المشهد اليمني الأول/
في ليلة وضحاها وقفت العدوتان الصديقتان إيران وتركيا إلى جانب قطر وفيها قاعدتان أميركيتان تدير من خلالهما واشنطن كل حروبها ومشاريعها العسكرية في المنطقة خاصة ضد إيران وسوريا، كما تفعل عبر قواعدها الـ 12 في تركيا وأهمها انجيرليك وكوراجيك، ومهمتها حماية “إسرائيل” من الصواريخ الإيرانية. زيارة أمير قطر تميم بن حمد الأخيرة إلى واشنطن، وشكر الرئيس ترامب له لأنه غطى مصاريف توسيع القواعد الأميركية في بلاده، أعادت إلى الأذهان تلك التناقضات الغريبة التي لا يمكن أن نراها إلا في عالمنا العربي والإسلامي وملياراته في جيب ترامب.
يعود تاريخ التحالف التركي – القطري إلى بدايات استلام العدالة والتنمية “الإسلامي” للسلطة نهاية 2002 وكانت دمشق آنذاك بوابة الانفتاح التركي على المنطقة العربية وقطر في بدايات احتضانها للإخوان المسلمين. وكان الأمير القطري الأب حمد بن خليفة وكل من الرئيس السابق عبد الله غول، والحالي رجب طيب إردوغان ينسقان معاً ودائماً فيما يتعلق بكل القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها سوريا عندما كان الرئيس بشار الأسد “الصديق والأخ العظيم” للثنائي التركي المذكور.
في التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير عام 2008 جلس الأمير حمد آل ثاني والرئيسان غول والأسد معاً في الاحتفال الذي أقيم في دمشق بمناسبة إعلان دمشق عاصمة الثقافة العربية، وكان الرئيس اللبناني السابق إميل لحود العربي الوحيد في الحفل. ونذكر أيضاً دخول الرئيس إردوغان يداً بيد مع الشيخ حمد، وهذه المرة برفقة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى القصر الجمهوري في دمشق في الرابع من أيلول/ سبتمبر عام 2008 وهذه المرة لبحث مد أنابيب الغاز القطري إلى الأردن ثم سوريا وتركيا فأوروبا، وهو ما رفضه الأسد لأنه صديق إيران وروسيا.
وهنا بدأت المعادلة الصعبة…
لعل الغاز هو من أهم أسباب الحرب الكونية التي تعرضت لها سوريا بعد ما يسمى بالربيع العربي. ولعبت تركيا وقطر، باعتراف رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم، ومعها الولايات المتحدة والسعودية الدور الأساسي في هذه الحرب بهدف الإطاحة بالرئيس الأسد.
وقفت إيران وروسيا إلى جانب سوريا فتحولتا إلى ألد اعداء الرئيس إردوغان عندما أراد أن يحيي ذكريات الخلافة والسلطنة العثمانية.
تحول إردوغان بين ليلة وضحاها إلى صديق ودود لروسيا بعد اعتذاره من بوتين في حزيران/ يونيو 2006 وانضمت إيران بعد أشهر إلى هذه الصداقة في إطار تفاهمات واتفاقيات أستانا وسوتشي.
وفي ليلة وضحاها أيضاً، تحولت قطر في حزيران/ يونيو 2017 ومعها تركيا إلى عدو لدود لكل من السعودية والإمارات والبحرين ولاحقاً مصر، بل وحتى ترامب بعد أن كانت كل هذه الدول ضد الأسد وبالطبع روسيا وايران.
وفي ليلة وضحاها وقفت العدوتان الصديقتان إيران وتركيا إلى جانب قطر وفيها قاعدتان أميركيتان تدير من خلالهما واشنطن كل حروبها ومشاريعها العسكرية في المنطقة خاصة ضد إيران وسوريا، كما تفعل عبر قواعدها الـ 12 في تركيا وأهمها انجيرليك وكوراجيك، ومهمتها حماية “إسرائيل” من الصواريخ الإيرانية.
زيارة أمير قطر تميم بن حمد الأخيرة إلى واشنطن، وشكر الرئيس ترامب له لأنه غطى مصاريف توسيع القواعد الأميركية في بلاده، أعادت إلى الأذهان تلك التناقضات الغريبة التي لا يمكن أن نراها إلا في عالمنا العربي والإسلامي وملياراته في جيب ترامب.
فإذا كان تميم حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة، ووفق معايير الرئيس ترامب وأرقامه المليارية، فكيف له أن يستمر في استثماراته المليارية أيضاً في تركيا ويبقى صديقاً وأخاً للرئيس إردوغان، الذي يهدده ويتوعده ترامب يومياً بالعقوبات الاقتصادية والعسكرية بسبب صفقة صواريخ الـ (أس-400) مع روسيا، ثم كيف سيتسنى للأمير القطري الاستمرار في علاقات التوازن مع إيران التي حمته خلال تهديدات السعودية باجتياح قطر واحتلالها خلال ساعات، وقبل أن تصل القوات التركية إلى قطر بعد أيام من هذا التهديد.
وإذا كان هذا التحالف سيستمر فمن سيحسم نتيجة مؤامرة الربيع العربي؟ ثم كيف ستنتهي معادلة الكرد شرق الفرات والإخوان المسلمين غرب الفرات طالما لكل الأطراف إصبع في الموضوع، والحديث عن الديمقراطية بات في مهب الريح؟ فعسى ألا يكون كل ما نراه ونسمعه فيلما أميركياً من تمثيل وإخراج وإنتاج مؤيدي “إسرائيل” في هوليوود، وما نحن إلا من المشاهدين وكلنا “صم بكم عمي لا يفقهون”!.
ــــــــــــــــــــــ
حسني محلي