المشهد اليمني الأول/

تتوقف حركة الملاحة الجوية في مطارات جيزان ونجران وأبها كلياً عند كل إستهداف يطالها بسلاح الجو المسير بهجمات دورية أضحت شبه يومية، فيما تخيم على الاجواء هناك حالة من الشلل الشبة تام جراء إلغاء شركات الطيران رحلاتها واستجابه المواطنين لنداء القوات اليمنية بالإبتعاد عن المطارات والمنشآت الحيوية والعسكرية.

ويعترف النظام السعودي بوصول الطائرات المسيرة على مطاراته في أبها وجيزان ونجران زاعماً إعتراضها تارة والتقليل من شأنها تارة أخرى، بيد أن القوات اليمنية تؤكد أن العمليات تستهدف أماكن عسكرية في المطار وتؤكد أن العمليات تحقق أهدافها بإستهداف مرابض الطائرات الحربية ومستودعات ذخائر المقاتلات التي تستخدم للعدوان على اليمن.

إنتقاء ذكي للأهداف وإتقان في إستخدام السلاح

المتحدث الرسمي كشف عن إنتقاء ذكي للأهداف مؤكداً أن بنك القوات المسلحة يشمل أهدافاً حيوية قد تتفوق من حيث الأهمية الاستراتيجية لدى العدو منشآت وأنابيب النفط، وان القوات اليمنية قادرة على استهداف عدد من الأهداف في وقت واحد وبأسلحة مختلفة، مؤكداً إمتلاك القوات إرادة القرار وأنها لن تتردد في تنفيذ المزيد من العمليات من أجل رفع المعاناة على الشعب اليمني جراء العدوان والحصار.

مؤخراً كشفت قناة الجزيرة صوراً خاصة من أقمار إصطناعية حصلت عليها القناة -تابعها المشهد اليمني الأول- أظهرت آثار القصف الجوي الذي تعرض له مطار جيزان الإقليمي يوم 24 يونيو بطائرات يمنية مسيرة.. وتوضح الصور أن هجوم سلاح الجو المسير اليمني بطائرات قاصف 2k إستهدف بدقة عالية مواقع عسكرية بحسب خبراء تحليل الصور الفضائية. ويلاحظ من الصور أن الأضرار التي تم رصدها تقع جميعها في الجانب العسكري من المطار شمال المدرج، أما الجانب المدني من المطار الذي يقع في منتصف المدرج فإنه لم يتعرض لأي أضرار، مثله مثل المنطقة السكنية المحيطة بالمطار، ما يشير إلى دقة وإتقان في إستخدام سلاح الجو المسير وانتقاء المواطن المؤلمة في كل هدف إستراتيجي.

في الحقيقة كانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قد نشرت تقريراً، أعده كل من “ديون نيسباوم” و “وارن ستروبل”، يقولان فيه بالنص: “إن الحوثيين في الشرق الأوسط دخلوا عصر حروب الدرون”، وينوه الكاتبان في المقال الذي تابعه المشهد اليمني الأول، إلى أن “الحوثيين أظهروا براعة في استخدام الطائرات دون طيار، وأصبحوا خلال فترة قصيرة من الجماعات الأكثر مهارة في استخدام هذا السلاح، ما أثار جدلاً في واشنطن”. التقرير قال أيضاً أن “المخابرات الأمريكية توصلت إلى أن برنامج طائرات الدرون الحوثي محلي ولا يحتاج الحوثيون لأي مساعدة خارجية”.

نتائج مثمرة للمرحلة الأولى من عمليات الردع

في نتائج المرحلة الأولى من عمليات سلاح الجو المسير ووحدة القوة الصاروخية أكد متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، يوم الثلاثاء، أن إجمالي عمليات سلاح الجو المسير بلغ خلال الشهرين الماضيين 36 عملية منها 15 عملية بالاشتراك مع المدفعية، فيما القوة الصاروخية كان لها حضور خلال الشهرين الماضيين بخمس عمليات استخدمت فيها الصواريخ الباليستية.

وقال العميد سريع في مؤتمر صحفي إن” 21 عملية لسلاح الجو المسير استهدفت منشئآت عسكرية سعودية أو تستخدم لأغراض عسكرية خلال الشهرين الماضيين”، مضيفًا أن” 10 عمليات لسلاح الجو المسير على مطار أبها و7 عمليات على مطار جيزان و3 عمليات على مطار نجران وعملية على قاعدة خميس مشيط”. موضحاً أن القوة الصاروخية كان لها حضور خلال الشهرين الماضيين بخمس عمليات استخدمت فيها الصواريخ الباليستية باستهداف منشآت عسكرية أو تستخدم لأغراض عسكرية سعودية بصواريخ 2 كروز مجنح و2 بدر اف وصاروخ قصير المدى.

