الرئيسية بلوق

بين الحرب والتبادل.. كيف واصلت “خمس دول عربية” تعميق علاقاتها التجارية مع “إسرائيل” رغم دمار “غزة”؟

في الوقت الذي كانت فيه صواريخ الاحتلال تدك بيوت الفلسطينيين في قطاع غزة، وبينما كانت صور المجازر تملأ الشاشات وتُلهب غضب الشارع العربي، كانت هناك حركة موازية في الاتجاه المعاكس، لا تقل عنفًا في وقعها الرمزي والسياسي، ازدهار التجارة بين “إسرائيل” وخمس دول عربية، وصلت إلى مستويات قياسية، بل تضاعف بعضها خلال ذروة القصف.

تبدو هذه المفارقة وكأنها تجسيد حيّ للفصل بين السياسات الرسمية والمشاعر الشعبية، وبين المصالح الاقتصادية ومبادئ الدعم التاريخي للقضية الفلسطينية، هذا ما كشفته بيانات رسمية مفصلة صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، تغطي الفترة من أكتوبر 2023، تاريخ بدء الحرب على غزة، حتى فبراير 2025.

صمت على الأرض.. وازدهار في الأرقام

بلغ حجم التبادل التجاري بين “إسرائيل” والدول العربية الخمس المُطبّعة – الإمارات، ومصر، والأردن، والمغرب، والبحرين- نحو 6.1 مليارات دولار خلال الحرب، منها 4.57 مليارات دولار صادرات عربية لـ”إسرائيل”، و1.57 مليار دولار واردات إسرائيلية إلى الدول العربية.

هذا التوسع الاقتصادي لم يكن طارئًا، بل جاء في سياق تصاعد تدريجي في العلاقات التجارية منذ توقيع اتفاقيات “أبراهام”، لكنه اكتسب زخمًا لافتًا خلال الحرب، مع تسجيل ارتفاع نسبته 12% مقارنة بالفترة نفسها من العامين السابقين.

الإمارات: العمود الفقري للتطبيع الاقتصادي

تُظهر البيانات أن الإمارات شكلت ثقلًا اقتصاديًا حاسمًا في التجارة مع “إسرائيل”، حيث استحوذت وحدها على ثلثي التبادل التجاري العربي-الإسرائيلي خلال الحرب، بقيمة بلغت 4.3 مليارات دولار.

لم تقتصر العلاقة على المواد الغذائية أو التقنية، بل شملت 1377 صنفًا من المنتجات المُصدّرة و763 صنفًا من الواردات، من ضمنها مجوهرات، معدات كهربائية، مواد بناء، وأدوية، ما يعكس مستوى متقدمًا من التشابك الاقتصادي.

مصر: مضاعفة التعامل رغم الحساسية الشعبية

رغم الوضع الجغرافي والسياسي لمصر وحدودها مع غزة، إلا أن علاقتها التجارية مع “إسرائيل” تضاعفت هي الأخرى، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري 1.2 مليار دولار، تضمنت 924 صنفًا من الصادرات و165 صنفًا من الواردات.

اللافت أن مصر رفعت وارداتها من إسرائيل بنسبة 290% خلال الحرب، لتصل إلى 271.5 مليون دولار، فيما بلغت صادراتها نحو 120.2 مليون دولار.

الأردن: اتساع في الاستيراد وتراجع في التصدير

أما الأردن، فجاء في المرتبة الثالثة من حيث التبادل التجاري، مع زيادة في الواردات بنسبة 35.3% لتصل إلى 67.8 مليون دولار، لكنه سجّل تراجعًا نسبيًا في حجم صادراته، التي وصلت إلى 192.7 مليون دولار خلال فترة الحرب.

المغرب: استيراد مضاعف وركود في التصدير

ضاعف المغرب من وارداته من “إسرائيل” بنسبة 144%، لتبلغ 109.5 ملايين دولار، إلا أن صادراته تراجعت قليلاً لتسجل 10.1 ملايين دولار فقط، مقارنة بـ 12 مليونًا في الفترات السابقة.

المواد التي استوردها المغرب شملت الطائرات، والمنتجات الكيميائية، والبلاستيك، بينما تركّزت صادراته لـ”إسرائيل” في الملابس والطعام.

البحرين: من الهامش إلى القفزة

ورغم تواضع حجمها الكلي، إلا أن البحرين كانت مفاجأة الأرقام. زادت صادراتها بنسبة 590%، بينما قفزت وارداتها بنسبة 1200% مقارنة بنفس الفترة من العامين السابقين، لتصل قيمة التبادل إلى 13.5 مليون دولار فقط، لكنها تمثل تغيرًا كبيرًا نسبيًا.

ما الذي تصدّره الدول العربية لـ”إسرائيل”؟

وفقًا لتحليل البيانات، تنوعت الصادرات العربية بين:

منتجات اللؤلؤ والمعادن النفيسة والمجوهرات: 584.8 مليون دولار

معدات كهربائية وآلات: 278.5 مليون دولار

مواد البناء (إسمنت، جبس، حديد، سيراميك): 533 مليون دولار

منتجات غذائية ومشروبات: 369.2 مليون دولار

أسمدة زراعية: 52.6 مليون دولار

ملابس ومنتجات نسيجية: 152.3 مليون دولار

الشارع يغلي والحكومات تتوسع

يطرح هذا التوسع الاقتصادي مع الاحتلال أسئلة مؤرقة: هل تسير بعض الدول العربية في طريق اقتصادي منفصل كليًا عن سياساتها الخارجية ومواقفها الرسمية من القضية الفلسطينية؟ ولماذا لم تتأثر هذه التجارة، ولو مؤقتًا، بالغضب الشعبي العارم الذي عمّ شوارع العواصم العربية منذ بدء الحرب؟

في وقت امتنعت فيه هذه الحكومات عن نشر أي تفاصيل تتعلق بتجارتها مع “إسرائيل”، وربما رغبةً منها في تجنب الحرج الشعبي، كانت “إسرائيل” تفعل العكس تمامًا، وتنشر شهريًا بيانات تفصيلية تُظهر كل ما يدخل ويخرج، وتمنح المتابعين خريطة دقيقة لما يُبنى في الخفاء من علاقات عميقة ومعقدة.

تظهر تجربة الأشهر الماضية أن الاقتصاد بات يتحدث بلغة مغايرة للوجدان الشعبي، حيث تغلّبت المصالح التجارية على الاعتبارات الأخلاقية في بعض الدول، وبينما تتواصل الحرب على غزة، وتتوالى التقارير عن مآسي المدنيين، تواصل بعض الحكومات فتح خطوط جديدة من التعاون، متجاهلة الصوت الشعبي، بل ربما متسلحة بصمته الإجباري، وفي النهاية، يبدو أن “تطبيع المصالح” يمضي بخطى واثقة، بينما يبقى “تطبيع الشعور” مؤجلًا إلى أجلٍ غير مسمّى.

