المشهد اليمني الأول/
أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَلِكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عَبْدُه ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وباركت على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات:
السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛
وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، اللهم اهدنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: الآية 36]، أتت هذه الآية المباركة ضمن الآيات الواردة في سورة الإسراء، والتي تضمنت توجيهات في غاية الأهمية، توجيهات من الله -سبحانه وتعالى- مُلزمة ومهمة وحكيمة لصلاح حياة الإنسان، وتمثِّل ضمن التزاماتنا الإيمانية والدينية مسألة مهمة، يعني: من أهم ما في التزاماتنا الإيمانية والدينية التي إن أخلَّ الإنسان بشيءٍ منها؛ كان لذلك تأثير سيء وضرر كبير على مستوى إيمانه ومصداقيته مع الله -سبحانه وتعالى- وعلى مستوى التزامه الديني، وكان لذلك تأثير سيء في نفسية الإنسان وأعماله.
وهذه الآية المباركة كما الآيات السابقة تحقق لمجتمعنا المسلم الاستقرار في واقعه الداخلي على المستوى الاقتصادي والأمني والاجتماعي، وتساعده في النهوض بمسؤولياته في هذه الحياة، والتصدي لمشاكل هذه الحياة، وهي من الآيات المهمة والعظيمة التي نحن في هذا العصر- بالذات- أكثر حاجةً إليها من كل ما قد مضى، البشر يحتاجون إلى هذه التوجيهات في كل العصور الماضية، في كل المراحل الماضية، لكن في هذا الزمن عندما نتأمل في قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، فنحن في عصر الإعلام، والعصر الذي انتشرت فيه الوسائل الإعلامية، ووسائل التأثير على الإنسان، والحرب الدعائية بأكثر من أي وقتٍ مضى، نحن في أمسِّ الحاجة إلى أن نهتدي بهذه الآية المباركة، وأن نلتزم بهذا التوجيه الإلهي.
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (لَا تَقْفُ): لا تتبع ولا تتبن ولا تعتمد على (مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ): هذا يشمل أشياء متعددة، ويحصِّن المجتمع المسلم من كل حالات التأثير المعتمد على الإعلام: من الدعاية، ومن الشائعات، ومن الحرب التضليلية بكل أشكالها، ومجتمعنا اليوم في هذا العصر وفي هذه المرحلة بالتحديد أكثر حاجة إلى أن يتحصن من تأثير الإعلام، ومن تأثير الشائعات والدعايات؛ لأنها حاضرة اليوم بشكل كبير في واقع الحياة، وسائلها متعددة، وهي حاضرة أيضاً لأنها بحد ذاتها أيضاً سلاح يعتمد عليه الآخرون اعتماداً رئيسياً في التأثير علينا كمجتمعٍ مسلم، في التأثير على أفكارنا؛ وبالتالي التأثير على اهتماماتنا وأعمالنا ومواقفنا.
صناعة الرأي العام- اليوم- سياسة أساسية يعتمد عليها أعداء الامة؛ وبالتالي يصنعون بها المواقف والتوجهات، وهذا من أخطر الأمور علينا كأمةٍ مسلمة، وعلى شعوبنا الإسلامية، هي أحوج ما تكون إلى أن تتحصن بالوعي، والفهم الصحيح، والإدراك لطبيعة هذه الحرب، ولوسائلها، وأساليبها، المسألة في غاية الأهمية، الإنسان قد يتأثر بما يتلقها، بما يصل إليه، بما يسمعه، ويعتمد عليه، يثق بما وصل إليه، أو يتبناه ويتأثر به، وقد يكون ما وصل إليه من دعاية أو شائعة أو فكرة قد يكون غير صحيح، غير صحيح، لا يستند فيه إلى علم، وإلى حقيقة، وهذا يترتب عليه أن يتبنى الإنسان بالتالي المواقف السيئة، الإنسان إذا تأثر بدعاية، أو تأثر بشائعة، أو تأثر بفكرة، فتأثيرها ينعكس عليه في مواقفه، في توجهاته، في ولاءاته، في عداواته، في نظرته، في عمله، فلذلك المسألة في غاية الخطورة، وفي أكبر مستوى من الأهمية.
