المشهد اليمني الأول/
مثل الممثل الذي يضلل رجل الأمن في أحد المشاهد السينمائية بأنه ليس إرهابياً بالرقص واحتساء الخمور وكأن الفعلين الأخيرين بديلان عن الإرهاب، تحاول الرياض أن تقنع المجتمع الدولي بأنها لم تعد تدعم الإرهاب بتنظيم الحفلات لفنانين يعرفن بالتعري والإباحية، فلا يردعها عن تلك الاستراتيجية حلول موسم الحج، ولا حتى قرب المسافة بين أماكن الاحتفالات والحرمين الشريفين.
“كانت لدينا مشكلة في السعودية، واعترفنا بوجودها وتغيرنا” .. قال وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير هذه الجملة في أكتوبر 2017 لكنه وبعد عام واحد على هذه المقولة قامت فرقة اغتيال كاملة – بعدتها وعتادها ومنها المناشير – بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية باسطنبول وتقطيعه والتخلص من جثته في واحدة من أبشع الجرائم البربرية والتي قال عنها الكاتب السعودي تركي الحمد “إنه سلوك عصابات وليس سلوك دول” متهماً دولة قطر باختطاف خاشقجي وقتله قبل أن تظهر الحقائق وتعترف السعودية بالقتل.
عام واحد على مقولة الجبير وتصدير فكرة التغيير الشكلية للغرب، قبل أن يتلقى العالم وقع صدمة جديدة بأنه لا تغيير في مملكة الإرهاب يلوح في الأفق حيث تجري دماء الإرهاب في عروقها وجميع شرايينها.
ومع قرب ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، وقرب الحديث عن التورط السعودي الواضح في دعم تنظيم القاعدة والذي كشفت عنه وسائل الإعلام الأمريكية والغربية وتكشف المزيد منه في كل عام، تهرب السعودية من جرائمها إلى الأمام وتصدر للغرب أنها ابتعدت تماماً عن الإرهاب بتنظيم الحفلات الراقصة والسماح بالاختلاط لكن الغرب نفسه بات يدرك جيداً حقيقة الألعاب السعودية وإصلاحاتها الشكلية.
فالسماح بقيادة المرأة للسيارة لا يستقيم واعتقالها وتعذيبها على نحو وحشي، كما أن حملات مكافحة الفساد لا تستقيم والبذخ الذي كُشف عن ولي العهد محمد بن سلمان من يخت ولوحة هما الأغلى في العالم، أيضاً تلميع بعض الدعاة المقربين لا يستقيم وتعذيب العلماء في السجون لمجرد تغريدات كتبوها عبروا فيها عن آرائهم .
من النقيض إلى النقيض
تحولت الرياض من النقيض إلى النقيض .. من إطلاق يد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمنع الاختلاط في المجتمع السعودي إلى إطلاق يد “تركي وناسة” في تنظيم حفلات من عيار “نيكي منياج” المغنية الأمريكية المعروفة بالإباحية ورغم ذلك رفضت الغناء في السعودية لأسباب حقوقية.
وأقرت هيئة الترفيه – التي يترأسها وناسة – أمام مجلس الشورى السعودي مؤخراً بعدم قبول دورها من المجتمع السعودي، فيما رأت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار بالمجلس أن بعض فعاليات الهيئة قد تكون السبب في ذلك، وأنها لم تلتزم بالهوية الإسلامية للمملكة.
ومع حلول موسم الحج، لم تتوقف أنشطة هذه الهيئة بل أقامت بعقد حفلات في أكثر الأماكن قرباً من الحرمين والأماكن المقدسة، وأصبح منح التأشيرات للترفيه أسهل بكثير وأرخص ثمناً من منح تأشيرات الحج .
وتلاقي هيئة الترفيه رفضاً مجتمعياً هائلاً في السعودية .. ولطالما دشن مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي وسوماً لرفض صرف ملايين الريالات على أنشطتها فيما يعاني الشباب السعودي البطالة.
لكن إدارة ابن سلمان التي تعشق المتناقضات ظلت باقية على حفلات الترفيه ليس بالطبع لترفيه شعب يعاني من تلك المتناقضات البطالة وارتفاع الأسعار وطلب السكن وإنما لتصدير إصلاحات وهمية وشكلية للخارج على أمل أن ينظر الغرب إلى الرياض بغير نظرة نفسها إلى تنظيم القاعدة .