كتب/ سليمان عويدين الغولي
عندما اقرأ في القرآن عن مملكة سبأ واتفكر في عظمة تلك الحضارة التي اقامها اجدادنا وعن النظام الشوروي “الديمقراطي” الذي رسخه الاجداد …اصل الى قناعة اننا كنا نمتلك اعظم دولة ونظام على وجه الأرض. ..واننا سنقيم في مستقبلنا دولة عظيمة كما كنا …اليس الانسان يكرر خطأ وصواب اسلافه ليكرر التاريخ..؟!
دعوني اضعكم في الموضع الذي استقر فكري فيه ..
فعندما نتأمل في تقرير الهدهد الذي كان بمثابة العنصر الاستخباراتي …نجد انه يتكلم بذهول عن مملكة سبأ ..بل انه يستفز يغيظ “يحانك” النبي الملك سليمان عليه السلام بأن هنالك مملكة اوتيت من كل شيء. …
وكل شيء في منظور هدهد سليمان هو كل شيء يعرفه في البيئة المنطقة الدولة التي يعيش فيها ..اي في بيئة ودولة النبي سليمان الذي دعاء الله ان يهب له ملكا لاينبغي لاحد من بعده..!!
لهذا استغرب الملك سليمان من تقرير الهدهد وشكك فيه عندما قال (سننظر أصدقت ام كنت من الكاذبين)..
رغم ان الهدهد قال انه جاء له بنبأ يقين…اي لا ريب فيه ولا شك. ..
وانا هنا اتفكر في الحديث الذي دار بين سليمان والهدهد من الناحية النفسية لكليهما ..
فنفسية الملوك ابناء العز تختلف في منظورها للامور من نفسية الاتباع فهو لم يستسيغ نبأ الهدهد الذي اورد فيه ضمنيا ان هنالك ملكا ينافس ملكه وهي ملكة اوتيت من كل شيء يمتلكه من الاشياء البشرية وفوق هذا عرش عظيم لتلك الملكة ولايعظم القرآن شيء الا لاستحقاقة لهذه العظمة بينما كان الهدهد مذهولا من ذلك الملك العظيم الذي احاط به والملكة التي تحكم هؤلاء القوم الأقوياء من اولوا البأس الشديد…ولم ينزعج من شيء إلا انه وجدهم يعبدون الشمس من دون الله. ..وهذا يدل على انه يحمل نفسية غيورة على دينه…
ومع هذا قرر النبي سليمان ان يكلف الهدهد المذهول بالذهاب إلى هذه المملكة العظيمة ليلقي على ملكتها كتاب سليمان الكريم …وينظر الهدهد كيف سيكون لهذا الكتاب من تأثير عظيم على هذه المملكة العظيمة…
ويبدو لي ان القرآن اختصر نص ذلك الكتاب المؤثر واورد منه المرسل والموضوع والتوقيع ..( انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم [٣٠] ان لاتعلوا علي واتوني مسلمين)
وبلاشك ان كتاب سليمان كان فيه تفاصيل كثيرة مؤثرة.. عرفت من خلالة ملكة سبإ عن الغايات الكريمة لهذا الكتاب وعن ملك سليمان ومملكته…
اضافة الى طريقة الإلقاء الغريبة والغير معتادة التي القي بها في المكان الخاص بها الذي يستحيل الوصول اليه من قبل الاغراب …
وبكل هذه المعطيات وصلت الملكة الى نتيجة توصيف الكتاب السليماني بالكريم…
ثم طلبت منهم ان يفتوها عندما شاورت مجلس الشورى من زعماء القبائل اليمنية واكدت على انها ما كانت قاطعة لأمر حتى يشهدون …
وهنا يستوقفني الحديث بين الملكة والملأ الذي يدل على ان اجدادنا وصلوا الى أرقى انظمة الحكم الشوروية “الديمقراطية” فرد الملا باستعدادهم لخوض الحرب واعتزازهم بانفسهم وبتأكيدهم على حجم قوتهم وشدة بأسهم رغم انهم تأثروا بكتاب سليمان …وبلاشك انهم دخلوا في نقاش طويل حتى وصلوا تسليم الامر الى ملكتهم الحكيمة التي قدمت لهم الحل بعد ان طمنتهم بانها مدركة لعدم قبولهم بسلطة الملوك الأجانب الغرباء عن حضارتهم وهويتهم وثقافتهم …ورفضهم لتدمير واهلاك بلادهم اذا ما دخلها الملوك الغزاة الذين يجعلون من اعزة القوم اذلة امام جبروت ملكهم …وكان قرارها بان تختبر صدق هذا الملك وصدق دعوته وترسل له بالهدايا وترسل مع الهدية حكماء القوم حتى اذا ما رجعوا قدموا لها تقرير عن ملك سليمان وصدق نبوته وخلوا غاياته من اطماع مادية او وصاية سلطوية ..
بعدها ايقن الجميع بصدق هذا الملك وحسن نوايا وذهبوا اليه مسلمين دون ان يؤثر ذلك في تغيير شيء من مملكة سبأ ونظام حكمها الشوروي وعزة اهلها وطيب بلادها الا من عرش عظيم نقل الى سليمان ودين سماوي كريم اضاف الى عزة وقوة وبأس اليمانيين عزة وقوة وبأس وتأييد إلهي. ..
وفي الاخير لابد ان ندرك اننا نحن اليمانيين في حاضرنا اليوم …نحن الوارثين لتلك الحضارة السبئية بعظمتها وحكمتها وعزتها وقوتها وشدة بأسها..
نحن المجتمع العريق الذي توارث كل ذلك التراكم الحضاري العظيم نحن ورثة اجدادنا العظماء وهذا الورث موجود بين ظهورنا في اسلافنا واعرافنا وفي ملامح العزة والعظمة والقوة في وجوهنا …فما مملكة سبأ بعظمتها ونظامها الشوروي الا نتاج لتوحد اجدادنا الأوائل من زعماء القبائل باعرافهم واسلافهم في نظام حكم موحد كان بمثابة الوعاء لكل ابداعاتنا..