المشهد اليمني الأول/
سلّطت استعادة الجيش واللجان الشعبية لفرضة نهم والعديد من مديريات محافظتي مأرب والجوف، الضوء على مدى تماسك جبهات العدوان في جميع مناطق الاشتباك الداخلي. ويبدو أنّ أهم ميزة من ميزات عملية «البُنيان المرصوص»، أنها كشفت تضعضع أساسات البُنيان العسكري والسياسي لوكلاء التحالف السعودي ــ الإماراتي، المحليين.
وأظهرت مشاهد الإعلام الحربي اليمني، لجيش الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، المكوّن في غالبيته من ميليشيا «الإصلاح» (الإخوان المسلمين)، شقوقاً كبيرة في هيكله، واختلالاً في عقيدته العسكرية، وشكوكاً في ولائه الوطني، فضلاً عن غياب الحافزية القتالية، على المستويين الجمعي والفردي.
إضافة إلى ما تقدّم، تصاعدت في الأيام والساعات القليلة الماضية دعوات النخب العسكرية والسياسية الموالية لتحالف العدوان، إلى ضرورة فتح الجبهات كافة دفعة واحدة، وجزمت تلك النخب بعدم قدرة القوى المحلية (جيش وميليشيا)، ومن خلفها قوى التحالف البرية بمساندة جوية، على الوقوف والتصدّي لأي عملية عسكرية يقوم بها الجيش واللجان الشعبية في الجبهات الداخلية.
في هذه الأثناء، بادر النظام السعودي إلى استدراك الخطر الداهم، بعد العملية الأخيرة (في نهم)، فسارع إلى استقدام تعزيزات إضافية من قوات هادي، المتموضعة في محافظة شبوة في مواجهة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى جبهات القتال في محافظتي مأرب والجوف. ودعا التحالف، عبر حزب «الإصلاح»، إلى النفير العام في صفوف القبائل الشرقية التي لا تزال تحت سيطرته.
وعلى خلاف المرحلة الأولى من عملية «البُنيان المرصوص»، تدخّلت الطائرات الحربية السعودية، عبر تكثيف الغارات الجوية لإسناد الوكلاء المحليين، وذلك خشية الانهيار السريع في جبهة حزم، مركز محافظة الجوف، كما حصل في جبهة نهم. في المقابل، استهدفت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر، التابعان للجيش اليمني، أهدافاً حيوية في جنوب السعودية، في تكتيك جديد يعمل من خلاله الجيش واللجان على تحييد سلاح الجو السعودي، من استمرار التغطية الجوية في الجبهات الداخلية.
من جهتها، تحسّست القوى الجنوبية رأسها، أيضاً، وأرسلت تعزيزات عسكرية لدعم جبهات القتال في الضالع، وذلك بتوجيه من رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، الذي وصل إلى عدن مساء أمس. وتأتي تعزيزات المجلس الانتقالي على خلفية التقدّم الذي حقّقته قوات الجيش واللجان الشعبية على مشارف مديرية الأزارق في محافظة الضالع، في الأيام الماضية.
وإن كانت التقارير تفيد بأنه لا وجود لمؤشرات هجومية لقوات صنعاء في الجبهات الجنوبية، إلا أنه يُرجّح أنّ عمليات أنصار الله الأخيرة في الضالع جاءت لأهداف دفاعية فقط. كذلك، من المفترض أن تصل، في الساعات المقبلة إلى عدن، قوة من الجيش السعودي قادمة من محافظة شبوة. وقد خرجت هذه القوة من مدينة عتق، عاصمة المحافظة. وتضمّ ما يقرب من 30 شاحنة، تحمل على متنها عتاداً عسكرياً مختلفاً، كما يرافقها عدد من الأطقم العسكرية مخصّص للقوات السعودية الموجودة في عدن.
وعلى الرغم من أن طرفَي التحالف المحليَّين، (أي «الشرعية» المدعومة من الرياض والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبو ظبي)، يعتبران أن التقدم الأخير الذي أحرزه الجيش واللجان (عملية «البُنيان المرصوص») يمثّل تهديداً لهما، إلا أنّ العداوة لا تزال تتحكم فيهما.
فقد صرّح محافظ جزيرة سقطرى، رمزي محروس، أمس، بأن المجلس الانتقالي الجنوبي نفّذ تمرداً عسكرياً ضد الحكومة الشرعية، وأضاف في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي، أنهم «فوجئوا» الإثنين الماضي بإعلان عناصر من «كتيبة حرس الشواطئ»، التابعة لـ«اللواء الأول مشاة بحري»، التمرّد على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، والانضمام إلى المجلس الانتقالي الانفصالي. وقد أمهلت قيادة محافظة أرخبيل سقطرى، المتمرّدين «24 ساعة للرجوع عن غيّهم، والعودة إلى جادة الصواب».
وفي السياق ذاته، اتّهم محافظ شبوة، محمد صالح بن عديو، أمس، الإمارات بـ«تمويل الفوضى» في المحافظة، بميزانيات ضخمة. وقال بن عديو، في سلسلة تغريدات عبر موقع «تويتر»: «مؤسف جداً أن تموّل الإمارات الفوضى في شبوة بميزانيات ضخمة، وأن يتم استغلال حاجة الناس للزج بهم، ليكونوا ضحايا لتحقيق أطماع نفوس مأزومة». بن عديو وجّه كلامه لدولة الإمارات، معتبراً أنه لو أن «تلك الأموال أُنفقت في تقديم خدمات أو عون للناس لكفتهم». وختم بالقول إن «المال الذي يدفع لإحداث الفوضى وزراعة الفتن، لن يجدي نفعاً أمام إرادة وعزيمة وحكمة أبناء شبوة».
(تقرير – لقمان عبدالله)