الإثنين الأسود.. “حرب التعريفات الجمركية” لترامب من انهيار أسواق الأسهم العالمية إلى القضاء على المنتجين الأمريكيين

"حرب التعريفات الجمركية" لترامب.. من انهيار أسواق الأسهم العالمية إلى القضاء على المنتجين الأمريكيين

كان لفرض الرسوم التجارية من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي دخل حيز التنفيذ رسميا يوم السبت (5 أبريل)، آثار سلبية عميقة على الاقتصاد الأمريكي والأسواق العالمية.

وقد رفع ترامب الرسوم الجمركية على الصين إلى 104% هذا العام، إلى جانب فرض ضرائب الاستيراد على نحو 60 شريكا تجاريا لديهم فوائض تجارية مع الولايات المتحدة.

وتتحمل الدول الآسيوية العبء الأكبر من هذه التدابير أكثر من غيرها، حيث تواجه كمبوديا 49% وفيتنام 46%، كما ستخضع الواردات من الاتحاد الأوروبي لمعدل ضريبي قدره 20%.

وقال ترامب يوم الثلاثاء، مدافعا عن استراتيجيته المثيرة للجدل لتخفيف مخاوف المواطنين الأمريكيين، “الرسوم الجمركية موجودة والأموال تتدفق بمستوى لم نشهده من قبل، وهذا سيكون رائعا بالنسبة لنا، وسيكون هذا رائعًا بالنسبة للدول الأخرى أيضًا، لقد تم استغلالنا من قبل دول أخرى لسنوات عديدة وأهدرنا أموالنا”.

أعلن ترامب أن الرسوم الجمركية تشبه الدواء، وأعلن أن الحكومات الأجنبية سوف تضطر إلى دفع مبالغ كبيرة من المال لرفع الرسوم الجمركية الشاملة.

كما حاول كبار المستشارين الاقتصاديين لترامب تصوير الرسوم الجمركية باعتبارها تحولا ذكيا في موقف أمريكا في النظام التجاري العالمي، وقال وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك إن الرسوم الجمركية “لن يتم إلغاؤها أو تأجيلها” وأكد أن واشنطن ثابتة على موقفها.

وزادت تعليقات لوتنيك من حالة عدم اليقين المحيطة بهذه الخطوة، وخاصة في ضوء تعليقات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي حذر من أن السياسات الحمائية قد تؤدي إلى زيادة التضخم وإبطاء النمو الاقتصادي، وأشار إلى أن البنك المركزي لن يقوم بأي تخفيضات في أسعار الفائدة “حتى يتم التوصل إلى رؤية كاملة”.

“الاثنين الأسود” للأسواق المالية

بعد أن فرض ترامب الرسوم الجمركية مباشرة، تعرضت أسواق الأسهم العالمية لصدمة شديدة، أثار الانخفاض الحاد الذي شهدته أسواق الأسهم العالمية يوم الإثنين (7 أبريل) عقب فرض الرسوم الجمركية مخاوف جدية من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود جديدة، كان انهيار سوق الأوراق المالية الدموي يوم الاثنين بمثابة تذكير بـ”الاثنين الأسود” في أكتوبر/تشرين الأول 1987، والذي أثر بشدة على الأسواق العالمية.

وإذا نظرنا إلى نتائج هذه السياسة، فإن ما حدث يوم الاثنين يمكن اعتباره بمثابة زلزال أثر على الأسواق العالمية وآسيا والخليج، وأجبرها على تسجيل انخفاضات حادة.

وحسب موقع “خليج أونلاين”، سجل مؤشر السوق في الدول الخليجية العربية انخفاضاً بنسبة 10 بالمئة، وانخفضت بورصة دبي 5.6 بالمئة، وهبطت بورصة أبوظبي 4 بالمئة، وتراجعت البورصة السعودية 2.2 بالمئة، وهبطت بورصة الكويت 1.9 بالمئة، وتراجع مؤشر بورصة قطر 1.4 بالمئة، وتراجعت بورصتا مسقط والبحرين 0.04 بالمئة لكل منهما.

وفي الأسواق الآسيوية، انخفض مؤشر آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 7.9% (أكبر انخفاض منذ أكتوبر/تشرين الأول 2008)، وانخفض مؤشر هانغ سنغ – هونج كونج بنسبة 10.7% (أسوأ أداء منذ الأزمة المالية العالمية في 2007-2008).

وانخفض مؤشر الصين بنسبة 5.8%، وتراجع مؤشر توبكس الياباني بنسبة 6.5%، وتراجع مؤشر نيكي 225 الياباني بنسبة 6.3%، وانخفض مؤشر كاسبي الكوري الجنوبي بأكثر من 4%.

وفي الأسواق العالمية، سجل مؤشر Stoxx 600 الأوروبي انخفاضًا بنسبة 6%، وانخفض مؤشر DAX الألماني بأكثر من 9.5%، وانخفض مؤشر Standard & Poor’s/ASX 200 الأسترالي بأكثر من 4%، وانخفض مؤشر Nasdaq 100 الأمريكي بنسبة 3.4%.

ما هو الإثنين الأسود؟

إن ما حدث يوم الإثنين يذكرنا بيوم مماثل يسمى “الإثنين الأسود” والذي حدث منذ ما يقرب من أربعة عقود من الزمن وتضمن ما يلي:

الانهيار المفاجئ للأسواق العالمية يوم الإثنين 19 أكتوبر 1987.

أضرار جسيمة تلحق بـ23 سوقًا عالميًا.

8 أسواق تواجه خسائر تتراوح بين 20-30%

3 أسواق تواجه خسائر تتراوح بين 30-40%

سجلت ثلاثة أسواق خسائر بأكثر من 40%.

انخفض مؤشر داو جونز الصناعي في الولايات المتحدة بمقدار 508 نقطة (23%) في يوم واحد.

انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 11%.

وانخفضت الأسواق الأوروبية والآسيوية بنسبة تتراوح بين 25 و50 بالمئة في الأيام التالية.

إلغاء الإعفاءات الضريبية لعمليات الدمج والاستحواذ باستخدام الائتمان.

إعلان عن عجز كبير في الميزان التجاري الأميركي.

المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع تكاليف الاقتراض.

هروب جماعي من السوق وبيع واسع النطاق.

ما هي توقعات المحللين لنتائج حرب الرسوم الجمركية؟

ونظرا لأن فرض ترامب للرسوم الجمركية أدى إلى اضطراب الأسواق العالمية، فإن المحللين يتوقعون اتجاها كارثيا للاقتصاد العالمي هذه المرة.

