المشهد اليمني الأول/
يعيش هادي وحُكومته ظُروفًا صعبةً هذه الأيّام، نتيجةَ الانقِسامات الداخليّة في صُفوفها أوّلًا، وتزايد الانتِقادات لعَجزِها من قبل مسؤولين سابقين وحاليين فيها ثانيًا، وهزيمة قوّاتها في مُحافظة الجوف وسيطرة قوّات الجيش اليمني والمُقاومة التّابع “لأنصار الله” الحوثيّة ثالثًا.
ثلاثة تطوّرات رئيسيّة أحدثت انقلابًا في المشهد اليمنيّ، ويُمكِن أن تقلب كُل المُعادلات الميدانيّة:
الأوّل: قصف تحالف “أنصار الله” لمُنشآت أرامكو النفطيّة في ميناء ينبع على ساحِل البحر الأحمر الشّمالي بصواريخ كروز مُجنّحة وطائرات مُسيّرة بعد أشهر من قصف بقيق وخريس، مركز أعصاب الصّناعة النفطيّة السعوديّة.
الثّاني: سيطرة التّحالف اليمنيّ الحوثيّ على مُحافظة الجوف، وقَضمِها العديد من الأراضي من مُحافظة مأرب المُجاورة حيث تُوجَد آبار النّفط واحتِياطاته.
الثّالث: تصاعد الخِلافات والانقِسامات في أوساط محور “الشرعيّة اليمنيّة” وتعرّض هادي منصور ونائبه اللواء علي محسن الأحمر إلى حملات هُجوميّة شَرِسَة من بعض أنصار هذا المحور ومسؤوليّة مِثل السيّد أحمد عبيد بن دغر، رئيس الوزراء السّابق الذي نشر تغريدات على حسابه على “التويتر” تحدّث فيها عن سُقوط الجيش الرسميّ بعد خسارته لمُحافظة الجوف وانقِلاب موازين القِوى بالتّالي لصالح الحوثيين.
طائرات التحالف السعودي شنّت هُجومًا جَويًّا على ميناء الحديدة قال المتحدّث باسمها العميد تركي المالكي أنّها استهدفت مخازن للصّواريخ الباليستيّة والزّوارق المُسيّرة المُفخّخة والألغام البحريّة التي تُهدِّد المِلاحة في البحر الأحمر، لكنّ مسؤولين حوثيين يقولون إنّها ضربات انتقاميّة يائِسَة لسُقوط الجوف وقصف ينبع.
زيارة مارتن غريفيث، المبعوث الدولي المُفاجئة لمدينة مأرب ولقاؤه مع مُحافظها سلطان العراوة ومُطالبته ببقاء المدينة خارج الصّراع، تَعكِس قلقًا أمريكيًّا وبريطانيًّا لأنّ جميع شركات النّفط التّابعة للبَلدين تعمل في المدينة حيث آبار النّفط والغاز، وسُقوطها في يد القوّات الحوثيّة يعني حِرمان “الشرعيّة” اليمنيّة من مصدرٍ ماليٍّ مُهِم من ناحيةٍ، وتحوّل العائدات النفطيّة إلى خزينة “أنصار الله”.
هزيمة الجوف، وقبلها في “نهم”، شكّلت ضربةً نفسيّةً قاتِلةً لتحالف “الشرعيّة” ودعمًا معنويًّا كبيرًا للحركة الحوثيّة وأنصارها، وإذا تمّت السّيطرة تعني بداية العدّ التنازليّ لنِهاية التّحالف، وربّما الحرب السعوديّة في اليمن التي تدخل عامها السّادس هذه الأيّام.
ــــــــــــــــــــــ
“رأي اليوم”