والله -سبحانه وتعالى- يحذر تحذيراً مهماً هنا، فلذلك الإنسان لا بدَّ أن يبني على التثبت والتحقق والتأكد، وأن يحمل الوعي مسبقاً تجاه تلك الفئات وتلك الفئات التي تطلق مثل هذه الشائعات والدعايات أو تقدمها، هذا جانب فيما يتعلق بالشائعات والدعاية التي تسخر لها اليوم والأفكار: الأفكار غير الصحيحة، الأفكار الباطلة والضالة التي تقدِّم فهماً خاطئاً تجاه الأحداث، تجاه القضايا، تجاه أسبابها، تجاه المواقف… تجاه كثيرٍ من الأمور التي يجب أن ننظر إليها بمسؤولية، وأن نتعامل معها بمسؤولية، وأن نقف تجاهها بمسؤولية، لا نكون عرضة للتأثير بكل بساطة؛ وبالتالي نتبنى أي موقف، ونتحرك في أي اتجاه.
اليوم عندما نأتي إلى الجانب الإعلامي، ما يتعلق بالقنوات الفضائية وما تقدمه وتبثه، ما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي، والإنترنت والشبكة العنكبوتية وما يقدَّم عبرها، ربما المليارات في عصرنا هذا وفي زمننا هذا يتأثرون بشكلٍ كبير بهذه الوسائل: القنوات الفضائية، مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية بشكلٍ عام، ويتأثرون بها في معظم أفكارهم، وفي أكثر أفكارهم، ويبنون على ذلك مواقفهم، قبل الموقف الانطباع: من محبة، أو كراهية، أو بغض، أو ولاء، أو عداء، ثم الموقف، وهذه المسألة مهمة جدًّا وخطيرة للغاية، نحن أمةٌ مسلمة نؤمن بالله، ونؤمن باليوم الآخر، ونؤمن بتوجيهات الله -سبحانه وتعالى- التي تعلِّمنا أن نكون مبدئيين في مواقفنا، أن ننطلق على أساسٍ من المبادئ والقيم والأخلاق والتعليمات والتوجيهات التي أتتنا من الله -سبحانه وتعالى- وأن نعي أن أعداءنا يجعلون من الإعلام وسيلةً رئيسيةً للتأثير، وسلاحاً رئيسياً وفعَّالاً في إخضاع الشعوب والسيطرة عليها، وأخطر شكلٍ من أشكال السيطرة هو: السيطرة الفكرية، هو السيطرة النفسية، عندما يسيطر العدو على أفكارنا، على مشاعرنا، على ميولنا وتوجهاتنا، فهذا هو أخطر احتلال، وهذه أكبر سيطرة يسيطر بها العدو علينا، وهذه الوسائل يعتمد عليها أعداء الأمة: الامريكيون، الإسرائيليون، الحركة الصهيونية واليهودية في العالم، كل فئات الضلال التي تستهدفنا كأمةٍ مسلمة، وتسعى إلى التأثير علينا، وإلى تغيير أفكارنا وتوجهاتنا ومواقفنا والسيطرة علينا، هي تشتغل بشكلٍ رئيسي عبر هذه الوسائل {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}[الصف: من الآية8]، وفي آيةٍ أخرى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}[التوبة: من الآية32]، ودائماً كانت الوسيلة الرئيسية للتضليل هي بالتخاطب مع الإنسان، والتأثير عليه فكرياً وثقافياً، هذه وسيلة كانت قائمة منذ التاريخ، الشيطان يعتمد الوسوسة، وأولياؤه من الجن والإنس يشتغلون في التأثير في نفوس الناس وفي مشاعرهم، وأتت في القرآن الكريم سورة مهمة تعلِّمنا خطورة هذا التلقي العشوائي، وما يحرص عليه الآخرون من تأثيرٍ علينا، عندما أتت السورة المباركة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}[الناس: 1-6]، الناس مشتركون في عملية الوسوسة، في عملية التأثير النفسي والفكري على الإنسان في مواقفه، وفي توجهاته… وتجاه أشياء كثيرة، البعض منها يستهدف الإنسان لإفساده، اللعب على غرائزه، السعي لإثارة ميوله في شهوته نحو الفساد الأخلاقي بكل أشكاله، الفساد الأخلاقي بمختلف الجرائم، ويحصل هذا عبر هذه الوسائل: عبر مواقع التواصل الاجتماعي… وغيرها، لكن الكثير أيضاً يتجه إلى التأثير على الإنسان في تفكيره، في أفكاره، في قناعاته، في مواقفه، في مواقفه، والمواقف من أهم الأمور في الدين، الدين مواقف، الإنسان إما أن يقف موقف الحق، وإما أن يقف موقف الباطل، والمسألة مهمة جدًّا، من أهم ما نسأل عنه يوم القيامة ونحاسب عليه يوم القيامة هو هذا: مواقفنا في هذه الحياة، المواقف التي يترتب عليها أشياء كثيرة جدًّا، التزامات مبدئية وأخلاقية وتوجيهات وتشريعات وفرائض من الله -سبحانه وتعالى-.