ويؤكد العميد أن “النظام السعودي لن يتمكن مع استمرار عمليات القوات المسلحة من إعادة الحركة للملاحة الجوية”، وأن “العمليات مستمرة في استهداف المنشآت المعادية المستخدمة لأغراض عسكرية”.

في المقابل لم يجد النظام السعودي حرجاً من إقامة ثلاث قمم في شهر رمضان 1440هـ إستعرض فيها بقايا لطائرات هاجمت محطات ضخ النفط في محافظتي الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض، مستجدياً الدعم والمؤازة في حرب خلقها قبل أكثر من أربع سنوات ولم يستطع حسمها، وبدأت النيران تنال منه وفي أماكن حساسة يخشاها، ما يؤكد إداركه الخطر الداهم عليه.

إنتقاء ذكي للتوقيت

بدأت العمليات العسكرية تأخذ مجراها الردعي في مواجهة العدوان عقب تنفيذ الجانب الوطني خطوة إعادة الانتشار من طرف واحد والتي وضعت العدو أمام اختبار حقيقي عن توجهه لتنفيذ اتفاق السويد، بمعنى إقامة الحجة على تحالف العدوان بحال إستمراره بالحصار والعدوان، سيما أن رفع الحصار الإقتصادي واعادة فتح مطار صنعاء كان ضمن إتفاق السويد والذي كان إنسانياً بالدرجة الأولى، بيد أن قوى العدوان تعرقل تنفيذه متخذة من الجانب الإقتصادي ورقة ضغط سياسية للإبتزاز.

إقامةَ للحجة تقدم المجلس السياسي الأعلى بمبادرة إقتصادية من طرف واحد وجه فيها الحكومة بإنشاء حساب خاص في فرع البنك المركزي اليمني في محافظة الحديدة وتوريد إيرادات الموانئ الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف) إلى هذا الحساب، بحيث يستخدم لصرف المرتبات لكل اليمنيين، وحمل السياسي الأعلى الطرف الآخر كامل المسؤولية في حال التهرب بشأن الورقة الاقتصادية خلال مشاورات السويد، كما نبه أن على الطرف الآخر أن يتحمل كل التبعات التي ستنتج عن استمرار فرضه القيود الاقتصادية الجائرة واستخدامه للاقتصاد أداة للحرب والعدوان والتجويع والمساومة.

تدشين مرحلة ثانية من عمليات الردع

متحدث القوات المسلحة اليمنية أكد في مؤتمره الأخير أن” القيادة العامة للقوات المسلحة بصدد دراسة تنفيذ المرحلة الثانية من عمليات الردع والرد المشروع وأن القوات اليمنية تدافع عن الوطن وتمارس حقها المشروع في حماية المواطنين والأرض اليمنية من محاولات الغزو الأجنبي”.

كما لا يفوت العميد في كل مرة يظهر فيها أن يجدد دعوته لكافة المدنيين بأن عليهم التعامل مع تحذيرات القوات اليمنية بمسؤولية فلن يتوقف الاستهداف لتلك المنشآت إلا بتوقف العدوان، مؤكدا أنهُ قد تتوسع عملياتنا لتشمل أهدافاً أخرى مشروعة وضمن نطاقات جغرافية أوسع.

من المهم الإشارة هنا إلى أن التصعيد جاء بعد تقديم تنازلات جسام من الجانب الوطني لتنفيذ إتفاق السويد في محافظة الحديدة، وهو ما يشي بأن الجانب الوطني والقيادة قرر البدء بالمرحلة الثانية ربما من الإمارات بإستهداف الدولة الثانية في العدوان على اليمن، وما يدعم ذلك معلومات مؤكدة تشير لنوايا قوى العدوان التصعيد في الساحل والحديدة في ظل إشاعات تتحدث عن إنسحاب القوات الإماراتية من الساحل الغربي لليمن في الوقت الذي تصل فيه المئات من المدرعات المخصصة للمناطق الساحلية إلى عدن، أيام قلائل تفصلنا عن مشهد سيبدو أكثر وضوحاً من الآن.