وفي رد فعل انتقامي، حاولت الدول استيعاب الضربة الناجمة عن تطبيق الرسوم الجمركية الأمريكية على اقتصاداتها، وفي هذا الصدد، ردت الصين بفرض رسوم جمركية انتقامية بنسبة 34% على السلع الأمريكية، ويدرس الاتحاد الأوروبي وكندا أيضا الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية بإجراءات انتقامية بقيمة 28 مليار دولار، وهو ما قد يحول الأزمة من نزاع تجاري إلى صراع اقتصادي أوسع نطاقا.

ومع ذلك، فإن الخسائر الجماعية التي سجلتها أسواق الأسهم من آسيا إلى أوروبا والولايات المتحدة تشير إلى قلق متزايد بين الأوساط المالية، وتخشى الأسواق من أن يتصاعد النزاع إلى حرب تجارية عالمية من شأنها أن تضعف النمو الاقتصادي وتزيد التضخم.

وتشير التوقعات إلى أن الأيام المقبلة قد تشهد استمرار عمليات البيع الحادة التي بدأت يومي الخميس والجمعة (3 و4 أبريل/نيسان)، عندما خسرت الأسهم الأمريكية مليارات الدولارات، دون أي إشارة إلى استعداد البيت الأبيض لتخفيف الإجراءات.

ويرى المحللون أن ما نشهده في الأسواق لا يزال في إطار “تصحيح حاد”، لكن إمكانية تحوله إلى تراجع عام للسوق تعتمد على مسار تصاعد التوترات التجارية في الأيام المقبلة.

ومع اقتراب موعد تطبيق الرسوم الجمركية الانتقامية في التاسع من أبريل/نيسان، أثيرت تساؤلات حول قدرة الأسواق على استيعاب صدمة جديدة محتملة، في حين تتزايد حالة الحذر والترقب في الأيام المقبلة.

وقال أيبك أوزكارديسكايا، المحلل البارز في سويسكو: “أينما نظرنا هذا الصباح (الاثنين 7 أبريل)، نجد أنفسنا نواجه حمام دم، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 4% ولم يبدأ الأسبوع بعد”.

وقال المحلل ستيفن إينيس من بنك الدولة الهندي: “لم يعد هذا مجرد نزاع تجاري، بل إعادة تعريف كاملة للنظام الاقتصادي العالمي، الذي تنهار قواعده حاليا”.

ويرى عبد المجيد الشطي، الرئيس السابق لاتحاد مصارف الكويت، أن «تراجع أسواق الأسهم أمر طبيعي، وستتعافى الأسواق مع مرور الوقت، والتوصل إلى حل للنزاع التجاري الحالي سيمنع انتشار النزاعات».

وقال الخبير الاقتصادي جاسم السعدون إن “ما يحدث في الأسواق العالمية هو نتيجة المخاوف من أزمة اقتصادية عالمية مماثلة لتلك التي حدثت في ثمانينيات القرن الماضي”.

ومن ناحية أخرى، تعتمد صناعة التكنولوجيا العالمية بشكل كبير على سلاسل التوريد الدولية، وقد تؤدي الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب إلى تعطيل هذه السلاسل، وحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن إنتاج المكونات عالية التقنية يتم بشكل رئيسي في الصين وتايوان، ومن شأن التعريفات الجمركية الجديدة أن تجعل الوصول إلى هذه الأجزاء أكثر صعوبة وتكلفة، على سبيل المثال، يتم تصنيع 44% من الرقائق المستخدمة في الولايات المتحدة في تايوان، ومن المؤكد أن الرسوم الجمركية الثقيلة على الواردات من تايوان والصين ستضع الكثير من الضغوط على شركات مثل Nvidia و AMD، وهذا لا يؤدي فقط إلى زيادة أسعار المنتجات، بل يقلل أيضًا من القدرة التنافسية للشركات في السوق العالمية، وسوف تضطر الشركات إلى البحث عن مصادر جديدة للإمداد، وهي عملية مكلفة وتستغرق وقتا طويلا.

الآثار السلبية للرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي

في حين زعم ​​ترامب أن فرض الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية من شأنه أن يعزز الاقتصاد الأمريكي، إلا أن هذا الإجراء كان له آثار سلبية على الاقتصاد الأمريكي من خلال زيادة التكاليف، وتقليص الصادرات، وتأجيج التوترات التجارية الدولية.

شهدت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة، يوم الإثنين، انخفاضا غير مسبوق، وسجل سهم شركة بالانتير أكبر انخفاض، حيث انخفض بنسبة 11%، وانخفضت أسهم تيسلا، وإنفيديا، وأيه إم دي بنسبة 9% لكل منها، وانخفضت أسهم ميتا بنسبة 7%، وأمازون وجوجل بنسبة 6%، وأبل بنسبة 6%، ما واصل الاتجاه النزولي في أسواق الأسهم الأمريكية.

أدت سياسات ترامب التجارية وفرض الرسوم الجمركية الجديدة إلى خسارة نحو 4 تريليونات دولار من قيمة أسواق الأسهم الأمريكية.أغلق مؤشر “ترس” في بورصة وول ستريت (VIX) عند 45 يوم الجمعة (4 أبريل)، وهو أحد أعلى مستوياته منذ الأزمات الماضية، ما يعكس القلق في الأسواق.

في الوقت الحالي، انخفض مؤشر العقود الآجلة الأمريكية بنسبة 4%، وحذر الخبراء من أن مؤشر S&P على وشك الدخول في مرحلة هبوطية، كما وصل مؤشر ترس إلى أعلى مستوى له منذ الأزمة المالية عام 2008.

ويحذر الخبراء أيضًا من تداعيات هذه الأزمة على الاقتصاد الأمريكي. ويقول سوار براساد، أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل والمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي: “إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تمثل حرمانًا من فوائد التجارة الحرة للشركات والمستهلكين الأمريكيين”.

وأضاف: “لقد أبرم ترامب صفقات مع جميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين تقريبًا، باستثناء عدد قليل من الحلفاء أو المنافسين، في إجراءات من شأنها أن تكون مدمرة للغاية للاقتصاد الأمريكي، حيث سيشعر المستهلكون والشركات الأمريكية في كل صناعة تقريبًا بالآثار المترتبة على ذلك”.

وحسب مختبر ميزانية جامعة ييل، فإن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ستؤدي إلى زيادة نفقات الأسرة الأمريكية المتوسطة بنحو 3800 دولار.

وكتب جيريمي هوربيدال، وهو زميل مشارك في معهد كاتو الليبرالي: “من المرجح أن تكون هذه الزيادة في التعريفات الجمركية واحدة من أكبر الزيادات الضريبية في تاريخ الولايات المتحدة، وإذا تم تنفيذها بالكامل، فسوف تؤدي إلى بعض أعلى معدلات التعريفات الجمركية التي شهدتها الولايات المتحدة على الإطلاق”.

وأضاف هوربيدال: “كما هو الحال مع جميع التعريفات الجمركية، فإن جزءاً كبيراً من هذه الرسوم الجديدة سوف يتحمله المستهلكون والشركات الأمريكية في شكل أسعار أعلى”.