فنحن معنيون أن نتمتع بالتماسك والحصانة الفكرية والثقافية المسبقة تجاه هذه الوسائل التي يعتمد عليها الأعداء، وأن نحمل مسبقاً وعياً يحصننا من التأثر بالدعايات والشائعات، ألا يكون الإنسان مفتوحاً يتلقى أي شيء، ويتأثر بأي شيء بكل بساطة، مجرد أن يجد في مواقع التواصل الاجتماعي دعاية معينة، وعادةً ما تأتي دعايات تستهدف الناس الذين هم على الحق في موقفهم، تستهدفهم بشكل تشويه، فيأتي البعض يتأثر بها فوراً، وقبل أي تأكد وتبين يتبنى موقفاً سلبياً، ويتفاعل مع تلك الدعاية أو تلك الشائعة، فإذا به يطلق أيضاً موقفاً سلبياً، أو يتأثر وينعكس ذلك حتى في مدى تفاعله مع الحق، ومع موقف الحق، وهذه النتيجة التي يسعى إليها الآخرون.
عندما نأتي إلى ما يتعلق بالعدوان على بلدنا، وهو عدوان واضح وإجرامي وحشي، وجرائمه واضحة ومعروفة في كل مدينة وفي كل محافظة، وابتداؤه بالعدوان أمر واضح، يعني: الموقف من أصله واضح، عدوان غاشم وإجرامي علينا كشعبٍ يمني، تحرك البعض للتصدي لهذا العدوان ونهضوا بمسؤوليتهم، وكلٌ بقدر ما يمتلك من دافع إيماني وإنساني وقيمي وأخلاقي، كان تفاعله بهذا المقدار: بمقدار إيمانه أو بمقدار إنسانيته في الحد الأدنى، البعض كان موقفهم مختلفاً، موقف الخيانة، والميل إلى العدو، والوقوف في صف العدو، والتأييد للعدو في كل جرائمه وفي عدوانه بشكلٍ عام، البعض كان موقفهم موقفاً متردداً ومتذبذباً، والبعض جمدوا، وتنصلوا عن المسؤولية، وتجاهلوا ما يحدث، وكأنهم غير معنيين، وهذا هو يحدث في كل زمن، وفي كل عصر، وفي كل بلد يواجه مثل هذا الاعتداء، وحصل مثل هذا في عصر الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- البعض تحركوا مع رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ونهضوا بالمسؤولية، وتوكلوا على الله، وجاهدوا، وقدموا التضحيات من الشهداء والجرحى، وبذلوا المال والنفس، وأثنى عليهم القرآن بهذا عظيم الثناء، البعض الآخر وقفوا موقفاً آخر، وشككوا في موقف الرسول والذين معه من المؤمنين، وانتقدوهم، وجمدوا، وثبطوا، وخذلوا، وكانت مواقفهم سلبية ومتخاذلة، البعض كانوا كعدو واضحين في عدائهم، وتحركوا بكل ما يستطيعون بعدوانية شديدة، وبكل ما يستطيعونه من موقف وعمل ضد الإسلام وأهله.
البلدان التي تشهد حالةً من العدوان عليها والسعي لاحتلالها، هي تعيش نفس الشيء، نفس الحال، البعض ينهض بمسؤولياته، يدفعه وازعه الإيماني والديني الصادق، والبعض وازعه الإنساني، حريته كرامته تدفعه لاتخاذ موقف، فطرته يعني، والفطرة تلتقي مع الدين، البعض لا، يتخذ موقفاً إما متخاذلاً، وإما موقفاً لصالح العدو، وتأتي في نهاية المطاف عملية استهداف الذين يقفون الموقف الصحيح كوسيلة لضرب الموقف نفسه، للتأثير على الموقف نفسه؛ لأن الإنسان قد يتخذ منهم موقفاً سلبياً، لكن نتيجة أنه اتخذ من هؤلاء الذين هم في الموقف الصحيح موقفاً سلبياً، هو بالتالي يتأثر في الموقف من أصله، لا يقف ذلك الموقف الذي هم فيه، ويتحرك ضمن أولويات واهتمامات وأفكار ثانية.
