المشهد اليمني الأول/
البحر الأحمر وحروب السيطرة .. – ستشرف لجنة تنسيق إعادة الإنتشار على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة وستشرف أيضا على إزالة الألغام من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى .
– دور قيادي للأمم المتحدة في دعم الإدارة وعمليات التفتيش للمؤسسة العامة لموانئ البحر الأحمر اليمنية في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ويشمل ذلك تعزيز آلية الأمم المتحدة YUNVIM للتحقق والتفتيش في موانئ الصليف ورأس عيسى
– تودع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليب ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن.
– تقع مسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى على عاتق قوات الأمن المحلية وفقا للقانون اليمني. ويجب احترام المسارات القانونية للسلطة وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها بما فيها المشرفين.
– تعزيز وجود الأمم المتحدة في الحديدة وموانئ الصليف ورأس عيسى .
– يلتزم الأطراف بتسهيل وتمكين عمل الأمم المتحدة في الحديدة.
– لا تعتبر هذه الاتفاقية سابقة سيعتد بها في أي مفاوضات أو مشاورات لاحقة.
– سيتم تنفيذ هذه الاتفاقية على مراحل يتم تحديدها من قبل لجنة تنسيق إعادة الانتشار .على أن تشكل عملية إعادة الانتشار من موانئ الحديدة والصليف وراس عيسى والأجزاء الحرجة من المدينة المرتبطة بالمرافق الإنسانية المهمة ويتم في المرحلة الأولى في غضون أسبوعين من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يتم الانتشار المشترك الكامل لكافة القوات مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف وراس عيسى خلال مدة اقصاها 21 يوما من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
على هامش كوالىس استوكهولم :
لم ينجح غريفيث في انتزاع موافقات الساعات الأخيرة من الوفدين اليمنيين على خطته حول ميناء الحديدة الا بدعم مباشر من الأمين العام للأمم المتحدة وبحضور وزير الخارجية البريطاني اللذين وصلا إلى مقر المشاورات في يومها الأخير.
وزير خارجية بريطانيا وراء الاتفاق وضابط الموساد قائدا للإشراف الأممي :
ماذا يعني حضور وزير الخارجية البريطانية في اتفاق السويد؟!
وماذا يعني اتفاق الحديدة غير التدويل ؟! والتدويل كما رأينا في مقدمة هذه الورقة البحثية كان دوما ديدن اسرائيل ففي الـ 70 تقدمت بريطانيا بطلب سري من اسرائيل لها بإشراف دولي ورفضت اليمن الجنوبي حينها .
في الـ ١٤ من ديسبمر أصدر المبعوث الأممي قراراً بتعيين باتريك كاميرت ..
ولباتريك حضور كبير في حروب الكونغو والسودان واثيوبيا وارتيريا وغزة وغيرها ..وكلها كما تعلمون حروب ادت إلى التقسيم والانفصال في تلك البلدان ..
نشرت الكثير من المعلومات الخطيرة عن ضابط (الموساد ) العميل الصهيوني ذو الاصول الهولندية باتريك كاميرت (Major General Patrick Cammaert) ليكون رئيساً لما يسمى القوات الأممية التي ستدخل الحديدة ومينائها..
فللرجل ادوار من خلال البعثات الإشراقية الاممية في تكريس حدود التقسيم للبلدان الإفريقية بداية من الكونغو ومرورا بأثيوبيا وارتيريا.
ذلك العميل الصهيوني الهولندي ذو الأصول اليهودية اختارته اسرائيل عام 2005 ليكون ضمن الفريق الاممي الذي توجه لغزة والذي كافئه اريل شارون لرفعه لتقارير لصالح اسرائيل …
باتريك كاميرت كان مهندس انفصال السودان عندما بعثته اسرائيل تحت يافطة الأمم المتحدة قبل 11 عاماً إلى جنوب السودان حتى اكمل مهمته بنجاح والتي أدت لتقسيم السودان .)
…لا يمكننا ان ننظر إلى الإشراف الأممي على تنفيذ اتفاق الحديدة بكونه تنفيذاً ميدانياً يبدأ بمهمة وزمن. على العكس من ذلك علينا أن نراه تدويلا لايمكن أن يخرج من الحديدة الا بمساومتها بمواقع أكثر أهمية من الحديدة مثل المخا والأكثر أهمية في هكذا مساومة مضيق المندب.