وفي مقال لها، شبهت مجلة بوليتيكو تصرف ترامب بقرار الملك جورج الثالث ملك بريطانيا العظمى عام 1773، والذي أشعل فتيل الثورة الأميركية والاستقلال في القرن الثامن عشر بفرضه ضريبة على الشاي في المستعمرات، وأثارت مسألة ما إذا كان الملك الحالي في واشنطن قد يندم يوما ما على أفعاله.

وكتب حساب السياسة الأمريكية على تويتر، في إشارة إلى الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضها ترامب: “الحروب التجارية، وإضعاف التحالفات، والابتعاد عن القيادة العالمية، هل هذه هي النسخة الأمريكية من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهل ستعزل هذا البلد؟”

يعتقد بنك جولدمان ساكس أن احتمال تصاعد الحرب التجارية العالمية في الأيام المقبلة أدى إلى مضاعفة احتمالات الركود في الولايات المتحدة خلال الأشهر الـ12 المقبلة إلى حوالي 35%، كان أحد الأسباب التي دفعت الناس إلى التصويت لمصلحة ترامب هو عدم الرضا عن التضخم خلال رئاسة بايدن، ولكن ارتفاع الأسعار الآن قد يؤدي إلى إعادة إشعال السخط العام.

ووصفت بوليتيكو أيضا صيغة حساب الرسوم الجمركية على جميع الواردات من بلد ما بأنها “مشكوك فيها” في تقرير، بحجة أن مثل هذه الحسابات “لا معنى لها” للتعويض عن العجز التجاري الأمريكي.

في واقع الأمر، تتفق إدارة واشنطن بالإجماع على إلقاء اللوم على شركاء التجارة السيئين في العجز التجاري الأمريكي، ولكنها لم تحدد على وجه التحديد ما إذا كان فرض الرسوم الجمركية من شأنه بالضرورة أن يعوض العجز التجاري، لذا، يتعين على ترامب وخبرائه الاستراتيجيين أن يعلموا أنه مهما كانت القرارات التي يتخذونها ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية، فإن أصدقاء التجارة وأعداءها من المرجح أن يفكروا في خلق نظام عالمي جديد قد لا يعجب الولايات المتحدة.

توقعات الأسواق العالمية بعد الرسوم الجمركية

وبما أن إدارة ترامب لا تنوي رفع الرسوم الجمركية، فلا توجد توقعات إيجابية للاقتصادات العالمية على المدى القصير. ويرى الخبراء أنه مع تطبيق الرسوم الجمركية وتراجع سوق الأسهم، فإن الطلب على سندات الخزانة الأمريكية كأصل آمن سيزداد على المدى القصير، وقد تنخفض عوائدها، ومن المرجح أيضًا أن يشهد الذهب والعملات المشفرة نموًا في الأسعار باعتبارها ملاذات آمنة.

بالإضافة إلى ذلك، إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي قلقاً بشأن التضخم، فقد لا يخفض أسعار الفائدة أو قد يرفعها حتى، وهو ما من شأنه أن يضع المزيد من الضغوط على سوق الأسهم.

إذا اتخذت الصين والاتحاد الأوروبي إجراءات انتقامية، فإن النمو الاقتصادي العالمي سوف يتباطأ، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية مثل النفط والمعادن الصناعية.

وعلى المدى الطويل، إذا تصاعدت الحرب التجارية، فمن المرجح أن نشهد ركوداً عالمياً وقد تشهد أسواق الأسهم تصحيحاً أعمق، ولذلك، فإن كل شيء يعتمد على حجم الرسوم الجمركية ورد فعل البلدان الأخرى، إذا تم احتواء التوترات، فقد تتمكن الأسواق من التكيف بسرعة، ولكن إذا تصاعدت، فإن خطر الأزمة الاقتصادية يزداد.

وبشكل عام، ورغم أن سياسة ترامب الجمركية تم تنفيذها بهدف دعم الصناعات المحلية وخفض العجز التجاري، إلا أنها في الواقع أدت إلى ارتفاع الأسعار، وانخفاض القدرة التنافسية للشركات الأمريكية، وإلحاق الضرر بقطاعات التصدير، ويعتقد العديد من خبراء الاقتصاد أن هذه السياسة تضر بالاقتصاد الأمريكي أكثر مما تجلب للبلاد فوائد كبيرة.

ارتفاع حصيلة الغارات الأمريكية على صنعاء إلى 18 شهيدا ومصابا

ارتفاع حصيلة الغارات الأمريكية على صنعاء إلى 18 شهيدا ومصابا

شن طيران العدوان الأمريكي، مساء الأحد عددا من الغارات الجوية على محافظة صنعاء وسط البلاد.

وقال مصدر محلي في المحافظة أن العدوان الأمريكي استهدف بثلاث غارات مصنع السواري للسيراميك في مديرية بني مطر.

فيما أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور أنيس الأصبحي، ارتفاع ضحايا العدوان الأمريكي الى 18 مواطن منهم 5 شهداء و 13 جريح فى حصيلة غير نهائية.

وقال حساب الدفاع المدني على منصة فيسبوك إن العدوان الأمريكي استهدف مصنع السواري للسراميك في بني مطر محافظة صنعاء بثلاث غارات على من المنشآت المدنية وفرق الدفاع المدني هرعت إلى مكان الاستهداف.

وقال الدفاع المدني إن العدوان الأمريكي استهدف المنشآت المدنية والأعيان في انتهاك صارخ للقوانين الدولية وقانون المنظمة الدولية للحماية المدنية جنيف.

وتواصل القوات الأمريكي عدوانها على مختلف المحافظات اليمنية، الخاضعة لسيطرة قوات صنعاء، على خلفية مساندة الأخيرة لغزة بالعمليات العسكرية التي تستهدف الملاحة الإسرائيلية والسفن الأمريكية.

أبو عبيدة: اليمن يصرّ على شلّ قلب الكيان الصهيوني

قال الناطق العسكري باسم كتائب القسام “أبو عبيدة”، اليوم الأحد، إن فلسطين وشعبها لن ينسوا وقفة اليمن “المشرفة” إلى جانبهم، مشيرًا إلى أن “الأخوة” في اليمن يصرون على “شل قلب الكيان الصهيوني”.

وأورد “أبو عبيدة” في تغريدة له على قناته الرسمية على تليجرام، تابعتها “وكالة سند للأنباء”: “لا زال إخوان الصدق في اليمن يصرّون على شلّ قلب الكيان الصهيوني؛ وقوفاً إلى جانب غزة التي تتعرض لحرب إبادة شعواء، رغم دفعهم ضريبةً باهظةً من دمائهم العزيزة ومقدرات بلدهم الشقيق جراء هذا الوفاء لفلسطين والأقصى”.