أيضاً عملية الإلهاء والصرف عن الأولويات الرئيسية، والإشغال للناس في اهتماماتهم، وفي واقفهم، وفي سخطهم، وفي غضبهم، وفي انفعالاتهم، وفي أخذهم وردهم وكلامهم على أشياء أخرى، بعيداً عن الأشياء الرئيسية، العدو يستفيد بأشكال متعددة، بأشكال متعددة، بجوانب متعددة، بوسائل متعددة، لكن الهدف الرئيسي عادةً ما يكون: إبعاد الناس عن الموقف الصحيح: إما بإشغالهم، وإما بدفعهم إلى تبني مواقف سلبية تجاه من يتبنى الموقف الصحيح؛ وبالتالي تبعدهم عن الموقف الصحيح بنفسه، وهذا يحدث للكثير، مثلاً في موضوع: الموقف من العدوان، البعض يظهر بموقف ولو موقف كلامي في بعض الحالات، البعض موقفه أنه موقف كلامي، ولكن بمجرد أن يكون له مشكلة مع الأطراف التي تتصدى للعدوان، أبسط مشكلة مع أي أحدٍ منهم، أو جهةٍ منهم، أو شخصٍ- أحياناً- منهم؛ يتغير موقفه، ويتحول موقفه الكلامي- هذا الذي لم يكن يمتلك غيره- إلى موقف يوجهه ضد هؤلاء الذين هم يتصدون للعدوان، وينسى العدوان، ولا يبقى اهتمامه بالتصدي للعدوان كأولوية، ولا كموقفٍ رئيسيٍ وموقفٍ بارز أبداً، يشتغل بالشيء الآخر ويعمل عليه.
نحن أمة في عصر تحديات، وفي عصر مواقف، وفي عصر أخطار، وفي عصر صراع، ولأنا في زمن صراع توظَّف فيه كل الوسائل وكل المواقف، وتستغل فيه كل المواقف، والعدو يجيد استغلال كل شيء، كل حالة انحراف، كل حالة موقف سلبي، الحالة السلبية يستغلها العدو ويوظِّفها إلى أنهاء مستوى يقدر عليه، إلى أقصى حد يستطيعه، هو يجيد عملية الاستغلال، اسمعوني جيداً: الاستغلال والتوظيف لكل السلبيات، ولكل المواقف السلبية،
البعض قد يتأثر بدعاية لا أساس لها من الصحة، ويتفاعل معها، ويسب، ويشتم، ويسخط، ويتفاعل، ويطلق المواقف، وهي مجرد دعاية لا أساس لها من الصحة، أو كلام لا واقع له، وقد تفاعل معه، وتأثر به، وتبنى عليه مواقف معينة، البعض قد يسمع أو قد يرى حالات سلبية بالفعل، ولكنه يقف تجاهها بموقف أكثر سلبية، ويطلق مواقف عامة وتحركات سلبية، ويتعاطى مع الموضوع بأكثر من مستواه وبأكثر من حجمه، ويتعداه إلى مواقف عامة ومواقف شاملة، وهذه حالة خطيرة وحالة سلبية، وتحصل للكثير للكثير، وبالذات من لم يربوا أنفسهم على الانضباط في مشاعرهم ومواقفهم على أساسٍ من تعليمات الله -سبحانه وتعالى- من لا يتحلون بالمسؤولية في مواقفهم وفي كلامهم وفي تصرفاتهم، إنما يتعامل بمشاعره، إذا غضب فهو كافر الغضب: يقول أي شيء، يتحدث بأي شيء، يتخذ أي موقف، لماذا؟ لأنه غضب وانفعل، إذا كان راضياً فمواقفه إيجابية، إذا كان ساخطاً فهو يطلق أسوأ المواقف على الإطلاق، هذه حالة خطيرة على الإنسان بنفسه؛ لأن الإنسان في الأخير مسؤول أمام الله -سبحانه وتعالى- في موقع المسؤولية، والمواقف الظالمة، والمواقف الخاطئة، والمواقف السلبية الإنسان سيتحمل وزرها عند الله -سبحانه وتعالى- أحياناً قد تجعل الإنسان يشارك في دماء الناس، في حياتهم، في حقوقهم، في ظلم كبير جدًّا يقع على الناس وهو يتصرف بطريقة يقدم فيها خدمة كبيرة للأعداء، ونحن في ظل صراع خطير تستغل فيه كل الحالات السلبية والمواقف السلبية.
