مقالات مشابهة

ترامب يخترِق كُل الخُطوط الحُمر بإرسال أسلحة مُتطوّرة لتايوان.. والصين تُطالب بوقف الصّفقة فورًا

المشهد اليمني الأول/

لم نُبالغ مُطلقًا عندما وصفنا الاتفاق الذي توصّل إليه لقاء القمّة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي دونالد ترامب الذي انعقد على هامِش قمّة “أوساكا” للدول العشرين بأنّه مُجرّد “هدنة” لأنّ الهُوّة واسعة بين البلدين، والحرب التجاريّة ستعود إلى الاشتعال في المُستقبل القريب.

الدولة الأمريكيّة، ليس الرئيس ترامب فقط، تشعُر أنّ الصين باتت التّهديد الأكبر للهيمنة الأمريكيّة على مُقدّرات العالم، وأنّها الدولة الوحيدة القادِرة على إطاحة الولايات المتحدة من على عرشِ زعامته.

الأمريكيّون يشعرون بأنّ الصين خدعتهم عندما وثِقوا بها، واستخدموها ورقةً ضِد الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة، وكان هنري كيسنجر، وزير الخارجيّة الأسبق، هو صاحب هذه النظريّة، وقدّموا لها كُل أسرار التّكنولوجيا، الصناعيّة، وفي علم الاتصالات، ليكتشفوا الآن، وبعد أن أصبحت الصين القُوّة الاقتصاديّة التي تحتل المرتبة الثانية عالميًّا، مدعومةً بصناعةٍ عسكريّةٍ مُتقدّمةً جدًّا، أنّهم، أيّ الأمريكيين، قد ابتعلوا الطّعم، ووقعوا في المِصيدة المُحكمة الإغلاق.

الإدارة الأمريكيّة تتخبّط، ورئيسها ترامب فقد صوابه، أو كاد، وينعكِس هذا التخبّط من خلال إعلان حُكومته عن بيع تايوان، خصم بكين الأزلي، 108 دبّابات من طِراز “آبرامز” المُتقدّمة، و250 صاروخًا من نوع “ستينغر” المُضاد للطائرات في صفقةٍ تبلُغ قيمتها 2.2 مليار دولار.

من الطّبيعي أن يُثير الإعلان عن هذه الصّفقة غضب القيادة الصينيّة وأن يأتي تعبيرها عن هذا الغضب بالمُطالبة بإيقاف هذه الصّفقة فورًا، ولكنّنا لا نعتقد أنّ هذا الطّلب الصيني سيجِد أيّ تجاوب، وعلينا أن ننتظر ردًّا صينيًّا ربّما أكثر شراسةً فيما هو قادمٌ من الأيّام.

الرئيس ترامب يستخدم هذه الصفقة مع تايوان كأحد أقوى أوراق الضّغط التي يستخدمها ضِد الصين، بعد فشل الجولة الأولى من حربه التجاريّة ضدها، ولكنّه لا يعلم أنّ الصين لديها أوراق لا تقِل قوّةً، أبرزها الورقة الإيرانيّة، وبدرجةٍ أقل الورقة الفنزويليّة، ولا ننسى ورقة كوريا الشماليّة ورئيسها “القبضاي” كيم جونغ أون الذي دوّخ ترامب وأذلّه في اللّقائين الأخيرين معه في سنغافورة وهانوي، وبالتّنسيق مع حُلفائه الصينيين.

الصين تعتبر تسليح تايوان من قبل أمريكا خطًّا أحمر، بل إعلان حرب، وتدخّل سافر في شُؤونها الداخليّة، ولا نعتقد أنّها ستقِف مكتوفة الأيدي في مُواجهة هذا الخَرق الأمريكي لكُل الخُطوط الحُمر، وسترد مثلما ردّت بحزمٍ على فرض إدارة ترامب ضرائب على الواردات الصينيّة بحُدود 25 بالمئة، أو حواليّ 200 مِليار دولار.

لا نُريد أن نقول إنّها بدايات الحرب الباردة، لأنّ هذه الحرب المُندلعة بشكلٍ مُتدرّجٍ بين الصين وأمريكا فريدة من نوعها، وتتواضع أمامها نظيرتها السابقة بين موسكو واشنطن، لأنّ الصين أقوى وأكثر عِنادًا، وتترجَم الأقوال إلى أفعالٍ دون تردّد.

ترامب يرتكب حماقةً جديدةً، ويجُر العالم إلى حافّة الهاوية مُجدّدًا، ولكن من يلعب بالنّار مع الصين سيَحرِق ليس فقط إصابعه، وربّما يديه وأرجله وبطنه.