وأضاف: “إن فلسطين وشعبها لن ينسوا هذه الوقفة المشرفة إلى جانبهم، وتلك العزيمة الصلبة التي تبشر بخيرية هذه الأمة، وقدرتها على زعزعة أمن هذا الكيان إذا توفرت الإرداة والإيمان مع القدرة على الفعل مهما كان متواضعاً”.

جاء هذا التصريح عقب إعلان، جيش الاحتلال الصهيوني، اليوم الأحد، أنه رصد صاروخين أطلقا من اليمن وجرت محاولة لاعتراضهما، ودوّت صفارات الإنذار في مدينة القدس والمدن الفلسطينية المحتلة وسط حالة من الهلع.

وقالت القناة 12 العبرية، إنه تم إغلاق مطار بن غوريون الدولي أمام عمليات الإقلاع والهبوط بعد تفعيل صفارات الإنذار، وذكرت إذاعة جيش الاحتلال، أنه منذ استئناف الحرب بغزة، أطلقت اليمن 19 صاروخاً باليستياً نحو “إسرائيل”.

ويشن اليمن هجمات مكثفة على حاملات الطائرات الأمريكية وقطعها البحرية في البحر الأحمر، واستهداف مواقع عسكرية وحوية للعدو الإسرائيلي في الأراضي المحتلة ردا على العدوان الأمريكي على اليمن واسناداً لغزة ضد مجازر الإبادة الجماعية.

الرابعة خلال أسبوعين.. “القوات اليمنية” تعلن “إسقاط طائرة أمريكية نوع MQ_9” في أجواء “محافظة حجة”

الرابعة خلال أسبوعين.. "القوات اليمنية" تعلن "إسقاط طائرة أمريكية نوع MQ_9" في أجواء "محافظة حجة"

أعلنت القوات المسلحة اليمنية، السبت 13 أبريل 2025، عن إسقاط طائرة أمريكية مسيرة من نوع MQ-9 أثناء تنفيذها عمليات عدائية في أجواء محافظة حجة شمال غرب اليمن. وأكدت القيادة العسكرية أن عملية الإسقاط تمت باستخدام صاروخ أرض-جو محلي الصنع.

وأشار البيان الصادر عن القوات المسلحة اليمنية إلى أن هذه الطائرة تعد الرابعة التي يتم إسقاطها خلال أسبوعين فقط، كما أنها الطائرة التاسعة عشرة التي تسقط منذ بدء ما أسمته “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، والتي تهدف إلى إسناد الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة.

وجددت القوات المسلحة التأكيد على استمرار قدراتها العسكرية وكفاءتها في التصدي للعدوان الأمريكي المستمر على اليمن. وشددت على أن هذا العدوان لن يحقق أي من أهدافه، مؤكدة أن مثل هذه العمليات ستظل مستمرة رداً على الدعم الأمريكي للعدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.

وقالت القوات المسلحة في بيانها: “إننا وفي ظل عون الله تعالى، لن نتوقف عن تنفيذ عملياتنا الإسنادية للشعب الفلسطيني المظلوم حتى يتم وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها”.

وفي ختام البيان، أكدت القوات المسلحة اليمنية أن اليمن سيظل حراً عزيزاً مستقلاً، وأن النصر سيكون حليف اليمن وكل الأحرار في الأمة العربية والإسلامية.

جاء هذا البيان بعد تصاعد التوتر في المنطقة، حيث تسعى القوات اليمنية إلى تعزيز موقفها الدفاعي وتوسيع نطاق دعمها للقضية الفلسطينية عبر استهداف الأنشطة العسكرية الأمريكية في الأجواء اليمنية.

اليمن يصدع أنف العدو.. إطلاق صواريخ يتسبب في إرباك شامل بالكيان المحتل

أفادت مصادر إعلام العدو الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، بدوي صفارات الإنذار في مناطق واسعة من فلسطين المحتلة، بما فيها “تل أبيب” والقدس، بعد إطلاق صاروخين من الأراضي اليمنية، ما أدى إلى حالة من الذعر بين المستوطنين وتعطيل حركة الملاحة الجوية في مطار “بن غوريون”.

وأكد جيش الاحتلال أنه رصد الصاروخين واتخذ إجراءات الاعتراض، فيما لا تزال النتائج قيد الفحص. كما توقفت حركة المرور في عدة مناطق بسبب تفعيل الإنذار، فيما لوحظ اختباء مستوطنين في الملاجئ خوفاً من الضربات.

يأتي هذا التصعيد بعد ساعات من إطلاق صاروخ من قطاع غزة تجاه “غلاف غزة”، مما يشير إلى تصاعد التوتّر في المنطقة.

الحرب الأميركية على القانون الدولي.. العدالة لا تطال الحلفاء!

الحرب الأميركية على القانون الدولي.. العدالة لا تطال الحلفاء!
الحرب الأميركية على القانون الدولي.. العدالة لا تطال الحلفاء!

تشكل المحكمة الجنائية الدولية إحدى أبرز أدوات العدالة الدولية في عصر ما بعد الحرب الباردة، إذ أُنشئت بغرض محاسبة مرتكبي أخطر الجرائم الدولية، وعلى رأسها جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية. إلا أن السنوات الأخيرة، وخاصة منذ تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بين عامي 2023 و2024، كشفت عن هشاشة هذه المنظومة القضائية في مواجهة قوى سياسية كبرى تتعامل مع القانون الدولي بازدراء، وتوظفه بما يخدم مصالحها السياسية.

برز هذا الخلل جليًا في الطريقة التي تعامل بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية، مدعومًا بموقف أمريكي صريح يرفض سلطتها، ويطعن في شرعيتها متى مست حلفاءه، وهو موقف متجذر منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي لم يكتفِ بفرض عقوبات على قضاة المحكمة بل أعلنها “فاقدة للشرعية”.

وفي موازاة الدعم الأمريكي غير المشروط، وقفت بعض الدول الأوروبية – التي تدّعي الالتزام بالقانون الدولي – في موقف متواطئ ومخزٍ، عبر تجاهلها تنفيذ أمر اعتقال نتنياهو أثناء مروره بأجوائها أو حتى زياراته الرسمية، مكرسة بذلك ازدواجية فاضحة في المعايير، حيث يُطارد مجرمو الحرب من دول الجنوب بلا هوادة، بينما يُحصَّن قادة الاحتلال الإسرائيلي خلف جدران الحماية الغربية.

إن هذه التطورات تضع المحكمة الجنائية الدولية أمام تحدٍ وجودي، يتمثل في صراعها مع “بلطجة دولية” تقودها قوى كبرى، لا تكتفي بإفشال العدالة، بل تحاول تقويضها من أساسها، مما يستدعي مراجعة جذرية لبنية النظام القضائي الدولي، وطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل العدالة الكونية في ظل هذا المناخ من الانتهازية السياسية.

