الرئيسية زوايا وآراء تل أبيب تكشف: العلاقات مع عُمان بدأت عام 1979 واستمرّت بشكلٍ سريٍّ...

تل أبيب تكشف: العلاقات مع عُمان بدأت عام 1979 واستمرّت بشكلٍ سريٍّ وزيارة نتنياهو ستفتح الباب على مصراعيه أمام “الدول العربيّة السُنيّة”

المشهد اليمني الأول/

 

أطلقت الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة، طبعًا بأوامر من المُستوى السياسيّ في تل أبيب، أطلقت العنان للإعلام العبريّ لكشف خبايا وخفايا العلاقات السريّة بين دولة الاحتلال وسلطنة عُمان، وكشفت مصادر سياسيّة وأمنيّة واسعة الاطلاع، اليوم الأحد، النقاب عن أنّ العلاقات المخفية والخفيّة بين تل أبيب ومسقط بدأت في العام 1979، عندما قام ضابطان رفيعان في جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) بزيارةٍ سريّةٍ إلى العاصمة مسقط في العام 1979، هما رؤوفين ميرحاف، الذي شغل لاحقًا منصب المدير العّام للخارجيّة الإسرائيليّة، وعضو هيئة الأركان العامّة آنذاك، الجنرال ماندي مارون، حيث استُقبلا بحفارةٍ بالغةٍ، ومن ثمّ نقلتهما طائرةً خاصّةً إلى قصرٍ ملكيٍّ اجتمعا فيه مع السلطان قابوس بن محمد، كما كشفت المصادر الرفيعة في تل أبيب.

 

ووفقًا للمصادر عينها، كما أفادت اليوم الأحد صحيفة (يديعوت أحرونوت)، فإنّ إسرائيل رأت في سلطنة عُمان “باب النفط إلى العالم”، مُعتبرةً في الوقت عينه أنّ السلطنة تقع جغرافيًا في مكانٍ إستراتيجيٍّ من الدرجة الأولى، وقال ميرحاف للصحيفة العبريّة إنّ أهمية الزيارة التي قام بها مع الجنرال مارون تكمن في أنّها تمّت، لافتًا إلى أنّ هذا اللقاء كان واحدًا من عشرات اللقاءات التي جرت بين مسؤولين إسرائيليين وعُمانيين، مُشدّدًا على أنّ اللقاءات كانت دائمًا تدور بشكلٍ مُباشرٍ، بحسب تعبيره.

 

وطبقًا لمُحلّل الشؤون الأمنيّة د. رونين بيرغمان، فإنّ اللقاء الذي تمّ بين السلطان قابوس ورئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، يوم الخميس الماضي، والذي استمرّ حتى الساعة السادسة والنصف من صباح الجمعة، هو ثمرة لجهودٍ حثيثةٍ ومُكثّفةٍ قام بها على مدار أربعة أشهر مُتواصلة رئيس الموساد الحاليّ، يوسي كوهين، مع صنّاع القرار في مسقط، مُوضحًا في الوقت ذاته، أنّه من غير المُستبعد أنْ يكون رئيس الموساد قد قام خلال الأشهر الأخيرة بعددٍ من الزيارات إلى الدولة الخليجيّة المذكورة.

 

وشدّدّ د. بيرغمان، نقلاً عن مصادره الأمنيّة والسياسيّة في تل أبيب، على أنّ العلاقات بين إسرائيل وسلطنة عُمان ستكون بالتأكيد فاتحةً لعلاقاتٍ أخرى مع دولٍ عربيّةٍ في الخليج، وفي المُقدّمة الإمارات العربيّة المُتحدّة وإمارة قطر، مُشيرًا إلى أنّ العلاقات ستبقى في الوقت الراهن أمنيّةً وعلى نارٍ هادئةٍ وبعيدةً عن الأضواء والإعلام.

