قبل أسبوع من مكالمة الرئيس “ترامب” مع الأمير “محمد بن سلمان”، كان السناتور “كيفن كريمر” والسناتور “دان ساليفان” الجمهوريان قد اقترحا تشريعاً لسحب القوات الأمريكية كلها وصواريخ باتريوت ونظم الدفاع المضاد للصواريخ من السعودية ما لم تخفّض السعودية إنتاج النفط. وكان هذا الاقتراح يلقى تأييداً متزايداً وسط غضب في الكونغرس بسبب حرب أسعار النفط التي نشبت بين السعودية وروسيا في توقيت سيء. وكانت السعودية أطلقت الإنتاج في أبريل نيسان وأغرقت الأسواق بالنفط الخام بعد أن رفضت روسيا زيادة تخفيضات الإنتاج تماشياً مع اتفاق سابق مع أوبك لتقليص الإمدادات.

وفي 12 أبريل نيسان وتحت ضغط من “ترامب” وافقت أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم خارج أمريكا على أكبر تخفيض في الإنتاج على الإطلاق. فقد قلصت أوبك وروسيا ومنتجون متحالفون معهما الإنتاج بواقع 9.7 ملايين برميل يومياً أي حوالي عشرة في المئة من الإنتاج العالمي.

وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية بأن أمريكا قامت في شهر أكتوبر الماضي بنشر العديد من أنظمتها الصاروخية داخل السعودية وذلك بعدما تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من شنّ هجمات صاروخية ناجحة على مصفاة “بقيق”، أكبر مصفاة نفط في السعودية، وكذلك عدد من آبار النفط السعودية الأخرى التابعة لشركة “أرامكو” السعودية وخلال تلك الفترة الزمنية اندهش العالم من دقة الهجوم والأضرار التي تسبّبت فيها تلك الهجمات، لدرجة أنّ السعودية وأمريكا وجهّتا اللوم لطهران مباشرة.

وردّاً على ذلك، أرسلت أمريكا في نهاية المطاف سربين من طائرات “أف 15” وأربعة أنظمة من صواريخ “باتريوت” إلى السعودية وذلك لكي يتمكّن الجيش السعودي من التّصدي للطائرات من دون طيار والصواريخ التي يطلقها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية على المراكز العسكرية والاقتصادية السعودية، وخلال تلك الفترة أيضاً أرسلت أمريكا ثلاثة ألف عسكري إلى قاعدة الأمير “سلطان” الجوية في جنوب الرياض.

والشيء المضحك هنا، هو أن هذه القاعدة العسكرية كانت قد طلبت السعودية من واشنطن إخلاءها بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ، من أجل الحدّ من المشاعر المعادية لأمريكا في الداخل السعودي.


كما ذكر مركز الأبحاث الامريكي: “لقد حدثت أشياء كثيرة منذ الخريف الماضي، ولكن يجب أن نتذكر أن الرئيس ترامب قال في أكتوبر الماضي إن الرياض وافقت على دفع جميع تكاليف نشر القوات الأمريكية على أراضيها، وهو اتفاق جرى التوقيع عليه بعد مفاوضات استغرقت 35 ثانية حسب زعمه. وفي يناير الماضي كشف مسؤول أمريكي إنه تم استلام 500 مليون دولار من الرياض”.

وهنا تجدر الإشارة أنه من الناحية الاستراتيجية، يبدو أن هذه الاحداث جاءت من أجل احتواء تهديدات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية والتهديد الإيراني وهذا يبرر تغيير هيكل القوات الأمريكية في المنطقة وبالطبع، هناك سبب آخر لسحب أنظمة الصواريخ من السعودية، وهو أنّ هذه الأنظمة الصاروخية بحاجة إلى الإصلاح، كما أنّه يجب على المشغلين المعنيين أن يستريحوا بعد بضعة أشهر قضوها في الصحراء. وتشير أحدث التقارير إلى أنّه تمّ إجلاء اثنتين فقط من الأنظمة الدفاعية الأربعة المتمركزة في هذه القاعدة الجوية.

لكن يمكن أن يكون لهذه الإجراءات آثار خطيرة ووخيمة، خاصة وأن بعض القوارب العسكرية الإيرانية عالية السرعة قامت باعتراض عدد من السفن الحربية الأمريكية في المنطقة في الشهر الماضي، وفي مارس الماضي أطلق أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية صاروخاً من الأراضي اليمنية على العاصمة السعودية الرياض ولم تستطع أنظمة الباتريوت التّصدي لذلك الصاروخ اليمني الذي أصاب هدفه بدقّة عالية، وبالتالي فإنّ التحدي الذي يواجه أمريكا حالياً، هو خلق رادع موثوق به ضد ّالقوات اليمنية وضدّ إيران وأيّ تكتيكات جديدة تتبناها بعض الدول تجاه مصالحها في المنطقة.