منذ الخمسينيات والستينيات لم يعد نشاط وسياسة واستراتيجية بريطانيا في موضوع البحر الاحمر إلا نشاطا إسرائيلياً أو واجهة ونيابة له وعنه.. اذا ما قسنا ذلك بمفهوم إسرائيل واستراتيجيتها في البحر الأحمر وجعله بحيرة عبرية.
إن اليمن قبل غيرها هي المعنية بالتمسك بعربية البحر الأحمر ومعنية بتوظيف حضورها الجيوسياسي على المندب وتحويل هذا الحضور إلى قوة سياسية واقتصادية ونبذ المفاهيم الخاطئة التي تجعل موقعها على المندب ذنوب وعقوبة !!
نقول هذا ونحن اليوم امام اتفاق استوكهولم في موضوع الحديدة آخذين باعتبارنا أن بريطانيا وأمريكا ليستا سوى القوى الكبرى الممثلة لمصالحها ومصالح إسرائيل دونما انفصال بين الجميع.
مشاهد واحداث نفذتها سياسة التصدي والدفاع عن السيادة في مواجهة مشروع اسرائيل وغيرها.
في العام 72 تعرضت ناقلة نفط كورال سي متجهة إلى إسرائيل في خليج عدن وبالقرب من جزيرة ميون لهجوم بقذائف الاربي جي واحترقت وتخبطت الحكومة الإسرائيلية جراءها في توجيه الاتهامات تارة نحو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ما دفع حكومة اليمن الديمقراطية إلى إصدار بيان نفت فيه علاقتها بالحادث وسرعان ما عادت أجهزة الكيان الصهيوني تصدر بياناً توجه فيه الاتهام إلى أحد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ..
في ذات الفترة الواقعة بين 70 و73 وما بعده كانت الجاسوسية الإسرائيلية تتحرك على نطاق مكثف ومحموم على سواحل اليمن وبالذات الساحل الغربي ولعل حادثة سقوط الجاسوس الإسرائيلي في الحديدة والدور الذي اضطلع به الشهيد إبراهيم الحمدي إذ كان يومها نائبا لرئيس هيئة الأركان في اليمن الشمالي وبحكم علاقته الوثيقة بأجهزة وقيادات الدولة العليا في اليمن الديمقراطي قد اضطلعا بدور مباشر في التحقيق مع الجاسوس الإسرائيلي الذي أوشكت وزارة الداخلية يومها وعلى رأسها على سيف الخولاني أن تطلق الجاسوس الإسرائيلي قبل اكتمال التحقيق معه وأعلن ذلك عبر مؤتمر صحفي لولا أن تدارك الحمدي بالتنسيق مع الرئيس الإيراني وتحفظوا على الجاسوس بمكان سري وفشل محاولات الوصول إليه أو تخليصه بأعجوبة من كمين نصب له وضابط المخابرات المصري المكلف بالتحقيق وصولا إلى استقدام طائرة وطيار إلى شمال صنعاء بشكل سري وبتنسيق بين الحمدي وأجهزة جنوبية والطائرة والطيار يتبعان اليمن الديمقراطي إلى أن تم إيصاله إلى مطار القاهرة وتسليمه إلى الاستخبارات المصرية وفي كتاب “جاسوس إسرائيلي” ما يروي تفاصيل الجاسوس الإسرائيلي واسمه ( …..مرزاحي ).
ويشيرُ النشاطُ الاستخباراتي الإسرائيلي في اليمن من الفترة 1967م حتى عقب حرب أكتوبر 1973م إلى أَهميَّةِ اليمن ككل والمناطق الساحلية القريبة من باب المندب خُصُوصاً لدي العقلية الحاكمة للكيان الصهيوني، فاليمن تمكّنت من القبض على عدة جواسيسَ أجانبَ أغلبهم كانوا يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي، وقد قامت السلطاتُ اليمنيةُ بتسليمهم إلى السلطات المصرية التي بدورها قامت بمقايضتهم بأسري مصريين كانوا لدي إسرائيل.
اما حادثةُ السفينة كورال سي وهي سفينة كانت محملةً بالمشتقات النفطية وتحمل العلَم الليبري في طريقها إلى ميناء إيلات وأثناء مرورها من باب المندب تعرّضت لقذائف من الجانب اليمني، الأمر الذي أدى إلى اشتعال النيران في أجزاء منها قبل أن تهرَعَ القواتُ الإسرائيلية المتواجدة في القواعد العسكرية بجُزُرٍ إريترية إلى إنقاذ السفينة.
