المشهد اليمني الأول/

لن يبقى لأمريكا ومعها كيان الاحتلال الإسرائيلي سوى ما يسمى «صفقة القرن» كورقة مستخدمة للعب بها على ساحة الأحداث الإقليمية لتأجيج الأوضاع والإيحاء بأن تصفية القضية الفلسطينية وإسقاط فكرة الصراع مع العدو باتت على بعد خطوات قليلة تتضاءل المسافة إليها في كل مرة يتم التهويل بقرب الإعلان عنها.

في كل مرة وبطريقة مقصودة يتم تظهير ما يسمى «صفقة القرن»، ومن جديد نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية جزءاً جديداً من الصفقة المزمع إعلانها بعد شهر رمضان المقبل، وبناء على عراب الصفقة ومستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير, فالصفقة تقوم على ضرورة حل وكالة «أونروا» لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين مع إيقاف المساعدات عنها، واستيعاب اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون فيها.

لا جديد يذكر فيما تم الكشف عنه ولاسيما أن كل شيء متوقع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المحابي لكيان الاحتلال، لكن في كل مرة يتم التهويل من الصفقة بتحديد موعد إعلانها هي في الواقع مرتبطة بجملة وقائع تتلخص، بأن الأمريكي والإسرائيلي أصبحا اليوم مقيدين ومكبلين بسلسلة من الهزائم في المنطقة وأمام قوى لم تكن في الحسبان بأنها تستطيع أن تحدث خللاً في المعادلة، وأضحت كل أوراقهم خاسرة محترقة, إذ لا ورقة جديدة يمكن إيجادها لاختراق المتغيرات، وإعادة ضبط الأوضاع المنفلتة من اليد الأمريكية، لذلك فإن الصفقة هي المتنفس الوحيد «لتل أبيب» وواشنطن من حيث التوقيت وعلاقة ذلك بالأحداث الإقليمية.

يرتبط بذلك أن الصفقة حاجة أمريكية وإسرائيلية للتضييق على محور المقاومة بما فيه إيران وحزب الله وحاجة إسرائيلية لتكريس احتلالها أكثر والقضاء على كل الحقائق التاريخية بخصوص الأراضي الفلسطينية المحتلة أي تصفية نهائية للقضية بحيث تصبح كل الأراضي الفلسطينية لـ«إسرائيل» التي تسرع من وتيرة بناء المستوطنات على أراضي الفلسطينيين في انتهاك فاضح للأعراف والقوانين الدولية المرتبطة بفلسطين، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الصفقة تسقط حق إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة من الحسابات، حسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.

في الواقع أن الصفقة يعتريها شيء من الهشاشة والضعف وهي عرضة لأي مستجدات قد تؤجل من إعلانها -سبق أن أُجل الإعلان عنها- فالضعف الذي أصابها نأخذه من لسان مصدر خليجي رفيع المستوى بقوله لـ«العربي الجديد»: توجد حالة من تبادل الاتهامات بين عدد من الدول العربية المعنية بتلك الصفقة، بعد أن استطاعت بعض الدول أن تنأى بنفسها عن الخطة المتعلقة بتبادل الأراضي، وأكثر ما يجعل الصفقة هشة الرفض الفلسطيني لها المتمسك بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة.

المرحلة خطرة ودقيقة، ولكن مرور الصفقة يصطدم بالعديد من العقبات وإلا لما تأجلت سابقاً، وإن مرت في موعدها المقرر فمرورها سيكون إعلامياً ولتصدير صورة للعالم أن أمريكا أتت بنتيجة تخدم كيانها المحتل، لكن لن يغير هذا في الواقع شيئاً ولاسيما أن كل «فرص السلام» الخادعة بالأساس نُسِفَت وأن تصفية القضية الفلسطينية الركيزة الأساس للصفقة من الأمور المستحيلة واقعياً.

(هبا علي أحمد – كاتبة وصحافية من سوريا)