المشهد اليمني الأول/
يبدو أن رؤية الإصلاح التي أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنه يسعى لتحقيقها لم تجاوز مرحلة الشعارات منذ صعوده إلى منصبه وحتى الآن، وفي المقابل فإن رؤيته الواقعية المُطبقة على أرض الواقع هي القمع المطلق للجميع، وكأن للإصلاح والتجديد معان أخرى في قاموس النظام السعودي، غير تلك المتعارف عليها.
منذ تولي بن سلمان ولاية العهد في السعودية وهو يحاول أن يصدر للعالم الخارجي صورة وردية عن المملكة وجنبا إلى جنب يَبرُز الجانب القمعي والعدواني لسياساته الداخلية والدولية على حد سواء، حيث قادت السعودية الحرب في اليمن لتخلف أسوأ كارثة إنسانية في العصر الحديث، كما شنت حصارا ومقاطعة على دولة قطر، وفي الداخل شنت السلطات السعودية حملات اعتقال وتعذيب في صفوف المعارضين، مع الملاحقات الأمنية للمعارضين في الخارج، وارتكبت الجريمة التي هزت الرأي العام العالمي بمقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول بأبشع الوسائل.
ومنذ افتعال أزمات سوريا واليمن وقطر استخدمت السعودية الحج والعمرة كوسيلة من وسائل العقاب الجماعي للشعوب العربية هناك، متخذة إجراءات وشروط تعجيزية لراغبي الحج، مستمرة بتجميد الاتصالات مع الجهات الرسمية في سوريا واليمن وقطر وفلسطين للتنسيق معها في هذا الشأن، في مخالفة صريحة للمادة 18 فقرة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي نص على الشروط التي يمكن فيها الحجر والتضييق على ممارسة الحقوق الدينية، وهي شروط لم تتوفر أي منها في الحالات التي منعت فيها السعودية بعض الجنسيات وناشطين ودعاة من الحج.
المفارقة كبيرة في تعامل السعودية مع الكيان الصهيوني والمسلمين والعرب، ففي الوقت الذي تغلق فيه المملكة أجوائها أمام الطيران القطري وتستمر بحصار اليمن تسمح لطائرات متجهة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بالمرور عبر أجوائها بكل ترحيب.
العديد من الانتقادات والمناشدات وُجهت إلى السعودية مع كل موسم حج لوقف تسييس الشعائر الدينية، لكن لايبدو أن السلطات السعودية الجديدة تكترث باحترام حقوق الإنسان أو احترام الشعيرة الدينية المقدسة، ولا يبدو أنها تنظر إلى الحج إلا كورقة سياسية يمكن استغلالها لمزيد من التضييق والخنق على مواطني الدول التي لا تروقها.