بدا الأمر وكأنه مفتعَلٌ من قبل العدو الصهيوني حيث جاءت الحادثة عقب تحركات لدول عربية وذلك في الجامعة العربية، جميع تلك التحركات تنطوي على تحذيرات من مخاطر التواجد العسكري الإسرائيلي في جنوب البحر الأحمر وتحاول دفع الدول العربية إلى حماية أمنها القومي .
جاءت الحادثة بعد اتجاه الشطر الجنوبي نحو موسكو والانضمام للمعسكر الشرقي حلف وارسو حيث كان الكيان الصهيوني يحرصُ على أن تظلَّ اليمن بشطرَيها تحت وصاية السعودية كأحد أوثق أصدقاء إسرائيل.
وهو التفسيرُ الوحيدُ لتصريحات الإسرائيليين ومخاوفهم من خطورةَ أن تصبح الجزر اليمنية تحت أيد غير صديقة لإسرائيل إثر الحادثة اتهمت وسائلُ إعلام غربية عناصرَ المقاومة الفلسطينية المتواجدة في اليمن باسْتهدَاف السفينة، وحاولت تحريض العالم على اليمن الديمقراطي وبإيوائه منظمات فلسطينية إرهابية. ومن خلال الحديث عن المخاطرِ التي تتهدد حركة الملاحة الدولية حتي صدرت تصريحات من دول كبرى ومن أمريكا تدينُ العملية وتلمح إلى إجراءات قد تتخذ ضد اليمن في حال الاسْتمرَار بتهديد الملاحة في المندب بل وتمنَحُ إسرائيل حق حماية سفنها .. وبلغ الأمرُ بالولايات المتحدة الأميركية إلى التهديد بتحريك الأسطول السابع في المحيط الهندي إلى خليج عدن وباب المندب.
وأمامَ هذا التوتُّر كانت جمهورية اليمن الديمقراطية قد نفت ما ورد في وسائل الإعلام وفي الاتّهَامات الإسرائيلية، مشيرةً إلى أَن المعلومات لديها تؤكد أن الحادثةَ مفتعلَةٌ من قبل إسرائيل نفسها وقالت اليمن وقتها إن الزورق الذي استهدف السفينة قد يكونُ إسرائيلياً؛ لأنه لا يحملُ أيّ علَم!!
ومن الناحية الأخرى من الاتهام الموجه لأحد فصائل منظمة التحرير فإن المتتبعُ لنشاط الجماعات المسلحة الفلسطينية في اليمن في السبعينيات يجد أن هذه الجماعات كانت تتواجَدُ في المدن الرئيسية ولم تتواجد بكثافة إلا عقب خروج حركة فتح من لبنان مطلع الثمانينيات، وكانت وحدات عسكرية جنوبية متواجدة وعلى أهبة الاستعداد في المضيق والخليج وداخل جزيرة ميون .. ويبدو أن تل أبيب ومعها واشنطن من خلال حادثة كورال سي حاولتا إيجادَ المبرِّرِ المناسب للتواجد العسكري الإسرائيلي جنوب البحر الأحمر والتهديد بتدويل قضية باب المندب والتلميح باحتلَال الجُزُر اليمنية ، ومنها زقر وحنيش والطير، وهو ما اتضح جلياً من خلال تمكُّنِ الأجهزة الأمنية من القَبْضِ على الجاسوس الإسرائيلي 1972م يدعى (باروخ زكي مرزاحي) والذي اعترف بأنه كان مكلفاً بجَمْعِ معلوماتٍ عن باب المندب والمناطق الساحلية الغربية لليمن.
في الفترة التي حظيت فيها اليمن بسلطتين وطنيتين على رأسيها سالمين والحمدي اتفقتا على قضايا جوهرية في موضوعات السيادة وأهمية الحضور اليمني في البحر الأحمر وسأتناول ذلك مع مقررات مؤتمر البحر الأحمر عام 77 في تعز في سياق هذه الحلقات …
بعد قيام الوحدة في 90 وحرب 94 التي أودت بانفراد السلطة لصالح الفريق السياسي المشائخي الديني والعسكري في صنعاء وتصفية الصف الوطني المتشدد في موضوعات السيادة عادت الأطماع الإقليمية والدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحرب العرب تتحرك وتبحث عن موطئ قدم لها ، فماذا حدث في ميون وسقطرى خلال تلك الفترة ..وما علاقتها بالعدوان المباشر والاحتلال. الذي تتعرض اليمن له اليوم ..؟!!