أولًا: مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو – سابقة قانونية تواجه حقلًا سياسياً ملغوماً

في نوفمبر 2024، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب على غزة. يُعدّ هذا القرار غير مسبوق من حيث استهدافه لمسؤولين رفيعي المستوى من دولة لم توقع على نظام روما الأساسي، ما يعكس شجاعة قانونية تواجه في المقابل تعقيدات سياسية دولية ضخمة.

ورغم عدم انضمام إسرائيل إلى المحكمة، فإن الولاية القضائية للمحكمة شُرعت استنادًا إلى عضوية فلسطين كدولة طرف في نظام روما منذ 2015، وهو ما يتيح للمحكمة النظر في الجرائم المرتكبة على الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومع ذلك، فإن الجانب القانوني المحكم لهذا القرار لم يمنع الهجمة السياسية ضده، خصوصًا من الولايات المتحدة.

منذ إصدار مذكرات الاعتقال، واجهت المحكمة الجنائية الدولية تحديات في تنفيذ قراراتها. في أبريل 2025، أعلنت المجر نيتها الانسحاب من المحكمة، لتصبح أول دولة في الاتحاد الأوروبي تتخذ هذا القرار، متزامنةً مع زيارة نتنياهو إلى بودابست. برر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان هذه الخطوة بأن المحكمة أصبحت كيانًا سياسيًا بدلاً من كونها هيئة قضائية، مؤكدًا أن بلاده لن تنفذ مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو.

رفض نتنياهو وفريقه القانوني مذكرات الاعتقال، معتبرين إياها ذات دوافع سياسية ومعادية لإسرائيل. وصف نتنياهو القرار بأنه “معادٍ للسامية” ومقارنةً بقضية دريفوس الشهيرة، مؤكدًا أن إسرائيل تخوض “أعدل حرب” من جانبه، اعتبر غالانت أن القرار “سابقة خطيرة تشجع الإرهاب”، مشددًا على أن إسرائيل تمارس حقها في الدفاع عن النفس.

ثانيًا: الولايات المتحدة والموقف التاريخي العدائي من المحكمة الجنائية الدولية

لم تكن الولايات المتحدة يومًا داعمًا فعليًا للمحكمة، بل كانت من أبرز معارضيها منذ تأسيسها. وقد بلغ هذا العداء ذروته في عهد دونالد ترامب، حين فرضت إدارته عقوبات على المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا وطاقمها، وهددت بملاحقة كل من يحقق في جرائم أميركية أو إسرائيلية. أما إدارة جو بايدن، فعلى الرغم من تخفيفها للغة التصعيد، فإنها لم تختلف جوهريًا في جوهر الموقف، لا سيما حين يتعلق الأمر بإسرائيل. فقد سارعت واشنطن إلى رفض مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو، معتبرةً أنها تفتقد للشرعية وتستهدف حليفًا استراتيجيًا. ويُعَدّ هذا التسييس للعدالة أحد أبرز معوقات عمل المحكمة اليوم، إذ يوجه رسالة مفادها: “العدالة لا تطال الحلفاء”.

أشار موقع المفكرة القانونية إلى أنه في 6 شباط 2025، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. وقد طالت العقوبات أفرادًا من المحكمة الجنائية الدولية وأسرهم، بسبب مساهمتهم في تحقيقات المحكمة التي تستهدف مواطنين أميركيين وحلفاء للولايات المتحدة الأميركية مثل إسرائيل، “بشكل غير شرعي ولا أساس له”. وفيما لم يعلن بعد عن أسماء الأفراد المستهدفين بالعقوبات لعدم نشر الملحق بالأمر، إلّا أنّ مصادر قالت إنّ أوّلهم سيكون المدعي العام لدى المحكمة كريم خان، وقد شملت العقوبات تجميد الأصول والأملاك في الولايات المتحدة الأميركية ومنع الدخول إليها.

جاءت خطوة ترامب بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الذي شكره على خطوته الجريئة ضد المحكمة التي نعتها بأنها معادية للسامية. كما جاءت بعد أيام من إفشال جهود يقودها نوّاب جمهوريون لمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية في مجلس الشيوخ، احتجاجًا على إصدارها في تشرين الثاني الماضي، أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب الإسرائيلي السابق يوآف غالانت التي تنسب إليهما ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة، لا سيما استخدام التجويع كوسيلة حرب.

وبالرغم من جميع الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين ولبنان، مضى الأمر التنفيذي بوصفها بالدولة الديمقراطية التي لديها جيش يلتزم بصرامة بقوانين الحرب. ووصف قرار ترامب إصدار أوامر الاعتقال بأنه إساءة لاستخدام سلطة المحكمة ويعرّض المواطنين الأميركيين لخطر التوقيف ويشكّل خطرًا غير مسبوق على الأمن القومي الأميركي. واستند قرار ترامب إلى قانون أميركي صادر في العام 2002 لحماية الموظفين الأميركيين من الملاحقة والذي منع التعاون مع المحكمة وأجاز استخدام القوّة لتحرير أي مواطن أميركي موقوف من قبل المحكمة، ما أدّى إلى تسميته ب “قانون غزو لاهاي”.

واستند ترامب في قراره إلى أنّ الولايات المتحدّة الأميركية وإسرائيل لم تنضمّا إلى نظام المحكمة، معتبرًا أنّه لا يمكنها ممارسة صلاحياتها على مواطني الدولتين. لكنّ انضمام فلسطين إلى نظام روما في العام 2014 سمح للمحكمة بممارسة صلاحياتها على الجرائم المرتكبة من قبل القادة الإسرائيليين بحقّ الفلسطينيين وعلى الأراضي الفلسطينية. وقد تعرّضت المحكمة وموّظفيها لسلسلة من التهديدات الأميركية والإسرائيلية لردعها من متابعة تحقيقاتها، بقيت معظمها بمنأى عن أي محاسبة لغاية اليوم، ما قد يهدد عملها وقدرتها على إحقاق العدالة للفلسطينيين وغيرهم من ضحايا الجرائم الدولية الخطيرة. وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها ترامب المحكمة الجنائية الدولية، إذ سبق لإدارته في ولايته الأولى، أن أصدرت عقوبات على المدعية العامة السابقة للمحكمة فاتو بنسودا وأحد كبار مساعديها، وذلك عقب قبول المحكمة في العام 2021 دراسة اختصاصها في التحقيق في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وفتح تحقيقات في جرائم الحرب المنسوبة للقوات الأميركية في أفغانستان. وقد شملت هذه العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر العائلي ضدّ موّظفين في المحكمة، قبل أن تعود إدارة بايدن لترفع هذه العقوبات.