فالدعاية من جانب، الشائعات من جانب، إذا كان الإنسان يتلقى أي دعاية من مواقع التواصل الاجتماعي أو شائعة، أو يسمعها من التلفاز، أو يسمعها في الشارع، البعض في الشارع يذهب إلى السوق يسمع دعاية يعود بها معه إلى المنزل، وإلى المقايل، وإلى الاجتماعات، وإلى أصدقائه وأصحابه، أو يتحرك بعد أن يصل إلى المنزل ليطلقها أيضاً في مواقع التواصل الاجتماع، وكأن المسألة في غاية البساطة، يذهب إلى السوق يشتري الخضار، ويعود إلى المنزل ومعه شيء من بعض الخضار هذه ومعه دعاية كأنها حال أي الأشياء الأخرى التي يأخذها من السوق ويعود بها إلى المنزل، ثم يعود بها حاملاً لها، ومعمماً لها، وناشراً لها، ومتبنياً لها، وكأنها حقيقةٌ لا ريب فيها.
الدعاية من جانب والشائعة من جانب، من التلفاز، من مواقع التواصل الاجتماعي، من الشارع، من مجالس القات، من مواقع الاجتماعات بكل أشكالها، فعاليات اجتماعية، مناسبات اجتماعية، يسمع أي شيء يتلقفه بكل بساطة، هذا التلقف والذي بكل بساطة يتلقف منه الإنسان أي شائعة أو دعاية ثم يتبناها، ويتفاعل معها بالتالي، ويبني عليها موقف، هو يشكِّل خطورةً كبيرة عليك كإنسان، عليك أخلاقياً، عليك إيمانياً، عليك إنسانياً، تصبح سهل التأثر، وسهل الانزلاق إلى مواقف خطيرة جدًّا، تدفع ثمنها كثيراً يوم القيامة وفي الدنيا حتى.
أيضاً سوء الظن، سوء الظن أيضاً من الأشياء الخطيرة جدًّا التي قد يبني عليه البعض، قد يعتمد عليه البعض وهو ليس بعلم سوء الظن، ليس بحقيقة، قد يبني على أوهامه وعلى ظنونه انطباعات ومشاعر؛ وبالتالي مواقف، وهذا يؤثر على الكثير من الناس، مسألة في غاية الخطورة؛ لأن الإنسان قد يبني عليها حباً وبغضاً، وولاءً وعداءً، وقد يبني عليها مواقف وتصرفات، وإذا كان في موقع مسؤولية فالمسألة أخطر، والمسألة خطيرة على كل إنسان، كل إنسانٍ في موقع التكليف، إذا كان يعتمد على أوهامه، على سوء ظنه، ويبني عليها المواقف، والبعض حصل من جانبهم هذا، وترتب على ذلك مواقف خطيرة، كم يحصل في واقع الناس من مشاكل تعود في جزءٍ منها إلى هذا، إلى الاعتماد على دعاية شائعة، أو تصديق فكرة غير صحيحة والتقبل بها، أو الاعتماد عل سوء الظن، ويبني الإنسان على سوء الظن موقفاً خاطئاً، ظالماً، سيئاً، ويؤثر هذا- في النهاية- على المجتمع في موقفه العام في قضاياه الكبيرة، وهنا الخطورة الكبيرة جدًّا، هذه الأشياء تؤثر في النهاية، مردودها في النهاية، نتائجها في النهاية: التأثير على الموقف العام، فالمجتمع الذي يعيش هذه الحالة السلبية من التأثر بالشائعات والدعايات، ويعتمد على سوء الظن، ويتقبل الأفكار الخاطئة وغير الصحيحة، مجتمعٌ يسهل على الأعداء ضربه، تفكيكه، التأثير عليه في مواقفه، الصرف له عن اهتمامات كبيرة وقضايا كبيرة، وتصبح بالتالي وسيلةً للسيطرة عليه بكل بساطة، هذا ما لا يريده الله لنا.
