المشهد اليمني الأول/

 

بعد زيارةِ المبعوث الأممي مارتن غريفيث للحديدة رفقةَ منسقة الشؤون الإنْسَانية المقيمة في اليمن واطّلاعه على طبيعة الأوضاع الإنْسَانية والإغاثية وزيارته لميناء الحديدة ووقوفه على حجم الأضرار التي خلفها القصفُ الجوي الهمجي لقوى العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي الصهيوني، والذي ينسفُ كافة ادّعاءات السعوديّة والإمارات بشأن انسيابية العمل في الميناء وعقب الإعلان عن رفض حكومة الفنادق لمقترح إشراف الأمم المتحدة على تشغيل الميناء وفي ظل التصعيد الكبير لقوى العدوان ومرتزِقتهم خلال زيارة غريفيث وعقب مغادرته واستجلاب مرتزِقة جدد من السودان وقصف الأحياء السكنية وسط مدينة الحديدة وهو ما يشكل تقويضاً لأية فرص يمكن أن تسهمَ في إحلال السلام وإيقاف العدوان والانخراط في المفاوضات المرتقبة في السويد.

 

وهنا نتساءل في استطلاع للرأي للبلاغ: هل ينتصر مارتن غريفيث والأمم المتحدة للشعب اليمني ومظلوميته؟! بعد أن تجلت لهم الحقائقُ وعقب التنازلات التي قدّمتها الأطرافُ الوطنية لإثبات حُسْن النية وتعزيز الثقة وإليكم حصيلة ما أجاب عليه عددٌ من السياسيين والناشطين الحقوقيين والأكاديميين والإعلاميين والمتابعين للشأن اليمني:-

 

البداية كانت مع الدكتور أحمد النهمي عضو مجلس الشورى والقائم بأعمال أمين عام اتّحاد القوى الشعبية حيث قال: للأسف الشديد أن موقف الأمم المتحدة تجاه العدوان على اليمن كان سلبيا جِـدًّا خلال الفترة السابقة وأن المالَ السعوديَّ استطاع أن يعرِّيَ حقيقةَ الدور الأممي وخضوعه للمال لقد كان العالم شاهداً على فاجعة إخراج اسم السعوديّة من قائمة العار المتعلقة بقتلة الأطفال؛ لأَنَّها ضغطت على الأمم المتحدة بعدم تمويل بعض المشاريع فيها.

 

وأضاف: مؤخراً تحركت القضية اليمنية بعد قتل الصحفي السعوديّ جمال خاشقجي وتأكد للعالم مدى العقلية الإجرامية المتوحشة التي تحكم النظام السعوديّ وبالفعل لقد أقرت الأمم المتحدة بالإجماع ضرورة إيقاف الحرب العدوانية على اليمن، وتوجت التحركات بوصول غريفيث اليمن وزيارة الحديدة، والناس متفائلون بنجاح المساعي الأخيرة بيد أن هذا النجاح مرهون بمدى جدية دولتي السعوديّة وأمريكا في إيقاف العدوان على بلادنا فبالرغم من إعلان التهدئة في الحديدة ما زالت طائرات العدوان تواصل غاراتها العدوانية يومياً.

 

المحامي والناشط الحقوقي والتربوي عبدالوهاب الخيل أدلى بدلوه حول الموضوع قَائِـلاً: موقفُ الأُمُمِ المتحدة تجاه مظلومية الشعب اليمني التي تسبب بها العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن واضح ومكشوف طيلة فترة العدوان لما يقارب الأربعة أعوام، نعم هي كانت وما تزال تبدي قلقها من تدهور الوضع الإنْسَاني في اليمن ووصفته بالكارثي، واتهمت في بعض تقاريرها دول تحالف العدوان بارتكاب جرائم حرب وضد الإنْسَانية في اليمن ولكن ماذا قدمت من إجراء عملي تجاه انتهاك دول تحالف العدوان للسيادة اليمنية، وتجاه مجازر العدوان البشعة في حق المدنيين وأطفال ونساء اليمن، وتجاه الحصار المطبق على اليمنيين لم نجدها إلا متخاذلة ومنقادة ومنحازة وَبشكل مخز ومهين لمصالح العدوان موفرة لهم الغطاء السياسي ليس إلا رغم أن السعي لتوفير حقوق الإنْسَان كان هو أحد أهم الأسباب التي قامت من أجلها الأمم المتحدة، سيما وأن الأعمال الوحشية والابادة الجماعية في الحرب العالمية الثانية والحاجة الدولية للحد منها هي التي استدعت دول العالم إلى إجماع عام على أن تعمل الأمم المتحدة ما بوسعها لمنع مثل هكذا مآسي في المستقبل. وها هي قوى تحالف العدوان ترتكب في حق اليمنيين انتهاكات وحشية وإبادات جماعية أبشع مما حدث في الحرب العالمية الثانية.

 

وبالنسبة لمبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن غريفيث وزيارته الأخيرة لليمن وخاصة محافظة الحديدة ودعواته للسلام، ورغم أنه قد عاين جرائم تحالف العدوان في الحديدة بنفسه ولكنه تجاهلها تماماً حتى أن تلك القوى لم تحترم وجوده وارتكبت جرائم وهو في اليمن.

