المشهد اليمني الأول/
أكد باحثون وصحفيون أن المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون هي أكثر ميلاً نحو التدخل في الشرق الاوسط، لافتين في الوقت عينه الى أن ذلك جعل من كلينتون المرشحة المفضلة لتيار المحافظين الجديد لهذه الدورة الانتخابية.
وفي سياق منفصل، اعتبر خبراء أميركيون أن واشنطن والرياض لا تزالان بحاجة الى بعضهما رغم الخلافات، وأكدوا في الوقت عينه ضرورة إنهاء الحرب في اليمن في ظل الكارثة الانسانية ونمو “القاعدة” في هذا البلد.
* سياسات هيلاري كلينتون التدخلية
كتبت مراسلة قناة “BBC” في وزارة الخارجية الاميركية “كيم غطاس” (وهي صحفية لبنانية) مقالة نشرت في مجلة “Foreign Policy”.
ونقلت المراسلة عن كبار معاوني ومستشاري المرشحة الديمقراطية للرئاسة الاميركية “هيلاري كلينتون” بان الاخيرة لا تعتبر التدخل في ليبيا فشلاً.
وقالت الكاتبة إن “الدرس الأهم الذي استخرجته كلينتون من ليبيا ليس ضرورة تجنب التدخل والابتعاد عن الشرق الاوسط، بل ضرورة “تعميق الالتزام الاميركي” تجاه المنطقة وايجاد وسائل أكثر طويلة الأمد للانخراط فيها. وشددت على أن ذلك رسم مقاربة كلينتون الحالية للسياسة الخارجية.
وأشارت الكاتبة الى الاختلافات بين ما يقوله أوباما عن التدخل في ليبيا وبين ما تقوله كلينتون، معتبرة أن ذلك لا يعكس تشخيص مختلف عن الأخطاء التي جرت فحسب بل ايضا يعكس “رؤى متباينة حول القوة الاميركية”.
ولفتت الى أن أوباما قد أشار في ثلاثة مناسبات الى ندمه فيما يخص فشل التخطيط لفترة ما بعد التدخل في ليبيا، مضيفة إن معاوني ومستشاري كلينتون في المقابل يصرون على أن التدخل هذا كان الخيار الوحيد.
وعليه رأت الكاتبة أنه “من المرجح أن تدرس كلينتون فكرة التدخل مجدداً تحت ظروف مماثلة”. واعتبرت أنه “بينما يبدو أن أوباما والكثير من المسؤولين في ادارته يعتبرون أن الشرق الأوسط “ميؤوس منه” نتيجة ما حصل في ليبيا، الا أن كلينتون لم تتخلى عن المنطقة”.
ووفقاً للكاتبه، فإنه على اختلاف اللهجة والتفاصيل بين أوباما وكلينتون، دعت كلنتون الى انشاء منطقة آمنة في سوريا، وهو ما رفضه اوباما. كما أشارت الى أن مستشاري كلنتون مثل “Burns” قد كتبوا مقالات انتقدوا فيها أوباما على أساس أنه “وضع مصداقية اميركا في الشرق الاوسط في خطر”.
كما نقلت الكاتبة عن مستشار آخر لكلينتون يدعى “Jake Sullivan” الذي تحدث عن ضرورة “الاستثمار ببناء قدرات المؤسسات المحلية” في دول المنطقة وأهمية تعزيز مؤسسات الدولة والمؤسسات الأمنية من دون الاعتماد على أساليب الحكام الدكتاتوريين. ونقلت عن “Sullivan” بانه “لا يمكن العودة الى الصفقة القديمة” القائمة على ضمان الامن مقابل تجاهل واشنطن القضايا الاخرى في دول المنطقة.
كذلك، نقلت الكاتبة عن “Burns” قوله إن المنطقة “أهم” من أن يتم التخلي عنها، حيث قال الاخير ان “الدول التي نبالي بها حقاً والتي أمضينا عقوداً ونحن نعمل معها – مثل لبنان و”إسرائيل” والاردن وتركيا – انما تعصف بها دورة العنف هذه”.
كما أضاف بحسب الكاتبة إن “هؤلاء (الاطراف التي ذكرت) هم شركائنا وحلفائنا ويجب مساعدتهم”. أما “Sullivan”، فقال بحسب الكاتبة انه “في حال تخلينا عن المنطقة سندفع الثمن”.
موقع “National Interest” نشر مقالة بتاريخ اليوم الخامس عشر من نيسان ابريل كتبه “Steve Hoodger” وهو جندي اميركي سابق.
واعتبر الكاتب أن ما يكتب هذه الايام عن “واقعية” الرئيس الاميركي باراك اوباما ما كان ليكتب خلال ولاية أوباما الاولى بسبب وجود شخصيات تابعة لمدرسة ما تسمى “التدخليين الانسانيين” مثل “هيلاري كلينتون” و”سامانثا باور” في مناصب دبلوماسية هامة.
وقال الكاتب، إنه في ظل وجود هذه الشخصيات تم “رسم خط أحمر في سوريا” وحصل التدخل في ليبيا، كما قدمت الولايات المتحدة دعمها الضمني للحراك الشعبي بديلاً من الحلفاء القدامى (الانظمة) حتى في الوقت الذي تحول فيه “الربيع العربي الى شتاء اسلامي”.