وفي عام 73 القت اجهزة الامن في عدن على رجل مخابرات امريكي وهو ايضا عضو الكونجرس الامريكي وهو يلتقط صورا في منطقة حساسة وممنوع التصوير فيها وحوكم في المحكمة وصدر عليه حكما بالسجن لعدة سنوات وفشلت كل الوساطات في اثناء الحكومة عن تنفيذ الحكم…
(عندما توجّه الرئيس سالمين لزيارة مدرسة الأيتام في العاصمة مقديشو ضمن برنامج الزيارة وعند وصوله باب أحد الفصول رأي على السبورة كتابة باللغة العربية بخط عريض العبارة التالية “سقطرى صومالية” فسلّم على الطلاب بشكل ودي، بينما كان يشتط غضباً وشرع في خلع حذائه ليمسح تلك العبارة، لكن الأخ/ محمد سليمان ناصر- وزير الزراعة حينذاك، ناوله منديلاً؛ فمسح سالمين العبارة، وكتب بدلاً عنها بخط عريض: “سقطرى يمنية إلى الأبد”.
كانت قيادة اليمن الديمقراطية تتعامل مع السيادة والتراب براً وبحراً وجواً؛ فقد توترت علاقاتها مع أقرب حلفائها “الصومال” بسبب سقطرى وأقامت علاقات قوية مع إثيوبيا شريطة التخلّي عن الادعاء بتبعية حنيش لإثيوبيا؛ كونها يمنية تاريخاً وانتماءً وجغرافياً، بشراً وشجراً وحجراً، براً وبحراً وجواً ).
نتناول في هذه الحلقات ليس بحثا تاريخيا فذاك مجاله أوسع من هذا الحيز ..وإنما أردنا أن نلفت إلى مفاصل تاريخية وادوار نتعلم منها عبرا ودروسا هي في مجمل القول وبيت القصيد إجابة على تساؤلات كيف تتعرض الأوطان للانكماش والتلاشي أو كيف تسجل جغرافيتها الدائمة الحضور والتماسك والاتساع في ذات الإطار التاريخي والمجال الجغرافي التاريخي وسياقه العام ..
تكمن أهمية موقع اليمن في مضيق المندب والمياه والجزر اليمنية والساحل هي العمق الاستراتيجي وهي المساحة والاتساع الأهم بل هي المجال الحيوي للأمن القومي اليمني و( العربي )
ولا أهمية استراتيجية لليمن بدون هذا الفهم وهذا العمق والاتساع والحضور الجغرافي..
على مدى ثلاثة قرون في العصر الرسولي في اليمن وعلى ومدى محطات تاريخية متناثرة جرى إهمال واضح ونسيان لحال الجزر بين الاحتلال والغزو الأجنبي وفي مقابل استعادة ويمننة الجزر ببسط النفوذ والسيادة لفترات وعصور وفيما طالعتنا مصادر التاريخ يتضح لي للأسف إهمال وإهمال أكثر من دول الأئمة وبالذات القرن السابع والثامن والتاسع عشر الميلادي مع تقاطعات وتداخلات المد والجزر المتوازي مع الغزو والاحتلال العثماني خلال أربعة قرون من الغزو والاحتلال العثماني تارة والانسحاب والتحرير تارات أخري وفي زمنيه الأول والثاني احتلالا وانسحابا ..
وماعدا الدور الحيوي واللافت لحكومة الثورة في اليمن الديمقراطي في وضع إلىد وبسط النفوذ والسيادة بالقوة ..
ومن ثم ما لاقته آنذاك الجزر والمضيق والمياه من اهتمام سياسي وعسكري ومفهوم قانوني وطني يمني المفهوم والجغرافيا وفهم وطني للقانون الدولي يخضع لما هو مفهوم الحق والسيادة فقد كانت الجزر اليمنية موضوعا تربويا وطنيا وتعليميا منذ الصف الثالث الابتدائي نلقن به ونحفظ خرائطها المرسومة على حوائط المدرسة عن ظهر قلب .. رسما وأسماء انحفرت في ذاكرتنا عن ظهر قلب عن وفي تلك الجزر والمياه والمضيق .وكان الاهتمام بالجزر وبناء المرافق ونقل السكان إليها أحد أهم أشكال فرض السيادة عليها ويمننتها .
