المشهد اليمني الأول/

 

الطفولة أهم مراحل حياة الانسان يجب أن تنال الحماية والرعاية الشاملة في جميع الاوقات وفي جميع الظروف اثناء السلم وحتى اثناء الحروب، يتوجب تحييد الطفولة من نيران الحروب وأي استهداف للطفولة يعتبر جريمة حرب ضد الانسانية يستوجب المساءلة وعقاب من ينتهك الطفولة اثناء الحروب .

 

الأطفال أهم الفئات المحمية وفقاً للقانون الدولي الانساني وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة بخصوص حماية المدنيين وكذا اعلان واتفاقية حقوق الاطفال والاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات العلاقة بحماية الطفولة وكذا التشريعات الوطنية بذات الخصوص.

 

يعتبر الاطفال في مقدمة فئة المدنيين وأهمها ويعتبر استهدافهم جريمة حرب ضد الانسانية ووصمة عار في جبين المنظومة الدولية والمجتمع الدولي الصامت عن هذه الجرائم الخطيرة .

 

استهداف الاطفال في الحروب لاينحصر فقط باطلاق النار عليهم .. بل أيضاً قد يتم استهدافهم بتعريض الاطفال لمخاطر الحروب عن طريق تجنيد الأطفال والزج بهم واقحامهم في ميادين الحروب وتعريضهم للقتل أو الإصابة الجسدية والنفسية بسبب اهوال وفجائع الحروب، ويتحول الاطفال في الحروب إلى أدوات وأسلحة قتل وتدمير يقتلون ويدمرون الآخر دون معرفة أو المام بمخاطر مايقومون به وأيضاً يدمرون انسانيتهم ببشاعة الحروب وبسبب صغر سن الأطفال الجنود وضعف خبرتهم في الحياة وفي الحروب يجازف الاطفال بأنفسهم ويتحولون الى انتحاريين يخوضون الحروب بدون حذر ودون اتخاذ الاحتياطات اللازمة فيرتكبون في الطرف الآخر وفي أنفسهم أبشع الأعمال .

 

ومن ينجو من الجنود الاطفال من القتل والاصابة يتعرض للاعتقال والأسر وما يواكب هذه العملية من وجع وألم ومخاطر كبيرة، ومن تبقى من الجنود الاطفال ونجا من القتل والاصابة والاعتقال والأسر يصبح آلة قتل بشعة دون ضوابط أو قيود يقتل الجميع وفي مقدمتها طفولتهم المختفية خلف دخان بارود الحروب .

 

شاركنا يوم الأحد الفائت في فعالية عملية تسليم 31 طفلاً تم اعتقالهم وأسرهم في ميادين الحرب وتم تسليم الاطفال الجنود الى ذويهم عبر اللجنة الدولية للصليب الاحمر ومنظمة اليونيسف في مقر وزارة حقوق الانسان والذي شاركت فيها منظمات وطنية ومنها مؤسسة السجين الوطنية ومنظمات مجتمع مدني اخرى ووسائل إعلام .

 

كان منظر الاطفال الجنود أثناء تسليمهم الى عوائلهم مفجعاً ومهولاً أطفال في عمر الزهور بدلاً من رعايتهم واكسابهم المعارف في المدارس تم الزج بهم واقحامهم في ميادين الحروب والمتارس .

 

كنا نأمل أن تكون هذه العملية هي البداية لعمليات مماثلة قادمة للافراج عن جميع الاطفال الاسرى حتى تصبح جميع اماكن الاحتجاز خالية من أي طفل أسير ويصاحب ذلك اتخاذ اجراءات وقائية تمنع اقحام الاطفال في ميادين الحروب .

 

لاحظنا أمراً هاماً جداً جداً حول هذا الموضوع وهو قناعة جميع الاطراف المشاركين في الحرب بالنأي بالاطفال عن ميادين الحرب وتصريحاتهم المتكررة برفض تجنيد الاطفال ولكن ؟؟

 

بسبب غياب الدور الايجابي والفاعل لتحويل تلك التصريحات الاعلامية الى التزامات مكتوبة برعاية اللجنة الدولية للصليب الاحمر ومنظمات الامم المتحدة وخصوصاً المختصة برعاية الطفولة ( اليونيسف ) يستمر اقحام والزج بالاطفال في الحروب.. قد تكون تصرفات فردية من قبل البعض يستوجب قمعها وردع ومساءلة مرتكبيها باعتبارها عملاً اجرامياً يغتال الطفولة ويمزقها أو قد تكون تصرفات منظمة يستوجب ضبطها وتوقيفها .

 

يجب ان تتحول التزامات الاطراف بتحييد الاطفال عن الحروب من تصريحات إعلامية الى التزامات مكتوبة تتم بموجبها الرقابة والتقييم المستمر لمدى التزام الجميع بها للحد منها وتوقيفها أو على الاقل تصعيب إجراءات الزج بالاطفال في ميادين الحرب .