ردًا على قرار ترامب، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بياناً أدانت فيه العقوبات الأميركية التي تسعى إلى الإضرار بعملها القضائي المستقل والمحايد. وأعلنت وقوفها بحزم إلى جانب موظفيها، متعهدة بمواصلة توفير العدالة والأمل لملايين الأبرياء من ضحايا الفظائع في جميع أنحاء العالم. كما دعت المحكمة الدول ال 125 الموقعة على نظامها والمجتمع الدولي وجميع دول العالم إلى الوقوف متحدين من أجل العدالة وحقوق الإنسان الأساسية. وعبّرت رئيسة المحكمة القاضية توموكو أكاني في بيان عن أسفها بشأن للعقوبات الأميركية، معتبرة أنها تضر باستقلالية المحكمة وحيادها وتحرم الملايين من الضحايا الأبرياء من العدالة والأمل. وأثارت عقوبات ترامب موجة استنكارٍ عالمية. فحذرت 79 دولة عضو في المحكمة من أن العقوبات تزيد من خطر الإفلات من العقاب وتقوض سيادة القانون الدولي، من بينها ألمانيا وهولندا وفرنسا وبريطانيا وكندا وجنوب أفريقيا والأردن وتونس. وتأسّف وزير خارجية هولندا على صدور قرار فرض العقوبات، معتبرًا أنّ دولته لديها مسؤولية هامّة بصفتها دولة مضيفة للمحاكم الدولية، ومؤكّدًا إلتزامها بتعزيز النظام القانوني الدولي وبتطبيق الاتفاقيات الدولية.

كذلك عبرت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداسني عن الأسف الشديد تجاه القرار وطالبت بالرجوع عنه. فيما أعربت المفوضية الأوروبية عن أسفها بشأن القرار، مشددة على خطورته في إضعاف جهود المساءلة العالمية. بالمقابل دعمت دول قليلة قرار ترامب بينها إسرائيل، والمجر التي أعلن وزير خارجيتها تفهّمه للقرار، متهما المحكمة بأنها أصبحت أداة سياسية متحيزة وأفقدت النظام القضائي الدولي مصداقيته.

تكمن خطورة العقوبات الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية في كونها تشكّل مرحلة جديدة في حرب الولايات المتحدّة الأمريكية وإسرائيل المستمرة على القانون الدولي ومؤسساته، ودعمًا لاستمرار إسرائيل في سعيها لإبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره، وهو ما بات يهدّد استقرار النظام العالمي وبقاءه. وقد تجلّى ذلك في تصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة حول التهجير القسري لسكّان غزة إلى دول أخرى، واستيلاء الولايات المتحدة على القطاع، ما أثار ردود فعل حادة، وصلت إلى حد مطالبة المجتمع الدولي بعزل الولايات المتحدة الأميركية.

في الختام، تُبرز التطورات الأخيرة المتعلقة بمذكرات الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو التحديات التي تواجهها العدالة الدولية في تنفيذ قراراتها. تباين مواقف الدول يكشف عن التأثير الكبير للاعتبارات السياسية على تطبيق القانون الدولي، مما يستدعي جهودًا دولية لتعزيز استقلالية وفعالية المؤسسات القضائية الدولية.​

إن الاستجابة الدولية المتخاذلة لمذكرة اعتقال نتنياهو لا تضر فقط بمكانة المحكمة الجنائية الدولية، بل تهدد مصداقية النظام القانوني الدولي برمته. فلا يمكن الحديث عن عالم تسوده العدالة بينما تُحمى الدول القوية من المساءلة، وتُترك الشعوب الضحية وحدها في مهب الجريمة.

وإذا لم تتحرك الدول، خصوصًا النامية منها، لإعادة التوازن إلى آليات العدالة الدولية، فإن المحكمة ستتحول تدريجيًا إلى هيئة رمزية عاجزة، تُستخدم أحيانًا لمعاقبة الضعفاء، وتُهمَّش عندما تقترب من “الخطوط الحمراء” للنفوذ العالمي.

العملية العسكرية الأمريكية في اليمن.. تكلفة باهظة ونتائج هزيلة

العملية العسكرية الأمريكية في اليمن.. تكلفة باهظة ونتائج هزيلة
العملية العسكرية الأمريكية في اليمن.. تكلفة باهظة ونتائج هزيلة

في تصعيد عسكري بدا وكأنه رد استعراضي على ضربات أنصار الله ضد الملاحة الدولية، شنت الولايات المتحدة سلسلة من الضربات على أهداف في اليمن، لكن بعد أسابيع من القصف المكثف، بدأت الحقائق تظهر، العملية لم تحقق أهدافها المعلنة، بل فتحت الباب لأسئلة محرجة داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية حول الفاعلية، والجدوى، وتكلفة الاستنزاف في صراع يبدو بعيدًا عن الحسم.

فعالية محدودة رغم القوة التدميرية

رغم استخدام واشنطن لترسانة من أكثر الأسلحة تقدمًا -مثل صواريخ “توماهوك” وقنابل “AGM-158” الشبحية- إلا أن مسؤولين في البنتاغون أقروا سرًّا بفشل كبير في تدمير ترسانة الحوثيين من الصواريخ والطائرات المسيّرة.

مصادر في الكونغرس الأمريكي كشفت أن البنتاغون أبلغ مشرّعين بأن “النجاحات كانت محدودة”، ما يعكس وجود فجوة بين القوة العسكرية والنتائج الميدانية.

نزيف مالي واستنزاف استراتيجي

منذ بداية العمليات، أنفقت واشنطن ما يزيد على 200 مليون دولار في الأسابيع الثلاثة الأولى فقط، فيما تجاوزت التكاليف الكلية -بما فيها العمليات والدعم اللوجستي- مليار دولار، هذه التكلفة أثارت مخاوف حقيقية داخل المؤسسة الدفاعية، وخاصة أن المخزون العسكري يتراجع بوتيرة تثير القلق في ظل التوتر المتصاعد مع الصين في المحيطين الهندي والهادئ.

قلق متصاعد من تآكل الجاهزية ضد الصين

المفاجئ في هذا السياق أن القلق الأمريكي لم يعد يقتصر على الساحة اليمنية، بل اتّسع ليشمل الاستعداد لمواجهة الصين، وفقًا لمصادر نيويورك تايمز، حذر قادة عسكريون، بينهم ضباط في البحرية وقيادة المحيطين الهندي والهادئ، من أن الاستهلاك المتسارع للمخزون العسكري في اليمن قد يعطّل قدرة واشنطن على الرد في حال نشوب أزمة في آسيا، أحد كبار مسؤولي البنتاغون أبلغ الكونغرس أن الجيش سيواجه “مشاكل عملياتية حقيقية” في حال نشوب نزاع مع الصين.

فشل استخباراتي وتكتيكي؟

الاعتراف الضمني بالفشل في استهداف مواقع أنصار الله يطرح تساؤلات حول دقة المعلومات الاستخباراتية، وجدوى التكتيك المتبع، فكيف يمكن لصواريخ بملايين الدولارات ألا تحقق نتائج واضحة على الأرض؟ هذا يوحي بأن لدى أنصار الله قدرة على المناورة، وإخفاء ترساناتهم، وربما التمويه بأساليب لا تزال تقاوم التكنولوجيا الأمريكية.