فقد كانت جزيرتا دهلك وفاطمة لمرات وفي محطات عديدة ملاذا لأمراء الدولتين النجاحية والزيادية في صراعهما مع الدولة الصليحية على وجه الدقة آنذاك في القرن الثالث الهجري وبما انها كانت ملاذا ومحطة استئناف لنفوذهما الرئيسي وميدان تحضير لاستعادة دويلاتهم أو دولهم الأخذة بين المد والجزر ولنفوذ دائم لفترات تطول حينا وتقصر أحيانا أخري. إذ أن نفوذهم كان ممتدا أساسا وعاصمة ومركزا على الساحل التهامي تحديدا.. وفي صراعهما مع مركز الدولة الإسلامية في منحي صراع الاستقلال اليمني عن عواصم الخلافة ومع تجليات عصر الانحطاط أيام الخليفة العباسي المتوكل أو في خضم صراع الدولتين اليمنيتين آخرها مع الدولة الصليحية مرات كثيرة و بحيث شكلت الحزيرتان بؤرتا إعادة ترتيب وانطلاق هؤلاء الأمراء والملوك لاستعادة دويلاتهم أو دولهم.. وكانت لمرات اقرب إلى السجن على نحو يماثل سجون سيبريا في العهد القيصري .وذلك أيام الرسوليين تحديدا .
وبسطت حكومة الثورة يدها على جزر سقطرى وميون وكمران أيضا بعد أن كانت تخطط بريطانيا سرا محاولة تسليم سقطرى للصومال وللرئيس سالم ربيع على ، موقف شهير وكلمة قاطعة حينما قال سقطرى يمنية.أوردناها في الفقرات السابقة هنا عن حديث للأستاذ محمد غالب عضو المكتب السياسي .
وهكذا وضعت حكومة الثورة يدها وبسطت نفوذها على سقطرى وميون وكمران وكوريا موريا
وضعت حكومة الثورة في الجنوب يدها وبسطت بالقوة نفوذها عنوة ورغما عن المحاولة البريطانية إبان الرحيل وضعت حكومة اليمن الديمقراطي يدها فورا وبلا نقاش أو تفاوض على جزر كوريا موريا عندما أرادت بريطانيا تسليمها لعمان أو إجراء استفتاء لسكانها الذين لا يتعدون المئات وفرضت وبسطت سيادتها بالقوة ..
قبل أن تسلم في التسعينيات إلى عمان ولا نعلم أي مسوغ حتى اللحظة غير أن ضعفا ما وبدا الحديث يومها عن اتفاق جنوبي عماني في ٨٢ في فترة على ناصر كما لو أن النظام الضعيف يبحث عن قوة له من الخارج .
وسيظل السؤال كيف آلت جزر كوريا موريا إلى سلطنة عمان في تسعينيات القرن الماضي .
أما الأرخبيل الأعظم وذو الجغرافية الواسعة من جزر فرسان المقابلة لشواطئ عسير وجيزان فقد جرى قضمها شيئاً فشيئاً دونما نزاعات أو حروب بل بسبب النسيان والإهمال والتواطؤ الرسمي للأنظمة المتعاقبة في صنعاء والذي تمادى وبلغ ذروة خيانته فيما اسماه التوقيع على اتفاق جدة 2001 وهو اتفاق لا شرعية له ولا دستور له إذ أن موضوعات السيادة لا تكون إلا باستفتاء شعبي وهو ما لم يكن .
لقد خسرنا أجزاء غالية وواسعة من الوطن بسبب أنظمة وحكومات فرطت وخانت وباعت وفقدنا جزراً صغيرة تتجاوز الخمس عشرة لتؤول إلى اريتريا في موضوع سقوط أرخبيل حنيش والتحكيم في تواطؤ مكشوف من نظام صنعاء آنذاك ولصفقات متصلة بصفقات حرب 94 وما تلاها من اتفاقات ترسيم كغطاءات للتنازلات والمكافآت مقابل دور أو إقرار حال النظام المشكل من نتائج تلك الحرب
محددات الحرب والتفاوض ؛
خاتمة :
تنكشف يوما بعد يوم حجم المؤامرة التي تستهدف اليمن أرضا وإنساناً من خلال الحرب العدوانية الظالمة وواقع الاحتلال .