إن الله يريد لنا أن نكون كمجتمعٍ مسلم مجتمعاً واعياً، مجتمعاً متنوراً بنور الله، محصناً بالهدى، محصناً بالوعي، مجتمعاً يمتلك الوعي، يمتلك النور، يمتلك البصيرة، وليس مجتمعاً مستباحاً، ومجتمعاً يتأثر بكل ما هب ودب من أفكار وأقوال ودعايات وشائعات، ويصبح بالتالي ضحيةً بكل بساطة، ضحيةً لأعدائه الذين يجيدون هذا العمل: عمل التأثير بالدعاية، بالشائعة، بالفكرة غير الصحيحة، وإذا كان الإنسان أيضاً مصاباً بالاعتماد على سوء الظن ويبني عليه المواقف السيئة هذا يشكِّل خطورةً كبيرة.
وأنا أقول هذه الآية المباركة ومعها آية أخرى في سورة الأحزاب، قول الله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[الأحزاب: الآية70]، هاتان الآيتان المباركتان لو اهتدى بهما مجتمعنا المسلم، ووعاهما، والتزم بهما لكنا في مرحلة متقدمة في الصراع مع أعدائنا، ولكنا مجتمعاً محصناً أمام العدو في كل مساعيه للتأثير في داخل هذا المجتمع، هذه الآية المباركة: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: الآية36]، والآية المباركة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}، الآيتان هاتان تضبطان لنا عملية التلقي والاستقبال، وعملية ما نقدم وما نقول، وهذا ما يحتاجه مجتمعنا المسلم اليوم، وبالذات الكل يعني، منهم في موقع القرار ومن هم…؛ لأن الكل في موقع المسؤولية، الكل في موقع المسؤولية ونحتاج إلى الاهتداء بهاتين الآيتين، والتنور بهما، والاستفادة منهما، والالتزام بهما.
هنا يقول: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، الله -سبحانه وتعالى- زودنا بالسمع والبصر والفؤاد، وهذه وسائل التلقي، ووسائل رئيسية في مجال المعرفة، وأساسية في مجال المعرفة، وأكثر ما يصل إلى الإنسان من معارف، أو ما يتلقاه من معلومات، ومن أفكار، ومن أخبار، ومن أقوال، تأتي عبر السمع والبصر، ويتلقاها في داخل الإنسان الفؤاد.
الله -سبحانه وتعالى- يؤكِّد أن هذه الحواس الأساسية والمهمة، والتي هي من أعظم نعم الله علينا؛ لأنها النوافذ التي نطل منها على العالم من حولنا، على الواقع من حولنا، على الحياة من حولنا، ثم الفؤاد في الداخل الذي يستقبل ويتلقى ما يصل عبر السمع وعبر البصر، نعمٌ عظيمة ومهمة، وأهميتها في حياتنا كبيرة في كل شؤون حياتنا، ولكن يتعلق بها مسؤوليات مهمة: سوء الاستخدام لهذه الحواس يعتبر ذنباً من أكبر الذنوب، سوء الاستخدام لحاسة السمع، وسوء الاستخدام لحاسة البصر، وسوء الاستخدام بالتالي للفؤاد الذي هو وسيلة أساسية للاستقبال من السمع ومن البصر، سوء الاستخدام هو يعتبر معصية وكفرانٌ للنعمة، معصية لله -سبحانه وتعالى- وإساءة في مقابل هذه النعم العظيمة، عندما تجعل سمعك وسيلة لتلقي الأكاذيب، ولتلقي الشائعات، ولتلقي الباطل، ولتلقي الأفكار غير الصحيحة، فأنت تصغي لها وتجعل وسيلة السمع عندك وسيلة أساسية لاستقبالها، أنت هنا في موقع التفريط في هذه النعمة، والإساءة إلى هذه النعمة، والكفران لهذه النعمة التي هي نعمةٌ من الله عليك، ولهذا يأتي في القرآن الكريم الذم والنهي الشديد لمثل هكذا حالة، عندما يقول الله -سبحانه وتعالى- وهو يذم من يذمهم في كتابه: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} هو يذمهم بهذه الحالة التي يلقون بها أسماعهم لتلقي الأكاذيب، والتأثر بتلك الأكاذيب، والتفاعل مع تلك الأكاذيب، {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}، لا يريد الله من مجتمعنا المسلم أن يكون سمَّاعاً للأكاذيب، يسمعها ويتأثر بها، ويتلقاها، ويتفاعل معها، ويبني عليها المواقف والانطباعات. لا، عندما يكون الإنسان مسماعاً للباطل، للأفكار غير الصحيحة، للضلال من أي مصدر يسمعه: عبر الشاشة، عبر مساجد الضرار التي فيها مضلون، في مقايل القات… في أي مكان، بأي وسيلة، قضية خطيرة جدًّا يكون متأثراً، بحاسة السمع والبصر، ما يراه الإنسان ويسمعه ويتلقاه من معلومات وضلال وباطل، قضية خطيرة على الإنسان، ولهذا أتى في القرآن الكريم قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأنعام: الآية68]، يقول أيضاً في آيةٍ أخرى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}[النساء: الآية140].