 

لن أكون متشائماً ولكن هو واقع نقرأه وَنتحدث عنه يفيد بأن الأُمَمَ المتحدة ومندوبها لم يتحركوا إلّا بعد الفشل الذريع الذي منيت به قوى تحالف العدوان في تصعيدها الأخير على الساحل الغربي وبالتحديد محافظة الحديدة وجدد الخيل تأكيده على أن: الأمم المتحدة لا تتحرك إلّا بعد أن يسبق تحركها تصريح لوزير الدفاع الأمريكي وَهو من يحدد زمان ومكان المحادثات القادمة بما يؤكد أنها غير مستقله وأنها لا ترعى ولا تحمل مشروع سلام؛ لأَنَّها تتحرك بتوجيهات رأس الأفعى التي تقتل الشعب اليمني وَرغم كُـلّ التسهيلات التي تقدمها القوى الوطنية والمقترحات والمبادرات التي تقدمها لإيجاد حلول نهائية من شأنها رفع المعاناة عن المواطن اليمني على كُـلّ المستويات والأصعدة وبما يحرج قوى العدوان إلا أن المندوب الأممي في الأخير لا يقدم ولن يقدم شيئاً من شأنه رفع الظلم عن اليمنيين، وَنتوقع تصعيداً جديداً لقوى تحالف العدوان بعد مدة استراحة واستجماع قوى وإعادة ترتيب وتنظيم صفوف منحتهم إياها الأمم المتحدة ومندوبها.

 

أما الانتصار لمظلومية الشعب اليمني فلن ينتصر لها إلّا ثباتُ وصمود واستبسال أبناء اليمن الشرفاء الأعزاء وَدماء الشهداء التي باتت تلاحِقُ زعماء العدوان في العالم كله وحركت الشعوب والمنظمات الشريفة حتى الأعداء لإطباق حبل المشنقة حول أعناقهم وَلا نشك بالنصر ثقة بالله وبأنه قد أضحى أقرب الينا من ذي قبل.

 

الموجه التربوي وأستاذ التأريخ خالد محمد عكروت أوجز رده على تساؤلنا بقوله: من متى والأمم المتحدة قد حلت مشاكل الشعوب منذ تأسيسها وحتى اليوم؟! هكذا يحكي لنا تاريخها ومواقفها. وأضاف: لا حلول تأتي من بوابة الأمم المتحدة؛ لأَنَّ الحاكم لها والمسيّر لشؤونها والمتحكم في توجهاتها وقراراتها، هم سبب المشاكل والأزمات والصراعات التي تعاني منها المنطقة العربية خاصة والعالم عامة، وزيارة غريفيث عبارة عن مخدر وقتي لا غير؛ لإطالة أمد الصراع، والتصعيد الذي شهدته جبهات الساحل الغربي يؤكد بأن الأمم المتحدة ومبعوثها مجرد بيادق بيد الأمريكي والإسرائيلي وفي خدمة دول البترودولار.

 

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي زيد البعوة كان له رأي حول الموضوع قال فيه: يبقى الحديث عن السلام من قبل المجتمع الدولي ومن قبل الأمم المتحدة ومن قبل العدوان مجرد كلام لا أساس له من الصحة على الرغم أن القيادة ممثلة في السيد عَبدالملك والرئيس المشّاط ورئيس اللجنة الثورية يؤكدون دائماً على حرصهم على تحقيق السلام، ولو نأتي للواقع سنجد أن تحقيق السلام يحتاج إلى الصدق والجد والحرص من قبل العدوان والأمم المتحدة اما نحن في اليمن فنحن صادقين وحريصين وكل ما نريده هو تحقيق السلام إلّا أن العدوانَ يجعل من السلام ذريعة لمواصلة جرائمه والوصول إلى أهدافه الاستعمارية، وبحسب ما تم التصريح به من قبل وزارة الدفاع اليمنية أن العدوان السعوديّ الأمريكي ومرتزِقتهم ليس لديهم أية رغبة في إيقاف العدوان وتحقيق السلام العادل والمشرف والدليل أن طيران العدوان مستمر في شن غاراته الجوية المكثفة وتصعيده العسكري في جبهات الحدود وجبهات الداخل رغم الاستجابة للمبادرات الوطنية والدعوات الحريصة على السلام وهذا يكشف عدم جدية قوى العدوان في تحقيق أي سلام على العكس مما يروج له في وسائل الإعلام.

 

وأضاف قَائِـلاً: أكثر من مبادرة قدمها انصار الله منذ بداية العدوان إلى اليوم كان اخرها المبادرة التي قدمها رئيس اللجنة الثورية والمبادرة التي قدمها السيد عَبدالملك في خطاب المولد النبوي الشريف التي اكد فيها الاستعداد التام للسلام متى ما توفرت نية صادقة وجادة من قبل العدوان وهذا يدل على مدى الاستعداد والرغبة في تحقيق السلام إلّا أن العدوان يتعامل مع هذه المبادرات بشكل هزلي ولا يعطيها أية أهمية والسبب أن أمريكا تريد أن تسيطر على اليمن وعلى الحديدة وتهيمن على القرار السياسي وهذا ما يرفضه الشعب اليمني ولن يقبل به أبداً.

 

وأكد البعوة على أن السلام سيتحقق والعدوان سيتوقف سواء خلال هذه المرحلة أو فيما بعد ولو كان قادة العدوان يفهمون جيداً لأخذوا العبر والدروس مما حصل خلال السنوات الأربع من العدوان فالشعبُ اليمني لم يضعف ولن يضعف وهو يواصل مشواره التحرري الجهادي حتى النصر ولا يوجد هناك أي خيار آخر للعدوان سوى السلام أو مواصلة العدوان الذي لن يصل به إلى نتيجة بل ينهكه عسكرياً وسياسيا وبشرياً ويجلب عليه الويل والخسارة، اما الشعب اليمني فقد حسم أمره منذ البداية الصمود والمواجهة والتصدي للعدوان وحتى ييأس العدو وقد وصل إلى مراحل اليأس حينها سيجلس الجميع على طاولة السلام وهذا ما يجب أن يحصل من قبل وما يجب أن يحصل اليوم وسوف يحصل إن شاء الله.

استطلاع: عبدالفتاح علي البنوس