ويزداد وضوحا دور الهيئة الأممية الواقعة تحت تأثير مباشر على قرارها وادوارها المتعددة من قبل الرباعية وتتضح ادوار الهيئة عبر مبعوثها الذي بات يؤدي دوما المنفذ لمشيئة دول العدوان .
وكشفت احاطات المبعوثين المرفوعة مؤخرا في ابتزاز سافر واعتداء واضح ضد الشعب اليمني في صفقة الراتب مقابل الحديدة الصفقة المخزية .
وقبلها جرى تسليط الهالة الإعلامية على الحديدة مقابل غض النظر والصمت عن احتلال جزر سقطرى وميون والمندب والمياه الاقليمية. وتكشف عن الدور الأممي في التغطية على الحرب العدوانية القذرة على الشعب اليمني ودورها في استمرار الحصار ومسعى التجويع والتركيع لليمنيين.
لقد انكشفت ممارسات الهيئة واتخذت من الاحاطات المشبوهة ذريعة لغض الطرف عن العدو وذلك من خلال الكويت والظهران وخارطة الطريق وكلها تبرهن عن محاولة تقديم العدو راعيا سياسيا لها وللأسف مع تماهي اداء الوفد التفاوضي ونهجه وضع رضى الهيئة الأممية هدفا .. مع وجود حكومات امر واقع متعددة تفرض واقع الاقلمة وحكومات اضحت خيانتها لا تحتمل خيار التفاوض .
تبدو الاحداث في تسلسلها اعتبارا من مسارات عمان والكويت والظهران وخارطة الطريق عن طبيعة الدور العدواني في مماليته للمشيية العدوانية ومسعى تحويل العدو المحتل إلى راعٍ والتستر على جرائم العدوان والحصار والاحتلال مع ضعف وهشاشة وغياب خلفية وطنية ومواقف نهائية حاسمة لدى المفاوض هنا وتواطؤ هناك..
جرت سلسلة الأحداث في توجيه الأنظار كلها نحو الحديدة مقابل الصمت عن احتلال الجزر والمضيق والمياه والموانئ الأخرى واتفاق ايقاف الطلعات مقابل ايقاف اطلاق الصواريخ والهروب من تبني استراتيجية قتالية تنتقل على ارضيتها المعركة من محاورها اليمنية وتتدرج زمنيا ومكانيا لتغدو حرب وطنية يخوضها الشعب اليمني من اجل التحرير والسيادة والاستقلال بحيث تغدو معركة مباشرة إلى ارض العدو ..وهي استراتيجية فيما لو ٱخذ بها لأفضت حتما او ستفضي إلى قلب معادلة الحرب لصالح حرب التحرير الوطنية اليمنية .
وفي المقابل جري تكريس مسار الحرب ليس ضدا من العدوان الخارجي بل تكريسها كحرب داخلية عبثية بطريقة تفضي كما لو انها موجهة من العدوان ذاته وهو هدف العدوان منذ اليوم الاول . أي التردد والتراجع وعدم تبني خيار نقل المعركة إلى ارض العدو .
وعلى الرغم من وضوح النتائج المتحققة في الأشهر الأولى لاشتعال المعارك على نجران وجيزان وعسير الا انه سرعان ما تعرض فيها المقاتل اليمني لطعنات أو قل خذلانا انتجته مفاوضات الكويت واتفاق الظهران وماتلاه من انسحاب وتأمين لجيش سعود وهو ما أدى إلى خسائر معنوية وازهاق للتضحيات واحباط المقاتل اليمني وتعطيل متكرر للمعركة في محور نجران عسير .
اما حكومة عبدربه فقد كشفت منذ اللحظة عن قيامها باستدعاء العدوان باتت غارقة في الخيانة بما لا يدع مجالا للتفاوض معها .
يتضح الدور الأممي بجلاء من خلال احاطات مبعوثي الهيئة بأن الورقة الاقتصادية تأتي وفق مخطط دولي تشترك فيه القوي الدولية والأممية وحكومات الأمر الواقع بهدف الضغط على الشعب اليمني لقبول تسوية تصادر السيادة والكرامة اليمنية وتحقق مشروع تمزيق اليمن تحت مسميات الأقلمة وومماثلة لمشاريع الحكم الذاتي ….
ان قيام مسمى الحكومتين في صنعاء وعدن على اتباع اجراء واحد ومتفق عليه هو انه وبعد ان غدا غالبية الشعب مسحوقاً بالإفقار والبطالة والجوع ، وقيام تلك الحكومات بإجراء واحد هدفه اقتصاديا في النتيجة تأمين الخنوع التام للشعب اليمني كله . وزجه في أضيق آفاق البقاء على قيد الحياة لتركيعه بحيث يخضع لأبشع التسويات الممنتجة في عواصم الرباعية والخماسية العدوانية .
