المشهد اليمني الأول/

من حق الشعب الفلسطيني بشكل عام، وأبناء قطاع غزّة بشكل خاص، أن يحتفلوا بالنّصر، وأن يكبروا في المساجد، فلولا صمودهم ومقاومتهم البطوليّة لما قبل رئيس وزراء الكيان الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو المتغطرس بوقف إطلاق النّار، ولاستمرّ في القصف من البحر والبر والجو.

الإسرائيليّون لا يفهمون إلا لغة القوّة، وأكثر من يجيد هذه اللُّغة هم رجال المقاومة، سواء في قطاع غزّة، أو في الضفة الغربيّة، وكل المؤشرات تؤكّد أنّها عادلة، وستطرد كل اللغات الاستسلاميّة الأخرى، مثل العملة الجيّدة التي تطرد العملات الفاسدة الأخرى.

وبموازين القوى العسكرية التي يعرفها القاصي والداني، فإن انتصار الضعيف على القوي أمر مستحيل، فكيف انتصرت غزة المحاصرة والضعيفة على دولة الصهاينة التي تمتلك من السلاح التكنولوجيا والمعلومات والاقتصاد ووسائل التدمير.

بعد التدقيق في المشهد الكلي للجولة الأخيرة من المواجهة يمكن استشفاف مقاومات القوة لدى المقاومة، والتي كانت السبب في حسم المعركة في غضون 72 ساعة، وفرض معادلة الردع بالردع والدم بالدم والقصف بالقصف، والتي يمكن تلخيصها بالتالي:

أولاً: رغبة الشعب الفلسطيني في غزة بالمواجهة، والتفاف كل فئات الشعب الفلسطيني خلف المقاومة، والتسليم بأن المقاومة قائدة للشعب، وممثل وحيد شرعي لمصالح الفلسطينيين.

ثانياً: انتظام القوى السياسية والتنظيمية في غرفة العمليات المشتركة، والتي كانت بمنزلة وزارة الدفاع الفلسطينية، التي ضمت كل تنظيمات المقاومة، حيث شكلت وحدة البندقية عاملاً حاسماً في النصر، بالتالي فإن من يقود ميدان المعركة مؤهل لقيادة الساحة السياسية.

ثالثاً: قرار المقاومة بالرد على تسلل الوحدة الخاصة، هذا القرار الجريء عكس إرادة شعب، وعزم مقاومة على خوض المعركة مهما كلف الأمر، ومهما كانت النتائج.

رابعاً: الصاروخ المضاد للدبابات، “كورنيت”، والذي أحرق الحافلة الصهيونية، وأحرق آخر أمل بالنصر لدى الصهاينة، بحيث جاءت توصية الجيش للمستوى السياسي بعدم دخول غزة مباشرة بعد إطلاق الصاروخ المرعب، والذي أجبر الجيش على تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة هدف المقاومة من العملية.

خامساً: تحييد القبة الحديدية، حيث أظهرت المقاومة قدرة عجيبة في التشويش على هذه الصناعة الإسرائيلية التي تفاخرت بها العسكرية الإسرائيلية، وقدمتها للعالم كإبداع منقطع النظير.

سادساً: لا نبالغ لو قلنا غالبية الناس في قطاع غزة كانت ضد وقف إطلاق النار، ومع مواصلة المواجهة، وكانوا على استعداد لتحمل تبعات القصف والتصعيد لأيام طويلة، وكان أهل غزة فخورين بشبابهم وأولادهم، وهم الشباب الذي لم يأخذ دورات تدريبية في الصين وفيتنام، ولم يسافر خارج حدود غزة، ولم يحمل رتبًا عسكرية، ولا يتسلم رواتب عالية، وإنما حمل عقيدة قتالية تؤكد الثقة بالنفس، وتؤمن بالله القادر على تطوير القدرات، وتغيير الواقع لصالح شعب الفلسطيني رغم الحصار، ورغم العقوبات، ورغم التحالفات العدوانية.