رهانات خاسرة وتحالفات متآكلة

في خضم هذا المشهد، يبدو أن واشنطن تراهن على تحالف هش مع أطراف إقليمية لا تملك فعليًا القدرة على حسم المعركة أو حتى التأثير فيها، الضربات لم تحد من قدرات أنصار الله، ولم توقف هجماتهم على الملاحة، ما يشير إلى خلل في الرؤية الاستراتيجية الأمريكية، بل ربما في فهم طبيعة الخصم نفسه.

دروس من حرب طويلة

ما يحدث في اليمن اليوم يذكّر بسيناريوهات الفشل التي واجهتها واشنطن في أفغانستان والعراق، إنفاق ضخم، وعمليات واسعة، ثم اعتراف متأخر بعدم الفعالية، الفرق هنا أن الخطر لم يعد بعيدًا، بل بات يؤثر على خطوط التجارة الدولية، ويشكّل تهديدًا مباشرًا على مصالح أمريكا وحلفائها في البحر الأحمر.

في النهاية، في ظل غياب نتائج ملموسة، وتزايد القلق داخل البنتاغون والكونغرس، تبدو العملية العسكرية في اليمن أقرب إلى مأزق مفتوح، الاستمرار فيها يهدد بتآكل القدرة العسكرية، والانسحاب منها يُعد تراجعًا سياسيًا، وبين هذين الخيارين، يُتوقع أن تضطر واشنطن إلى إعادة تقييم استراتيجيتها بالكامل، وربما التفكير في مسارات تفاوضية أكثر واقعية وأقل تكلفة.

مظاهرات حاشدة في “السويد وبنغلاديش” تضامنًا مع فلسطين ورفضًا لحرب الإبادة على غزة

شهدت العاصمة السويدية “ستوكهولم” وعاصمة بنغلاديش “دكا”، السبت، مظاهرات حاشدة احتجاجًا على الجرائم وحرب الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال ارتكابها بحق الأطفال والنساء في قطاع غزة، ضاربة عرض الحائط كافة القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان.

وتوجّه المتظاهرين إلى مبنى البرلمان السويدي، حاملين الأعلام الفلسطينية، ووجّهوا انتقادات واتّهامات مُباشرة إلى الإدارة الأمريكية بالقول إنها: “شريكة في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال”.

كما خرج قرابة 100 ألف متظاهرا في عاصمة بنغلاديش، دعما للقضية الفلسطينية وتنديدا بالإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، منذ نحو عام ونصف العام.

ورفع المحتجون، في حديقة سهروردي والمناطق المحيطة بها، الأعلام الفلسطينية، فيما رددوا هتافات “فلسطين حرة”. وسلّط المتظاهرون الضوء على المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين من أطفال وشباب وكبار سن، من خلال حمل توابيت رمزية تمثل الضحايا الذين سقطوا جراء الهجمات الإسرائيلية.

ورفع المتظاهرون عدّة لافتات، كُتب عليها: “فلسطين حرة، غزة حرة” و”أوقفوا الإبادة الجماعية” فيما ردّدوا في الوقت نفسه جُملة من الشعارات، من قبيل: “الأطفال يُقتلون في غزة” و”الحرية لفلسطين”.

وطالب المتظاهرون بوقف فوري لكافة جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال بحق الغزّيين؛ من النساء وكبار السن والأطفال في غزة؛ وذلك تلبية لدعوة من العديد من منظمات المجتمع المدني.

واتهم المتظاهرون الإدارة الأميركي، ورئيس وزراء الهندي ناريندرا مودي، بالمشاركة في الإبادة الجماعية ودعم الاحتلال.

عن أثر إسقاط الجيش اليمني لطائرة الـMQ9 على الأيديلوجيا الصهيونية

عن أثر إسقاط الجيش اليمني لطائرة الـMQ9 على الأيديلوجيا الصهيونية

إن الأساس النظري للصهيونية فكرة «تحرير اليهود»، تحويل هذه الجماعة الدينية الأوروبية إلى جماعة سياسية مستقلة، إلا أنه ورغم تحول هذا المشروع الاستعماري إلى «دولة» حديثة، إلا أن ضوابط العلاقات الدولية مع أوروبا، وأمريكا مع وجه التحديد، جعل سؤال «التحرر اليهودي» محل شك لدى الصهاينة أنفسهم، فلا يزال ميزان القرار السياسي لهذا المشروع لدى صانع القرار المسيحي الأمريكي.

توسعت وانكمشت مساحة استقلال القرار السياسي الإسرائيلي وفقاً للظرف الإقليمي والفعالية في خدمة المصالح الإمبريالية الأمريكية، إلا أن ما اختلف ما بعد السابع من أكتوبر وحتى اللحظة، هو أن مساحة الاستقلال هذه، في انكماشها الأكبر. والملاحظ للسياسة الداخلية الصهيونية، وجود حالات عدة، للعب مسرحية آليات اتخاذ قرار سياسي مستقل، رغم أن القرار قد اتخذ في واشنطن وانتهى الأمر. حيث تتصنع هذه الأيديلوجية «تحرّرها» بشكل مثير للشفقة.

يشكل اليمن، جبهة تأثير مركزّة على طبيعة علاقة السيد الأمريكي والعبد اليهودي الصهيوني، فهي الإفصاح المادي العسكري لسابقة، وتحول كبير في تاريخ الصراع العربي مع الصهيونية، حيث عملية ضرب الأمريكيين واستنزافهم مباشرة لإجبارهم لتغيير سياسة «إسرائيل»، وليس ضرب «إسرائيل» للتأثير على السياسة الأمريكية واملاءاتها على «إسرائيل».

يمسي إذاً، التسديد المستمر في إسقاط الـMQ9، من ناحية إعماء العدويّن الأمريكي والإسرائيلي عن جمع قاعدة بيانات، من الواضح أنها من أكبر معضلاتهم، بما يؤثر ذلك على إستنزاف أمريكي أكبر. وكل ذلك ينعكس على صلب أساس فكرة الأيديلوجية الصهيونية، ليس أنهم ليسوا «أحراراً» فقط، بل أن السيد نفسه في ورطة إستراتيجية.

لسنا كعرب وبظرفنا الحالي بالفاعل الدولي أو التاريخي ذو المقدرات المادية الكبيرة والكثيرة، المسألة هي في أن نكون الأبرع في إستخدام القليل في صناعة الكثير، ولمن يبحث عن مصداق عون الله وقوة الإيمان به فهو هنا.

هو وأنت تسمع أخيك العربي وهو يقول: «استقطت بصاروخ، صباح اليوم الأربعاء، هذه ذي أمريكا هنا حرقت، نحمد الله ونشكره».

ـــــــــــــــــــــــــــــ
موسى السادة
كاتب ومعارض سعودي