وهو ما يكشف عن علاقة دول العدوان والهيئة الأممية وتواطئها المعلن في مواقفها التي تشكل تبريرا للعدوان والتغطية على العدوان .
خلل التحالف المناهض للعدوان :
برهنت الوقائع ان التحالف السياسي الذي قام على مزعوم ظاهره مواجهة العدوان وباطنه التربص بقوي الشعب الرافض للاحتلال والهيمنة . وكشف احداث ديسمبر ٢٠١٧ عن ممارسات يومية في التفاوض. عن انه مجرد صفقة نفذها حفنة من الفسدة في الداخل والمتاجرين بالعدوان مع الخارج وانه لم يكشف سوى عن ضعف ووهن بارزين وتواطؤ وتنازلات في مسيرة المفاوضات وصفقات خطيرة مع العدو . واسفر التحالف ذاته عن سياسات في الإفساد والتجويع وتوجتها سياسة قطع الرواتب . وانها ليست سوى تقاسم تلك الحفنة رضى ورشاوى قوى العدوان ليس الا .للأسف فإن الوقائع هذه وغيرها تكشف ايضا عن كمون توجهات خطرة ما برحت كامنة بألغام موقوتة .
أخيراً فإن التوقف دائما أمام ماجرى ويجري في مساري الحرب والتفاوض أمر لا بد منه وأن نقف أمام أنفسنا وشعبنا لتقييم انحرافاتنا وكبحها قبل أن تفضي إلى المزيد من الاتفاقات التي تصبح عبئا وواقعا يصعب التنصل من مترتباتها على مدى الزمن وقد تبقى آثارها في جدار الوطنية شروخا وعاهات لعقود وربما قرون .
من هنا فإن لحظات التوقف للتقييم يتوجب أن تنطلق من محددات وموجهات ترسم وتعيد رسم مسار الخرب والتفاوض على أساس من مبادئ اسهم من جانبي بخطوط عريضة في النقاط التالية:
– كبح جماح المسار التفاوضي بوجهته الراهنة وايقاف مسلسل الهرولة فورا ..
– التأكيد على ثبات موقفنا الرافض رفضا مطلقا لتركيبة وفد ونهج التفاوض .
– إعادة النظر في مسار الحرب على اسس وطنية وبخيارات واردة شعبية لاتراهن على النخب السياسية المهزومة والمنبطحة تاريخيا .
– اعتبار الرباعية وواجهتها السعودية والامارات مركز العدوان وأي محاولة للتعاطي سرا أو علنا فيما مضى أو ما هو آت يتعاطى معها كدول راعية .
يعد خيانة سافرة .
ان مسار التفاوض بصيغته الراهنة استمرار لانحراف منتجات تفاوض الكويت والظهران وخارطة الطريق وما نتج وينتج عنها وما يقام أو يبني عليها يفضي إلى مزيد من الانحراف المؤدي للسقوط في فلك التبعية .
– ان الراتب حق ونرفض المساومة والحديدة جزء من وطن والوطن كل متكامل وولا يجوز المساومة او التفريط بأحدهما للآخر .
رفض مسار المفاوضات التسوية الراهنة واسقاط مترتباتها التفريطية ورفض سياسة التركيع عبر احاطات مبعوثي الهيئة واعتبار التعاطي واستقبالهم تواطئا وتنفيذا لمشاريع العدوان .
ورفض التعاطي والتعامل وكل اشكال التواصل معهم الا بشروط مسبقة التنفيذ .
الهوامش
1- دراسة محمد الحجار
2 /- نفس المصر
3 – نفس المصدر
4 – التواجد السوفيتي في اليمن
5 – راجع كتاب عدن كفاح شعب وهزيمة امبراطورية / محمد سعيد عبدالله محسن
6 – حلقات منشورة في صحيفة الثورة اليمنية بعنولن تطبيقات مفهوم السيادة والامم /عبدالجبار الحاج
7 – نفس المصدر
8 – نفس المصدر
10 – مقال إلى السويد مفاوضون ام رهائن -صحيفة الثورة
قراءة وتحليل : أ . عبدالجبار الحاج- كاتب وباحث سياسي