عليه، شدد الكاتب على أن “واقعية” أوباما لم تظهر الا بعد مغادرة كلينتون ادارته، معتبراً أن الأدلة على المقاربة “الواقعية” تأتي من كل أنحاء العالم في الأشهر الأخيرة. وأشار بهذا الاطار الى الاتفاق النووي مع ايران و”الحوار البناء” مع ايران حول ملفات أخرى.
غير أن الكاتب حذر من احباط كل هذا التقدم حتى في حال احتفظ الديمقراطيون بالبيت الابيض (في حال فوز كلينتون)، وقال إن هناك سبباً لكون “المحافظين الجدد هم أكثر ارتياحاً مع كلنتون” مقارنة مع أي من المرشحين في الحزب الجمهوري.
* العلاقات الأمريكية – السعودية
الباحث “Bruce Riedel” كتب مقالة نشرت على موقع معهد “Brookings” بتاريخ الرابع عشر من نيسان ابريل الجاري قال فيها إن زيارة الرئيس الاميركي باراك أوباما الى السعودية الأسبوع المقبل يمكن أن تساعد على “احتواء” الخلافات مع الرياض وأن تؤكد على المصالح المشتركة، لكنه شدد بالوقت نفسه على أن الزيارة هذه لن تعيد العلاقة الثنائية الى “ايام مجدها”.
وأشار الكاتب الى أن “العلاقات الأميركية – السعودية شهدت صعوداً وهبوطاً” في الاعوام الماضية، كما أدت أحداث الحادي عشر من ايلول الى تدهور هذه العلاقات نسبياً”. ورأى أن جذور فكر “القاعدة” تعود الى “اطار الفكر الوهابي السعودي”، ولم يتحرك السعوديون ضد “القاعدة” الا بعد ما استهدفت الأخيرة الرياض.
وفيما شدد الكاتب على أن الملك سلمان يختلف عن سلفه، اعتبر أن “مؤسسة رجال الدين الوهابيين تضغط على سلمان للتشدد اكثر حتى ضد ما تسميه “النظام الايراني الصفوي الشيطاني”” حسب تعبيرها. ونبه كذلك الى أن “مئة وأربعين “رجل دين” وهابي لهم علاقات قديمة ووطيدة مع سلمان أرسلوا عريضة الى الملك السعودي في وقت سابق من هذا الشهر حثوا فيها على نضال “ايديولوجي” مع ايران في كافة أنحاء العالم الاسلامي”.
غير أن الكاتب رأى أن “لا طلاق يحصل بين السعودية وأميركا رغم هذه الخلافات، وكلاهما بحاجة الى بعضهما. وتحدث عن مجالات للمصلحة المشتركة بين أوباما وسلمان، مشيراً في الوقت نفسه الى أن أوباما قام ببيع أسلحة الى الرياض بقيمة 95 مليار دولار.
كذلك، زعم أن “واشنطن والرياض عازمتان على محاربة “داعش” و”القاعدة”، وأن “ولي ولي العهد محمد بن نايف أثبت أنه شريك جيد للتعاون الأمني مع أميركا”.
كما قال إن على “البلدين تعزيز التعاون من أجل محاربة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، التي نمت بشكل دراماتيكي” خلال الحرب على اليمن.
كذلك أشار الكاتب الى “امكانية التعاون بين واشنطن والرياض حول ما أسماه الحد من أنشطة ايران “التخريبية” في دول الخليج على وجه الخصوص”، حسب تعبيره.
الكاتب أكد أن “تحقيق السلام في اليمن يجب أن يكون من أهم الاولويات”، مضيفاً بالوقت نفسه أن “واشنطن كانت “الشريك الصامت” للرياض في هذه الحرب حيث قدمت دعماً اساسياً، وكلفت الحرب الرياض حتى الآن مليارات الدولارات وكان لها تأثير انساني مدمر على اليمن والمناطق الحدودية السعودية”.
عليه شدد على ان “كلام ولي ولي العهد محمد بن سلمان بانه حان وقت العملية السياسية هو في محله”.
وأشار الكاتب ايضاً الى أن “محمد بن سلمان انما يقول إن السعوديين يريدون دوراً أميركياً أكبر على صعيد لعب دور “شرطي المنطقة””، مضيفاً إن “اليمن مكان مناسب لاختبار التوجهات المشتركة”.
وهنا لفت الى “وجود مصلحة مشتركة بين واشنطن والرياض بالحد من نفوذ ايران المستقبلي في اليمن، والذي يتطلب بحسب رأيه اقناع الحوثيين بأنهم لا يحتاجون الدعم الايراني من أجل الحصول على دور معتبر في السياسة اليمنية”.
وفي الختام، قال الكاتب إن الرياض “تشهد تغيير في جيل قيادتها، والذي هو الأول منذ أكثر من خمسين عاماً. بالتالي اعتبر أن ذلك يشكل تحدياً كبيراً للسعودية”، منبهاً بنفس الوقت الى أن أسعار النفط المنخفضة تجعل التحديات أكثر تعقيداً.
كما اعتبر أن اوباما محق بمواصلة العمل مع القيادة السعودية رغم الخلافات، زاعماً بأن الرياض لاعب أساسي في منطقة “الشرق الاوسط المضطربة”.