القرآن الكريم فيه ما يحصننا بشكلٍ عام، ما يجعلنا من البداية نتعامل مع الموضوع: باهتمام وتركيز، ومن منطلق صحيح، وعلى أسس صحيحة، وبمبادئ صحيحة، ثم هو يعطينا صورة عن الأعداء، عن أعدائنا من الكافرين والمنافقين، كيف لا نتأثر بهم أصلاً، كيف يكون لنا موقف مسبق يحمينا من التأثر بهم، حتى في موضوع المنافقين الذين يعملون لصالح الأعداء، لصالح أعداء الأمة، القرآن الكريم قدَّم درساً مهماً فيما يتعلق بعدم التأثر بهم ولا التفاعل معهم، وآيات كثيرة في القرآن تحكي لنا أنهم يكذبون، أنهم يطلقون الشائعات الكاذبة، أنهم يتحركون تحت عناوين مخادعة، ولهذا ينهانا عن تصديقهم، في سورة التوبة كم من آيات كثيرة، في سورة النساء آيات كثيرة، في سور متعددة في القرآن ينهانا عن تصديق المنافقين، عن التقبل من المنافقين الموالين لأعداء الأمة، القرآن الكريم يكفينا منه أنه قال بشأنهم: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}[المنافقون: الآية1]، هو يقول للرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-: لا تصدقهم أبداً، حتى لو أتوا إليك ليقولوا أنهم يشهدون أنك رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ويشهدون بالتأكيد (إنك لرسول الله)، لا تصدقهم، لا تصدقهم حتى بهذه، حتى إذا أتوا بالشهادة ليشهدوا أن محمداً رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- حتى في الشهادتين إذا أتى ليتشهد لا تصدقه، ابْنِ على أنه يكذب، أن الكذب والدعايات والشائعات والخداع والتزييف صفة أساسية وسمة أساسية بارزة لديهم، هذه النظرة تجاه المنافقين تحمي الإنسان من التأثر بهم، وهذه الرؤية القرآنية تجاه الشائعات والدعايات تحمي المجتمع من التأثر بأي دعاية، وتبني عندنا مسألة التبين والتحقق.
السيد/ حسن نصر الله -حفظه الله- قال في كلمة جيدة في مقابلة من مقابلاته عن هذا الزمن أن شعاره (فتبينوا)، الإنسان بحاجة إلى أن يعتمد التبيين في هذا الزمن، إذا دخلت مواقع التواصل الاجتماعي ابنِ على التحقق والتبين، لا تتأثر بما تراه، من التلفاز كذلك، من المقايل، من الأسواق، من الشوارع… من مختلف الأماكن الأخرى والوسائل الأخرى، لا تكن هكذا سريع التقبل لأي دعاية، أي فكرة، وبالذات والأمة في حالة صراع، والدعايات والشائعات جزءٌ أساسيٌ في هذا الصراع، سلاحٌ رئيسيٌ في هذا الصراع، الإنسان قد يورِّط نفسه بتبني مواقف باطلة، بالدخول في ظلم بالإساءات التي يسأل عنها يوم القيامة، بما يؤثر على أخلاقه، على إنسانيته، على إيمانه، على التزامه، ليست مسألة سهلة المواقف الخاطئة والباطلة التي يتعجل بها الإنسان.
فسوء الاستخدام لهذه الوسائل التي زودنا الله بها لتكون وسائل للمعرفة الصحيحة، للاهتداء بها، للانتفاع بها في مختلف شؤون الحياة، إذا أساء الإنسان استخدامها فعليه مسؤولية يوم القيامة، كيف تسخر سمعك (حاسة السمع) لسماع الباطل، لسماع المعاصي، لسماع ما تأثم بسماعه، لسماع ما تضل بسماعه، من السماع ما تضل بسماعه، ومن السماع ما تفسد بسماعه، ومن السماع ما تتخذ المواقف الباطلة بسماعه، وكذلك ما يأتي عبر البصر، عبر حاسة البصر، حاستان مترابطتان في دورهما في تلقي المعلومات، وفي تلقي ما يصل إلى الإنسان، والفؤاد هو الذي يتأثر في الداخل، انطباعات ومشاعر وتصورات وأفكار، ثم مواقف، هذا الذي يحدث.
أيضاً علينا مسؤولية في أن نستخدم هذه الحواس: (السمع، والبصر، والفؤاد) الاستخدام الصحيح، نأثم، نضل، نفسد باستخدامها الاستخدام السيئ عندما تكون مجرد وسائل لتلقي كلما يصل إلينا من ضلال، ودعايات، وباطل، ومعاصي… وأشياء تؤثر علينا سلباً، وعلينا أيضاً مسؤولية نستخدمها بدلاً من ذلك بدلاً من الاستخدام السيء الاستخدام الصحيح، على الإنسان مسؤولية في أن يستخدم حواسه هذه وفؤاده للحصول على المعرفة الصحيحة، لفهم ما هو صحيح، لسماع ما هو مفيدٌ ونافعٌ وصحيح، هنا مسؤولية أيضاً؛ لأنها أيضاً تحمي الإنسان، ما يحتاجه الإنسان لكي يتحصن من الباطل ومن الضلال، وما يحتاجه الإنسان لكي يقف الموقف الصحيح، ويتبنى الموقف الصحيح، ويعتمد على المواقف الصحيحة والتصرفات الصحيحة، يحتاج إلى أن يستخدم هذه الحواس كحواس للمعرفة، وتلقي المعرفة الصحيحة من قنوات صحيحة، من مصادر صحيحة، وأن يعتمد التأكد حتى يكون على علم وعلى بينة، وليس على أوهام، وليس على دعايات وشائعات، وليس على أفكار غير صحيحة، وليس على سوء ظن، لا يعتمد على كل تلك الأشياء، لا يعتمد عليها بكلها، وإنما يعتمد ما هو علم، ما هو بينة، في مواقفك اعتمد على هدى الله -سبحانه وتعالى- واعتمد على حقائق في واقع الحياة واضحة وبينة ومؤكدة، هذا هو الشيء الصحيح الذي تبني عليه مواقفك الصحيحة واتجاهاتك الصحيحة؛ حتى تكون بمنجاةٍ من الحساب والسؤال والجزاء، وحتى تفوز وتقف المواقف التي ترضي الله -سبحانه وتعالى-.
فهذه الآية المباركة آية مهمة جدًّا، نحن في هذا الزمن في أمسِّ الحاجة إليها في كل مواقع المسؤولية، وفي كل مجالات الحياة، وفي كل ميادين الحياة، أينما أنت وأين ما كنت تحتاج إلى هذه الآية المباركة التي تجعلك تتعامل بمسؤولية مع ما تسمع، مع ما ترى، وتتعامل بمسؤولية لتسمع الحق، ولترى الحق، ولتصل إلى موقف الحق.
نكتفي بهذا المقدار…
ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
من المهم لنا- أيها الإخوة والأخوات- الاغتنام للعشر الأواخر من هذا الشهر المبارك، والتماس ليلة القدر، هي ليالٍ عظيمة وفضيلتها كبيرة، وأهميتها عظيمة، من المهم اغتنامها والتركيز عليها، البعض قد يكون مهتماً في بداية شهر رمضان، أو في الفترة الماضية من شهر رمضان، وقد يكون قد أصيب بالملل أو الفتور أو الكسل فيما بقي من شهر رمضان؛ فيهمل في المرحلة الأهم، كان رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- يعطي آخر شهر رمضان من الأهمية أكثر مما مضى منه، ويكثف اهتمامه به على مستوى العبادة والذكر والإقبال إلى الله -سبحانه وتعالى- وهذا ما ينبغي أن نركِّز عليه جميعاً.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق…
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