 

علاوةً على ذلك، قال المُحلّل بيرغمان إنّ عُمان، أرادت من خلال الاستقبال الحافل والعلنيّ توجيه رسالةٍ حادّةٍ كالموس إلى العالم الغربيّ، بأنّها دولةً لبراليّةً، تستقبل رئيس وزراء إسرائيل، وذلك على خلفية تورّط المملكة العربيّة السعوديّة في قضية قتل وتقطيع الصحافي المُعارِض، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول. بالإضافة إلى ذلك، شدّدّت المصادر السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب، على أنّ الربح الإسرائيليّ من العلاقات مع عُمان هو ثلاثيّ الأبعاد: أولاً، سلطنة عُمان تُعتبر محورًا رئيسيًا في الوساطة بين الدول، ومقبولة تقريبًا على جميعها، بما في ذلك السعوديّة، قطر، إيران وحتى سوريّة، إذْ تُعّد دولةً مُحايدةً، وبالتالي فإنّ الدولة العبريّة، تابعت المصادر، بإمكانها عن طريق عُمان، إيجاد الطرق للتواصل مع دولٍ عربيّةٍ أخرى لا تربطها بها علاقات دبلوماسيّة، وفي هذا السياق نقلت الصحيفة عن مصدر سياسيٍّ وصفته بأنّه مطلّع جدًا في تل أبيب قوله إنّه لا يستبعِد أنْ تلعب عُمان دورًا في مفاوضاتٍ سريّةٍ بين إسرائيل من ناحيّة، وبين إيران وسوريّة من الناحية الأخرى، طبقًا لحديثه.

 

أمّا الربح الثاني لإسرائيل، بحسب المصادر نفسها، فيكمن في أنّ الاستقبال العلنيّ لنتنياهو في مسقط سيدفع بالعديد من الدول التي لا تُقيم علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال، إلى التحلّي بالجرأة والكشف عن العلاقات السريّة التي تربطها بتل أبيب، وثالثًا، تابعت المصادر، فإنّ هذه الزيارة تُعتبر نجاحًا باهرًا لإستراتيجيّة نتنياهو القاضية بإقامة تحالفاتٍ سريّةٍ وأمنيّةٍ مع دولٍ عربيّةٍ وحتى إطلاقها إلى العلن في وقت الحاجة، وكلّ ذلك من أجل منع إيران من التمدّد والمسّ بقوّتها الدبلوماسيّة أيضًا، حتى بدون حلّ القضية الفلسطينيّة، كما أكّدت المصادر الإسرائيليّة.

 

واختتمت المصادر قائلةً إنّه بدون أدنى شك، فإنّ زيارة نتنياهو إلى عُمان تُعتبر إنجازًا سياسيًا مُهّمًا للغاية، ولكن ما زال من المُبكّر الاعتقاد بأنّ الزيارة ستجلب التطبيع مع جميع الدول العربيّة المُصنفّة إسرائيليًا بالدول العربيّة السُنيّة المُعتدلِة، والتي تُفضّل في هذه الفترة بالذات، أنْ تبقى العلاقات مع الدولة العبريّة سريّةً، خشية غضب الشارع العربيّ، على حدّ تعبيرها.

 

وبحسب وسائل الإعلام العبريّة، أشارت المصادر السياسيّة في تل أبيب أيضًا إلى أنّه على الرغم من النجاح السياسيّ فإنّ الزيارة لم تجلب الاتفاق على إعادة العلاقات الدبلوماسيّة بين عُمان وإسرائيل، والتي قطعتها مسقط مع بدء الانتفاضة الثانيّة في فلسطين عام 2000، مُشيرةً إلى أنّ شرط الدولة الخليجيّة لإعادة العلاقات مع إسرائيل هو أنْ تقوم الأخيرة بوقف توسيع المُستوطنات الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، على حدّ قولها.
ــــــــــــــــــــــــــ
زهير أندراوس

Exit mobile version