 

يجب ان يتم فتح ملف تحقيق لدى اللجنة الدولية للصليب الاحمر واليونيسف للتحقيق في جميع وقائع تجنيد الاطفال وإقحامهم في ميادين الحرب .

 

وأيضاً فتح ملف تحقيق في جميع وقائع استهداف الاطفال بنيران الحرب في وطني واستكمال اجراءات التحقيق والمساءلة لجميع المتورطين في هذه الجرائم الخطيرة واحالة ملف التحقيق إلى المحكمة الجنائية الدولية لمساءلة ومحاكمة مرتكبيها وإنزال العقوبات القانونية بهم وفقاً للقانون الدولي الانساني وقانون حقوق الانسان .

 

صمت المنظومة الدولية على جرائم استهداف الطفولة في وطني يضع علامات استفهام كبيرة حولها كونه لا مبرر له ويفاقم منها وتكرارها بسبب افلات المجرمين من العقاب وغياب الانصاف للضحايا الذي يوغر القلوب ويوجعها وتتراكم تلك الاوجاع حتى يفقد الجميع ثقتهم في المنظومة الدولية بسبب فشلها واخفاقها في القيام بواجباتها والتزاماتها القانونية .

 

الحروب المنفلتة خارج اطار القانون الدولي الانساني والذي لا تتقيد بالقيود الانسانية للقانون الدولي تعتبر مذبحة كبيرة وجريمة جسيمة لا تسقط بالتقادم .

 

وأهم القيود الانسانية للحروب وفقاً للقانون الدولي الانساني هو حظر استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، والذي يوجب تحييدهم من القصف والاستهداف اثناء العمليات العسكرية وأي تجاوز لهذه القيود يعتبر انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي ويتحمل مسؤولية هذا الانتهاك من ارتكبه.

 

والمجتمع الدولي وفي مقدمتها منظومة الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر شريكة في جريمة استهداف الطفولة اثناء الحروب اذا لم تقم بدورها القانوني في اتخاذ الاجراءات اللازمة لوقاية الاطفال من الاستهداف اثناء الحروب بتذكير جميع الاطراف بمسؤوليتهم القانونية ووجوبية اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع استهداف الاطفال في اي عملية عسكرية وردع وقمع أي انتهاك واستهداف للطفولة بتشكيل لجان تحقيق مستقلة في أي واقعة استهداف للتحقيق بشكل عاجل ومهني في تلك الوقائع وإحالة ملفات التحقيق مباشرة إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة وعقاب مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة باستهداف الطفولة .

 

أي تراخ أو تساهل من قبل المنظومة الدولية وعدم التحقيق والمحاكمة العاجلة والسريعة والناجزة لمرتكبي جريمة استهداف الاطفال اثناء الحروب يعتبر فتوى وتشريعاً وضوء أخضر لتكرار تلك الجرائم والانتهاكات البشعة .

وفي الأخير :

نناشد اللجنة الدولية للصليب الاحمر والمنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة اليونيسف القيام بدورها وواجباتها القانونية بفتح تحقيق شفاف وشامل لجميع الجرائم التي تغتال الطفولة في وطني وتنزف بسببها دماء الاطفال أما بوقائع الاستهداف المباشر لهم بنيران الحروب أو بتعريض الطفولة للقتل والاصابة وانتهاكات الحروب الخطيرة بالزج بالاطفال وتجنيدهم في جبهات الحرب .

 

ويرتفع حجم هذه الظاهرة بسبب غياب دور المنظومة الدولية في تحويل التصريحات الاعلامية لجميع الاطراف الى التزامات مكتوبة باستمرار بحماية الطفولة وعدم استهدافهم بشكل مباشر أو بالزج بهم في ميادين الحروب، وأن لايتوقف ذلك الدور المأمول في تدوين الالتزامات بحماية الطفولة اثناء الحرب في وثائق مكتوبة بل يستلزم ان يتم تعزيز الرقابة والتقييم المستمر لضمان الالتزام بها وكشف أي خرق لتلك الاتفاقات وإحالة من يخرقها الى المحكمة الجنائية الدولية لمساءلة ومحاكمة المجرمين وانزال العقوبات القانونية ضدهم بلاتمييز ولا استثناء وفقاً لما اوضحت ذلك نصوص القانون الدولي الانساني وقانون حقوق الانسان والاتفاقيات والمواثيق والاعلانات المتعلقة بحماية الطفولة وكذا التشريعات الوطنية الحامية للطفولة والتي تحظر تعريض الاطفال للمخاطر كون اغتيال الطفولة جريمة حرب ووصمة عار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالرحمن علي الزبيب

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا